المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفعة لنظام يتنفس فسادا..بن طالب يقدم استقالته من هيئة مكافحة الفساد ويغادر اليمن


جنوبي بس
07-23-2009, 06:45 PM
صفعة لنظام يتنفس فسادا..بن طالب يقدم استقالته من هيئة مكافحة الفساد ويغادر اليمن

صنعاء – لندن " عدن برس " : 22 – 7 – 2009 [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
في خطوة محرجة للنظام اليمني قدم الدكتور سعد الدين بن طالب رئيس قطاع التعاون الدولي بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد استقالته من الهيئة، واصفاً إياها بأنها أصبحت بؤرة من بؤر الفساد ، وتشكل هذه الاستقالة صفعة من العيار الثقيل توجه للنظام اليمني الذي يتنفس فسادا ، بل سيضع بقية أعضائها في موقع لا يحسدون عليه ، خاصة أن بن طالب المولود في حضرموت وبشهادة من عمل معه يعد من أنزه الكوادر إخلاصا لأي منصب او موقع عمل فيه ، وقد ترك حزب الفساد الحاكم الذي يرأسه مؤسس دولة الفساد علي عبدالله صالح ، كما قدم استقالته من البرلمان في وقت سابق بعد مشادة بالأيدي مع نائب رئيس البرلمان السابق والرئيس الحالي له يحي الراعي.

وحسب مصادر عليمة لـ"المصدر اونلاين" الذي اورد الخبر ان بن طالب قدم استقالته هذا الأسبوع ، وذلك من خلال رسالة وجهها للهيئة (تنشر المصدر اونلاين تفاصيلها في وقت لاحق) ، قال فيها أن الهيئة فشلت في أداء مهامها وأهدافها التي أنشئت من أجلها.
وقال عضو هيئة مكافحة الفساد في رسالته ان الهيئة تحولت إلى بؤرة للفساد وذلك من خلال تعمد أعضاء الهيئة بتوظيف أبنائهم وأقاربهم في قطاعات الهيئة المختلفة.
وطبقاً للرسالة فإن الهيئة أثبتت عدم مقدرتها علي التعامل مع قضايا الفساد الكبيرة من أهمها قضايا المنطقة الحرة، حوش الخضار عدن، الفساد في قطاع الكهرباء.
وكشفت مصادر مقربة من الرجل أنه غادر البلاد إلى إحدى الدول رجحت أن تكون "سنغافورة"، حيث يقيم عدد من أفراد عائلته هناك.
في غضون ذلك كشفت صحيفة الصحوة في عددها الذي سيصدر غداً أن قيادة الهيئة عرضت على بن طالب السفر إلى خارج اليمن مع استمرار صرف كافة مستحقاته، الأمر الذي جعل بن طالب يصر على التمسك باستقالته.
وقالت انه تلقى نصائح من مقربين له أن يستمر في الهيئة لمحاربة الفساد عبرها إلا أنه أكد "عدم وجود إرادة سياسية لمكافحة الفساد "، مفضلاً مغادرة الهيئة.
وكان بن طالب قد اعترض في وقت سابق على صرف سيارات فارهة لأعضاء الهيئة تبلغ قيمة الواحدة منها 54 ألف دولار، رافضاً استلام تلك السيارة أسوة بزملائه، مكتفياً باستلام سيارة بسعر أقل، وقد أعاد تلك السيارة (برادو 2008م) بعد تقديم استقالته.
الجدير بالذكر أن جهات عليا كانت رفضت ترشيح بن طالب لعضوية هيئة مكافحة الفساد، وتوقع مراقبون أن تكون هذه الخطوة محرجة جداً للنظام، وأن تؤثر على مصداقيتها عند المانحين لا سيما وأن الرجل يرأس قطاع التعاون الدولي والعلاقات الخارجية في الهيئة.
وبن طالب الذي يحظى بسمعة طيبة ومعروف بنزاهته كان عضو سابق في البرلمان اليمني عن المؤتمر الشعبي العام قبل أن يقدم استقالته منه، وعرف خلال عمله البرلماني منذ عام 97 وحتى 2003م بمواقفه القوية ضد الفساد، وكشف الكثير من قضايا الفساد الكبيرة في القطاع النفطي أثناء عضويته في البرلمان.

