المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوحدة والإنفصال مفهومان قانونيان


السم السقطري
01-31-2010, 01:40 PM
علي فاضل

لا تزال العصبية القبلية العنصر المسيطر على الذهنية اليمنية التي تأبى التحرر من هذا الموروث.


ابن خلدون الذي فكك هذا الموضوع وحلله على بعديه الإجتماعي والسياسي ركز على هشاشة الدولة وعلى سطحية الروابط التي تجمع بين فئاتها وظرفيتها إذا ما كانت قائمة على الولاء القبلي والعصبية القبلة.


وهاهو اليمن المثال الصارخ في عصرنا الحديث عن القبيلة الحاكمة التي تستمد سلطتها من ولاء القبائل الكبرى لها في عملية "تقايض" واسعة تشمل المال والجاه.


عملية قائمة على توازن حساس وهش إن لم تنقلب فيه الأمور بين عشيه وضحاها . يضل رهينة العصيان وما ينجر عنه من ترغيب وترهيب من ردع وتنازل يتأثر به المجتمع بأسره ليسرى التصدع في كافة المجالات ويصبح فيه الثابت الوحيد هو المتغير.


نظام تغلب عليه العشوائية وتحركه التفاصيل وتنطبق عليه الآية الكريمة "قل كل متربص فتربصوا"


يأبى اليمن أن يضمد جراحه بل ينغمس في جراحات أكبر و أخطر . فحروب الشمال والجنوب سبقتها وتلتها حروب الشمال والشمال وحروب الجنوب والجنوب شمال وجنوب استعصيا على التناغم والانسجام في تجربة وحدوية أجهضت قبل أن تتم .


الوحدة والإنفصال مفهومان قانونيان واضحان ولكل منهما خطواته ومؤسساته إلا أن الانفصال كان في السابق عسيرا ومرا وكثير الدماء لأن المؤسسات التي تعنى بالتحضير له كانت معدومة. فالتشيك وسلوفاكيا على سبيل المثال انفصلتا عبر مؤسسات ولجان طبقة القانون وصنعت الآليات السياسية والقانونية المتيحة لذلك في عمل عقلاني وممنهج.


وبلجيكا التي لا تزال مؤسساتها في أقصى حالات نشاطها لدراسات انفصال الفلامون عن باقي الأراضي البلجيكيه. فالأمر لا يخلو من التوتر والتعقيد إلا أنه يدور في إطار مناظرات عموميه شعارها تطبيق الديمقراطية لا سفك للدماء ولا عصبية قبلية وإنما هي المؤسسات، أما الوحدة فقد كان طعمها في أفواه البعض أمر من الانفصال.


وكما ذكرت في الأعلى عن مؤسسات الانفصال ولجانه وخبراه وقانونيوه فالوحدة يلزمها مجهود مضاعف وآليات قانونية وسياسية واجتماعية دقيقة تتبع خط سير واضح إلا إن الوحدة في اليمن تمت بالجندي والدبابة والتي انتهت بإباحة الأرضي والممتلكات بالقمع والظلم والفساد بينما كان الغائب فيها هو المؤسسات .


فالقانون يميز بين الوحدة والاحتلال والإلحاق أي جعل أرض ما ملحقة بأرض أخرى مثل ما فعل الاتحاد السوفيتي سابقا مع الدول الأقمار .


أنا لا أحرض على الاحتلال أو الإلحاق إلا أنني اشدد على ضرورة تصنيف الوقائع قانونيا وتعريفها من هذا المنطلق .


أين وحدة اليمن من انهيار جدار برلين ووحدة الألمانيتين يد كانت تمسك بالفأس لتحطيم الجدار وأخرى تبني مؤسسات التداخل والوحدة . أحزاب الألمانيتين تشارك على قدم المساواة في العملية الديمقراطية رغم تفوق الغربية اقتصاديا وإداريا مما أدى إلي صعود ميركل إلي رئاسة الوزراء بعد سنوات من العمل الجماعي الدؤوب وذلك بفضل المؤسسات.


أين اليمن من المؤسسات وأين المؤسسات من اليمن ؟


أين سياسة المراحل وإنشاء اللجان العلمية والقانونية وليس اللجان القبلية الصورية. أين مخططات التمثيل البرلماني العادل والدستوري وتوزيع الحقائب الوزارية ؟


أين المؤسسة في بلد تهيمن فيه القبيلة ؟


كيف للشمال أن يتصالح مع الجنوب وهو لم يتصالح مع نفسه أعيان ووضعاً وأسياد وخدام . صنعاني وتعزي ومأربي وعدني وسنحاني وحضرمي، فاقد الشيء لا يعطيه واليمن "السعيد" فاقد للسعادة والانسجام والقانونية.