من المقاومة الى السلطة.. الثورة مستمرة - بقلم -عبده النقيب طباعة
مقالات - صفحة /عبده النقيب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
السبت, 12 ديسمبر 2015 03:46

 الإهداء الى الروح الطاهرة للشهيد جعفر سعد
ذكر في قاموس لسان العرب معنى "الثورة من ثور : ثار الشيء ثورا وثئورا وثورانا وتثور : هاج.." فالثورة تعني التغيير وتعني الحركة.
استخدم مصطلح الثورة في بادئ الامر من قبل الاغريق كمعنى لدوران الكواكب ثم بدأ يأخذ مدلولات اجتماعية وسياسية حتى وصل الى ما نعرفه اليوم .. لكن المصطلح معقد ومتشعب يحمل معاني

متعددة وشاملة ومتنوعة عجز المنظرون عن حصره في تعريف دقيق.
المفهوم السياسي للثورة هو ما يهمني في هذا الموضوع حيث شاع تداول واستخدام المصطلح على نطاق واسع  منذ عهد الثورة الفرنسية في اواخر القرن الثامن عشر ليأخذ مدلول التغيير في بنية

السلطة والمجتمع, ثم ساهمت الادبيات الماركسية لاحقا في تطوير هذا المصطلح عبر صياغة مفهوم الثورة الاجتماعية التي تعني التغيير الشامل والمشاركة الواسعة للقطاعات الشعبية في التغير

السياسي والاجتماعي والاقتصادي وطورها اكثر المنظر الماركسي البارز اليهودي الاصل ليون تروتسكي بمفهوم "الثورة المستمرة" والتي تعني بأنها لا تقتصر على البلد الواحد بل تمتد منه الى

المستوى العالمي. وهنا برز مفهوم جديد للثورة عبر تصديرها وهو نفس الفهم الذي تبنته الثورة الإيرانية وتطبقه في الواقع .
  عرفنا في تراثنا العربي والاسلامي استخدامات عديدة لهذا المفهوم بنعوت مختلفة مثل الفتنة والخروج عن الحاكم والتمرد ووصف الحركات المحصورة في اطار فئة اجتماعية معينة بالثورة,

كثورة الزنج وثورة القرامطة وثورة الحشاشين وثورة الخوارج. كما ارتبط  لدينا استخدام مطلح الثورة  في العصر الحديث بالتمرد ومقاومة وطرد الاستعمار بل وبالانقلابات العسكرية على

الانظمة الحاكمة ولم ينعت الكثير مما يجري من تغيير اجتماعي واقتصادي وثقافي واسع بالثورة مما يدل على ان فهم معنى الثورة يرتبط بشكل وثيق بالموقف الاجتماعي والوعي الايديولوجي لهذا

او ذاك.
الثورة في الجنوب العربي المحتل لها طابع متميز فبقدر ماهي ثورة ضد الاحتلال العسكري والقبلي اليمني فإن ذلك قد بدأته ثورة او مرحلة من الثورة تصدت لتغيير الوعي المزيف والمشوه لدى

قطاع كبير من الجنوبيين ممن وقعوا في فخ مؤامرة اليمننة واستطاعت ان تجتاز هذه المرحلة بنجاح ساحق. لا ابالغ بالقول ان المرحلة الاولى من الثورة المرتبطة بتغيير الوعي كانت الاخطر

والاصعب وتطلبت عقدين من الزمان صاحبتها جهود كبيرة وتضحيات جمة كان لها الفضل في ترميم التهتكات الكبيرة التي احدثتها ضربات الاحتلال اليمني الموجعة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا في

الجسد الجنوبي ادت هذه الجهود الى توحيد الشارع الجنوبي فكانت مقدمة لتحقيق النصر العسكري خلال معارك التحرير المستمرة حتى الان.
المرحلة الاولى للثورة تخللتها بعض المواجهات المحدودة التي حصلت في الضالع وشبوه والصبيحة وردفان وحضرموت ويافع الا ان الطابع السلمي لها كان هو السائد فكرا وممارسة, وبعد ان

اكتمل الحشد اعلنت الثورة انطلاق المقاومة الجنوبية المسلحة وبدء معارك التحرير لتنتقل الى مرحلتها الثانية والتي لم تستكمل بعد.
المرحلة الثانية من الثورة وهي المرتبطة بالفعل الثوري العنيف الذي يهدف الى اجتثاث الوجود العسكري اليمني بمختلف اشكاله( الوية ومعسكرات وطابور خامس) وتحصين حدود بلدنا الجنوب

العربي الذي سبق وجوده عصبة الامم المتحدة بخمسة الاف عام في معركة مازلنا نخوض غمارها الان وقد تحقق الجزء الأكبر منها لكنها لم تكتمل بعد اذا لابد من تحرير  ما تبقى من اراضي

شبوة وحضرموت والمهرة من القوات العسكرية النظامية. الى جانب اجتثاث الوجود العسكري اليمني لابد من تطهير الجنوب من الطابور الخامس المتمثل بالعناصر اليمنية الموالية للاحتلال اليمني