( نبذة عن الدكتور سعدالدين علي سالم بن طالب )
الاسم: سعد الدين على سالم طالب.
محل وتاريخ الميلاد: محافظة حضرموت-1959م.
المؤهل الدراسي: بكالوريوس طب وجراحة جامعة عين شمس - جمهورية مصر العربية.
وظائف سابقة:
- عضو مجلس النواب من عام 1997 الى2003.
- مدير برامج في المعهد الديمقراطي الوطني للشئون الدولية (NDI ) من 2005 إلى 2007.
- استشاري تجاري قطاع خاص من عام 1992 إلى 1998.
دورات تدريبية:
- دورة في مجال مكافحة الفساد - بريطانيا.
- دورات برلمانية مختلفة ( الشفافية - المساءلة ).
- دورات في الكمبيوتر
اللغة التي يجيدها:
الانجليزية - ملايو.

مقابلة مهمة للدكتور سعد الدين بن طالب - عضو هيئة مكافحة الفساد :الأخطر من فشل الهيئة هو أن تتحول إلى أداة قمع


الثلاثاء 2009/02/17

الأهالي نت ـ حوار ـ عبد الباسط القاعدي :
استبشر الكثير بتعيين الدكتور سعد الدين بن طالب في الهيئة العليا لمكافحة الفساد ممثلا للقطاع الخاص، فقد كان من الأصوات القوية في البرلمان وتخلص منه المؤتمر الشعبي العام بعد دورة واحدة فقط بسبب مهاجمته للفساد ورفضه السياسات الحكومية الخاطئة.. يشغل بن طالب موقع رئيس قطاع العلاقات الخارجية بهيئة مكافحة الفساد وله صولات وجولات داخل الهيئة ويترقب الكثير نتائجها، وهل يستطيع الدكتور وآخرون إحراز انتصار على التراخي المصاحب لهذه الهيئة.. وقد كان لنا معه هذا الحوار..
* يتغول الفساد في المجتمع بصورة لم يسبق لها مثيل.. ما هو السبب؟
- في موضوع الفساد، يجب أن نسعى إلى توعية المجتمع بهذه القضية، وهذه مسألة أساسية، الفساد قضية مركبة، والشيطان فيها يكمن في التفاصيل، الفساد في مختلف الدول ينشأ بأسباب مختلفة، وطرق علاجها مختلفة، فيعالج الفساد في دولة بحسب الفساد فيها، وطريقة نشأة الفساد فيها، هناك خطوط عامة، إن الفساد ينشأ بسبب ضعف أدوات الدولة والمجتمع، ينشأ عندما تضعف الأدوات الرقابية، البرلمان، الجهاز المركزي للرقابة النيابة، الصحافة، منظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية.

* هل ضعف هذه الأدوات مقصود؟ وهل هناك إرادة لتقوية هذه الأدوات الرقابية أم أنها غائبة؟
- القضية مترابطة، أولها طبيعة النظام، هل هو ديمقراطي؟ هل توجد فيه حريات كاملة؟ هل المجتمع قوي أم متدني الوعي؟ من هنا تبدأ دراسة هذه المشكلة، هذه النظريات قد لا تنسجم مع كثير من الجمهور، ولكن بدون أن ننظر لها من هذه الأسس فإننا لن نصل إلى نتيجة، مثلاً هناك من يعتقد أن الفساد قضية محددة وموجودة في الشرطة أو في البرلمان أو الضرائب أو الحدود أو الجيش، لكن أؤكد لك أن القضية مترابطة بالنظام العام، وأدوات النظام في الرقابة، هذه الأدوات تؤدي إلى ما يسمى بخلق بيئة النزاهة في المجتمع، فكل مجتمع يزيد فيه الفساد أو ينقص بحسب مستوى النزاهة العامة.

