المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن: هل فشلت الوحدة أم فشلت إدارة الوحدة؟ -> ميدل إيست أونلآين


حضرمي جدآوي
05-18-2009, 11:03 PM
First Published 2009-05-18
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
سلاح الفقر

اليمن: هل فشلت الوحدة أم فشلت إدارة الوحدة؟


اليمنيون موحدون بفقرهم على الأقل، والثروات المحدودة في الجنوب ليست من السعة بحيث تحوله الى سويسرا.

ميدل ايست اونلاين

لندن- تواجه الوحدة اليمنية تحديات غير مسبوقة. فالاضطرابات في الجنوب لا ترسم كالحة لطبيعة التردي الذي يسود العلاقات السياسية مع الشمال ولجنوب فحسب، ولكنها تعكس مستوى من التذمر العام يضفي على الدعوات الى الإنفصال بعدا شعبيا أيضا.


والإعتقاد السائد لدى المراقبين يفيد بان الرئيس علي عبد الله صالح، بالرغم من كل ما عرف به من براغماتية، إلا أنه يبدو عاجزا تهدئة الوضع، من ناحية لانه يشعر انه يتمتع بدعم دولي وإقليمي يكفيه لمواجهة الضغوط الداخلية، ومن ناحية أخرى لانه لا يجد أرضية مشتركة يقف عليها مع الجنوبيين الذين يطالبون بتحسين ظروف حياتهم الاقتصادية وتخفيف حدة الشعور بأنهم خاضعون لنفوذ قبلي شمالي.


وبالنظر الى ان الإنفجار الحالي يعود الى نتائج قمع حركة الانفصال عام 1994، والتي ادت الى استيلاء القيادات القبلية الشمالية على مقاطعات واسعة من ارضي الجنوب، وطرد معظم القيادات الجنوبية من مراكزها في الجيش والمؤسسات الحكومية، يبدو ان الرئيس صالح لا يستطيع أن يعيد الساعة الى الوراء، من دون ان يعرض نفسه لتمرد شمالي هذه المرة.
اللجوء الى القمع، يبدو أسهل السبل. إلا انه يضاعف المخاطر أيضا، ويزيد من توتر العلاقات مع القيادات الجنوبية.


وفي ظل أزمة إقتصادية دولية طاحنة، يبدو أن الدعم الخارجي الذي يتلقاه الرئيس صالح يقتصر على الجانب المعنوي، أما الدعم المادي فيبدو هزيلا، وهو ما يحد من قدرته على المناورة لاسترضاء الغاضبين.

ومن الناحية العملية، فقد انتهى الرئيس صالح ليجد نفسه يقود "دولة فاشلة" بالمقاييس التي تُصنف بها بعض المؤسسات الدولية أوضاع الدول.

وحسب التصنيف السنوي الذي وضعه مركز أبحاث صندوق السلام الأميركي وأعدته مجلة "فورين أفيرز" الأميركية لعام 2008 فقد حلت اليمن في المرتبة الأولى للبلاد المهددة بالخطر وفي المرتبة الـ21 ضمن الدول الفاشلة، وذلك من بين 177 دولة.

ويأخذ التصنيف بعين الاعتبار 12 عاملاً أهمها: النزاعات الداخلية والانشقاق داخل النخب الحاكمة وفقدان شرعية الدولة وانتهاك القانون وحقوق الإنسان وغياب التنمية الاقتصادية.
وحسب التصنيف فقد كان المؤشر الأكثر تدهوراً في اليمن هو الانشقاقات داخل النخب الحاكمة حيث حصلت اليمن على 8.9 نقاط من عشرة يليه مؤشر غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة حيث حصلت على 8.8 نقطة.

وأشارت المقاييس الأخرى الى تصاعد الضغوط الديموغرافية (سوء توزيع السكان وزيادة أعدادهم والنزاعات المحتملة...). وقد حصلت اليمن بالنسبة لهذا المقياس على 8.6. وكذلك زيادة عدد اللاجئين والمهجرين والمشاكل الامنية والاجتماعية التي يثيرونها. وقد حصلت اليمن على 7.2 نقطة.

وبالنسبة للمقياس المتعلق بطبيعة "النظام السياسي الذي لا يوفر العدالة ويغلّب أقلية على أكثرية"، وقد حصلت اليمن على 7.3 نقطة.

وشكل الفرار الدائم والعشوائي للسكان (هجرة العقول والمنتجين والاغتراب داخل المجتمع) عاملا آخر، وحصلت اليمن فيه على 7.2 نقطة.

اما المؤشرات الاقتصادية فشملت:
- غياب التنمية الاقتصادية وعدم المساواة في التعليم والوظائف والدخل، وتزايد النزاعات الفئوية نتيجة ذلك، وقد حصلت اليمن على 8.8 نقطة.
- التراجع الاقتصادي الحاد (الدخل القومي، سعر الصرف، الميزان التجاري، معدلات الاستثمار، معدل النمو، الشفافية والفساد، والتزامات الدولة المالية...)، وقد حصلت اليمن على 8.2 نقطة.
وبالنسبة للمؤشرات السياسية فقد كانت النتيجة هي:
- فقدان شرعية الدولة (فساد الحكام وغياب الشفافية والمحاسبة وضعف الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية ما يؤدي الى مقاطعة الانتخابات وانتشار التظاهرات ومظاهر العصيان وارتكاب جرائم ترتبط بالنخب الحاكمة)، وقد حصلت اليمن على 8.0نقطة.
- التدهور الحاد في تقديم الخدمات العامة، وقد حصلت اليمن على 8.3 نقطة.
- انتهاك القانون وحقوق الانسان، وقد حصلت اليمن على 8.0 نقطة.
- تشتت الأمن قد يخلق دولة داخل الدولة (ظهور نخبة عسكرية داخل الجيش، تنامي النزاعات المسلحة وظهور قوى أمنية توازي الأمن النظامي للدولة...).. وقد حصلت اليمن على 8.2 نقطة.
- تنامي الانشقاقات داخل النخب الحاكمة في الدولة وما يستتبعها من انقسامات في المؤسسات الدستورية، وقد حصلت اليمن على 8.9 نقطة.
- تدخل دول أخرى في الشؤون الداخلية عبر انشاء تنظيمات عسكرية او شبه عسكرية والاستعانة بقوات دولية أو قوات حفظ السلام، وقد حصلت اليمن على 7.2 نقطة. وبذلك تكون اليمن قد حصلت على 95.4 درجة من إجمالي 120 درجة.