والتي زرعت في مختلف المؤسسات الجنوبية وبالذات في العاصمة عدن, ومن اذرع الارهاب المتمثلة بمليشيات الإخوان المسلمين (حزب الاصلاح) ومن خلايا الامن القومي اليمني والتي تعمل

جميعها دون هوادة من اجل اعاقة بناء مؤسسات الدولة الجنوبية ونشر الفوضى تمهيدا لعودة القوات العسكرية اليمنية من جديد.
السؤال الاهم والاخطر الذي يطرح نفسه علينا بإلحاح وهو : من هي قوى الثورة ؟
دون شك اننا اذا لم نستطع تحديد القوى المعنية بالثورة بدقة فإن ذلك سيعرض الثورة للانتكاسة, لكن تحديد هذه القوى وتشخيص دورها يتطلب حصافة ومرونة.. معركتنا هي مع نظام الاحتلال

اليمني بأعمدته العسكرية والسياسية والاقتصادية فلا فرق بين الالوية العسكرية للمجرم ضبعان او استثمارات حميد الاحمر واموال عفاش المسجلة باسم شركات هائل سعيد او القيادات السياسية

لحزب الاصلاح أو المؤتمر وغيرهم من الذي اخلصوا الولاء للاحتلال وخدموه في معركة تثبيت اقدامه وتمزيق اوصال الجنوب قمع الثورة فيه.
الاستثمارات المنهوبة من ثروات الجنوب ورموز الفساد من مخلفات منظومة الاحتلال اليمني يجب ان تبقى جميعها هدفا للثورة في مرحلة استكمال التحرير والتطهير فلا يعقل ان وزيرا خدم في

بلاط عفاش يعود وزيرا في الجنوب ننتظر منه ان يقود الثورة وفي نفس الوقت لن نترك كل هذه الاموال تغذي الانشطة الارهابية في عدن وغيرها من المدن الجنوبية وننتظر قيام مؤسسات الدولة

والقوانين النافذة لمواجهة هذه الاخطار الجسيمة . لا خلاف بان كل الجنوبيين كانوا جميعا جزءا من منظومة دولة الاحتلال لكن القلة هم الذين كانوا او مازالوا جزءا من المنظومة السياسية لدولة

الاحتلال, لذا لابد من اقصاء الرموز العسكرية والامنية والسياسية التي خدمت بإخلاص في بلاط عفاش دون التعرض لمن كانوا مجرد موظفين مهما كبروا حتى لا نجحف بحق الجنوبيين ونقوم

بصناعة الاعداء خدمة للاحتلال اليمني.
يعد اصحاب مشروع اليمننة ممثلا بالجنوبين الذين ساندوا الاحتلال اليمني ونظّروا له ودافعوا عنه تحت ذريعة الوحدة جزء لا ينفصم عن منظومته السياسية ويجب التعامل معهم كقوى معيقة يتطلب

اتخاذ اجراءات ثورية رادعة لأي محاولات منهم لعرقلة مسيرة التحرير.
إن القراءة الدقيقة لطبيعة المرحلة سيمكننا من تحديد المهام والاولويات, فلا بد اولا من الاقرار بغياب الدولة بعد انهيارها التام وصعوبة عودتها كما اكدت ذلك المرحلة السابقة, فالشرعية هي مجرد

ورقة احتجنا لها تكتيكيا لتبرير المعركة العسكرية وسيستغني عنها الكل قريبا, لذا فإن المقاومة الجنوبية المسنودة بالشعب الجنوبي بمختلف فئاته هي المعنية اليوم بالإمساك بالملفات العسكرية والامنية

وإعادة البناء ومواصلة استكمال التحرير والتطهير بمختلف السبل والوسائل لان الخيار الاخر هو سقوط الجنوب في مستنقع الفوضى.
 هكذا نصل الى الحلقة الاهم في المعركة وهي هل تظل المقاومة في الجبال وتترك السلطة لبقايا نظام الاحتلال التي تسعى للملمة اوصالها واستعادة سيطرتها على الجنوب. من الغباء ان نترك

المناطق المحررة لغير المقاومة الجنوبية فذلك سيكون من نتيجته تفكك المقاومة وذهاب النصر والتضحيات ادراج الرياح.
وطالما وان اجزاء كبيرة من الجنوب مازالت محتلة فإن "السلطة الثورية" للمقاومة يجب ان تكون حاضرة بقوة فهي المعنية بحشد الطاقات الهائلة للشعب لمواصلة المعركة العسكرية والامنية

واستكمال مهام مرحلة التحرير والتطهير للانتقال الى المرحلة التالية المتمثلة في إعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري لدولة الجنوب وهذا لن يكتب له النجاح الا اذا استطاعت

قيادة المقاومة اشراك وتوحيد الجهود المختلفة لكل الاطراف الجنوبية في مشروع وطني يمثل الجنوب واطلاق الطاقات الهائلة لهم مالم فإن المقاومة ستحصد الفشل وسنعود لاسمح الله جميعا

لحضيرة الاحتلال اليمني والتخلف.
رئيس البعثة الجنوبية للبرلمان الاوربي*
سكرتير العلاقات الخارجية للتجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج"