المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة مفتوحة إلى إخواني في المحافظات الشمالية


صوت الجنوب
05-02-2005, 07:27 AM
رسالة مفتوحة إلى إخواني في المحافظات الشمالية
نقلاًعن الوسط
الكاتب:علي هيثم الغريب
الأربعاء 27 أبريل 2005

حين قرأت مقابلة السيد العلامة الفاضل بدر الدين الحوثي ورد الاستاذين عبد الجبار سعد ونبيل الصوفي في صحيفة »الوسط« الغراء الأعداد (32، 38، 44)

رأيتها مناسبة أن احاور الاستاذين قبل السيد العلامة حول اوضاعنا اليمنية لسبب آخر هو أنه لو طلب نبذ آل البيت الطاهرين اتخذتها السلطة ذريعة للإيقاع بين المعارضة وآل البيت، وضمت بذلك المعارضة إلى جانبها، فيضعف اصحاب الحق ويصبح أمامهم خصمان احدهما بالتربية والآخر بالتبني، وقد لا تعطف السلطة على المعارضة إذا هي اتخذت هذا الموقف غير الوطني، وفي ذلك كله تعطيل لدور المعارضة في سبيل الوصول إلى الوحدة والديمقراطية.

علي هيثم الغريب

وأعتقد أن رد الاستاذين بذلك العمق الصادق إنما كان ذلك بعد (الغاء) التفرقة من عقليهما بين أبناء الشعب اليمني الواحد، وعدم الرد الايجابي على السيد العلامة بدر الدين الحوثي يعد تقصيراً وتهاوناً واضاعة فرص قد لا تعود. ولا ضير عليهما إذا انتهى حوارهما مع الحوثي بالفشل، فهما أديا واجبهما ورفعا بذلك روح الوطنية بين المذاهب. أما الذين ينادون بتحريم الحوار مع آل البيت أو غيرهم، وأن هؤلاء كهنة وجهلاء فهذا هو البلاء بعينه.
ونتقدم للاستاذ الصادق جمال عامر بوافر الشكر على ما أولاه من مواقف صادقة بتبنيه قضايا الوطن الحساسة والمؤلمة.
وإني أريد أن احدثكم عن الحالة في الجهة الجنوبية من الوطن اليمني الواحد بعد أن تحدثتم عن جهته الشمالية وحاورتم السيد الحوثي فيها. وإن أردتم تعبيراً صحيحاً، فإني سأحدثكم عن محنة ما بعد الحرب وعن شيء من اسبابها. نعم يا زملاءنا نحن في مأزق وطني كان يجب أن تعزونا فيه كما عزيتم بكل من فقدناهم في جبال مران بصعدة.. كما يجب أن يسعى كل مثقف صادق في الدفاع عن خير هذا الوطن وشرفه إلى معالجتها بما أوتي من حول وطاقة. وإن واجب اليمنيين كافة ألا ينسوا حق أبناء محافظات الجنوب عليهم، وحق عدن خاصة مأوى الأحرار، وأن يعلم رؤساء تحرير الصحف والكتاب والصحفيون أن الشعوب التي تحرم ثروتها وأراضيها ووظائف أبنائها إنما تسلب حق البقاء داخل وطنها. نعم أيها الزملاء لقد ناضلنا من أجل الاستقلال نضالاً قاسياً وقدمنا شهداء من خيرة رجال الأمة ورفضنا التفاوض مع بريطانياً إلا بعد خروج آخر جندي لها من عدن، ولا تظنوا أن واحداً من رجال ثورة 14 اكتوبر دفع الشعب إلى المطالبة بالاستقلال، إنما الظلم والاستبداد والاستئثار بمال الأمة وعسكرة الحياة الاجتماعية والتمييز بين خلق الله شاهدة 'على أنها هي التي دفعتنا إلى المتاريس، فجاهد اليمنيون وهم يصبون إلى ما تصبوا إليه الشعوب التي تقدر قيمة الحياة بشرف وكرامة..