* ما هي عوامل إضعاف أدوات الرقابة؟
- القيادة في أي مجتمع هي للدولة، أقول ما قاله تنكو عبد العزيز وهو الرجل الذي أنشأ معهد النزاهة بماليزيا وهو الآن مستشار أمين عام الأمم المتحدة في قضية النزاهة في العالم، قال إن مستوى النزاهة في الدولة الذي يسيء هو الدولة، والمقصود بالدولة الحكومة وأدواتها المختلفة، بمعنى أنه إذا كانت هناك إرادة فإن هذه الأدوات ستكون قوية، وإذا كانت الإرادة تريد إضعافها لأسباب مختلفة فستكون الأدوات ضعيفة.

* ماذا تقصد بالإرادة؟
- الإرادة السياسية الحاكمة طبعاً، الإرادة التي تقود البلاد، كان ذلك شخصا أو قبيلة أو حزبا أو حتى مجموعة أشخاص، المهم من يقود البلاد، لذلك في قضية مواجهة الفساد باليمن يجب أن تكون للإرادة الحاكمة مصلحة حقيقية في مكافحة الفساد.

* مثل؟
- أن تؤدي مكافحة الفساد إلى تقوية الدولة، ولكن إذا كان الأمر هو العكس فنتيجة ذلك أن الفساد سيقوى.

* الدولة أنشأت الهيئة لمكافحة الفساد والقضاء عليه..
- هنا نتكلم عن الإرادة، نرجع ونقول إن الشيطان يكمن في التفاصيل، هناك إرادة معلنة وهناك إرادة فعلية، ويجب التمييز بين الاثنتين، الدولة كإعلان قد أنشأت الهيئة وقانون الهيئة وقانون المناقصات واللجنة العليا للمناقصات وفيما بعد ستنشئ الهيئة العليا للمناقصات، ولكن ما هو السبب الذي ضغط على الحكومة لإنشائها، في رأيي أن الأسباب اقتصادية اجتماعية سياسية، ضغوطات محلية أو خارجية.

* حينها مورست ضغوط خارجية أرغمت الدولة على إنشاء الهيئة..
- بالطبع وهي ضغوط معلنة وليست سرية، ولكن أيضاً الخطاب السياسي كان يتحدث عن مكافحة الفساد، الضغوط الداخلية أيضاً فالضغط الشعبي يطالب الدولة بمكافحة الفساد، فكان نتاج ذلك إنشاء هذه الهيئات المختلفة بما فيها هيئة مكافحة الفساد، هنا أنوه أن القانون قد كلف الهيئة الوطنية العليا لتقود الجهد، وأن تصيغ وتنفذ الإستراتيجية الوطنية وليس إستراتيجية الهيئة فقط، هنا نأتي إلى أهمية المداخل الصحيحة في مكافحة الفساد وكيف تصاغ في هذه الإستراتيجية؟ الهيئة إلى اليوم لم تخرج بعد بهذه الإستراتيجية، وأنا قد أعطيها العذر وأتفهم أن الإستراتيجية ليست مسألة سهلة، إلا إذا كانت مطبوخة وأخذت من الكتب فستكون إستراتيجية نظرية غير قادرة على التطبيق في الواقع، النقطة الثانية برأيي أن هذه الإستراتيجية يجب أن تحظى بدعم ليس فقط مؤسسات الدولة ولكن مؤسسات المجتمع والجمهور، لأن الفساد يحتاج إلى جهد شامل متناسق متفاهم، مدعوم بإرادة ليست فقط معلنة وإنما معلنة ومطبقة، وأشدد على كلمة مطبقة.

