المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل تنهار الوحدة وتنفصل عدن؟ - اليمن على خطى الصومال.. "فزاعة" أم خطر حقيقي؟! -(تحليل)


حضرمي جدآوي
05-26-2009, 01:48 PM
هل تنهار الوحدة وتنفصل عدن؟
اليمن على خطى الصومال.. "فزاعة" أم خطر حقيقي؟!
محمد جمال عرفة ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]***1)
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] مواجهات بين الشرطة ويمنيين جنوبيينوحدة اليمن مهددة في الذكرى الـ 19 للاحتفال بالوحدة.. هذه هي للأسف الأخبار الغير سارة التي جاءتنا من اليمن برغم تصاعد إرهاصاتها بقوة في الأعوام الأخيرة، والتي بلغت أوجها بإعلان "علي سالم البيض"، الرئيس السابق لـ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" -قبل الوحدة- أنه سيقود المساعي المؤدية إلى انفصال الجنوب. وجاءت دعوة "البيض" لانفصال "اليمن الجنوبي" عن "الشمالي" مرة أخرى في وقت يشهد فيه الجنوب حالة من الغضب والسخط على الفساد الحكومي وعدم تحقيق أية ميزة من الوحدة، ولهذا السبب تدور منذ عام 2006 مظاهرات شبه يومية جنوبية تتهم الشمال بنهب ثروات الجنوب، وأدت لسقوط قتلى وجرحى بالرصاص في مواجهات بين الشرطة اليمنية والمتظاهرين في عدن جنوب اليمن، وكذا في محافظتي "لحج" و"الضالع" اللتين شهدتا اشتباكات مسلحة، ومواجهات دامية بين قوات الجيش وأعداد من الأهالي قيل بأن ورائها توجهات انفصالية.
الرئيس اليمني علي عبد الله صالح سعى لتطويق هذه المحاولات الانفصالية في خطاب وجهه إلى الشعب بمناسبة العيد التاسع عشر للوحدة اليمنية يوم 21 مايو الجاري، دعا فيه إلى الحوار بين اليمنيين ومعالجة كافة القضايا التي تهم الوطن، وألمح إلى أن مشكلات اليمن الاقتصادية راجعة للأوضاع الاقتصادية الناتجة عن الأزمة المالية العالمية وانخفاض أسعار النفط عالميا، إلى جانب انخفاض الإنتاج في اليمن وزيادة معدلات النمو السكاني.
وبالمقابل طالب قادة جنوبيون بانفصال الجنوب عن الشمال بالتراضي مثلما فعلت مصر وسوريا في دولة الوحدة، ولكن المسئولين الشماليين يرون أن هناك فارقا كبيرا بين وحدة اليمنيين ووحدة مصر وسوريا أقلها القرب الجغرافي.
فزاعة التفتت لدعم الرئيس!
السؤال هنا هو: ما الذي أجج مشاعر الانفصال بمثل هذه الصورة المتصاعدة؟ وهل ينفصل اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي بالفعل ويعود شطر من البلاد للقتال ضد الشطر الآخر؟ وهل خطر الانفصال وتفتت البلاد وسقوطها في فخ الفوضى حقيقي أم أنه مجرد "فزاعة" جديدة من الحكومة والرئيس اليمني لتخويف اليمنيين ودفعهم للاصطفاف خلف الرئيس ضد خصومه بدعوى وجود خطر يهدد أمن واستقرار البلاد، وبالتالي تقبل ممارسات السلطة غير الديمقراطية ضد المعارضين لأن القمع هنا وراءه هدف أسمى هو وحدة البلاد ودرأ الانقسام؟!.
غالباً ما تسعى السلطة الحاكمة في العديد من الدول -خصوصا العربية- لتخويف مواطنيها المطالبين بإنهاء حكمها الديكتاتوري الجاسم على صدورهم بإطلاق "بعبع" أو "فزاعة" التخويف من خطر ما داخلي أو خارجي لتحويل الأنظار عن فساد السلطة.. وهذا الخطر غالباً ما كان يصور على أنه "الإرهاب" أو صعود أسهم القوى الإسلامية، والتي يصورونها كمن يتحين الفرصة للانقضاض على السلطة وإحالة حياة الشعب إلى جحيم!