وأقمنا الحجة أمام العالم على أن »شعب الجنوب« أسمى مما يسمونه فرعاً وأكبر من أن ينفصل عن مساحته الصغرى الشمال الفقير. وهيأنا من أجل الوحدة بين الشمال والجنوب رجالاً من ذوي الكفاءة والنزاهة وأغلبهم من "الذئاب الحمر" (كما كان يطلق عليهم الانجليز) رجالاً سمت أهدافهم فوق ملذات الحكم، وسلموا من أجل إعادة وجه اليمن المشرق أغنى أرض في الشرق الأوسط. كان هدفهم من كل ذلك أن يظهر وطننا اليمن في مظهره اللائق به، ويمهدوا له سبل الوصول إلى المجد والاستقرار والسلام. ولكن ما جرى من خذلان من قبل السلطة عام 94م لأبناء محافظات الجنوب، وخذلان المعارضة في صنعاء لهم اليوم هو خذلان لليمن نفسه. ولست مع قول الزميل محمود ياسين الذي نقله الاستاذ نبيل الصوفي في مقاله آنف الذكر »بطلوا شكوى - يخاطب أحد الجنوبيين (اشتراكي) - كان معاكم بلاد سلمتوها لحمران العيون رجعتم جنبنا تبكو« فمن واجبنا اليوم بدلاً من العتاب وجلد الذات والندم أن نتبنى مشروعاً وطنياً صادقاً، فإن المقهورين وإن افترقوا في سبل المطالبة بحقوقهم، وان اختلفت وسائل الرفض فهم بمجموعهم قوة متعددة الوسائل والاساليب للوصول إلى الحق وجلاله. ومن العيب أن تتركوا أبناء محافظات الجنوب لوحدهم وتنضم المعارضة بمختلف احزابها والسلطة بقبائلها وجنودها لتقسيم الغنيمة، والتهافت على المساومة في حق الوحدة والكرامة. لهذا قلت وأكرر ان على المعارضة الصادقة واجباً استثنائياًَ هو الوقوف إلى جانب أصحاب الحق من أي جهة كانوا وفي أية مطالب أو فكر وجدوا، وفي أية بيئة يعيشون، وما المواقف التي تأتي في وقت المحن إلا لسان الأمة ومقدمة التاريخ. فأصحاب الرأي الصادق هم وكلاء الأمة وعنوان كرامتها ومجدها. ولتفهم المعارضة قبل السلطة أن اعادة أملاك أبناء محافظات الجنوب وبناء دولة للوحدة فوق كل اعتبار، وفوق كل شهوة شخصية او مصلحة ذاتية آنية.. فهم والأسى يملأ قلوبهم يرون أمام أعينهم كيف دفع البعض منهم إلى حرب عوان استخدم فيها أسلحة لا يزاولها معارض شريف أمام صاحب حق مهزوم، نعم لقد ملك الأسى قلوبنا لأني أعلم وكلكم يعلم أن لأرجاء وطن تقوم الوحدة فيه على إيذاء الناس في أملاكهم ووظائفهم وسمعتهم، وعلى افساد الضمائر بترغيب أو تهديد أو سجن وتعذيب ومحاكمات صورية. لذلك كله ونتيجة لمواقفكم هذه قام بعض أبناء محافظات الجنوب بالانفصال عنكم والتوجه نحو الصمت والانتظار - طالما والكل متكالب علينا معارضة وسلطة - وقلنا لعل البعض يؤوبون إلى الحق ويرجعون إلى الوحدة الحقيقية لأنه لا رجاء في السلطة بغير إعادة حقوق وأملاك الناس وسحب القبائل المسلحة من صحاري وأراضي عدن، والترفع عن السلب والنهب والقتل بسلاح تأباه الوطنية والكرامة. وقلنا يجب الصبر لأن في اليمن رجالاً يعرفون كيف يصونون الأمجاد والأوطان ويحرصون على حقوق شعبهم، ففي حمايتها حماية للوحدة وسمعة بلادهم.

