المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوحدة تترنح في عيدها الـ19(وكل شيء يدل على أن الانتفاضة الجنوبية آتية)-الكفآح العربي


حضرمي جدآوي
05-23-2009, 06:54 AM
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
صالح لدى وصوله الى العرض العسكري[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] الوحدة تترنح في عيدها الـ19اليمن على طريق الصوملةكتب: المحرر السياسي
العيد التاسع عشر للوحدة اليمنية كان دامياً, وجنوب اليمن يغلي على نار الانفصال التي يضرم وقودها قادة المعارضة المبعدون, وكل شيء يدل على أن الانتفاضة الجنوبية آتية, وأن الأسباب التي تعزز فرص الحرب الأهلية أكبر من الاعتبارات التي تملي الوحدة.

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يخوض معركته هذه الأيام على ثلاث جبهات: الجبهة الحوثية التي لا تهدأ حتى تعود الى الاشتعال, جبهة «الحراك الجنوبي» الذي يستهدف الوحدة, والجبهة الاقتصادية­ الاجتماعية التحدي الأكبر شمالاً وجنوباً.
والجبهات الثلاث مشتعلة أو كامنة برسم الاشتعال, وبعد مضي 19 عاما على الوحدة, أحيت صنعاء المناسبة بعرض عسكري كبير هو الأكبر من نوعه منذ عشر سنين, فيما أحيا العدنيون الذكرى بتظاهرات كبيرة ضد السلطة سقط فيها ثلاثة قتلى وثلاثون جريحاً في مواجهات مع قوى الأمن, وانتهت بحملة اعتقالات واسعة. والاحداث الدامية الاخيرة ليست منفصلة عن مواجهات سابقة سقط فيها ثمانية قتلى بينهم اربعة جنود في نهاية نيسان €ابريل€ ومطلع ايار €مايو€ الحالي.
وليس صعباً على الذين يواكبون الاحداث ان يستنتجوا ان وحدة اليمن بدأت تهتز, وان العرض العسكري الاخير اكثر من مناسبة وطنية رمزية, وانما «رسالة» الى المعارضين بل الى الجنوب كله. فعلى مدى ساعة كاملة مشى اكثر من 30 ألف جندي في شوارع صنعاء تحت انظار الرئيس اليمني الذي جلس خلف لوح زجاجي واق من الرصاص, بمشاركة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وفوج المدرعات الاول, وكأن المقصود توجيه تحذير واضح الى «كل الذين يريدون التلاعب بالاستقرار والوحدة», اي الانفصاليين الجنوبيين في الداخل او في المنافي حيث يعيش قادة اليمن الجنوبي السابق.
ومعروف ان اليمن الجنوبي تأسس في العام 1967 بعد رحيل القوات البريطانية, وتوحد في 1990 مع اليمن الشمالي الذي كان يقوده علي عبد الله صالح منذ 1978, وبات صالح رئيسا لليمن الموحد. إلا أن محاولة للانفصال حصلت في العام 1994 وتم اجهاضها بالحديد والنار في 1994 من قبل الجيش الشمالي بدعم من مقاتلين اسلاميين عائدين من افغانستان. ومنذ ذلك الحين, يعتبر قسم من سكان الجنوب الذين يقدر عددهم بأربعة ملايين نسمة مقابل 20 مليونا في الشمال, ان الجنوب «مستعمر» من الشمال. ويتذمر الجنوبيون خصوصا من ان الوظائف والاراضي تذهب الى الشماليين, وان الجنوب مستبعد بشكل او بآخر عن قيادة القطاعات العسكرية المسلحة.
وكانت الدعوات الى الانفصال قد تكررت في السنوات الاخيرة الا انها تزايدت حدة خلال العام الحالي, وآخرها دعوة نائب الرئيس السابق علي سالم البيض الصريحة الى التقسيم مؤكداً انه سوف يقود المساعي التي تقود الى هذا التقسيم.
