المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحكومه في اليمن تضع القانون وهي اول من يخترقه


aden
01-23-2006, 06:02 PM
تتذرع به السلطة وتنتهكه.. والمواطن متهم بمخالفته

القانون حاجة من.. ؟!
21/04/2004


تحقيق: منصور الجرادي


ما أسهل أن يصدر قانون في هذا البلد ولكن ما أصعب تطبيق نصوص هذا القانون على أرض الواقع.. وعندنا فقط يمكن أن يكيف الدستور وفقاً للقوانين وليس العكس، الأمر الذي يعد إختراقاً لهيبة الدولة.. والحقيقة ان الدستور والقوانين ما هي إلا اوراق وقراطيس يعبث بها رئيس الدولة وسدنته وفق اهوائهم احياناً ووفق رغباتهم وامزجتهم احياناً كثيرة.. والواقع أن هناك الكثير من القوانين التي ما ان تصدر حتى توضع على الرف بعيداً عن التطبيق مثل قوانين الاستثمار وقوانين التقاضي والمحاماة.. والقوانين التي يفترض انها جزء من الحياة، والتي تسير شؤون الدولة يساء استخدامها، وبدلاً من ان تصبح وسيلة لتسهيل المعاملات وتنظيم الأعمال تصبح عبئاً نتجرعه جميعاً.


الرئيس (رئيس الدولة) يخترق الدستور ويجمع بين سلطتين التنفيذية والقضائية ومن هذا الباب يخترق العديد من القوانين وتمارس الكثير من الاخطاء بإسم القانون.


المسؤولون لا يحترمون أحكام القضاء وينتهكون القانون، ويدعون المواطن لاحترامه

هناك إنتقائية في تطبيق القوانين، وليس حسب الأهمية والحاجة. ويجدر الذكر بأن من المفارقات في


اليمن ان هناك الكثير من القوانين التي تصدر لمجرد تزيين وتجميل صورة السلطة أمام المنظمات الدولية ودول العالم.. ولكن وجودها كعدمها على ارض الواقع.. ولذلك نجد الرئيس مثلاً كثيراً ما يردد في لقاءاته الصحفية أن في اليمن قانوناً للإستثمار متميزاً، يتيح للأجانب مع اليمنيين على حدٍ سواء الاستثمار في اليمن وبنفس الشروط. هذا كلام الرئيس عن قانون الاستثمار. لكن لو انتقلنا الى الواقع لوجدنا ان أكثر قضايا النزاع في المحاكم هي قضايا الاستثمار، وان المستثمر الاجنبي كحال المستثمر اليمني قد دلف اروقة المحاكم وانشغل بقضايا النزاع والشريعة مع متخاصمين، بدلاً من الإنشغال بمشاريعه التي يفترض أنه جاء إلى اليمن ليستثمر فيها.


مثلاً هذا المستثمر عبداللطيف ردمان رغب ان يبني مجمعاً سكنياً في مدينة عدن فأشترى الارض ووثقها وخطط للمشروع وحصل على الموافقة في البدء بالمشروع. وما أن شرع في التنفيذ حتى ظهر له غرماء كثيرون على ملكية الأرض التي اشتراها كموقع للمشروع. وبين عشية وضحاها انقلبت حياة المستثمر المسكين من منشغل بالاستثمار والتجارة إلى مشتغلٍ بقضية ثأر وقتل ،عندما اشتبك مع عناصر من إحدى القبائل وقتل من الطرفين ثلاثة اشخاص. وللأسف ان المتسبب في ذلك رئيس مصلحة أراضي وعقارات الدولة في عدن في ذلك الوقت.. وشبيهة بحالة عبداللطيف هذا المستثمر الأجنبي (ألن ديفواني) الذي اعتدي على مشروعه الاستثماري، وحصل على حكم قضائي عوضه بمبلغ ثلاثمائة ألف دولار، لكن الحكم لم ينفذ فأضطر ديفواني لذبح ثور أمام المسؤولين لانصافه..!!


عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء حضر متأخراً نصف ساعة عن حفل له علاقة بمؤتمر استثماري.. وعند القاء كلمته اشتكى حاله للحاضرين بأنه يسكن جوار التلفزيون، وانه لم ينم الليلة الماضية بسبب القتال الذي دام طوال الليل، واصوات الرصاص بجوار منزله بسبب نزاع على أراضٍ. وقال انه يضطر في كل ليلة للنوم تحت السرير وليس فوقه بسبب هذا الأزعاج واصوات الرصاص.