نعم يا اخواني لقد صبرنا ورفضنا الباطل ورأيناكم كيف تشاطرون القبائل المسلحة وزر آثامها.. فالأرض قسمت بالكيلو متر وقطاع عام دولة الجنوب السابقة ضم إلى المؤسسة الاقتصادية اليمنية (العسكرية) وطرد المشتغلون من أعمالهم خاصة أولئك الذين لا يرون في هذه الانتهاكات رأي السلطة ولا يقدسون في الوجود أحداً إلا الخالق عز وجل. وكل ذلك كان برداً وسلاماً عليكم. ترون وتسمعون كيف تنهش محافظات الجنوب في أعز ما لديهم في هذا الوجود وهو الأرض والوظيفة والأمان، وأنتم مع ذلك تنحنون أمام الظلم وتغرون السلطة على الاستمرار في مظالمها حتى يأتي المهدي المنتظر كما أتى إلى العراق؟

ورأيناكم كيف تسعون - من خلال الانتخابات- الى أن يكون البرلمان ممثلاُ لتلك القبائل والعسكر لا لكل اليمنيين. وفي أن تكون الأسماء المدرجة في البرلمان منحصرة في حزب واحد رغم ما ظهر منها وما بطن حتى يتمكن من نهب محافظات الجنوب ومن تحقيق رغبته في القرار حراً طليقاً لا رقيب عليه ولا حسيب. هكذا أردتم وهكذا أردات القبائل التي تبوأت مقاعدها في البرلمان، تجلس باسم الانتماء القبلي لا باسم الوطن. وينطقون بما ينطق به اصحاب الفيد لا بما تملي به ضمائرهم ومصلحة الوطن. وأنتم تعلمون أنكم لو خرجتم عن ارادة "أصحاب الثوابت" فقد خرجتم في نظرهم عن الوحدة والديمقراطية. لذا فضلتم "الفرجة" وتفرغتم -فقط- لكشف مظالمكم وما يحدث في سوق الملح وجبال مران بصعدة ونراكم راضين بمعارضتكم هذه، فرحين بما تمن به عليكم هذه المواقف الفذة من قبول وتصفيق ونوع من الأمان، ومستبشرين بصنع معارضة يمنية موحدة..؟! إنه الحلم يا إخوان وليس الأمل، فكيف اقف مع قضاياك المشروعة بكل جوارحي وأنت ترفضني وتعتبر مطالبي مطالب انفصالي - كما تقول السلطة ذلك-؟! ولماذا ترفضون أن نتفق على الفكرة والوسيلة إن كان هناك سعي من قبلكم لتوحيد المعارضة؟! ولماذا لا نقول الآن نحن يئسنا من وعود النظام السياسي ومن مواقفنا السابقة، وأيقنا أنه لا أمل لنا في إصلاح الأوضاع من غير توحيد المعارضة وأنه لا سبيل إلى توجيه الحكومة والبرلمان لخدمة الوطن، بل أن جهودهما موجهة كلها إلى هدم ما قد بني وإيذاء أبناء محافظات الجنوب بأملاكهم وانتم تعلمون ما هي الأملاك. الأملاك ( أرض ووظيفة وأمان) هي آمال أبناء محافظات الجنوب، هي وجوده ومبعث فخره بالوحدة وكبريائه ومرجع تاريخه، هي البقاء لأولاده وأحفاده. فكيف لا تريديني أن أتحدث عن هذه الأملاك؟! وأنتم تعلمون أنه لو أوذي حقك - حتى وأنت تسير في الشارع - فقد أوذي معه حق أولادك وذوي قرباك، لهذا كان اعتداء السلطة على آرائكم وقناعاتكم المكتوبة أخف وطأة وأقل جرحاً من الاعتداء على وظائفنا وأملاكنا وحقوقنا. لهذا أيها الأخوة كانت الوظيفة والأرض والشعور بالأمان بالنسبة لنا أعز من الحياة نفسها وأثمن من أي شعار مهما كانت ملذاته. نعم أيها الأخوة قرأنا لكم واستمعنا لكم ووقفنا معكم وعاهدناكم ووفينا بالعهد، وصبرنا على الظلم والقهر وعلى المكاره. فقتل منا من قتل، وهرب إلى المنفى من هرب، نهبت أراضينا بقوة سلاح القبائل وأنتم تتحدثون عن قانون تنظيم حمل السلاح والتوريث وتقدمون مرافعاتكم القضائية من مئات الصفحات إذا ما تعرض شخص منكم لأي اذى. صبرنا عشر سنوات - منذ حرب 94م - ندفع فيها بالتي هي أحسن، كان يمنعنا الصبر والانتظار وحب الوحدة عن أن ندل على مواقف الضعف والخذلان فيكم حتى صرنا نرى الانتظار استسلاماً والصبر جبناً وحب الوحدة تفريطاً في حق هذا الوطن.

