المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن: عاد الجيش الى صعدة وأحرقت المكلا محال مواطنين من خارجها -> دآر الحيآة


حضرمي جدآوي
05-15-2009, 08:45 AM
اليمن: عاد الجيش الى صعدة وأحرقت المكلا محال مواطنين من خارجها
الجمعة, 15 مايو 2009

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] صنعاء - نبيل الصوفي




بعد أقل من أسبوع على تذكيره مواطنيه بمخاطر خروج العراق والصومال من «الصراع السياسي» الى مستنقع الصراعات العرقية والمذهبية والمناطقية، في سياق نقده لجوء معارضيه في ثلاث محافظات لتبني خطاب يصفه بـ «الانفصالي»، قال الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إن «الأوضاع في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية لا تدعو الى القلق وأطمئن الجميع ان الأمور تحت السيطرة»، منتقداً من قال إنه «يضخم الأمور» متحدثاً عن أن «من نعم الله سبحانه وتعالى أنه الآن يقف الى جواركم دول الجوار، دول مجلس التعاون».
خطاب الرئيس الأول كان أمام أول اجتماع منذ حرب 94 يرأسه هو ويخصص لقيادات الدولة من محافظات ما كان يعرف بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية. أما الثاني فأمام المؤتمر العام السابع لحزبه الحاكم «المؤتمر الشعبي العام».
المعارضة، ومع اختلاف توجهاتها تستخدم المنطق الرئاسي ذاته... فمن جهة ترد على مطالب السلطة لها بإعلان مواقف تدعم الوحدة وتندد بالانفصال بالقول إن السلطة «تضخم الأمور لتسهيل قمع معارضيها وتأجيل أي إصلاحات مطلوبة منها ولمزيد من الإجراءات الأمنية والعسكرية».. لكنها في الوقت نفسه تتحدث عن «تـهديد أداء الـسلطة للـوحدة الـوطنية».
ويعكس منطق السلطة والمعارضة تعامل الدولة اليمنية مع واحدة من أعقد المشكلات التي تهددها اليوم، وهي إبقاء الهوية الوطنية «مضطربة» خصوصاً إذا أضيف الجدال في شأن دولة الوحدة الى الصراع مع الحوثيين في الشمال، وهو الذي قال السفير الفرنسي في صنعاء انه «يبقي اليمن دولة تحت التهديد الدائم».
جوهر التهديد
الى جانب تحليلات عدة بشأن حقيقة ما يحدث، هناك ثلاثة آراء: الأول يقلل من الأزمة ويعتبرها مجرد تفاعل للصراع السياسي بين «المؤتمر الشعبي العام» وخصومه، والثاني يرى أنها نسخة شعبية من المحاولة الرسمية التي فشلت في العام 1994 لاستعادة دولة اليمن الجنوبي، والثالث هو الذي يرتب التحليل زمنياً.
ووفقاً للرأي الأخير فإن ما أصبح يسمى بـ «الحراك الجنوبي» بدا متأثراً بالخطاب السياسي المعارض للرئيس علي عبدالله صالح، اذ أن من قاد الحملة الانتخابية الرئاسية ضده في عام 2006 هو مواطن من حضرموت (المهندس فيصل بن شملان). واستفاد من كون كثير من الرموز الذين أقصاهم «المؤتمر الشعبي العام» بسبب الخلط بين الوظيفة العامة والانتماء السياسي هم من أبناء الجنوب الذين كانوا مسؤولين في دولة الحزب الاشتراكي، اضافة إلى تحريض «حزب الإصلاح» أعضاءه على ما سماه «النضال السلمي» بعد أن فقد الكثير من قياداته أدوارهم داخل المؤسسات الرسمية لصالح قيادات كلها تنتمي الى المؤتمر الشعبي العام.
ومع أن التحركات أصبحت لافتة للبحث عن حقوق مهنية للمرتبطين بالقانون العسكري وصولاً إلى العاطلين عن العمل مروراً بالشراكة في القرار السياسي للمسؤولين الجنوبيين الذين يشغلون مناصب مختلفة في إدارة دولة الوحدة، فإنه ظل «نشاطاً مطلبياً حقوقياً».
غير أنه وصل الآن إلى مستوى «سياسي» ويعبر بمستويات مختلفة عن الاستياء الجماعي من إدارة دولة الوحدة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية لمواطني تلك المناطق وأهمها إدارة الأراضي وقضايا السكن وما ترتبط بها من خدمات.
والأهم أن تغييب الأداء الاقتصادي للدولة في مناطق الجنوب بعد انتصار تموز (يوليو) 1994، صب لمصلحة سكان الشطر الشمالي، وهو ما جعل الاستياء الجماعي في الجنوب والشرق أكثر حدة حيث انتقل من معارضة السلطة الى تبني خطاب ضد «مواطني الشمال».