ولكن الجديد في اليمن هو استخدام السلطة لـ "فزاعة" من نوع آخر هي الانفصال وتقسم البلاد وانهيارها على غرار ما يجري في الصومال المجاور، لدفع اليمنيين للوقف خلف السلطة وحشد الدعم للرئيس اليمني وضرب المعارضة (أحزاب اللقاء المشترك)، حيث يصورون كل من يطالب بإنصاف الجنوب والاهتمام بمشاكله أو من ينتقد الرئيس على أنه "انفصالي" ومعادٍ للوحدة اليمنية، وتشهر به وسائل الإعلام الحكومية وتطارده.
والملفت هنا أن الرئيس اليمني تحدث في اللقاء التشاوري مع قيادات السلطة المدنية والعسكرية في 25 أبريل الماضي بصورة تؤكد رغبته في ترسيخ هذه الفزاعة (أو لأن هناك خطر حقيقي يهدد اليمن) حيث قال صراحة: "أنا لا أخاف عليكم أنتم.. لكني خائف على الجيل الجديد، لن تكونوا شِطرين.. ستكونون دول، وستتقاتلون من بيت إلى بيت، ومن طاقة إلى طاقة"، وألمح إلى ما يجري في العراق والصومال وحذر منه.
ولكن ما رفع من أسهم "الفزاعة" كان قول نائب الرئيس عبد ربه منصور، إن "حكم ديكتاتوري لمدة 60 عاماً أفضل من فوضى سنة"، وكأنه يطالب اليمنيين بالاصطفاف خلف الرئيس وإلا ستعم الفوضى!.
وما يقوله الرئيس ونائبه يبدو رداً على ما تقوله أحزاب المعارضة المتحالفة في "اللقاء المشترك" التي ترى أن سلوك الرئيس والسلطة وغياب الديمقراطية والشفافية هو الذي يؤدي لتعميق الأزمات والمشكلات السياسية والأمنية والمعيشية، بشكل يبعث على انتشار الفوضى ومزيد من التدهور والانفلات على كافة الأصعدة، وتصاعد شبح الحروب والعنف والانقسامات المجتمعية وتفاقم الأزمات المعيشية.
مواجهات في الجنوب
بالطبع هذا لا يعني أن هذه الفزاعة –الانفصال والتفتت والحرب والأهلية- لا تمثل خطرا حقيقيا على اليمن؛ فبعد 19 عاما من الوحدة (دشنت في 22 مايو 1990 بين اليمن الشمالي والجنوبي) هناك مخاوف كبيرة متصاعدة ليس فقط من عودة انشطار اليمن لدولتين، وإنما لثلاث وأربع حتى إن الرئيس اليمني نفسه حذر من صومال آخر في اليمن، وذلك على غير المعتاد في مثل هذه الحالات التي من المفترض أن يهون فيها الرئيس من خطر الانفصال ويؤكد استقرار الوحدة لا ضياع وحدة البلاد!.
وليس سراً أن الشطر الجنوبي يعاني من الإهمال ضمن مسلسل الفساد وانهيار الخدمات منذ انضمامه للشمال، وهو ما أعاد دعوات الانفصال بعد أربع سنوات فقط من الوحدة ولكنها قمعت حينذاك بالسلاح؛ فدعاوى الانفصال ظهرت مجدداً في أبريل 1994 بوادي "دوفس" بمحافظة أبين الجنوبية بعد أربع سنوات فقط من الوحدة، وتفجرت حرب دموية شرسة عرفت بحرب الانفصال أو حرب الألف ساعة، وانتهت الحرب بتسليم الانفصاليين سلاحهم للقوات الحكومية، وتم إعادة الوحدة مرة ثانية في 7 يوليو 1994، وأصبح علي عبد الله صالح هو "الرئيس اليمني" بعد أن كان لقبه "رئيس مجلس الرئاسة" في أكتوبر 1994.