موقع صوت الجنوب

صوت الجنوب
05-02-2005, 07:32 AM
رسالة مفتوحة إلى إخواني في المحافظات الشمالية
نقلاًعن الوسط
الكاتب:علي هيثم الغريب
الأربعاء 27 أبريل 2005
القسم الثاني:
ايها الأخوة الأعزاء إن هناك أموراً ضرورية قلناها لكم في مقالاتنا السابقة ونعيدها اليوم لعل فيها تذكرة وعبرة. رفعنا مقترح اصلاح مسار الوحدة ومعالجة آثار الحرب إلى قيادة الحزب الاشتراكي وأحزاب اللقاء المشترك فشرع الحزب في فحصه وأحزاب اللقاء إلى رفضه والسلطة كانت غاضبة من طرحه. وكان يجب على الحزب الاشتراكي اليمني بصفته زعيماً لقضايا أبناء محافظات الجنوب أن يعلم أن فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح أيام مفاوضات الوحدة بين الشمال والجنوب كان قد اقترح الوحدة الفيدرالية أو الكونفدرالية بدون أي اشتراطات أخرى. وكان يجب على الاشتراكي بصفته شريكاً في الوحدة أن يعرف ان اتفاقية 30 نوفمبر 1989م أعطت للشطرين حقوقاً متساوية بعد إعلان الوحدة. وكان يجب على الاشتراكي أن يفهم أن ما عرضه من حق انفراد القبائل المسلحة بنهب اراضي محافظات الجنوب يتنافى على الأقل مع وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها كل القوى الوطنية اليمنية وربط عضوية الأمانة العامة والمكتب السياسي بموقف العضو من هذه القضايا. وأراد الله أن يقدم هذا الجناح بنفسه دليلاً قاطعاً على ما كان يعمله معنا أيام الحوارات من أجل تحقيق الوحدة. وكشف لنا عن خصلة فيه خطيرة وعرفنا أن في نفسه هدفاً خفياً يدفعه إلى السعي في بناء مجد له على حساب الوحدة وعلى اكتاف أبناء محافظات الجنوب. ولكنا ما كنا نتصور أن في هذا التيار الرافض لإصلاح مسار الوحدة خصلة أخرى استخدم برنامج الاشتراكي لتحقيقها بعد أن رأى أنه قد صار في الحوارات داخله أمام بقائه وجها لوجه. وأيقن أنه لا يمكن رفضها لغير سبب جدي يرتبط بموضوع الوحدة. فماذا عمل؟ حاول اشراك احزاب اللقاء المشترك في المسألة المطروحة داخل الحزب الاشتراكي، أي مسألة إصلاح مسار الوحدة فإذا وصل إلى مشروع يرضي تلك الأحزاب (نتفق معهم عليه ويعلن تيار اصلاح مسار الوحدة داخل الحزب الاشتراكي عن رضاه عنه وتقيده به). وبهذه المناورة يكون هذا التيار قد احتفظ بمركزه المتقدم في هيئات الحزب العليا وخرج من أي احراج ونحن نرفض أن تحل قضايا الوطن الكبرى بهذه الطرق. وسنستمر في الرفض وابداء الرأي والنصح دون عداء ولا خصومة أو جفاء أو الغاء الآخر أو تشويه لسمعته. ونأبى أن نستخدم اقلامنا الطاهرة في طعن المعارضين أو اصحاب السلطة في وطنيتهم أو نسبهم في رأيهم إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولاً. وكما حاورت الاستاذ أنيس حسن يحيى في صحيفة »الأيام« وقلت له أن الاشتراكية العلمية والنضال من اجل تحقيقها في الوقت الحاضر مطلب خارج عن المعقول وعن حد الوعي. وقلت له أن من غير المعقول أن حزباً سياسياً شارك في صنع حدث كبير (إعلان الوحدة بين الشمال والجنوب) وسقط بقوة الدبابة أن يرفض مطالب أبناء محافظات الجنوب. فهذه مسبة كبرى للوحدة وللعدالة وحتى الاشتراكية العلمية؟! فلم يجب عن هذه المسائل. وكان يجب على الاشتراكي ان يقف بامانة أمام هذه المسائل، وهل هي تؤدي إلى تقوية الوحدة أم لا؟! وكان الغرض الحقيقي أن يسعى العائدون لدى هيئات الاشتراكي في الحصول على آراء صادقة يطمئن إليها ابناء محافظات الجنوب بدلاً من الطعن بمواقفهم.

