المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منير الماوري : المسجد الحرام في اليمن !!


صوت الجنوب
04-16-2006, 07:46 AM
16/04/2006
منير الماوري : المسجد الحرام في اليمن !!

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

Sunday, April 16-

" التغيير": مع قرب اكتمال بناء جامع الرئيس الصالح في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ستضم الجزيرة العربية أشهر مسجدين في التاريخ يحملان نفس الاسم. الأول هو المسجد الحرام في مكة المكرمة والثاني هو ما يطلق عليه اليمنيون



المسجد الحرام في صنعاء حيث يتجنب أكثرهم استعمال التسمية الرسمية للمسجد ويفضلون التسمية الأكثر دقة لأنهم يعتبرونه مسجدا حراما ليس لضخامته وعظمته ولكن لأنه مبني من أموال حرام.
ربما أن الرئيس علي عبد الله صالح أراد من بناء الجامع تخليد اسمه بعد رحيله وهذا يدفعنا للتفاؤل بأن إضافة كل حجر إلى المسجد تعني الإيذان بقرب رحيل الرئيس الذي يقف عقبة أمام التغيير والإصلاح والتصحيح. ولكن إذا كان اسم المسجد قد غيره الشعب في حياة الرئيس فليس من المستبعد أن يتغير الاسم رسميا بعد رحيل الرئيس الصالح ولنا في تاريخنا الحديث شواهد على ذلك.
لقد أمر الرئيس صالح نفسه بتغيير اسم حديقة 13 يونيو إلى حديقة الثورة وصحيفة 13 يونيو إلى صحيفة 26 سبتمبر ومدينة الحمدي السكنية إلى اسم آخر وربما أنه هو الذي أمر بقلع الأشجار الذي زرعها إبراهيم الحمدي بيديه كي لا تذكره تلك الأشجار بإبراهيم الحمدي، وبما أن التاريخ كثيرا ما يعيد نفسه فليس هناك ما يضمن أن يحافظ العهد المقبل على اسم المسجد باسم الرئيس الصالح، وأن نعود للاحتفال بعيد الشجرة وعيد العصافير بدلا من الاحتفال ب 7 يوليو و17 يوليو أو بعيد الحرب وعيد الجلوس.
أتذكر أني كتبت مقالا عام 1993 تحت عنوان: هل نحن بحاجة إلى مساجد جديدة؟ ردا على انطباعات صحفية كتبها الاستاذ أحمد اسماعيل الأكوع عن زيارة له للمغرب ومشاهداته لمسجد الملك الحسن الثاني وهو مسجد مشابه لجامع الرئيس الصالح، وكان الزميل الأكوع مبهورا بضخامة المسجد وفخامته، لكنه من موقعه كمدير لتحرير صحيفة الثورة في ذلك الوقت رأى أن مقالي قد يسئ للعلاقات المتينة مع الأشقاء المغاربة، فلم يرى ذلك المقال النور. وها أنا اليوم أعود إلى نفس الموضوع ولكن المسجد لم يعد في دولة شقيقة وإنما في بلدنا نفسها التي هو أكثر حاجة من المغرب في للمطالبة بمصانع ومزارع ومشاريع إنتاجية بدلا من التوسع في بناء مساجد لدينا منها ما يكفي ويزيد.
والذي أعاد هذا الموضوع إلى ذاكرتي هو حوار قرأته في منتدى المجلس اليمني الموقع الحواري الذي يجد فيه شباب اليمن متنفسا لطرح أفكارهم بنسبة عالية من الحرية والشفافية وعدم الخوف من جواسيس الأمن الإلكترونيين. وقد نشر الموقع مؤخرا صورا لآخر مراحل بناء مسجد الرئيس الصالح، وتعليقات القراء عليه التي تميزت بحس وطني ناقد يثير الانتباه.
يتساءل أحد المشاركين في منتدى المجلس اليمني على شبكة الإنترنت من أين للرئيس الصالح الأموال اللازمة لإنشاء مؤسسة خيرية باسمه موازنتها السنوية بالملايين، ومن أين له ميزانية بناء مسجد كهذا ؟؟؟ ولماذا يسميه باسمه إذا كانت الأموال ليست أمواله؟! ويضيف آخر إن المسجد مبني على أرض مسلوبة من أملاك آل زهرة وآل شارب وغيرهم، وليست من أملاك علي عبد الله صالح ولا حتى من أملاك الدولة ولا يجوز شرعا بناء مسجد على أرض مغتصبة من مالكيها.
وتدفع الغيرة مشاركا آخر في المنتدى إلى الزعم بأن الصلاة لا تجوز في مسجد إذا كان المصلين يعلمون أنه مبني من أموال حرام 100%، ويقول المشارك إن بعض الأموال تؤخذ بالغصب أو بالإحراج للتجار وغيرهم ليساهموا في بناء مسجد الغرض منه المفاخرة وليس الطاعة والتقرب إلى الله.
ويكشف أحدهم أنه سمع من تاجر صغير عضو في مجلس النواب أن الأخ علي عبد الله صالح اتصل به شخصيا وقال " ليش ما تساهم في مشروع الجامع ما شفناش منك أي مبادرة" وحسب رواية التاجر الذي نحتفظ باسمه قال " احترت لو أعطيه مليون ريال مش بحق اتصاله .. ولو أعطيه مائة مليون مش قادر ادفع هذا المبلغ .. فدفعت له ثلاثين مليون ريال".
