المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل نحن صريحون مع أنفسنا؟


فضل أحمد
06-22-2008, 03:10 AM
مكتوبة بواسطة فضل أحمد.

بسم الله الرحمن الرحيم

الصراحة هي صفة إيجابية من صفات الرجولة يحمد عليها الإنسان عندما يكون واعياً بأماكن استخدامها. فهي محبذة في مواضيع ومواقف معينة كالتقريب بين الأفكار والمعتقدات أو تكون لغرض رفع ومواجهة الظلم عن المجتمع أو قد تكون لمعرفة النفس أو كشف الحقيقة، وفي نفس الوقت فهي مستهجنة ومستنكرة في جوانب أخرى. فالبوح بكل ما يدور في أذهاننا من أفكار وآراء خصوصاً حيال الآخرين – وإن كان في معضم الأحيان صحيحاً - يعد ضرباُ من ضروب الغباء والحمق، والذي ما يؤدي غالباُ الى الإستهجان والإسستنكار والذي بدوره يخلق العداء والبغض بين أفراد المجتمع، والذي علينا تجنبه في كتاباتنا وتعليقاتنا. فقلب الأحمق وراء لسانه، ولسان العاقل وراء قلبه.

وأهم جانب في الصراحة – حسب اعتقادي – هو "الصراحة مع النفس"، فالصراحة مع النفس تجعل الإنسان أكثر معرفةً بقدراته ومواهبه، وأكثر دراية بما يدور حوله من أحداث ومواضيع، وأكثر دقة في اتخاذ القرار الصائب حيال ذلك. فالصراحة - في نظري – "كالبوصلة" التي تحدد لنا الإتجاه الصحيح. فعندما أصارح نفسي بحقيقة الواقع والحال الذي أعيش فيه؛ أعرف موقعي جيداً في المجتمع وأعرف أين سيكون الإتجاه الصحيح، بل وأكون أقرب دقة في تحديد ما سيحصل قريباً في المستقبل؛ فأتخذ قراراتي حيال ذلك. وليس في مقدورنا نحن البشر أن نكون على صراحة كاملة مع أنفسنا، ولكن علينا أن نحاول قدر المستطاع. وللصراحة – في نظري – شروط وقواعد يجب علينا تطبيق ما في وسعنا تطبيقه (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، من أهمها "الواقعية"، و"ترك العصبية"، و"البعد عن الآمال الزائفة".

فالواقعيه في مجمل الحال هي التفكير المنطقي حيال ما يجري من حولنا، وعدم تصديق كل ما يقال ويروج له من قبل "الآخرين". على سبيل المثال: مايدور ويحدث في بلادنا الحبيب اليمن، فكثيراً مانسمعه حول "الديمقراطية!!"، "العدل!!"، "المساواه!!"، "النمو الإقتصادي!!"، "مكافحة الفساد!!" ...الخ. فالكل يعلم وبكل تأكيد "زور" بلاش هذي الكلمة قد تزعَل بعض العصبيين خلينا نقول "عدم صحة" هذه الإدعاءات، وبالرغم من ذلك لايزال يصدق ويعتقد صحه ذلك!!، بل وحينما يرتفع صوت "البعض" بالواقع، يجادلونهم ويواجهونهم بنفس العبارات ( ياخي ليش تلجأوا لهذا التصعيد، فيه "قانون!!".. فيه "تستور!!" .. خلونا نتحاور بينتنا البين)، وهم يعرفون "عدم صحة" ذلك. بل وأتوقع بعد قرأة هذا الموضوع أن يقوم بعض القرَاء باستخدام نفس الأسلوب الجدالي، ولكني أتحداه بأن يصدق ما كتب وأنا على ثقة بأنه سيخسر هذا التحدي بينه وبين نفسه. فإذا كنا خاسرين أمام أنفسنا فعلى من نتوقع أن نفوز؟ أمام إسرائيل؟؟ أمريكا؟؟ الدانمرك؟؟ أنا أتساءل لماذا يحاولون الهروب من الواقع؟ هل هو الخوف؟ طيب .. نحن لم نعد في زمن الكهنوت الإمامي! لماذا الخوف إذن؟ أم أن حالنا الآن هو نفس السابق؟ طيب.. إذا حالنا الآن نفس السابق لماذا نعرقل ونواجه من يحاول تغييره لاجئين لأساليب ملتوية مشحونة بالعصبية والآمال الزائفة – سأتطرق إليها لاحقاٌ- مدعيين أن "البعض" كفار، ملحدين... الخ. وأنهم يريدون إرجاع العهد الكهنوتي.. طيب ليش هذا كله؟ إذا كان ماتقولوه صحيح لماذا لاترفعوا العبء عن كاهل "البعض" وتتولَوا المهمة؟ فهل نحن صريحين مع أنفسنا بما فيه الكفاية؟ "رحم الله امرءٍ عرف قدر نفسه".