هنا ينعقد لساني وأترك لكم أيها الاخوة الحكم عن مروءة الحزب الاشتراكي، الذي أخرجنا من عدن وأخرجنا من صنعاء، واليوم يتنكر لكل مطالبنا باسم الوحدة شأنه شأن السلطة السياسية. والآن أيها الاخوة الأعزاء وقد وقفتم على شيء من مطالبنا نحو الحزب الاشتراكي ومما يحدث داخله. فهل ترون أن نوافقه على كل افعاله وأن نستسلم للأمر الواقع ونفقد كل شعور بالمسؤولية تحت مبرر أن السلطة تقف إلى جانب التيار الرافض لإصلاح مسار الوحدة؟!

ونحن نقول أن للوحدة علينا حق يجب أن نصونه وان لمحافظات الجنوب كرامة يجب أن نعتز بها، ومن يريد منا عضوية في الأمانة العامة أو المكتب السياسي أو في الحكومة فعليه أولاً أن يتنكر لمطالبنا هذه، وهذا ما يؤسف الجميع.

فحقوقنا الوطنية معروفة، أعلنتها جماعات متتابعة منذ ما بعد الحرب بكل وضوح وجلاء، ولا نرضى أبداً بأن يسود شطر على الشطر الآخر أو تنفي قبائل قبائل أخرى، ولا تزال كلمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ترن في الآذان حين قال لعامله على مصر عمرو بن العاص: »متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحراراً« وكل منا يعلم ان الدسيسة الكبرى التي اقتحمت على أبناء المحافظات الجنوبية عقولهم وقلوبهم وأراضيهم هي تأثرهم بالفكر الاشتراكي العلمي (الذي هو حقيقة ليس علمياً)، وإن كان علمياً فالناس أميين، ووطنياً جهلة. وقد انتهت الاشتراكية العلمية التي قضت علينا، فرأينا بعدها القبائل المسلحة نازلة من القبلة تسعى سعياً حثيثاً إلى نهب أراضينا باسم الوحدة تارة والتكفير تارة أخرى.. وهناك من هو لا يزال يحمل تلك الأفكار الاشتراكية العلمانية لكي يعطي مبرراً لتلك القبائل بالنهب والسلب ويعطي مبرراً للغدر »باجتثاث بقايا الشيوعيين«.

لهذا صار من واجبي بعد الذي جرى أن تعلموا أسباب الخلاف الذي بيننا، واني ليحزنني أن أتكلم في هذا الموضوع. الذي لم يعد استثنائياً - بل أصبح في صلب القضية اليمنية. أمتنعنا عن ذكره سابقاً لأننا كنا نأمل أن نتوجه جميعاً للدفاع عن قوى التحديث حينما كانت، وحماية حقوق من انتهكت كرامتهم وتاريخهم وسلبت اراضيهم ووظائفهم بالقوة المسلحة، لولا أن طفح الكيل ونفذ الصبر وصرنا بحاجة للمصالحة لإزالة العقبات التي اقامتها السلطة في طريق الوحدة وأصحاب الحق..