وقد تزامن المؤتمر الصحفي: للبيض مع خطاب سياسي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح, قال فيه: اننا نحتفل هذا العام بهذه المناسبة الوطنية الغالية في ظل ظروف هامة وتحديات كبيرة على الصعيد الوطني والاقليمي والدولي وفي مقدمها الاوضاع الاقتصادية الناتجة من الازمة المالية العالمية في ظل انخفاض اسعار النفط عالميا الى جانب انخفاض الانتاج في اليمن وزيادة معدلات النمو السكاني, بالاضافة الى تلك الاحداث المؤسفة الناتجة من اعمال الشغب والتخريب والتقطع من قبل بعض العناصر الخارجة على الدستور والقانون. وقد اتهم صالح الجنوبيين الذين وصفهم بـ«العناصر المأزومة» بالنيل من الوطن وسلامته واثارة الفتنة ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء والنعرات المناطقية والشطرية والعنصرية في محاولة بائسة لاعادة عجلة التاريخ في الوطن الى ما قبل الثورة اليمنية ايلول €سبتمبر€ وتشرين الاول €اكتوبر€ والـ22 من ايار €مايو€ من العام 1990, وعرقلة جهود التنمية.
هل ان المرحلة المقبلة انفصالية فعلاً؟
السؤال مطروح على المستويين اليمني والدولي, وما يشهده اليمن من احداث في المحافظات الجنوبية €الحبيلين وجعار ولجح بصوة خاصة€ اكثر من نضال سلمي مطلبي. انه دعوة صريحة لانفصال اليمنين وعودة الدولتين الشطريتين, وربما شكل هذا الانفصال مدخلا الى تفتيت اليمن وتحويله الى دويلات واقطاعات. وهناك من يقول ان المتشددين الاسلاميين ضالعون في تمرير المشروع الانفصالي, وان ايران ليست بعيدة عن هذا التوجه.
وأين المشكلة في النهاية؟
المشكلة ان المبادرات الاصلاحية التي قام بها علي عبد الله صالح حتى الآن فشلت في معالجة الازمات الاقتصادية­ الاجتماعية المتلاحقة, بما في ذلك الموارد الطبيعية المتضائلة والفقر المستشري والأمية ومعدلات الخصوبة المرتفعة والقوة العاملة غير المدربة, مما يقوض ثقة اليمنيين وغيرهم بمستقبل الدولة الموحدة.
نقرأ في دراسة صدرت اخيرا عن مركز كارنيغي للشرق الأوسط:
لم يتحقق جزء كبير من الوعود الاصلاحية التي اطلقها الرئيس علي عبد الله صالح منذ انتخابه لولاية ثانية في العام 2006. لقد شكلت اجندة الاصلاح الوطنية التي وضعتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي في تشرين الاول €اكتوبر€ 2006, خطة شاملة للحد من الفساد وتعزيز الشفافية وتطبيق الاصلاح القضائي وفصل السلطات والفسح في المجال امام حرية الصحافة. لكن بعد زهاء عامين, لم تتحقق سوى اجزاء صغيرة من الاجندة. وكانت ابرز نتائجها انشاء اللجنة الوطنية العليا لمكافحة الفساد برئاسة وزير الاتصالات السابق احمد العنيسي في حزيران €يونيو€ 2007. وفي حين كانت المبادرة محط ثناء من المجتمع الدولي, واجه تطبيقها معوقات عدة. فمنذ انشائها, تلقت اللجنة اكثر من 140 شكوى فساد 78 منها بين كانون الثاني €يناير€ وآذار €مارس€ 2008 فقط. حتى الآن, لم يتم التحقيق سوى في ستة من هذه الشكاوى, مما ادى الى الكشف عن خسارة اكثر من مئة مليون دولار بسبب الفساد. تظهر هذه الارقام حجم الفساد وفي الوقت نفسه عجز اللجنة عن القيام بمهامها. فحتى عندما تجري اللجنة تحقيقات, جل ما يمكنها فعله هو احالة القضايا على سلطة قضائية تفتقر الى القدرة السياسية للذهاب حتى النهاية في المقاضاة. والاصلاح الآخر الذي بدا واعدا في البداية كان تحويل السلطة الى اللامركزية. في 18 ايار €مايو€ 2008, جرت انتخابات محلية لاختيار حكام المحافظات الواحدة والعشرين في اليمن بعدما كان الرئيس يعينهم من قبل. غير ان احزاب المعارضة قاطعت الانتخابات احتجاجا على تعديلات قوانين الانتخابات البلدية التي اجريت قبل الانتخابات. ونصت التعديلات على حصر التصويت باعضاء المجالس البلدية­ الداعمين للحكومة­ مما قلص فرص المعارضة. وهكذا جاءت النتائج مشوهة لصالح الموالين للنظام.
