المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل غابت الوحدة اليمنية في ذكراها الــ19؟ -> الإسلام اليوم + البشير


حضرمي جدآوي
05-31-2009, 01:54 PM
هل غابت الوحدة اليمنية في ذكراها الــ19؟

الاحد 07 جمادى الآخرة 1430 الموافق 31 مايو 2009

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

صنعاء/ نبيل البكيري

بمرور الذكرى التاسعة عشرة للوحدة اليمنية التي أُعْلِنَتْ في الـ 22 من مايو 1990م، تكون هذه الذكرى هي الأولى من نوعها التي حضر فيها كل شيء عند اليمنيين، إلا الوحدة، التي كانت غائبةً تمامًا، ففي صنعاء أُقِيمت العروض العسكرية الماريشالية ولأول مرة بهذه الطريقة، بينما لم تكن عدن غيرَ ساحةٍ للمُظَاهَرَاتِ والصدامات، والتي سقط فيها عددٌ من القتلى والجرحى الذين خرجوا مُنَدِّدين بالنظام الحاكم وممارساتِهِ غير الوحدوية كما يصفونها.
وبحسب المراقبين، فإن من المفارقات التي لم تكن تخطر ببالٍ هذا العام هو ظهورَ الزعيم الجنوبي، ونائبِ رئيس الجمهورية الأسبق على سالم البيض من منفاه الجديد في ألمانيا؛ ليُعْلِنَ عودَتَهُ للحياة السياسية الصاخبةِ بعد غيابٍ شبةِ تامٍّ عن المشهد السياسي اليمني منذ خمسة عشر عاما، إبَّانَ هزيمة قُوَّاتِهِ الجنوبية في حرب صيف 1994م.
وبخروج هذا الزعيم وإِعْلَانِهِ الانضمامَ إلى ما بات يُوصف بـ "الحراك الجنوبي" المنادي بالاستقلالِ والانفصالِ عن الجمهورية اليمنية، تكون الأزمة اليمنية في شِقِّهَا الجنوبي قد أخذتْ منحنًى آخرَ، وتطورًا خطيرًا على هذا الصعيد، وهو ما يُنْذِرُ بتعقيد الأزمة اليمنية، وإرباكِ المشهد السياسي الذي بات يَعُجُّ بالأزمات منذ أكثر من عامَيْنِ على إجراء آخر انتخاباتٍ رئاسية، والتي لم تقبل المعارضة اليمنية حينها بنتائجها إلا كأمرٍ واقعٍ، على حَدِّ وصفها.
تعقيدات الأزمة اليمنية اليوم التي باتت تأخذ أشكالًا شَتًّى من الأزمات، من حروب في شمال الشمال لا تزال مستمرةً في نسختها السادسة، واحتقانٍ في الجنوب، وتذَمُّرٍ في الوسط، فضلًا عَمَّا بات يُعْرَفُ، وباتتْ تنادي به المعارضة الرئيسية من حوار وطني شامِلٍ، لم تُعِرْهُ السلطة الحاكمة أيَّ اهتمام، وهو ما يراه المراقبون أزمةً يمنيةً تُعَدُّ الأخطر في تاريخ اليمن المعاصر، مما قد يُؤَدِّي إلى انفجار الأوضاع على أكثر من احتمال، في حال صَمَّمَ النظام الحاكم، وتمادى في عدم الاعتراف بأيٍّ من هذه الأزمات المتوالدة، وهو ما قد يُؤَدِّي بحسب المراقبين إلى تَكْرَارِ النسخة الصومالية في اليمن.
ففي الاحتفال العسكري الذي استُعْرِضَ فيه الكثيرُ من العتاد والأسلحة العسكرية الجديدة، والتي ظهرت لأول مرة، كان عنوان الأزمة غير المعترف بها من قبل الرئيس واضحةً أمامه هذه المرة وبقوةٍ، من خلال الدِّرْعِ الزجاجي الواقي من الرصاص الذي ظهر أمامَهُ في مِنَصَّةِ الاحتفال لأول مرة في حياته الرئاسية، التي تمتدُّ لأكثر من ثلاثين عامًا مُتَرَبِّعًا على حكم العرش الجمهوري في اليمن.