وإنا إذا كنا قد كسبنا قليلاً من حرية الكتابة والرفض بحكم اتفاقيات الوحدة الأولى والتغيرات الدولية الضاغطة في هذا الجانب، فإننا قد فقدنا كثيراً من حق الحياة والبقاء بعد ان صارت القبائل المسلحة تملأ الأراضي البيضاء والمزارع وتطلق الرصاص على الملاك الأصليين باسم الوحدة، وصارت الكرامة تداس باسم الأغلبية البرلمانية، وبعد أن صار الفاسدون وحدويين وكرام القوم هدفاً للتشويه والطعن بوطنيتهم وبعد أن صارت »وحدة ٧ يوليو« أداة لاحلال الأصل محل الفرع، وأداة لافساد النفوس ووسيلة لإقصاء ذوي الوطنية والشجاعة والعزة، حتى صار كل شيء مهنة للكسب والاثراء ومعاول للهدم والتخريب. وبعد كل هذه الآلام ظهر لنا جناح داخل الحزب الاشتراكي يرفض المصالحة الوطنية ويناور باسمها، يرفض معالجة نتائج حرب 1994م ويقتات من ذكرها.. ويعيش حالة نفسية لا سبيل إلى اصلاحها وهي التي يرجع إليها كل سبب من أسباب ضعف الاشتراكي. وتعلمون جيداً أننا كنا مع وحدة الشعب اليمني على ما تكون أمن صدق وصفاء، واننا من أجل ذلك تركنا عدن موحدة العرب (التي تعم فيها اليوم أساطيل الغرب)، وذهبنا إلى صنعاء مقتنعين بقيادتها لنا، وسلمنا دولة وأرضاً لم تمسها رجل أجنبي إلا انقطعت، ورضينا أن نعود إلى الصف الثاني في القيادة ليس كفرع ولا كأصل، ولكن كيمنيين قال عنا التاريخ أننا العرب العاربة، لا نعرف العصبية ولا البغضاء ولا تحقير الآخرين، ولا أعتقد أن ذلك غاب عن أذهانكم وذكرياتكم، والتاريخ مهما لفق فهو ليس حلاً لقضايانا الحالية التي تطفح بالصديد. وتعلمون أننا عملنا كل ذلك لا مرضاة لأحد في الداخل أ والخارج، بل إرضاء لضمائرنا وخدمة لتاريخنا حتى وإن كتب اليوم باسم »قبائل القبلة« وتعلمون أننا بحكم تاريخنا العظيم ونضالنا المرير لن نسلك غير هذا الطريق.. فدع الضعفاء يتحدثون عن التاريخ كما يشاءون ولكن هيهات أن يطمسوا ثمود وعاد والاحقاف واوسان وحمير.. فالآن نحن نسعى نحو الوحدة بين اليمنيين، لأنه الحلم الذي يراودنا من الأجيال الطويلة.. حلم مشينا إليه بكل صدق وأمانة.. لم نشعر بتضحياتنا من أجل هذا الهدف النبيل الذي يتلألأ مثل نجم على رأس جبال الهملايا. والذي حدث أنه بعد فرحة 22 مايو العظيمة جاءت الحرب وقمنا ذات يوم في عدن على صوت »الزامل« وصوت الجزمات في الشوارع، وعلى أوامر تصدر علينا بصوت جاف. ورأينا التحدي في عيون الرجال المسلحين في حركاتهم وفي كل تعامل معنا، واسمحوا لي إذا قلت لقد رأينا الكره والاحتقار نحو أبناء محافظات الجنوب وكأنهم دخلاء.

موقع صوت الجنوب

صوت الجنوب
05-02-2005, 07:36 AM
رسالة مفتوحة إلى إخواني في المحافظات الشمالية
نقلاًعن الوسط
الكاتب:علي هيثم الغريب
الأربعاء 27 أبريل 2005

القسم الثالث:
فوجدنا أن الحال قد تغير وأسفنا على تضحياتنا وتألمنا من سلوك السلطة معنا مسلكاً لم يدفعنا إلى تحمل مراراته إلا واجب كبير هو واجب الحفاظ على الوحدة. وما زلنا باقين على هذا الحال إلى يوم الدين بإذن الله تعالى.

هذا وأريد أن أذكر لكم الآن - بعيداً عن السرد التاريخي - بعض المسائل الاساسية من مسائل الوحدة اليمنية التي حاول أبناء اليمن في الشمال والجنوب تحقيقها عبر أكثر من الف عام، لكي يتبين لكم ما نجد عنها في الوحدة الحالية من القواعد والضوابط والافعال، وسيتبين لكم من ذلك ما إذا كانت الوحدات السابقة ترشدنا إلى تطبيق اسالبيها في الوحدة الحالية أم لا ؟!