والاقتصاد الراكد في اليمن يظل مدعاة للقلق, ولا سيما على ضوء التراجع في قطاعي النفط والزراعة اللذين يشكلان المصدر الاساسي للعائدات. يتناقص انتاج النفط­ الذي يشكل 70 € من دخل الحكومة­ في حين تعاني الزراعة­ التي توظف اكثر من نصف القوة العاملة­ من شح المياه واستنزاف التربة على نطاق واسع بسبب الزراعة المكثفة للقات. تشجع وكالات الاقراض والتنمية الدولية تنويع الاقتصاد اليمني وتحريره لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية. وتحاول الحكومة التجاوب عبر تمكين اقتصادها الخاص وتوسيعه. غير ان هذه المحاولات تصطدم بالفساد المستشري واحتكار القطاع الخاص عمليا من جانب حفنة صغيرة من العائلات.
نتيجة لذلك, يعيش 45 € من اليمنيين دون خط الفقر. وكانت نسبة البطالة 35 € عام 2003, وهي احدث الاحصاءات المتوافرة في هذا الاطار. وتؤدي الزيادات العالمية الاخيرة في اسعار النفط والسلع الاساسية الى تفاقم معدل التضخم المرتفع اصلا والذي يسجل نحو 5.12€, والى مزيد من التدني في مستويات العيش. الى جانب المشكلات الاقتصادية العامة, يعاني جنوب اليمن من صعوبات خاصة بسبب خلافات ونزاعات عدة على ملكية الاراضي التي تؤدي الى ارتفاع معدلات البطالة والفقر, والى التململ المدني. لقد فشلت الحكومة باستمرار في حل هذه الخلافات التي بدأت منذ توحيد شمال البلاد وجنوبها في العام 1990.
تضيف الدراسة: اذا استمرت هذه النزاعات, فعلى الارجح ان اليمن سيغرق في الفوضى الكاملة ويصبح دولة فاشلة مشابهة للصومال. يزداد الشعور لدى اليمنيين وسواهم بأن الحكومة­ التي تعد بالكثير لكنها لا تقدم سوى القليل­ لا تتمتع بالكفاءة. وثمة خطوات كثيرة ينبغي على الحكومة اتخاذها كي تعيد بناء الثقة. هناك عدد قليل من الخطوات المهمة التي تستطيع الحكومة اتخاذها على الجبهة الاقتصادية والتي من شأنها المساعدة في جهود تحرير الاقتصاد التي تقول انها ملتزمة بها, مع العلم بأن هذه الخطوات ليست ملائمة على الاطلاق لمعالجة مجمل التحديات التي يواجهها اليمن, وهي كثيرة. يمكن ان تبدأ الحكومة بخفض الحواجز امام المشاريع التجارية الجديدة وزيادة الشفافية واصلاح النظام الضريبي. ومن شأن هذا ان يشجع المستثمرين ويسهم في مكافحة الفساد من كل جهة, كما يحد النظام الضريبي والاداري المبسط والشفاف من المجالات المتاحة امام الفساد. ستساعد خطوات كهذه على انعاش الاقتصاد واعادة بناء الثقة في الحكومة.


المصدر /
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

تحية جنوبية - بعبق الإستقلآل والحرية