المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أين نبدأ


حبيبي الجنوب
02-17-2005, 03:37 PM
من أين أبدأ

إخوتي في القضية... إخوتي في المسيرة... إخوتي في الشجون والمرارات... إخوتي في المعاناة... إخوتي في الصمود والتصدي... إخوتي في العقيدة والمبادئ والأسس والمنطلقات والثوابت والركائز... إخوتي في مواجهة الظلم والتسلط الذي نعيشه ونتعرض له على مدار الساعة... من أين نبدأ؟!

هل نبدأ من خارطة المعاناة والانحياز والتسلط والعذابات وتناثر الأوجاع والتشرد لأهلنا وأحبتنا منذ الوحدة؟!

أم نبدأ... من أفواه الثكالى والأيتام والأرامل والمشردين... أم من عيون أطفالنا الذين حرمهم النظام في اليمن الشمالي من براءة وحلاوة طفولتهم منذ ما يزيد على عشر سنوات... أم من عيون أبناء وأرامل أبطال الجنوب الذين دفعوا دمائهم غالية لحماية وطنهم الحبيب الجنوب...؟!

هل نبدأ من الوهن الذي يعيشه اليمن الجنوبي ومازالت... وعذابات أنياب ظلم واستبداد الاحتلال، أم من بين أضراس طاحونة النظام وما تفرزه من ألوان الخنق والهموم المعيشية السوداء، التي تجعل اليمن الجنوبي مكبلة وغير قادرة من الإفلات من خيوطها العنكبوتية...؟!

أن تكون يمنياً جنوبياً، حراً صلباً وصاحب مبدأ وكلمة حرة وإرادة لا تنكسر، وأن لا تكون إمعةًّ أو بوقاً، وتأبى الذل والهوان والخنوع و الانحناء أمام جبروت الظلمة والظلام والظلم الذي وقع ومازال يقع علينا... وترفض أن تكون خروفاً يُهشُّ عليك بالعصا... فهذا يعني بالضرورة أنك أصبحت متهماً...! ودفاعك عن كرامتك وتشبثك بأرضك وعرضك ... أصبحت أيضاً تهمةً أو عميلاً..؟!

هل نبدأ من الأخاديد والمحطات... الجيوب والممّرات...التي ُتَشرح فيها قلوب العباد وعقولهم، وتستأصل فيها الأرواح وتحقن بفيروسات التوهان السياسي والسقوط الفكري والأخلاقي والاجتماعي، لتفتك بها وتغير فيها قوانين ومفاهيم الكرامة والعدل والحرية، وتُقصف بمدافع وقاذفات الاستبدادي والقمعي والقهري، لتُبقي على شروخ وجروح عميقة قائمة في جسد أرضنا الجنوب...؟!

أم هل نبدأ من نتيجة ما تم بناؤه لغاية الآن، من برامج تعليم تجهيلية مختلة رعناء، أو ناقصة أو خاطئة أو متناقضة لشعبنا، والتي أوصلتنا إلى ما أوصلتنا إليه من ضعف مأساوي، نعيش فيه بين الشعوب على قارعة الطريق، والتي لم تساهم تلك البرامج في تطوير المواهب والإبداعات والكفاءات لأبناء شعبنا في اليمن الجنوبي، ليغدو حالنا غير هذا الحال، وما زال النظام يتحفظ عليها ويريد المزيد من الابتزاز ، منذ الوحدة الزائفة وحتى الآن...؟!

هل نبدأ من وضع الرجل المناسب في المكان الغير مناسب … ووضع القريب والحبيب المناسب في المكان المناسب بمعزل عن اللياقة والأخلاق، وما يترتب عن ذلك من حصد أزمات وأمراض عديدة تصيب شعبنا ومؤسساتنا ودوائرنا ونقاباتنا وأجهزتنا بالشلل، وتولد الإحباط في النفس وتخلق السخرية والاستهزاء وازدراء الذات والشللية والتكتل والتعصب الأعمى وتبني نظرية … أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، حسب قوانين شريعة الغاب والجاهلية، وَتَبَني واعتماد حالات ذبح كبرياء الشعب...؟!

أم نبدأ من زمن الذهول والحيرة، والتناقضات العجيبة، والتزييف للوقائع والتحجر الفكري، والموازين والمعايير المنحرفة، وغياب الفضيلة والاستقامة، وزمن السلبية والباطل والرذيلة والانحراف والفساد والأنانية الرعناء… زمن المخداعة... زمن عبودية العباد والمتسلطين على رقاب العباد والمغتصبين الأرض... زمن السذاجة في طرح الأمور والتضليل والنفاق الاجتماعي والسياسي ومخادعة الجماهير والكذب عليها... زمن الأنصاب والأصنام والخُشب المسندة... زمن الباطنية والحر بائية والتلون... زمن المنطق الأعوج، الذي أصبح فيه المفسد مصلحاً... زمن فرعون وأبو لهب وأبو جهل... زمن الموازين المنتكسة والمقلوبة، والتطاول على الحق والحقائق وتزييفها... زمن استغلال الأبواق الفرعونية، وزمن دور الندوة ومحافل الموبقات والابتذال والشعوذة والهلوسة ونسف الأخلاق في الليالي الحمراء... زمن ازدراء الذات...زمن التبديد والتعقيد وقهر التجديد... زمن التدجين والتهجين وبرمجة الأذهان والتشويه الفكري وسيادة شريعة الغاب... الزمن الذي أصبح فيه طالبي الحق والحرية والخلاص من واقع مشئوم عبثيين وباهتين ومشوشين على الثوابت الوطنية ؟!