وإذا كانت ترشدنا، فهل ارشادها هذا كان صحيحاً، وإن كان صحيحاً فلماذا فشلت تلك الوحدات التي قامت بالقوة القبلية والعسكرية؟! تلك القبائل التي لا تعترف بالوحدة بين اليمنيين إلا بوجوب سيطرتها على مفاصلها الأمنية والاقتصادية. ولن أتناول في هذا المقال إلا ست مسائل من مسائل الوحدة الاساسية وباختصار شديد: المسألة الأولى: لمن الحكم؟ ألقبيلة من القبائل، أو لشطر من الشطرين، أو للأمة بأسرها؟ والمسألة الثانية : ما هي الحدود الشرعية لتصرف الدولة بأملاك أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية (الأرض والثروة). والمسألة الثالثة: ما هي الديمقراطية التي تعمل مختلف القوى السياسية تحت سقفها، وما هي الوظائف العليا والمتوسطة والدنيا التي يعهد بها لأبناء محافظات الجنوب؟ وما نوع القانون الذي يحرم سلب أملاك ابناء الجنوب من قبل الأكثرية؟! والمسألة الرابعة: ما هي الغاية التي تقدم من اجلها الوحدة؟ ولأي غرض قامت؟ وما هي ثوابتها ومبادئها؟! المسألة الخامسة : كيف تؤلف الدولة إقليميا لتسيير نظام الحكم؟ وهل التقسيمات الإدارية التي سار عليها الإسلام بعد دخوله اليمن صالح اليوم (صنعاء، تعز، عدن وحضرموت) المسألة السادسة: على أي أسس مدنية يجب ان يصاغ الدستور؟ هذه الأسئلة التي طرحناها بعد الحرب ورفضت السلطة أن تحاورنا حولها.

نعم نحن نطالب بهذه المسائل الست، لكي نوضح لكم انتم بالذات حقيقة الأمر معتمدين على وقائع خالية من كل لبس أو هدف غير وحدوي. وبعد أن علمتم بما قاساه رجال ثورة 14 أكتوبر ووجهاء أبناء الجنوب وذووا الرأي من اعتداءات القبائل وانصارهم، وايذائهم بكل أنواع الإيذاء (نهب الأرض، طرد من الوظيفة، تقاعد سياسي) ومن هم أبناء الجنوب: هم الذين ناضلوا من أجل الاستقلال ورفضوا التفاوض مع بريطانيا إلا بعد خروج آخر جندي من أراضيهم، وشاركوا اخوانهم في الشمال في الانتفاضة الشعبية ضد الإمامة وقدموا قوافل من الشهداء، امتدت من صيرة إلى عدن إلى قلعة رازح في حجة، ثم ساروا باتجاه الوحدة وتنازلوا عن القيادة التي يستحقونها بكل جدارة بحكم تاريخهم وأمجادهم، لكن استعملت هذه التضحيات والتنازلات التي لم يسبقه إليها أي شعب عربي لايذائهم وتشويه تاريخهم واطلاق التهم عليهم.

وجاءت القبائل - بعد ٧ يوليو- التي انتشرت في صحاري عدن مثل الجراد والتي لم تشارك بفرد واحد من أفرادها في النضال ضد الاستعمار البريطاني لتقول ان هذه الأرض أرضنا. وتدعي كذباً أنها الأصل وما هؤلاء إلا الفرع.. فعم الفساد اليمن كله وتفشت الرذيلة وسقطت قيم اليمنيين واخلاقهم التي يشهد لهم بها التاريخ »ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون« (سورة الروم).

فماذا جرى بعد دخول القبائل وجيوشها وأمنها عدن؟! حصل تغلغل في كل مرفق ونفس، وشمل كل مظاهر الحياة. فتحطمت قيم الشعب ومعنوياته اشد تحطيم. والشقاق والتوجس تملك نفوس الناس. والوحدة بهذا الاستبداد قد ضعفت على النفوس لكثرة ما اقحم عليها من تحايل وسوء تصرفات. ونضبت الرحمة من القلوب بعد انقسام الجميع إلى مشايخ أغنياء وشعب فقير، فاستشرت القسوة وروح القتل في عدن والظلم على النفوس. والشباب من ابناء محافظات الجنوب إما غادروا الوطن إلى دول الجوار يشترون »الإقامة« بما تبقى لهم من أملاك. نعم إن كل ذلك يعانيه أبناء محافظات الجنوب وينذر ببلاء إن لم يتداركه العقلاء منكم قبل فوات الأوان، وإن غداً لناظره قريب. نعإن من واجبنا أن نتقدم إليكم بهذه الرسالة لنتعاون على إصلاح البين. فإن نجحنا فذاك، وإلا فحسبنا أن نكون قد بلغنا الرسالة.
موقع صوت الجنوب