والواضح من كلام رئيس الوزراء ان الدولة غير قادرة على فرض الأمن وتأمين المواطنين فكيف بالمستثمرين الاجانب أو اليمنيين، الذين يضعون أموالهم في مشاريع ربما في لحظة معينة يتدخل احدهم ويدعي ملكيته لها، وبقوة وهمجية الفوضى يفرض ما يريد ويدخل المستثمر المسكين في متاهة لا يعلم إلا الله وحده اذا كان سيخرج منها أم لا.


ومن المظاهر المزعجة والمدللة على غياب القانون بل وغياب الدولة ذاتها القضايا الكثيرة التي نسمعها كل يوم عن انتهاك حقوق المواطنين، مقيمين أو مغتربين أو مستثمرين.. ولأن القانون غائب والفوضى هي السائدة نرصد ما خرج به الاجتماع المشترك بين وزارة المغتربين ومصلحة أراضي وعقارات الدولة، والمتعلق بمناقشة قضايا الاعتداء والاستيلاء على اراضي مواطنين يمنيين مغتربين في الخارج.. حتى باتت هذه المشكلة ظاهرة تؤرق المغتربين وجهات الاختصاص.. في هذه الحالة هناك سبع قضايا استيلاء واعتداء على اراضي المغتربين في عدد من المحافظات.. فهذا المغترب احمد عبيدي يحيى الزبيدي اعتدى احدهم على ارضيته في محافظة لحج وخرب السور واعمال الحفر والرصف واستخدم القوة ضد العاملين وافراد الأمن المكلفين بالحماية وبعد رفع القضية للنيابة لم يلتزم الخصم بالإجراءات القانونية أمام النيابة بقصد التطويل في القضية. وللقضية عام كامل في النيابة، والمغترب متوقف عن العمل في ارضيته ومنشغل بمتابعة القضية.


وقضية أخرى أكثر جرأة وهي استيلاء على منزل المغترب عبدالسلام يحيى المريسي في وسط العاصمة صنعاء والمنزل مكون من شقتين وبدروم وحوش وبعد رفع القضية إلى المحكمة حكم للمغترب المريسي بملكيته للمنزل. وفي الاستئناف عقدت 9 جلسات متتالية تم التأجيل فيها جميعاً نظراً لتغيب الخصم، والغريب مع هذا التطويل في الاحكام، أن المنزل لا يزال في قبضة المعتدي رامياً بكل الأحكام عرض الحائط.


وهناك قضية مشابهة لكن طرفها الخصم هذه المرة هو الدولة. والمغترب هو صالح احمد راجح الذي صودرت ارضيته وضمت الى مجمع المرور والجوازات. وبعد المطالبة اعيدت له ثماني لبان ونصف لبنة ولم يعوض عن المساحة المتبقية المقدرة بـ 25.5 لبنة، رغم تدخل وكيل وزارة المغتربين لدى الداخلية وتأكيد استحقاق المغترب للتعويض.


والحقيقة أن قضايا الفساد في البلاد لا تحصى، واطرافها افراد وجهات في الدولة وخارجها. ومن المفارقات ان الدولة تعترف بوجود مئات من قضايا الفساد والمفسدين، الذين تم ضبطهم وإحالة قضاياهم للمحاكم والمحاسبة. ولكن ما نجده على السطح مجرد قضايا صغيرة وثانوية من قضايا الفساد في حين تغيب القضايا الثقيلة والتي اطرافها مسؤولون في الدولة أو شخصيات نافذة.


وكم سمعنا عن إحالة عشرات من قضايا الفساد من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة الى نيابة الأموال العامة لكنها تختفي وتنتهي عند هذا الحد. ولم نسمع قط عن قضية فساد صغيرة أو كبيرة أحيلت للقضاء وحكم ضد صاحبها.


وفي المؤتمر القضائي الثاني اعترف القضاه ان القضاء لم يؤد الدور المطلوب في حماية المال العام ومحاربة الفساد ويؤكد القاضي عبده محمد ملهي ان كل من يتقاضون أمام نيابة الاموال العامة هم من صغار الموظفين، أما الوزراء فهم يُكافأون بالسفر للخارج، وتساءل القاضي ملهي عن ملفات الفساد الكبيرة في وزارة الصحة والكهرباء وغيرها من المؤسسات الرسمية.


وتقول القاضية هدى نورا رئيسة نيابة الاموال العامة بعدن ان الفساد قد استشرى واصبح منظماً ومدعوماً، ويخشى ان يكون له مؤسسات تحميه في الجمهورية اليمنية.. وقالت رئيسة نيابة الاموال العامة بعدن «اننا نشعر بالخجل حين نتهم اننا نقوم بمحاكمة صغار الموظفين وهي حقيقة وتبقى الحيتان الكبيرة.