نعم ثلاثون مليون ريال من تاجر بسيط فكم دفع كبار التجار بعد ابتزازهم؟ وكم صرف القطاع الخاص لهذا المسجد من مليارات؟ وكم تحملت ميزانية الدولة ؟
كل شيء غامض في المشروع رغم أن المؤسسات الخيرية يفترض أن تكون حساباتها مكشوفة. وبناء المساجد عادة ما يتولاه أهل الخير من أموالهم الخاصة برغبتهم الخاصة وبأسمائهم الخاصة وليس بالفرض والإجبار ولا بأموال تجبى بالابتزاز أو بالتسول من التجار أو بالسرقة من الخزينة العامة.
لقد كان المسجد نذير شؤم على البلاد ليس لأنها فقدت المليارات فقط، وأثار بناؤه اشمئزاز أبناء الشعب الفقير وليس لأن بنائه جاء في وقت تمر فيه بضائقة اقتصادية خانقة بل لأن الوطن فقد أيضا بسبب المسجد شابا من خيرة شبابنا هو المهندس بشير البشيري الذي لم تتحمل نفسيته الشفافة ضغوط الإشراف على مشروع مثير للجدل كهذا، ولم تتحمل روحه المتفانية تقريع الرئيس له وانتقاداته الخشنة على تقصير لم يكن الشاب الفقيد سببا له فقرر الرحيل.
إن أي مشروع نفقد بسببه الأرواح والأموال دون أي مردود اقتصادي لهذا الشعب الفقير لا جدوى منه ولا يمكن اعتباره سوى جريمة من الجرائم الكثيرة التي ترتكب في حق هذا الوطن العظيم والشعب المسكين لبناء مجد مزيف لا داعي له.
ويرى أحد أصحاب الأصوات الحرة في المجلس اليمني أن الحاكم كان في السنوات الماضية يتفاخر بالمنجزات العملاقة مثل " الوحدة المغدورة" و استخراج النفط في مأرب حسب تعبيره " من بير علي إلى جيب علي" وسد مأرب " الذي يعود الفضل في بنائه للشيخ زائد رحمه الله وإبراهيم الحمدي الشهيد الحي في قلوب معظم اليمنيين".
ويضيف هذا المواطن اليمني " سمعت خطابا للأخ الرئيس أو الوالد الرئيس يقول فيه: إن هناك مشاريع عملاقه مثل المساجد والجسور ...الكلام للرئيس. وهوا يقصد المسجد العملاق و جسر او جسرين بناهما الصينيون صدقة لنا.
ويقول هذا المواطن الغاضب " لن أصلي في المسجد حتى أعرف مصدر الأموال التي بني بها، ولن أزور قبر الرئيس داخله لأنه ليس من أولياء الله الصالحين، ولن أصلي فيه طالما صور الرئيس فوق المحراب المواجه للكعبة المشرفة" ثم يختم مشاركته قائلا " أنا لو مني أحوله سكنا للشحاتين النائمين على أرصفة شارع تعز ".
ويرى آخر أن فكرة بناء المسجد جاءت عندما زار الرئيس الصالح البلدان العربية والإسلامية أثناء وفاة بعض ملوكها ورؤسائها .. ووجد مساجد فخمة ورأى أنه لا يوجد مثلها في اليمن واحتار أين سيصلي حكام العرب في وفاته فقرر أن يعمل هذا المشروع حتى لا يقول عنا الجيران أننا دولة متخلفة لا يوجد فيها مساجد كتلك التي في بلدانهم .. والدليل ديكور المسجد .." ثم يأتي صوت آخر قائلا " ليس على القائد الفذ أبو أحمد من ملامة فهو وجد شعبا بعد ‏أن يسلخ جلده‎ ‎ يصيح بالروح بالدم نفديك يا علي ويذكرني ذلك بمن كانوا يصيحون لصدام ‏حسين قبل ويوم احتلال بغداد وفي اليوم الثاني الجميع شاهد أولئك المنافقين ماذا فعلوا ...
ثم يشير نفس المشارك إلى أن " ‏الرئيس انتقد مرة في أحد خطاباته الذين يبنون المساجد‎ ‎وربما أنه نسي تلك المقولة ولم يجد من يذكره ‏بها ومع هذا أقول أن الشعب الذي الذي‎ ‎يخرج لملاحقة موكب الرئيس ويصيح بالروح بالدم نفديك يا علي ‏عليه أن يغير هذه الأسلوب شعارات تنادي بإصلاح الوضع الاقتصادي المتردي الذي يخنق ملايين ‏الفقراء‎ ‎ويجبر الفتيات المحتاجات على الرذيلة التي أصبحت مع الأسف الشديد عيانا بيانا ‎أمام الأعين في ‏الفنادق السياحية التي تملأ المدن اليمنية المترامية الأطراف ..
وختاما لا يسعنا إلا أن نقول لرئيسنا وأولاده " لا نريد منكم حسنات ولا صدقات ولا مؤسسات خيرية بل نريد منكم فقط أن تكفوا عنا وعن أموالنا وأملاكنا وخيراتنا وتكتفوا برواتبكم التي يكفلها لكم الدستور والقانون، ولكم منا كل الود، أو كما يقول المثل اليمني والتعبير الدارج " سلموها وأسلموا".