قولوا لنا... من أين نبدأ في الدفاع عن كل هذا بالله عليكم...؟!

قولوا لنا بالله... في هذه الغابة الشائكة بالظلم والظلام والظلمة والجهل والتضليل والمخادعة وبيع للضمائر... من أين نبدأ... هل نبدأ من الأوهام المبللة بالفراق والمعاناة والبعد عن الأهل والأحبة والتشرد وفقدان الوطن...؟!

حقيقة نحتار من أين نبدأ... في زمن أصبح فيه الحليم حيران... فالمواضيع التي تتقاذفنا وتعصف بنا كثيرة كثيرة ...!!

وتجدنا وفي معظم الأحيان نحاول أن نجتهد بحصرها ومراجعتها وتدقيقها وتمحيصها، لكي نستطيع أن نشير إليها... كيف لا فهي أمور حاضرة تفرض نفسها دائماً على كل من يتفاعل مع محيطها ومجتمعها، المليء بالأزمات والمعضلات والمصائب التي تؤرق النفس وتدميها.

نحن نؤمن أن عدونا واحد ، لا يميز بيننا أبداً أبداً.. فإذا كان النظام منبطحاً، فالرأي الآخر يجب أن يكون الصمود والتصدي والانتفاضة العقلانية..! وكما قالها أعضاء التجمع الديمقراطي الجنوبي- تاج... مدويةً عاليةً... هويتنا جنوبي من اليمن الجنوبي وسيقولها أبناء اليمن الجنوبي كلهم.

أخوتي في القضية... في الشجون...!
نحن كيمنيين جنوبيين كأحرار بإذن الله باقـون... نؤمن بعدل الله وإنصافه... باقـون شوكة في أعينهم... باقـون لأننا نريد البقاء ونصر عليه بإذن الله ... باقـون لمن يحملون بقايانا... باقـون نحلق عالياً... نسوراً في سماء الحرية...!

بلادي... كلما اشتقت لها... رسمت خارطة الوطن... فوجدتها طالعةً من سحر البطولات والتضحيات والبذل والعطاء والإخلاص والتفاني والصمود والتصدي والإرادة التي لا تنكسر... أرى اليمن الجنوبي تحلق فوقها حمامة الحرية....أرى اليمن الجنوبي شجرة مغروسة في عقول الأحفاد ...!
أراها وشعبها ينشرون أوجاعهم وآلامهم وعذاباتهم وهمومهم ومعاناتهم، لتغطي كل رقعة من مساحة خارطة الألم...!

لكن الأمل... الأمل بتحقيق النصر والتـحريـر... يجعلنا نصبر ...!

إذاً ماذا يمكن فعله إزاء هذا الوضع الهابط المتردي من هزيمة وانكسار وضمور، وتفتيت للنسيج السياسي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي... والذي يزداد تفاقماً...؟! ما العمل...؟!
ما بالنا نقف صامتين...؟! فلنرفع الصوت عالياً مدوياً موضحاً...!
عار علينا إن بقينا صامتين خانعين...!
ألم نتعلم بعد... أن بالإرادة تتحقق الأهداف والطموح...؟!

ما نحن به هو مصاب جلل ولا بد من تحطيم الحواجز التي تواجهنا، ولا بد من أن يشعر نظام اليمن الشمالي انه سيدفع ثمن هذا الاحتلال ... ولا بد من أن نطلق عقولنا ونمرنها على أن تتعلم كيف ترفض وتنقد وتنقض، وتصغي إلى الرأي الآخر الناقد لها، ونمارس إنسانيتنا كبشر وكخير أمة أخرجت للناس، نأمر بالعدل والإحسان وننهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، وأن نقول للناس حسناً، وإذا قلنا فلنعدل ولننصف...بعكس ذلك النظام الذي يساهم في تكريس مزيدٍ من الاستبداد والظلم، ونفي الرأي الآخر.
ها أنذا أعلن الاقتراب من نهاية الجنون والاختناق , بعد أن مللت من الحزن المعتق, ووعكة الماضي. وأضحوكة الليل والنهار.. فقد سئمت حتى من صهيل اللغة الكاذبة الذي يتكلم بها نظام اليمن الشمالي, وصرخة الألم العميقة, وشعرت بنفور من المكان والزمان, وعن صوت يواسي وحدتي في حضور الليل, فها أنذا أعلنت نفوري فوق مناديل الغروب , فلا تحزن يا زهرة أحلامي يا أرض اليمن الجنوبي.. سأنثر أوجاعي كالقصيدة علي امتداد شفتيك, كرذاذ المطر أمام بريق عينيك وإذا ما افتقدتيني فستجديني خلف أسوار الدواوين، أقاتل تحت مظلات الحروف، أقاتل تحت أمطار القلم، وحينما تنتهي المعركة حينها تدركين كيف غردنا أناشيد المستحيل.
فأنا لا أعرف لماذا نخصص في أعماقنا مساحات أكبر للحزن تطغي علي محطات الفرح، ولا أعرف كيف يكون للضحك علماً ونحن لا نمتهن إلا القليل منه، فكلاهما لهما متعتهما الخاصة يهما.. فقلة هم من يمتهنون الضحك ولكن أمة بكاملها لا تمتهن إلا البكاء....
فعلينا أن نتعاون سوياً في سبيل تحقيق هدفنا السامي للتخلص من النظام هذا، لمواجهة خطر سمها الذي يستهدف قيمنا ويقضي على هويتنا، ويخرب مجتمعنا.
حبيبي الجنوب
17-02-2005م