المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن إلى أين ...!؟


حضرمي جدآوي
05-28-2009, 02:23 PM
أعمدة
اليمن إلى أين؟
نجيب الخنيزي
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])
ربطتني ومعي الكثير من السعوديين علاقة حب ومودة مع شعب اليمن الشقيق وخصوصا في جنوب اليمن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقاً) الذي يتسم بالحيوية والعصامية والتضامن والقدرة التي لا تكل على العمل، والتي نعرف منهم مئات النماذج الناجحة في جميع المجالات في بلادنا.
كما أن عشرات الآلاف منهم أصبحوا جزءا لا يتجزأ من النسيج الوطني في بلادنا. كما أشير إلى تلك العلاقة الودية والحميمة التي جمعتنا مع نخبه السياسية والثقافية، والتي ترسخت على مدى سنوات، وذلك في ضوء التوافقات والمنطلقات السياسية والأيديولوجية المشتركة آنذاك. ذلك التوافق العام لم ينف عدم وجود خلافات وتباينات بيننا وبعضها حاد لا يمكن التوفيق بينها، إزاء جملة من القضايا، وخصوصا ما يتعلق منها بالموقف من مناطق جنوب الوطن، وبالذات عسير حيث كانت (ولا تزال) هناك أطروحات وتطلعات قوية لدى جهات وأطراف يمنية كثيرة، ومن الاتجاهات كافة، نحو المساس بكياننا الوطني الذي أرسى دعائمه القائد المؤسس الملك عبدالعزيز.
وفقا لتلك العلاقة في ذلك الحين (التي أصبحت جزءا من التاريخ) أتيح لي التعرف عن قرب مع قيادات سياسية، نقابية، اجتماعية، وثقافية بارزة من بينها الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني والرئيس السابق عبدالفتاح إسماعيل (وهو بالمناسبة ينحدر من شمال اليمن) الذي كان يتسم بولعه القوي نحو التنظير الفكري والسياسي والطريف أن لديه حس أدبي (شاعر) مرهف، غير أن نزعته الثورية الرومانسية وتقديمه لأولوية الفكر والنظرية على الواقع جعلته أسيرا للنزعة الارادوية، وقافزاً إلى حد كبير على الواقع (الزمكان) المعقد والمتناقض الذي يعيشه اليمن، حيث التخلف الاجتماعي، الاقتصادي، والثقافي المريع، ونزعة المحافظة والتقاليد القبلية والمناطقية القوية التي تخترقه من جهة، والأخذ بقيم الحداثة والعصرنة حتى مدياتها القصوى (الاشتراكية) من دون المرور بالمرحلة الانتقالية، التمهيدية. الموضوعية والضرورية من حيث مهماتها ومتطلباتها الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية، والثقافية من جهة أخرى.
وهو ما نجم عنها ما يمكن وصفه بـ''الماركسية الرثة'' حيث تداخل الصراع الحزبي والسياسي مع التوجه القبلي والمناطقي القوي الحضور، والذي غالباً ما يتم حسمه عبر أسلوب التأمر والاصطفاف على أرضية الفئوية، القبيلية، والمناطقية، ومن خلال منطق الصراع الدموي والقوة العسكرية المجردة بعيداً عن الأطر الحزبية والتنظيمية الشرعية الحديثة المتعارف عليها. كما تسنى لي التعرف على خلفه الرئيس علي ناصر محمد الذي أقر بأنه يتحلى بقدر كبير من شخصية رجل الدولة كما يتسم بالواقعية (البراغماتية) التي تسعى إلى التوفيق بين متناقضات الواقع الحزبي، السياسي، والاجتماعي المعقد في جنوب اليمن، غير أنه لم يسلم من التورط في دوامة العنف والصراع الداخلي العنيف التي اتسم بها اليمن عموماً.
لقد عانى الشعب اليمني الشقيق الكثير من المآسي والكوارث والمحن على امتداد تاريخه الطويل سواء في مرحلة حكم الإمامة في الشمال والعهد الاستعماري البريطاني في الجنوب أو بعد قيام الجمهورية العربية اليمنية إثر ثورة سبتمبر/ أيلول 1962 في الشمال التي وضعت حداً لنظام الإمامة (القروسطوي)، واندلاع ثورة 14 أكتوبر/ تشرين الأول التي طردت القوات البريطانية من الجنوب وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1968م). يكفي أن نذكر أن الزعماء والرؤساء كافة الذين تعاقبوا على السلطة في الشمال والجنوب كان مصيرهم القتل أو الاغتيال أوالإبعاد القسري ففي الشمال تم إبعاد المشير عبدالله السلال قائد ثورة الجيش وأول رئيس للجمهورية وما لبث أن عزل خلفه القاضي عبدالرحمن الأرياني من رئاسة مجلس الرئاسة. أما الرئيس الثالث المقدم إبراهيم الحمدي فكان مصيره الاغتيال (1977م) في ظروف غامضة، ويعتقد بأن العقيد الغشمي الذي خلفه كان متورطاً فيها، ولم يستمر خليفته العقيد الغشمي في السلطة سوى فترة قصيرة إذ اغتيل بدوره في العام 1978م، ووجهت أصابع الاتهام بضلوع الرئيس اليمني الجنوبي آنذاك سالم ربيع علي (سالمين) في مقتله إثر تسلمه لحقيبة مفخخة من قبل ممثل الرئيس سالمين، ولم يكن الوضع في الجنوب بأفضل حالاً إذ تم إبعاد الرئيس قحطان الشعبي في العام 6819م إثر اندلاع صراع حاد بينه وبين التيار اليساري في الجبهة القومية الحاكمة، غير أنه سرعان ما دب النزاع والخلاف بين الرئيس سالمين ومعظم أعضاء المكتب السياسي وذلك لأسباب شخصية وفئوية وأيديولوجية وتم إعدام سالمين بعد فشل محاولته في تصفية أعضاء اللجنة المركزية ومكتبها السياسي. إثر انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول للحزب الاشتراكي اليمني الذي وحد الفصائل اليسارية الرئيسية في حزب تبنى ''الاشتراكية العلمية'' انتخب الأمين العام للحزب عبدالفتاح إسماعيل رئيساً لمجلس الدولة، وذلك على غرار النموذج السوفيتي في توحيد قيادة الحزب والدولة بيد الأمين العام، غير أنه سرعان ما دب الخلاف بين أعضاء القيادة الجديدة ودفع الصراع المحتدم إلى ''استقالة'' عبدالفتاح إسماعيل (إبريل/ نيسان 1980) من منصبي الأمانة العامة ورئاسة مجلس الرئاسة ''لأسباب صحية'' واختار موسكو لتكون منفاه الاختياري غير أن الصراع تجدد بعد فترة هدوء وترقب استمر بضع سنوات، ولم تنفع محاولات التهدئة والمصالحة التي قامت بها بعض الأحزاب في الدول الاشتراكية السابقة، والكثير من الأحزاب الاشتراكية واليسارية العربية، كما لم تؤد عودة عبدالفتاح إسماعيل مجدداً من منفاه إلى اليمن إلى تخفيف حدة الصراع بين علي ناصر محمد وأنصاره من جهة، وخصومه الذين انضم إليهم عبدالفتاح إسماعيل الذي تولى منصبا فخريا، يتمثل في رئاسة الحزب الاشتراكي من جهة أخرى. بلغ الصراع ذروته في أحداث يناير/ كانون الثاني 8619 الدامية والتي أدت إلى مصرع الكثير من القيادات التاريخية للثورة والحزب (عبدالفتاح إسماعيل، صالح مصلح، وعلي عنتر )، إلى جانب مقتل وجرح الآلاف من الطرفين، واضطر الرئيس علي ناصر محمد والآلاف من أنصاره إلى المغادرة إلى صنعاء، ثم استقر به المطاف في دمشق، مما مهد الطريق لانتخاب علي سالم البيض خلفاً له في قيادة الحزب الاشتراكي ورئاسة الدولة في اليمن الديمقراطية.
المصدر ـ لـ التعليق
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]


تحية جنوبية - بعبق الإستقلآل والحرية