لقد تخلت دولة الوحدة بعد انتصارها العسكري على الحزب الإشتراكي عن كل التزامات سابقتها تجاه سكان اليمن الجنوبي. فالوحدة قامت بعد سنوات من التأميم وعدم تشجيع النشاط التجاري الخاص في هذا الشطر من اليمن، وكانت ادارة شؤون الناس الاقتصادية عبر الجمعيات التعاونية التي ألغيت بعد الحرب تماماً على رغم أنها كانت تضم آلافاً من الموظفين وتقدم متطلبات المواطنين باسعار مدعومة من الدولة.
ولهذا، أصبح الحراك الجنوبي «معبّراً» عن «مطالب الناس»، وان لم يكن هؤلاء ليسوا على المستوى نفسه من الوعي السياسي، وبعضهم لا يربط حرمانه من المطالب بـ «الوحدة» التي وفرت مساحة من الحرية ما كانت متوافرة في عهد الحزب الاشتراكي.
ومن هنا، فالتحليل الثالث، يقدم رأياً وسطاً، فيرى أن الوحدة ليست مهددة بشكل فعلي، لكنه يعتقد إنه ما لم تتم مراجعة السياسات العامة والخاصة لإدارة الشمال والجنوب من جهة، والجنوب في شكل خاص من جهة ثانية فإن وحدة اليمن قد تتعرض لـ «رفض شعبي» في غضون عام أو عامين على الأكثر. وقد يُسرّع من ذلك مزيداً من الإجراءات الأمنية أو استمرار الاعتقاد أن الحل هو في مزيد من التعيين لمسؤولين جنوبيين في مستويات مختلفة.
المناطقية في خدمة التوازن
التحليل الأول، يرى أن خصوم الرئيس علي عبدالله صالح وبسبب تنامي قدرته على إضعافهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، يلجأون لـ «الحساسية الجنوبية»، كعنوان يحتمون به من قدرة دولة المؤتمر الشعبي العام على تفتيت أي تحالفات تنشأ ضدها إما باستخدام القوة أو استيعاب المطالب.
فالـ «عنف ضد الفعاليات الجنوبية»، هو الأكثر قدرة على إفقاد الرئيس صالح مزيداً من الحلفاء وإعادة تنشيط شخصيات أو توجهات معارضة له. كما إنه وبسبب «ارتباط مطالب الجنوبيين بإصلاحات أفقية في أداء الدولة، وتحقق اجماع وطني تجاه مثل هذه المطالب» يجعل «من الصعوبة استيعاب هذه المطالب عبر استرضاءات واموال»، بما يُوصف بـ «الشراكة الوطنية» بين صالح ومعارضيه، وإنجاز «إصلاحات كبرى تتيح تلك الشراكة وترتب أوراقها».
غير أن صالح، وعلى رغم كل تصريحاته واللجان التي شكلها لدرس المشكلات في تلك المحافظات لا يزال يقف في منطقة وسطى يحاول من خلالها حماية الوحدة من دون ان يقدم تنازلات جوهرية. ومهما قدم من خدمات فهو حتى الان لم يحقق أي تقدم بأتجاه المطالب الجماعية للناس، فلا تزال مشكلة الأراضي وملكياتها معلقة، ولم تقدم حلول للبطالة، ولا يزال الحكم المحلي ضعيفاً، ولم يُراجع ملف خصخصة الإرث الاقتصادي لدولة الحزب حيث لا تزل عمالة مؤسسات ومصانع مدينة عدن معلقة ولم يفتح ملف الكوادر التي كانت تدير الشؤون الاقتصادية للد�[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات];لة هناك.
ولهذا يمكن القول إن الرئيس في خطابه عن تهديد الدولة إنما أراد «حشد» كبار موظفيه من أبناء المناطق التي تقود الاحتجاجات السياسية التي بدأت ضد السلطات المحلية وانتقلت ضد الرئيس صالح، ووصلت أخيراً الى معارضة «وحدة الدولة اليمنية».
كما يحاول عبر ذلك الخطاب حشد أصحاب المصلحة من المواطنين ومراكز القوى للوقوف ضد التحريض على «الاندماج الاجتماعي» الذي أنجرّ إليه رموز «الحراك الجنوبي» أخيراً. وصالح بهذا يحاول إستعادة التحالف الذي حقق معه النصر في عام 1994، وهو التحالف الذي كان أوسع من تحالفات الحزب الإشتراكي. غير أن إعلان رموز محليين من أمثال محمد سالم عكوش في المهرة وطارق الفضلي في أبين وقبلهما علي ناصر محمد وهم جميعاً من حلفاء 94 يهدد توجه صالح السالف الذكر. كما إن الحلفاء الدينيين، أمثال عبدالمجيد الزنداني ورفاقه، يبدون حذرين في التعبير عن دعمهم لصالح حتى وان عقدوا مؤتمرات للحديث عن «مخاطر تتهدد اليمن ووحدته» لكنهم دعوا الى «الحوار الوطني بين الجميع» وهو موقف مخالف لموقفهم في العام 1994.