* سنة ونصف من عمر الهيئة والناس منتظرون منها ما يؤكد جديتها، لكن لم يحصل ذلك..
- أحببت أن أضع السياسات التي تفسر كثيرا من قضايا الفساد، حتى يكون الكلام في التفاصيل منطقي، بدون وضع هذه الأسس والقضايا الأساسية في طبيعة الفساد وطبيعة مكافحته سيكون الكلام مجرد سرد قصص، وأنا أريد أن أهيكل هذا الكلام ويمكن بعدها الدخول في التفاصيل، أولاً عندما نشأت الهيئة قال كثير من الناس إنها ستضيف عبئا على الموازنة، وأن هناك جهات أخرى كان يمكن أن تكلف بمكافحة الفساد مثل الجهاز المركزي للرقابة والنيابة، سأقول لك هناك دراسات حول هيئات مكافحة الفساد التي أنشئت في مختلف دول العالم وهي بحدود 55 هيئة.. لا تنشأ هذه الهيئات إلا لفشل أدوات الرقابة التي تكلمنا عنها، الهيئات عادة تنشأ بإرادة جديدة لمكافحة الفساد، وإنشاء هيئة جديدة متخصصة لمكافحة الفساد، لأن الجهاز المركزي للرقابة ليست وظيفته الأساسية مكافحة الفساد، ولم يذكر الفساد وإنما يسمونها اختلالات إدارية، وأيضاً طبيعتها مستقلة، وعندما تنشأ هيئة جديدة لمكافحة الفساد متخصصة ومستقلة وهذا شرط من شروط نجاحها، وتكون مدعومة بإرادة سياسية جديدة، ذات نهج جديد هنا تترسخ في المجتمع.


يتبع .... >>>>>

جنوبي بس
07-23-2009, 06:47 PM
* هل تشعرون في الهيئة أن هذه الإرادة تقف خلفكم؟
- إذا قلت نعم فهناك من سيقول نعم، وهناك من سيقول لا، ولكن دعني أفصل، كل الإرادات في البلد تعلن بأنها تدعم الهيئة في وظيفتها، من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء إلى مجلس القضاء الأعلى إلى مختلف دوائر الدولة، ولكن الإعلان يختلف عما هو حاصل في الواقع، مثلاً كثير من القضايا التي تعرضت لها الهيئة تكون قائمة على عقود أبرمتها الدولة وبعضها عقود بعد إنشاء الهيئة وهي عقود فاسدة، أبرمت بعيدا عن الالتزام بمصالح الدولة والالتفات لها، بعد هذه العقود هناك توجيهات وتوقيعات من مستويات عليا لا تؤيد الهيئة وإنما تضعف دورها وتؤيد من يقومون بالإفساد من الدولة، هناك فرق بين الإعلان عن الإرادة وتطبيقها في الواقع، هذا يضع عراقيل وصعوبات شديدة أمام الهيئة.

* ما هي حدود صلاحياتكم في مثل هذه القضايا؟
- هنا نتكلم عن الصعوبات القانونية، تكلمت عن صعوبات إدارية وسياسية، وهناك صعوبات قانونية، وقد قام البنك الدولي بعمل دراسة وهي في الحقيقة جيدة ودقيقة في التناقضات بالقانون وفي المواد بمختلف القوانين التي تضعف دور الهيئة، مثلاً قانون محاكمة كبار مسئولي الدولة، هذا ليس فقط قانون وإنما مادة في الدستور، هذه صعوبة قانونية دستورية وتشريعية، ثانياً: الهيئة ليست جهة قضائية، فهي تحقق وعند انتهاء التحقيق تحيل إلى النيابة وتصبح القضية بيد القضاء، أيضاً ندري بأن الفساد مستشر ليس في جهة واحدة، ولكن في كل السلطات، لقد صعقنا في الفترة القريبة أن هناك من استطاع أن يستصدر حكماً ضد الهيئة خلال ساعات، ولكن الذي آلمني ليس هذا الأمر، فقد توقعنا دعماً صحفياً وإعلامياً، وإنما الذي وجدناه كان تهجما بغير حق على الهيئة، وليس على القانون، ونحن نعلم أن الفساد يملك أموالاً كبيرة، وأحياناً تطغى على أموال الدولة، ويستطيع من له مصالح كبيرة في الدولة أن يجير كثيرا من أدوات المجتمع التي تحظى بالاحترام مثل الإعلام والصحافة، وهنا لا أتهم أحداً بشيء، ولكن فقط أشير إلى أن الفساد أدواته عادة وبالذات عندما يستشري كما هو اليمن تكون أدوات فاعلة وقوية يحكمها الضمير، وعندما ينتشر الفساد في المجتمع فمستوى النزاهة يتدنى.