وتبع هذا في عام 2006 دعوة رسمية لأول مرة من رئيس الوزراء اليمني السابق حيدر أبو بكر العطاس، وهو أول رئيس وزراء لدولة الوحدة اليمنية، للعودة للانفصال وتقسيم اليمن إلى شطرين شمالي وجنوبي، حيث دعا العطاس كلاً من الرئيسين علي سالم البيض وعلي عبد الله صالح اللذان وقعا على اتفاقية الوحدة بين الجنوب والشمال إلى الذهاب فورا إلى مقر الجامعة العربية في القاهرة والتوقيع على اتفاقية لـ "فك الارتباط" بين الجنوب والشمال كما فعل جمال عبد الناصر حينما قرر السوريون فك الارتباط مع مصر.
وأكد العطاس أن الغالبية الساحقة من أبناء المحافظات الجنوبية والمعارضة تؤيده في هذه الدعوة للانفصال، وأرجع الرغبة في الانفصال إلى "مكابرة السلطات في صنعاء" وتجاهلها الدعوات لإيقاف الفساد واستغلال أراضي وإمكانيات الجنوب، والتعامل مع الجنوب بعقلية "القمع العسكري" وبعقلية "المنتصر" و"المهزوم"؛ فتحولت إلى محتل"، بحسب تعبيره!.
وما زاد من خطر الدعوة للانفصال هذه المرة والتخوف من وقوع صدامات دامية بين السلطة وبين الجنوبيين أن اليمن -شأن غالبية دول العالم- يعاني من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض أسعار النفط وتدهور أحواله الاقتصادية.
وغني عن البيان أن هناك اتهامات مستمرة للسلطة في قضايا نهب الأراضي وحقوق المتقاعدين، وإتباع سياسة الإرضاء والاستمالة، كشراء القادة، والوجهاء، ومراكز النفوذ بالمال والمناصب والسيارات، وتجاهل مشاكل المواطن العادي والمجتمعات المحلية، والشباب الساخط العاطل عن العمل، وهي سياسة ترى المعارضة –سواء في الشمال أو الجنوب- أنها شجعت مزيدا من القوى على التمرد.
تقارير غربية ترجح الانفصال
وهناك تقارير غربية بدأت تروج بالفعل لسيناريو الفوضى في اليمن وتعتبره "مشروعاً طويل الأجل في أفضل الأحوال"، أي أنه سيناريو قادم قادم ولكن قد يطول انتظاره أو يقصر.. هذا على الأقل ما خلص إليه التقرير الدوري لـ "وحدة المعلومات الاقتصادية الدولية" بلندن الصادر في أبريل الماضي 2009، والذي يغطي فترة النصف الثاني من العام 2008 وتداعياتها. فقد رأى التقرير أن موقف الحكومة والنظام في اليمن بات مهزوزاً أكثر من أي وقت مضى نتيجة للعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والأمنية، والتي من بينها تزايد نشاط الحركة الانفصالية في عدد من المحافظات الجنوبية، وسيطرة عناصر التمرد الحوثي على عدد كبير من مرافق الدولة بمحافظة صعدة، وضعف أداء الحكومة، وفشل وزرائها المستمر، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي اليمني الهش، ناهيك عن التحدي الكبير الذي تواجهه الحكومة والمتمثل في ارتفاع وتيرة هجمات القاعدة. ويخلص التقرير لترجيح وصول سيناريو الفوضى لليمن، عاجلاً أم آجلاً، لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه!.
كما يرصد التقرير إنفاق الحكومة مبالغ كبيرة من ميزانيتها لإعادة التسليح، ويعتبر ذلك عبئاً كبيراً على الحكومة اليمنية في ظل الأزمة المالية الحادة والعجز المالي المتفاقم الذي يصل هذا العام الي خمسة مليار من الدولارات. ويرى التقرير البريطاني أن الحل والمخرج هو "الانتقال إلى نظام أكثر فيدرالية"، يمكن أن يمتص الكثير مما وصفه التقرير "التمرد في الشمال والجنوب"، ويمكن له أيضاً أن يساعد على ترسيخ الوحدة الوطنية، أما لو استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الحكومة اليمنية ستفقد الكثير.
هل هناك رغبة أجنبية في التفتيت؟
وهنا يثور سؤال: لماذا الآن فقط –برغم أن هذه المشكلات وفساد السلطة موجود منذ إعلان الوحدة– سمح الغرب للرئيس السابق "علي سالم البيض" بالتحرك بحرية في الدول الأوروبية وعقد المؤتمرات الصحفية التي يعلن فيها فصل الجنوب عن الشمال ودوره القيادي في ذلك؟ ولماذا ظهرت تقارير غربية تحذر من تفتت اليمن؟.