نجح الرئيس في استقطاب دعم اقليمي ودولي ظهر على شكل تصريحات من الولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر والسعودية وغيرها شددت على أهمية الوحدة والاستقرار في اليمن.
وهو في منطقه الآخر سعى لتأكيد قوة دولته من جهة لطمأنة أطراف عدة في الداخل والخارج، ومن جهة أخرى ليقول للمعارضة إنه قوي ولن يقدم تنازلات على غرار تأجيله الانتخابات النيابية التي كانت مقررة الشهر الفائت.
ماذا يحدث في الميدان؟
خلال الايام الأخيرة، تصاعدت الصراعات، وفيما عادت الآليات العسكرية تعمل في صراعها مع الحوثيين في محافظة صعده الشمالية، وجد اليمنيون أنفسهم أمام تهديد عاصف للسلام العام في محافظات أبين، ولحج، وحضرموت..
في الأولى ظهر أحد أبرز رموز حرب 94 في صف ما سميت حينها بقوات الشرعية بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح مناهضاً لدولة الأخير، اذ أعلن طارق الفضلي انضمامه للحراك الجنوبي داعياً الى مهرجان مسلح في عاصمة المحافظة، التي تعد من أكثر المحافظات الجنوبية تعقيداً، حيث تنتمي اليها غالبية قادة الدولة الحالية، ولكنها تعيش ظروفاً صعبة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والإدارية.غير أن قراراً رسمياً صدر بأن تكون واجهة المهرجان «سلمية، لتجنب أي احتكاك أمني مع المسلحين الذين حضروا المهرجان، والقى الفضلي خطاباً غير مسبوق».
وفي الثانية، وجد الجيش نفسه مهدداً بمواجهة مفتوحة مع مواطني مديرية ردفان الجبلية بعد أن رفضوا استحداثه نقاطاً جديدة قال إنها في مواجهة عصابات تقطع الطريق المؤدي الى مدينة عدن، وهو أنشط الطرق حركة وأكثرها أهمية للعاصمة. واعتبر المواطنون هناك اعادة الانتشار غير مبررة. وقد أعاد الرئيس صالح وزير الإدارة المحلية السابق عبدالقادر هلال والذي استقال بعد اتهامه بأنه عميل للحوثيين وللجنوبيين في وقت سابق الى لجنة ميدانية تمكنت بعد سقوط 8 قتلى من الجيش والمسلحين في ردفان من «خفض التوتر» وتحقيق مكسب مشترك للأهالي والجيش.
وفي الثالثة شهدت المكلا – عاصمة حضرموت - للمرة الأولى إحراق محلات لموطنين من محافظات شمالية. بما عنى أن حضرموت فعلت ما لم يفعله السلاح في أبين ولحج.
ومع إدانة أحزاب السلطة والمعارضة للحادثة فإن رئيس فرع «حزب الإصلاح» في حضرموت قال إنها وقعت بسبب «استخدام اصحاب متاجر السلاح»، وإطلاقهم الرصاص في الهواء لإبعاد المتظاهرين من أمام محلاتهم حيث كانوا يحرقون الإطارات. القيادي الإصلاحي محسن باصره وهو شقيق وزير التعليم العالي وأول رئيس للجنة تشخيص أسباب الاحتجاجات التي عينها الرئيس صالح قبل عامين، قال إن «المتظاهرين هم من الشباب العاطلين عن العمل ولذا فأي مسيرة يخرجون فيها قد تشهد عنفاً».
بعد الحادثة غيّرت وزارة الداخلية مدير أمن المحافظة من دون أن تعلن أسباب ذلك، في حين اشارت مصادر سياسية الى ان تغييره جاء «بسبب الحادثة» حيث اذ انه لم يقدم على نشر قوات أمنية أمام المتظاهرين قبل إحراقهم الإطارات. غير أن مصادر محلية في المكلا قالت لـ»الحياة» إن تغييره مرتبط بخلافه مع عدد من الباعة الشعبيين في عاصمة المحافظة يتهمون أحد أبنائه بالاعتداء على أحد ابناء هؤلاء الباعة. ويأتي تغييره مقدمة لمعالجة قضية الاعتداء خوفاً من استخدامها في تأجيج مشاعر الصراع المناطقي، حيث ينتمي البائع الذي يتهم مدير الأمن بحماية إبنه المتهم بالاعتداء على نجل البائع الى محافظة ريمة في أقصى الغرب اليمني. وأظهرت حادثة احراق المحلات «قلقاً أمنياً» لدى التجار الذين ينتمون الى مناطق من خارج المحافظة، فظهر أنهم يخبئون أسلحة في متاجرهم، واذا كان حمود الآنسي أطلق الرصاص في الهواء واكتفى المتظاهرون بانتظاره حتى أنهى مخزون سلاحه، واكتفوا بضربه وإحراق محله، فإن المخاوف من أن تؤدي أي حادثة قادمة الى قتلى بما قد ينقل الصراع من كونه سياسياً، بين المواطنين ومؤسسات السلطة، الى اجتماعي بين المواطنين أنفسهم.


المصدر /
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]