* وهل تعتقد أن الهيئة كان لها دور في تحجيم الفساد؟
- يؤلمني أن أقول إن هذا الأثر لم يكن كبيراً، والمؤشر على ذلك موجود، هو مستوى اليمن في قوائم الشفافية الدولية للفساد قد تأخر عشر نقاط، من 131 إلى 141 هذا بعد إعلان إنشاء الهيئة من 2007- 2008م، ويعني ذلك أن الهيئة لم تستطع -ولا أقول لم تحاول- لم تستطع أن تحقق المصداقية أمام مؤسسات الدولة، ثم أمام مؤسسات المجتمع المدني، وهذا يؤدي -بطبيعة الحال- إلى عدم الاستجابة إلى ما تقوله الهيئة أو ما تريد أن تنفذه، في حقيقة الأمر في تعاملاتنا مع القضايا خلال العام ونصف العام الماضي لم نجد هذا التجاوب من مؤسسات الدولة المختلفة بما يحقق هذه المصداقية، أقول هناك بعض التجاوب ولكن لم يصل إلى مرحلة تحقيق المصداقية أمام الجمهور، وهذا شرط أساسي لمكافحة الفساد، مثلاً حتى يكون أي موظف في أي جهة يريد أن يتجه للهيئة لكي يفصح عن فساد أو يقدم شكوى، يكون قد آمن بأن شكواه ستأخذ مسلكا جادا، وتأتي بنتائج حقيقية، وهنا المطلوب ليس فقط الإعلان عن تعاون وإنما تعاون مطبق مستشعر، وذو مصداقية، وهذه شروط مهمة، لكي يتغير ما يسمى بذهنية الجمهور والمجتمع، وقضية الفساد في اليمن بالأساس هي قضية ذهنية، أي أن الفاسد قليلاً ما يلام في المجتمع، ويتدنى مستواه المجتمعي، وإنما نرى كثيرا من الفاسدين..

* تقصد أن المسئول الذي لا ينهب ولا يسرق المال العام يطلق عليه مسكين، بينما الفاسد يطلق عليه أحمر عين؟
- طبعاً، ما حبيت أضعها بهذه الصفات، وإنما أضعها بتصنيفها الأكاديمي، وهي كلمة الذهنية، فإن فساد الذهنية هذه مسئولية قادة المجتمع، وقادة المجتمع ليس فقط الدولة، وإنما قادتها المفكرون والأكاديميون والصحفيون والنقابات، لذلك تألمت كثيراً عندما يكتب صحفي مدافعاً عن فاسد.

* هذا لا يعمم على الصحفيين..
- لا أقصد ذلك، ولكن كان لي أمل غير ذلك.

* هل ممكن تتحول الهيئة إلى أداة من أدوات الحاكم لتحقيق مكاسب سياسية؟
- هناك كما قلت 55 هيئة في العالم، منها خمس هيئات ناجحة جداً، وممكن عدد آخر ناجح بشكل متوسط، وأحد أهم الأسباب لفشل هيئات مكافحة الفساد هو استخدام السلطات لها كأدوات من أدوات قمعها، في اليمن أستطيع القول أن هيئتنا لم تستغل إلى الآن حسب علمي في هذا الاتجاه، وإنما لا زالت تريد أن تقوم على أرجل قوية، ولم تتمكن بعد من استكمال أدوات قوتها، هذه الأدوات التي هي تزيد من فاعلية الهيئة، أولاً الدعم السياسي والمجتمعي الكامل، الدعم السياسي يجب أن يأتي من الإرادة السياسية، والدعم المجتمعي يأتي من مصداقية أو استشعار المصداقية لدى المجتمع، هذان الشرطان لم يتحققا بعد، والأدوات التي أتكلم عنها بعد هذه الشروط هي أدوات تحقيق القضية، أداة إعلامية قوية، إقامة جسور التعاون مع جهات الدولة والمجتمع، أعلنا في 9 ديسمبر 2007م بداية تحالف وطني للنزاهة، وقد أعلن عنه ولكن إلى الآن لم يأخذ الأثر الكامل، في نظري أن الهيئة لا زالت تبحث عن خط صحيح تسير فيه.

* هل وجدت هذا الخط؟
- لا ليس بعد بالتأكيد، والبحث عن هذا الخط أمر ليس يسيرا، نعرف أن رأس الهيئة 11 عضواً جاءوا من مختلف المشارب، ويحتاجون إلى وقت لتوحيد إرادتهم ورؤاهم، ويحتاجون إلى الاطمئنان أن المساحة متاحة لهم في العمل، وهناك تفاوت كبير في استغلال المساحة المتاحة، وهناك تفاوت حتى في الرأي بمدى هذه المساحة المتاحة، لكن لن يأتي إلا بعد صياغة إستراتيجية حقيقية، وأؤكد ألا تكون الإستراتيجية وثيقة أكاديمية مثل بقية الاستراتيجيات المكدسة في الأدراج، هناك إستراتيجية للتعليم وللمياه وللطاقة النووية، ولكن جميعها حتى اليوم استراتيجيات وثائق ليس لها أثر في الواقع، قضية مهمة مثل قضية الفساد يجب أن تكون إستراتيجيتها حقيقية.

* فيما يخص تناول بعض قضايا الفساد، ربما الحديث عن أدوار مارسها الصحفيون بدعم الفساد، لم يكن للهيئة دور في توضيح اللبس حول القضايا التي كتبوا عنها؟
- الهيئة مقيدة بالقانون بعدم الإفصاح عن معلومات بأي قضية مفتوحة أمامها، هذا قيد على الهيئة في التعامل مع الصحفيين بخصوص القضايا، أنا أعلم بضعف الهيئة إعلامياً، وهناك أسباب أهمها حتى تكون قويا إعلامياً يجب أن تكون مقنعا، وحتى تكون مقنعا يجب أن تكون لديك مادة مقنعة، أو تصرفات أو إجراءات اقتنع الجمهور بها، ثم تستطيع الهيئة أن تشرحها وتفسرها إعلامياً، ولذلك أعتقد أن الهيئة ستواجه جمهوراً وإعلاماً بصعوبات، حتى تجد الأرض الصلبة التي تقف عليها، تستطيع بها أن تواجه الجمهور والإعلام.
وهنا أتمنى لو يخصص التلفزيون ولو برنامج نصف ساعة أسبوعياً بخصوص قضية مهمة مثل مكافحة الفساد، تحضر فيه الهيئة والبرلمان والصحافة والقضاء والنيابة والوزراء، تفند فيها قضايا الفساد وطرق مكافحتها، أعرف أن الصحافة كتبت كثيراً، وإنما علمي أن الصحافة المكتوبة جمهورها محدود مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى مثل التلفزيون أولا والإذاعة ثانيا، فنحن نحتاج إلى قنوات إعلامية لأن أحد أهم توجهات الهيئة وتوجهات استراتيجيات مكافحة الفساد هو تثقيف المجتمع والجمهور.

* أعددت دراسة سابقة حول هيئات مكافحة الفساد في العالم، على ضوء ذلك وكونك عضو الهيئة في اليمن هل ستنجح الهيئة أم ستفشل؟
- فشل أو نجاح الهيئة يرتبط بتوجهات الدولة بمكافحة الفساد، وتوفر الجهود الكاملة في المجتمع في مكافحة الفساد، وإنما تكون الهيئة جهة فنية إستراتيجية تترجم الإرادة، لذلك الهيئة لوحدها مهما حاولت بدون هذا التعاون والدعم من السلطة والمجتمع لن تحقق نجاحاً، وكما قلت إذا لم تستوف هذه البيئة والتوجه فإن الهيئة لا أقول إنها بالضرورة ستفشل، الهيئة في بعض الدول تحولت إلى أداة قمع وهذا أبعد من الفشل، كلمة فشل وحدها لا تكفي، إنما فاعلية الهيئة لن تتحقق إلا بتوفر هذه الشروط، وقبل دخولي الهيئة في أوائل 2006م عملت ورشة عمل للصحفيين وللنواب وأعضاء مجلس الشورى، شرحت فيها تجارب مختلف الدول، وكثير عندما أتحدث مع الإعلام أذكر «أوتسوانا» وهو مثل قوي يحتاج إلى دراسة، كيف كافحت أوتسوان الفساد، ربما هناك شيء غائب عن هذا الحديث، أن المساءلة في المجتمع لها عدة مستويات، وأن المساءلة النهائية في أي مجتمع هو في أن يقرر الشعب بالانتخابات بأن هذه الجهة أو تلك لم تكن جادة في مكافحة الفساد، المساءلة الشعبية في الانتخابات يجب أن تكون فاعلة، وهنا قضية أخرى لم نصل بعد إليها، فإذا كان النظام أو السلطة ليس لديه خوف من مساءلة المجتمع في الانتخابات فهذا يفقده الحافز الحقيقي في مكافحة الفساد، ويجب أن تكون للسلطة حافز قوي لمكافحة الفساد.