أما بالنسبة للعصبية فهي محرمة في الإسلام فقد قال أبو داود في باب العصبية ثم روى بإسناد جيد إلى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه موقوفا ومرفوعا قال : { من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه } حديث حسن ويقال : ردي وتردى لغتان كأنه تفعل من الردى ( الهلاك ) أراد أنه وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في البئر وأريد أن ينزع بذنبه فلا يقدر على خلاصه . وعن بنت واثلة سمعت أباها يقول : قلت يا رسول الله ما العصبية قال { أن تعين قومك على الظلم } حديث حسن رواه أبو داود. ولأحمد وابن ماجه { قلت يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه قال لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم } . وعن عبد الله بن أبي سليمان عن جبير بن مطعم مرفوعا { ليس منا من دعا إلى عصبية , وليس منا من قاتل عصبية , وليس منا من مات على عصبية } [ ص: 52 ] رواه أبو داود وقال : لم يسمع من جبير . وعن سراقة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال { خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم } إسناده ضعيف ورواه أبو داود .فهل نحن واثقون أننا على حق حينما نعين "الآخرين" على محاربة "البعض" متهمينهم وحاكمين عليهم بأشيا لايحكم بها الا الله عزَ وجل ولايحق لأي مخلوق الحكم بها؟ اللهم اغفر ذنوبنا وتب علينا وأزل الغل من قلوبنا واهدنا الى الصراط المستقيم . آآآآآآآآآآمين. ألا نعلم أن الله عزَ وجل أمرنا بالإحسان الى اليهود والنصارى مازالوا محسنين الينا؟ فما بال من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ ألأنه صرخ في وجه الظلم؟ أم أننا نعود دائماً وأبداً الى ترديد الإشاعات وتقفي الإختلافات والهفوات لإصدار الإتهمات والهروب من الواقع من جديد؟

الآمال الزائفة هي نوع من الحالات النفسية التي غالباً مايلجأ إليها الإنسان الضعيف عند شعوره بالهزيمة، وهي ضرب من ضروب الوهم والخنوع والذل، اللهم أعزنا بعزك. واللاجئ لهذه السبيل يرسم لنفسه طريق وهميهة فعلى سبيل المثال " البوصلة" : فالتائه إنما يكون يملك بوصلة ولايستطيع استخدامها (أحمق)، أو لايملكها ( ليس صريح مع نفسه ) ويحاول الهروب دائماُ من الواقع. فلماذا نضيع طريقنا وبالتالي أنفسنا باللجوء الى تصديق الأوهام ( العدل، المساواه، الانتخابات، محاربة الوساطات والمحسوبيات، الديمخراطية، ... الخ) ؟ فالتغيير دائماً يبدأ بالنفس يقول الله تعالى: ﴿.. إن الله لايغير مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم وإذا أراد الله بقومٍ سوءً فلا مرد له ومالهم من دونه من والٍ ﴾[ الرعد:11]

ولكني على ثفة بأننا ( أرق الناس قلوباً وألينهم أفئدة ) "معاشر الأنصار" في مقدمة من يصارحون أنفسهم، يتأملون الواقع جيدأ، ويبتعدون كل البعد عن أفكار الجاهلية وعاداتها؛ فنحن شعب متعلم وواعي، لدينا القدرة لدينا الرجال قادرون على التغيير. أما تعليلي لبقائنا على هذا الحال؛ هو أن الخوف لازال موجوداً في معضمنا، ولكن إذا كنا نخاف البوح بالواقع لماذا لانتحلى بالصبر ونحاول أن لا نسمح للوهم أن يدخل في نفوسنا؟ إذا كنا نخاف "الآخرين" لماذا نعينهم على "البعض"؟ عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } رواه مسلم.


تذكر أخي المشارك "التحدي"، وفكر قبل أن تعلق هل استطعت حقيقةً تصديق نفسك؟


اللهم صل على محمد وعلى أله الطيبين الطاهرين

فضل أحمد
06-22-2008, 03:13 AM
جاء هذا الموضوع نتاج طلب حوار من إخواني في ملتقى الشباب اليمني

لاتنسوا تحدي أنفسكم...

اللهم صل على محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين