المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظاهرة الفساد السياسي


حبيبي الجنوب
03-13-2005, 04:47 PM
ظاهرة الفساد السياسي

يعتبر الفساد السياسي من أخطر أنواع الفساد إن لم يكن أخطرها فعلاً إذ يؤثر تعميم مثل هذا الفساد على كل مجالات الحياة ولعل مقاومة الفساد السياسي هو من الأولوية ما يفضل التوجه إليه قبل أي نوع آخر من أنواع الفساد.

و الفساد هو الذي تقوده حكومة أو منظمة أو جمعية تستهدف أخلاقيات المجتمع التي تعمل فيه حتى غدا ملف الفساد اليوم وتشعباته ما أخّر عمليات التنمية الروحية في العديد من المجتمعات.. فالفساد السياسي إذا ما لمس في مجتمع ما فإن هذا فيه مؤشر أن الدولة الحاكمة بذاك البلد هي دولة مزورة عديمة القانون رغم كثرة القوانين المسنة فيها رغم أن الصمت من قبل الناس حول ما يجري هو السائد إذ من اللافت أن اعتبارات الدولة القوية الباطشة لتسكيت الأصوات هي التي تعلوا على سطح التجربة في البلاد المعنية.

أما بالنسبة لزائري ذاك البلد الذي يعاني من ظاهرة الفساد فأول ما يلاحظ فيه أمام أنظار هؤلاء الزائرين وبالذات أولئك الذين يعملون في المجالات غير الإعلامية أن سياسات إجرام الدولة المعينة بحق مجتمعها الجافل والذي يحول خوفه حتى إن يصيح بكلمة (آخ) تحسباً من أن يساق للتحقيق كونه متأفف من ظلم الدولة التي يشيع عنها أزلامها بكونها (دولة عدل!) وهي بطبيعتها ليست كذلك.

ومن ظاهرة الفساد السياسي اعتماد هذه الدولة على عناصر مستعدة لإنزال عقوبة الموت بكل المجتمع إرضاءً لتوجيهات الدولة وأوامرها غير القابلة للنقاش ولعل من النتائج السلبية لهذه الظاهرة المزرية تجعل الناس خانقين بدرجة تقّبل الأمر الواقع وهذه الإشكالية بين فرض الفساد وحمايته بسلاح نفوذ السلطة قد جعلت العديد من المخلين بتطبيق العدل رموزاً للصلاح ويكاد اليوم أن يتم التعارف على أن بعض قادة مجرمي السياسة على وجه العموم وكأن الحاكم الظالم قد غدا رمزاً للديمقراطية المدعاة.

ومن مفارقات الزمن السياسي الراهن أن هذا القائد ذوي الأسماء اللامعة يدعوا إلى حق ممارسة النقد ضد الدولة ويقيم المؤسسات والمكاتب التي تقبل شكاوى المواطنين ليس القصد منها تعميم أجواء ديمقراطية وقضائية حرة إذ أن تلك المؤسسات والمكاتب هي نوع من الفخاخ لكل من يعتقد أن القانون في بلده فوق الجميع وأن الدولة المعينة بتشكيلها لتلك المؤسسات والمكاتب غير الجادة لا تريد أكثر من الفهم والتفهيم أنها دولة تفعل ما لا تقول وتقول ما لا تفعل ولذا فإن وزر الفساد ممكن تكيله بأي لحظة لخصوصها لقد فاقت ظلامية الفساد السياسي كل التصورات.

ولعل طرح سؤال تقليدي من قبيل – ما الذي يغضب الدولة – الفاسدة وما الذي لا يغضبها؟! يجعل التفكير يتجه نحو كون تلك الدولة تريد أن يكون (الخرس) رائداً يرفع شعاراته كل المجتمع وليس شريحة منه فقط وعلى طريقة ما كان يستشهد بها الشاعر بإحدى قصائده التي تبدأ مطلعها بهذا البيت الشعري الشهير:

أيها الناس لا تتكلموا إن الكلام محرم

وهكذا فمن اللامفاجئ أن هذه الدولة وأسماؤها الرنانة لا يمثل شيئاً من الحقيقة فإن العديد من البهرجات المحيطة بالدولة المعاصرة وأسماء قادتها ما هي في حقيقة أمرها سوى تجاوز مخجل على الحقيقة المخفية التي لن تشرف أحد من قادتها الذين يعلمون بـ(جرائمهم بحق الشعب) وهذه الظاهرة السائدة ما تزال الفرص أمامها متاحة لإنزال أشد العقوبات بحق المجتمع لمجرد أن نسي الحاكم واجبه اتجاه الشعب.

إن مقاومة الفساد السياسي عند الناس العاديين والذي تتخذه الدولة المعاصرة ضمن ثوابت نهجها وهي مستمرة في إبداء محاولات خداعها للرأي العام المحلي أو الإقليمي أو الدولي بدون أي اعتراف منها بذلك مسألة تدعو للاستغراب حقاً وبالذات حين يرافق أي مطالبة مجتمعية لأجل التزام تلك الدولة كي تطبق قانون حقوق الإنسان في البلاد التي تحكمها وتتحكم بمصيرها إذ تصعد من إجراءاتها القمعية ضد المطالبين وفي ذاك سر من التصعيد للالتفاف على واجبات الدولة ذاتها.
حبيبي الجنوب13-03-2005