وبين احتفالات صنعاء الباهتة بحسبِ المعلقين ومظاهراتِ عدن وقتلاها، تكون الوحدة قد غابتْ تمامًا ولم يعد ما يُذَكِّر بها، وخصوصًا، في ظل الأوضاع البائسة للناس، من الاقتصاد المتهالك، والأمن الْمُخْتَلّ، والصراع الخفيّ بين أركان السلطة الذي يتجَلَّى في أزمات وطنية كبرى لم تخرج حرب صعدة عن ملابساتها، ولم يكن انضمام الشيخ القبلي طارق الفضلي، صِهْرِ ثاني رجل في النظام الحالي، عنها ببعيدٍ أيضا بحسب المراقبين.
إرباكات المشهد السياسي اليمني الحالي تُنْذِر- لا شك هذه المرة- بأن الأزمة اليمنية هي الأخطرُ على الإطلاق في تاريخ اليمن المعاصر، ويرى المراقبون أن هذا التعقيد السياسي مصحوبٌ بالتعقيد الاقتصادي الْمُنْهَكِ بالفساد الإداري والمالي، وهو ما يضع اليمن اليوم في قائمةِ البلدان الأكثرِ خطرًا لتلاقي كُلِّ المصاعب الأمنية في هذا البلد الْمُطِلّ على بحريْنِ هامَّيْنِ، هما البحر الأحمر، والبحر العربي، الذي غدا هو الآخر ساحةً للقراصنةِ الصوماليين وغيرهم، ممن يعملون لصالح بعض مخابرات القوى الدولية التي وجدتْ في قصة القراصنة فرصةً ذهبِيَّةً للتواجد في هذه المياة الدولية الهامة.
وهكذا وجدت الحكومة اليمنية هذه المرة نفسَهَا واقِعَةً وسط مثلث رعبٍ قاتل، أضلاعه هم القاعدة، التي يرى بعض المحللين أنها خرجتْ من تحت عباءة السلطة الحاكمة، فضلًا عن تهديدات القراصنة في خليج عدن، فضلًا عما باتتْ تعانيه اليمن من مخاطر حروب طائفية مدمرةٍ على مدى ستّ سنوات مضتْ وحتى اليوم .في محافطة صَعْدَةَ المتشيعةِ حديثًا.
إلا أن المراقبين للشأن اليمني يرون أنّ مثلث الأزمات اليمنية قد باتَ قاب قوسين أو أدنى من تَحَوُّلِه إلى دائرة أزمات يُمَثِّلُ النظام الحاكم مركزها، وخاصةً اشتداد الأزمة الجنوبية، وبروز بعض أعمال العنف المسلح فيها، كالتي تم فَضُّ فتيل اشتعالها سريعًا من قِبَلِ لجنةٍ رئاسية برئاسة الوزير المستقيل عبد القادر هلال، والتي كانت قد اندلعت لمدة أسبوع في منطقة ردفان التاريخية في محافظة لحج.
وهكذا تكون قد اكتملتْ دائرة الأزمات اليمنية في عيد وَحْدَتِهَا التاسِعَ عشر، مما يُنَبِّئ بالوضع الخطير والمتردي الذي باتتْ تُشَكِّلُه الأحداث والتطورات الأخيرة على الساحة اليمنية، مما يُنْذِرُ بتفاقُمِ الوضع على نحوٍ يُنْذِر بكارثةٍ إنسانِيَّةٍ لا أحد يستطيع أن يتنبأ بعواقبها التي ستكون كارِثِيَّةً، ليس على اليمن فحسب، بل ستكون الدول النفطية الخليجية هي أولَ المتضررين منها.

المصدر / لـ التعليق
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]


تحية جنوبية - بعبق الإستقلآل والحرية