واكدت ان كل ما يصل الى نيابات الاموال العامة من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من ملفات فساد عبارة عن تقارير بسيطة، وأن أي متهم بالفساد بدرجة فوق درجة الموظف العادي لا يمكن مثوله امام النيابة مما يضطرنا فقط الى تسجيله فاراً من وجه العدالة.. وقالت بحسرة: الحقيقة اننا في نيابات الأموال العامة نشعر بأننا لوحدنا في الميدان..!!


وفي سيرة الحديث عن القضاء فإن القضاة يعترفون بوجود هوة بين مراحل التقاضي المختلفة وان أعلى مراحل الاختراق للقضاء تكون في مجلس القضاء الاعلى الذي يرأسه رئيس الجمهورية.. ويقول القاضي محمد الشرماني في ورقته للمؤتمر القضائي الثاني أن أهم الاختلالات في الجهاز القضائي هي عدم اجتماع مجلس القضاء الاعلى إلا نادراً ولا ينظر في التظلمات التي يرفعها القضاة، ولا تتم الحركات القضائية في مواعيدها المحددة طبقاً للقانون، ولا تحترم السلطة التنفيذية الاحكام القضائية وتنفذها.


والأخطر من ذلك كما تقول القاضية هدى نورا أن تتلقى السلطة القضائية ورجال القضاء توجيهات وأوامر من السلطة التنفيذية، مما يعد انتهاكاً لاستقلالية القضاء. وقالت ينبغي ان تكون هناك إجراءات اخرى للتعامل مع هذه التوجيهات لأنها انتهاك للقانون.. واذا كانت الأوامر للقاضي والسلطة القضائية تأتي من الجهة التنفيذية وليس العكس فهذا معناه ان القضاء أداة طيعة وسهلة في يد السلطة، وعندئذً لن تستطيع تحقيق العدل لنفسها وستكون عاجزة عن تحقيقه لغيرها.


وفساد القضاء في بلدنا سيظل أم المشاكل ورأس كل القضايا وتأجيجها وانتهاك القوانين بإسم القضاء واحكام القضاء وضعف هيبة السلطة التنفيذية وادواتها الامنية التي تساهم كثيراً في نشر الفساد وليس الحد منه.


وسنعرض هنا قضية اغتصاب منزل أمرأة، لم يستطع رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب أو القضاء إعادته إليها.. واليكم الحكاية:


بدأت قضية إيمان في 1991/5/5م وهذه ليست البداية الأولى، وإنما يعد أقدم تاريخ نحصل عليه في أوليات القضية هو تاريخ صدور الحكم الإبتدائي لصالح المواطنة إيمان أحمد غانم تحت توقيع القاضي أحمد عبدالله عقبات الذي كان حينها لا يزال رئيس محكمة ابتدائية. قضى الحكم بصحة ملك المدعية إيمان أحمد غانم للمنزل المتنازع عليه مع مجموعة من أقاربها، الحكم حينها حمل المدعى عليه غرامات الدعوى ومصاريف المحاماة وأضاف: (وإذا أرادت إيجار منزلها فلها ذلك).


حين صدر الحكم آنذاك في بداية العقد الأخير من القرن العشرين لم يكن يخطر ببال القاضي أو المدعية أو المحكوم ضدهم أن عقداً آخر ستستغرقه القضية، وستأخذ بضع سنوات من الألفية الثالثة ولا يعلم إلا الله، والراسخون في تنظيم عصابات عرقلة النظام والقانون متى ستكون نهايتها ونهاية قضايا أمثالها انتهى أصحابها أو لقوا حتفهم أو كانت نهايتهم الجنون قبل أن تنتهي قضاياهم.


ولمتابعة إيجاز مختصر لسير هذه القضية يمكن إيراد ما يلي:


- بعد صدور الحكم الابتدائي لصالحها عام 1991م صدر قرار تنفيذ الحكم جبراً لأن المحكوم ضده لم يستأنف في الفترة القانونية.


ولأن الاستئناف تم بعد انتهاء الفترة القانونية للاستئناف بسنة ونصف، فقد صدر حكم من المحكمة الاستئنافية بأن المنزل المنتازع عليه مشترك بين إيمان أحمد غانم وغرمائها.