* الأسبوع الماضي قدم عز الدين الأصبحي ورقة عن التوظيف داخل الهيئة بعيداً عن معايير الشفافية وعدم حسم منصب الأمين العام والعلاقة بين الهيئة وأدوات الرقابة الأخرى، ما مدى واقعية أن الهيئة تمارس نوع من الفساد داخلها؟
- قرأت الورقة وأحترم زميلي عز الدين الأصبحي على الشجاعة التي تحلى بها، ولا أستطيع أن أنكر أيا من جوانب القصور التي وردت في الورقة، وهي -إلى حد كبير- صحيحة، وكان قصد زميلي هو مناقشة هذه الورقة داخل الهيئة، والهيئة قد طرحت هذه الورقة للمناقشة في جدولة أعمالها، وأنا أؤيد هذا الطرح.. الهيئة يجب أن تحظى بمصداقية لدى الجمهور قبل أن تقوم بعملها الكبير، يجب أن تكون أولاً عندها الحصانة من هذا الاتهام، أنا مع مناقشة هذه القضايا كلها ومع تصحيحها، وليست فقط قضية التوظيف، وإنما جميع القضايا، إنما الآن الهيئة بصدد مناقشة جادة يومية لقضية الأمين العام، وكيف يختار المتقدمون لهذه الهيئة وهم أكثر من مائة.

* حالياً اليمن تعيش أزمة مالية حادة نظراً لتدني أسعار النفط المورد الرئيسي للموازنة اليمنية، هل ستكون الأزمة حافز للهيئة لتمارس دورها بشكل فاعل؟
- هذا الحافز ليس فقط للهيئة وإنما للدولة، لسلطات الدولة ولصانعي القرار فيها، بأن يتخذوا من قضية مكافحة الفساد قضية إستراتيجية مهمة، لأنه إذا أردنا أن نعوض هذه الخسارة في تدني دخول النفط، فيجب أن نعوضها بالاستثمار وذلك لن يتأتى حتى يستشعر الناس والمجتمع والمستثمرون أن قضية الفساد قد بدأنا في معالجتها، هذا ربما يكون الحافز للسلطة، وعلى السلطة أن تكون ذكية في أن تتخذ من هذا حاسماً، وأن تتجاوز كل الصعوبات التي تمنعها من اتخاذ القرارات الصعبة في هذه القضايا، وأعني بالسلطة كل المستويات من رئاسة الجمهورية إلى رئاسة الوزراء إلى محافظين وبرلمان وشورى، يجب أن يكون هناك شعورا عاما بأن البلد مقبلة على أوقات صعبة، وقد حذرتنا وزارة المالية من تدني التدفقات المالية من الدخل، مما اضطرها إلى تخفيض الموازنات، وهذا الأمر ربما سنشعر به في النصف الثاني من 2009م، وإذا استمر الحال على ما هو عليه إلى 2010 وتدنى مستوى إنتاج النفط أكثر فهذا ينبئ بمسائل خطيرة جداً، وأنا هنا أناشد كل صاحب قرار وكل سياسي في البلاد أن يأخذ الأمر في منتهى الجدية، لأن مصير الشعب اليمني مرتبط بهذا الأمر.

* ما الذي يمنع القيادة في البلاد من تفعيل هذه الهيئة بصورة أكبر؟
- لا أستطيع أن أفسر ما يدور في ذهن القيادة والسلطة، ولكن قضية مكافحة الفساد معقدة ومتشابكة، ربما الأمر يحتاج إلى أن ننشر الوعي في كيفية مكافحة الفساد وآثاره السيئة.

المصدر :[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]