وكانت الصومال جاءت على رأس قائمة الدول "الفاشلة"، برصيد 114.2 نقطة، تلتها السودان في المركز الثاني برصيد 113 نقطة. فالعراق، التي جاءت بالمركز الخامس برصيد 110.6 نقطة، ثم لبنان في المركز الثامن عشر برصيد 95.7 نقطة.

وكان من الواضح للعيان ان الحكومة اليمنية فشلت في تطوير الموارد التي تجنيها من نفط الجنوب ومن عوائد تشغيل موانئه. وتم تبديد الكثير من الأموال على مشاريع وهمية ولشراء دعم القبائل، وذلك على حساب إقامة إدارة مركزية قادرة على توحيد البلد.

وتبدو اوضاع البنية التحتية على شفير الإنهيار في العديد من مدن اليمن وبلداته. بل ان الكثير من هذه المدن والبلدات لم تشهد منذ أكثر من خمس سنوات أي مشاريع حكومية، وبلغ الأمر الى ان الطرق صارت تتقطع ببعض القرى بسبب انجراف الطرق المبلطة وعدم صيانتها.

ويعتبر الجنوبيون انهم يستطيعون استغلال مواردهم الطبيعية بطريقة أفضل.

ويصدر اليمن نحو 85 الف برميل نفط يوميا وما يعادل قيمتها من الغاز من حقول مأرب وحضرموت وشبوة. وبلغت عائدات النفط عام 2007 اكثر من 970 مليار ريال، وتضاعفت المداخيل حتى اواسط عام 2008، قبل ان تبدأ التراجع مع انهيار أسعار النفط، ومع ذلك، فقد ظلت المحافظات الجنوبية تعاني من نقص الخدمات.

وعادة ما يتم إقصاء الجنوبيين من العمل في حقول ومنشآت النفط في الجنوب.

ويتساءل النائب أنصاف مايو رئيس حزب الإصلاح المعارض في عدن: "ما معنى أن يصاب أبناء حضرموت كبرى المحافظات المنتجة للنفط بالأوبئة بسبب التلوث الناجم عن استخراج النفط، ولا توجد مستشفيات؟ وما معنى أن يستخرج من مأرب النفط والغاز والمحافظة يلفها الظلام".

وبينما يسود الشعور بان ثروات اليمن يجب ان تكون لكل اليمنيين، فان الواقع يقول ان الثروات التي تستخرج من الجنوب لا يرى منها الجنوبيون إلا شئيا واحدا: الحرمان.

وادى فشل حكومة الرئيس صالح في مواجهة أعمال التمييز والحرمان الى تعزيز الشعور بان الإنفصال ربما يكون خيار أفضل للجنوبيين من الناحية الإقتصادية.

ولكن العامل الآخر الذي لا بد من أخذه في عين الإعتبار هو ان انفصال الجنوب، حتى وان تم سلما، وهذا أمر غير مرجح، فانه سيترك خلفه شمالا محطما وعاجزا عن تمويل احتياجاته الأساسية. وهذا وضع لا مفر من ان يعكس بكل سلبياته على الجنوب.

أما إذا انطوت المواجهات السياسية الراهنة على أعمال عسكرية شاملة، فان الطرفين سيجدان نفسيهما أمام شيء مشترك واحد: الخراب.

وسيؤدي الانقسام الى زعزعة ثقة المانحين الدوليين تجاه الطرفين. كما ان التوترات ستكون عامل طرد للاستثمارات المحتملة التي تحتاجها البلاد لأ نهوض اقتصادي مقبل.

وعودة النزاع بين الشمال والجنوب لن تجد حلولا للمشكلات بينهما بمجرد خوض معركة على الحدود، وهي مشكلات سوف تستغرق سنوات طويلة قبل أن تهدأ. وهو ما يعني ان الطرفين سيجدان، على فقرهما المشترك، يخوضان حرب استنزاف ضد نفسيهما.

الجنوبيون يبدون في وضع المظلوم والمحروم والمضطهد.

ولكن الإنفصال لن يوفر لهم بالضرورة ما يحتاجون اليه من متطلبات التنمية. وخير لهم أن يجعلوا من الوضع الراهن أداة للتغيير لبناء دولة وحدة حقيقية.

بقاء الوحدة، على هذا الأساس، يبدو "اهون الشرين".

فاليمن موحد بفقره على الأقل. والثروات المحدودة في الجنوب ليست من السعة، على أي حال، بحيث تحوله الى سويسرا. و85 الف برميل نفط يوميا بالكاد تكفي للبقاء على خط الفقر، وعدم النزول دونه. مواجهة فشل الإدارة السياسية في صنعاء، ربما يكون هو الخيار الأفضل للطرفين معا.


المصدر /

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

تحية جنوبية - بعبق الإستقلآل والحرية