طعنت المدعية في حكم الاستئناف، وأصدرت الدائرة المدنية في المحكمة العليا حكماً قضى بإبطال حكم الاستئناف لمخالفته الشرع والقانون، وإقرار الحكم الابتدائي لصالح المدعية (إيمان) عام 1995م، وتلاه تأييد للقرار في عام 1996م.


ولأنها تؤمن بعدالة قضيتها وتمتلك عزيمة قوية، فلم تيأس أو يذهب عقلها أمام هذه العصابات القوية، فقد ظلت تتابع وتتنقل بين المحاكم ناذرة حياتها لإحقاق الحق وشعارها (من مات دون حقه فهو شهيد).


نفذ الحكم قهراً لأكثر من مرة، وأخرجت من منزلها قهراً لأكثر من مرة، وحصلت على أوامر بتنفيذ الأحكام من رئيس الجمهورية لأكثر من مرة، بعد أن قامت دائرة الطعون ببيع منزلها، دون الاستناد إلى أية أصول أو لوثائق الملكية، كان أول أمر حصلت عليه المواطنة (إيمان) من رئيس الجمهورية بتاريخ 1996/6/23م وآخر أمر بتاريخ 2003/3/9م.


القاضي أحمد عقبات أصدر الحكم الابتدائي في عام 1991م، ولقي القضية أمامه حين تولى وزارة العدل تطلب توجيهاً بتنفيذ حكم المحكمة العليا، ووجه بذلك ولم يحصل شيء. أوامر أخرى من رئيس مجلس النواب والتفتيش القضائي. لم يبق أمام إيمان سوى (الأمم المتحدة) لم تصدر أوامر بإعادة منزلها.


ولأن الصحافة كتبت عن الموضوع منذ القرن الماضي فإن الجميع يتساءل هل عصابات الفساد قوية إلى هذه الدرجة بحيث تقف أمام القضاء والنظام والقانون، وتعرقل حتى أوامر رئيس الجمهورية أعلى سلطة في البلاد.


رئيس الجمهورية وباجمال والأحمر لم يستطيعوا إعادة بيت امرأة مغتصب


ويتساءل كثيرون ماذا ستعمل توجيهات رئيس الجمهورية المتعلقة بمحاسبة المعتدين على القانون والنظام ولا ينفذ من ذلك شيء، ثم كيف يمكن الجمع بين الضدين، فمرة يتحدث عن يد حديدية لمحاسبة المتجاوزين للقانون والمفسدين والمجرمين وفي اخرى يقول «ان الحصانة ستسحب من المتسترين على المجرمين».


والمعروف في القانون ان المتستر على مجرم مطلوب للعدالة، هو أيضاً مجرم.. فكيف يكون من هو في نظر القانون «مجرم» ذا حصانة منحت له من السلطة يهدد بها الرئيس في أي وقت من يريد يمنحها له، ويسحبها عن المتسترين على المجرمين والمفسدين ويمنحها لهم اذا دعت الحاجة.


والأعجب من ذلك ما ردده الاخ الرئيس عن وجود اشخاص في الدولة - يعني موظفين فيها - هم من شجعوا على اختطاف الاجانب.. ولا يحاسبهم أو يوجه إليهم حتى إتهام، بل نجد هؤلاء الذين وجه إتهامه إليهم الآن يتسلمون مناصب أمنية..!!


واليكم مثل آخر على غياب دولة النظام والقانون فزوبعة الإعلام الرسمي الاخيرة حول دعوة الرئيس للقضاء على ظاهرة الثأر ومحاربته، بلا شك لن تؤتي ثمارها على اعتبار ان ما قام على باطل فهو باطل ولا اعني ان الدعوة الى انهاء ظاهرة الثأر شيء باطل، ولكن اركان هذه الدعوة وقانونيتها وشرعيتها في الاساس هي الباطلة.. فكيف يقضى على الثأر في ظل قضاء فاسد وقوانين مغيبة، وحتى قانون السلاح حبيس الادراج.. واقصى ما قاله رئيس الجمهورية في هذا الخصوص أن على السلطة التشريعية إصدار قانون لتنظيم حمل السلاح.


ولكن إجراءً عملياً مثل تدخل الدولة في حسم الاقتتال القبلي والحروب الطويلة التي يمتد بعضها لعقود من الزمن كحروب داحس والغبراء.. هذه الحروب والثارات القبلية بين القبائل لو تدخلت الدولة في حلها وعصمت دماء المسلمين ومواطني اليمن، فبلا شك ان القبائل سترضخ لهذا الامر وتقبل به لانها لا تريد الحروب ولا تريد من يغذيها من بعض افراد الدولة أنفسهم..