لا شك أن عودة علي سالم البيض مجدداً إلى الحياة السياسية ودخوله معترك الأحداث الجنوبية وقيادته تيار الانفصال رسمياً، يعتبر مؤشراً قوياً على وجود ضوء أخضر إقليمي ودولي للبدء في تدويل القضية الجنوبية، ربما يظهر أيضا في تناول الإعلام الغربي لقضية الانفصال بصورة مبالغ فيها كما وضح في استضافة الشخصيات الجنوبية المعارضة في الخارج والترويج للقضية الجنوبية.
وربما يرجع هذا لاختلاف أو تبدل المصالح الغربية –خصوصا الأوروبية- مع اليمن الموحد من جهة، وانفصال أوروبا في سياساتها عن أمريكا في الكثير من دول العالم، بدليل أن أمريكا أعلنت استمرارها في تاييد الوحدة لأن هناك مصالح أمريكية وراء التعامل مع سلطة يمنية واحدة، فضلا عن تضرر شركات غربية في اليمن.
وقد اعتبر محللون سياسيون أن تأخر "وحدة المعلومات الاقتصادية الدولية" في بريطانيا في إصدار تقريرها الدوري حتى هذه الفترة (أبريل 2009) برغم أنه يتناول فترة النصف الثاني من 2008، دليل على التوجه الغربي لاستهداف اليمن، حتى قالوا إن "الغرض من إخراج هذه المعلومات في هذا التوقيت يؤكد سعي قوى دولية في إحداث بلبلة وفوضى عارمة في البلاد خاصة وأن القائمين على هذه المؤسسة يدركون جيداً بأن الأزمة المالية العالمية قد سحقت كبريات الشركات العالمية وأحدثت خلخلة في موازين الاقتصاد الدولي وكبرى الدول الرأسمالية".
ولكن ما طمأن الرئيس اليمني ودفعه لتغيير موقفه المتشاءم من تفتت البلاد وانهيار عرى الوحدة بالعودة للحديث عن قمع الانفصال واستمرار وحدة البلاد، هو الموقف الأمريكي الداعم للنظام، والذي تمثل في بيان أمريكي يؤكد تأييد الأمريكيين لـ "يمن مستقر موحد وديمقراطي".
فالمصالح الأمريكية هنا متعارضة مع الأوروبية نسبياً بسبب استمرار التنسيق الأمني مع اليمن خصوصاً ضد أنصار تنظيم القاعدة في اليمن الذين يهددون المصالح الأمريكية في الخليج، وآخرها الأنباء التي تحدثت عن قيام الحكومة اليمنية بتسليم ملف الجهادي السابق وعضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الحاكم الشيخ "طارق الفضلي" للسلطات الأمريكية، بالتزامن مع إعلان تنظيم القاعدة في اليمن تأييده للحراك الجنوبي ووقوفه إلى جانبه في مطالبه!.
المحصلة من ذلك بالتالي أن ثمة مخاوف حقيقية ليس على انفصال اليمن الجنوبي عن الشمالي، وإنما على استقرار اليمن ككل بسبب سياسات النظام الغير ديمقراطية والغير سوية فيما يخص عدالة توزيع السلطة والثروة بما يزيد حالة الإحباط الداخلي والاحتقان في الشمال والجنوب معا، ولكن بدلاً من أن تعدل السلطة سياساتها وتنتهي حالة الفوضى الاقتصادية والفساد المنتشر بقوة، تلجأ لاستخدام "فزاعة" انفصال الجنوب وسيناريو الفوضى لقمع المعارضة وتمهيد الطريق لبقاء الرئيس في السلطة، وهي ربما لا تدري أنها بذلك تقرب نار الغضب الشعبي من بنزين الفوضى والإحباط في اليمن ككل؛ بما قد يهدد اليمن بالفعل!!.
المحلل السياسي بشبكة إسلام أون لاين.نت



المصدر /
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
إسلآم أون لآين ...

تحية جنوبية - بعبق الإستقلآل والحرية