في بلد مثل اليمن لا تبدو ملامح دولته واضحة، تلك الدولة القائمة على المؤسسات وليس الأفراد والاهواء، ودولة النظام والقانون كما يقولون لا دولة قائمة على الاعراف والمفاوضات في حسم القضايا، مثل هذا البلد يبدو من السخرية الحديث عن القانون وسيادته وإحترامه.. ولأن القوانين تعني نظام الدولة وقوامها فإن اهميتها بالنسبة للمواطن لا تقل عن اهميتها بالنسبة لمؤسسات الدولة، اجهزة قضائية وأمنية وتعليمية وسلطة.


ان الامر يبدو عصياً ومعقداً في ظل اوضاع ما زال يحكم المؤسسة التشريعية في البلد «مجلس النواب» والحكومة ورئيس جمهورية، يحكم هؤلاء جميعاً ثور أقرن يذبح على قارعة الطريق وعند اقدام هؤلاء لإسقاط حق أو مطالبة بارجاع حق وإنصاف مظلوم.


إنه ثور يضحى به لذبح قانون وهيبة بلد.


ولأننا ما زلنا نحتكم الى عرف قبيلة وأهواء شيخها ونهرب بعيداً عن كلمة «قانون» و«نظام» لأنهما يعنيان للمواطن الغلبان ضياعاً للحق وتتويهاً للحقيقة..


لأننا كذلك قد تبدو مناقشة أهمية القانون واحتياج الناس إليه والبحث عنه في اروقة الدولة وادراج الوزارة وأزقة الشوارع، قد يبدو ذلك عبثاً وضياعاً للوقت.. ولكن ذلك يعني في ذات الوقت إذا ما تجاهلناه المضي في المزيد من العشوائىة والفوضى وغمط الحقوق وتسلط الظالمين وإذلال المواطنين ورعاية للمفسدين.


ويعني بإختصار غياب سلطة الدولة بل وغياب هيبتها ودورها وبالتالي إشاعة نظام الغاب في كل شيء..


نظام الغاب !!


المواطنون لا يؤمنون بوجود القانون ويرون ان الدولة تمر «بفوضوية» في كل شيء في القضاء والتعليم والصحة والأمن.


وحتى رئيس الجمهورية يخرق القانون ورئيس الحكومة يدير ظهره لكل القوانين، ورئيس مجلس نواب واعضاءه يفضلون الأحكام العرفية على احكام القانون وتشريعاته، مع انهم يقرون هذه القوانين، لكنهم عند التنفيذ يحبذون تطبيق تشريعاتهم الخاصة..!!


المواطنون يرون ان القوانين لا تصدر أو تفصل إلا من أجل إذلال «الضعفاء» من ابناء الشعب في حين لا قيمة لها عندما يكون المسؤول المعني بتطبيق نصوصها أحد المتنفذين أو القوى المتسلطة في البلد، سواءاً كان هذا المتسلط شيخ قبيلة أو رئيس جمهورية أو قائداً عسكرياً أو وزيراً في حكومة أو حتى وكيل نيابة أو ابن مسؤول او ابن شيخ أو تاجراً.. اذاً لماذا يحترم هؤلاء القانون أو يؤمنون بأهميته ويعملون على تطبيقه؟!


المواطن عبدالكريم احمد مثنى يقول: اتمنى ان تطبق القوانين على الجميع، ولكن ما نشاهده في الواقع هو العشوائىة في كل شيء في الوظيفة وفي الشارع، ويتساءل كيف تريد مني ان اطبق القوانين في حين ان من يضعونها لنا هم أول من يدوسونها ويحتقرونها..


ويضحك عندما يشاهد سيارة «حبة» جيش «تفحط» وتكسر الإشارة وتسير بعكس خط السير بسرعة جنونية ويقول ما رأيك بهذا.. كيف يمكن أن يطبق القانون وهو لا يراعي حق الله ولا حق الناس في الشارع.. يا أخي الدنيا فوضى».


لكن الفوضى ليست في الشارع فقط، ولكنها أكثر في مؤسسات الدولة في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والقضائية.


وهذا التجاهل للقوانين في هذه المؤسسات وإنتشار الفوضى والعشوائىة بدلاً عن النظام والقانون بلا شك ينعكس سلباً على حياة الشارع والمواطن ولكن أضرار الأولى اشد وطأة وأخطر على مستقبل البلاد وتنميته وتطوره.


--------------------------------------------------------------------------------


الشورى العدد (479)







جميع الحقوق محفـوظـة© للشورى نت 2005