المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من وراء فشل المنطقة الحرة


شعيفان
01-01-2005, 06:08 PM
مقالة لـ :محمد عبدالغفور الخامري
صحيفة الحقائق الندنية
انقلها هنا مع التحفظ على بعض ماجاء فيها فليس وقت التعليق عليه

من وراء فشل المنطقة الحرة باليمن



قدر لليمنييين أن يكون حظهم في أن من يتسلط على منجزاتهم وأحلامهم وآمالهم وطموحاتهم بل وحضاراتهم هم أحقر الموجودات وأرذلها على الإطلاق كما حصل في سد مأرب حيث سلط الله عليه فأر ليهدمه ويشرد امة بكاملها ويبيد حضارة قائمة سادت ثم بادت بفعل " اشهر فأر في العالم " كما يطلق عليه علماء التاريخ..

الغريب في الأمر أن الأسباب والدوافع لدى الجميع هي نفسها " المصالح الشخصية " والطموح في الثراء الفاحش " الغير مشروع " حتى ولو كان على حساب امة بكاملها وشعب فقير مغلوب على أمره لافرق في ذلك.. فقد كان دافع " فأر سد مأرب " هو البحث عن مصلحته الشخصية في تأمين قوته وقوت عياله وضمان مورد دائم " لغذاء العائلة " وعمل في سبيل هذه الغاية أن يكون له مكان خاص به في جوف السد يقتات منه دون أن يصل إليه احد غيره وأخذت أطماعه تتوسع وجشعه يشتد حتى وصل إلى " أساس " السد ونقبه فانهار عليه وعلى عائلته وأمته وغيرها من الأمم البشرية والحيوانية " وما من دابة في الأرض ولا طائر يـطـيـر بجناحيه إلا أمم أمثالكم " وزوال حضارة بكاملها وتشتتها في جميع أقطار العالم.

وآخر أخبار اليمن الميمون التي ينخر الفساد في مفاصلها حسب مصادر " المعارضة " أن الفساد قد وصل إلى منجزات هامة كانت اليمن تباهي بها دول المنطقة بل وتطمح إلى المنافسة فيها حيث أفشل " الفساد " مشروع المنطقة الحرة في مدينة عدن التي تتميز بخصائص ربانية فريدة تخدم مثل هذا المشروع وغيره من المشاريع الاقتصادية وتجعله الانجح بين المشاريع المشابهة في المنطقة حيث تقع مدينة عدن على مضيق باب المندب وتطل على البحر العربي والبحر الأحمر وهي الخصائص ذاتها التي دفعت بريطانيا العظمى لاحتلالها وجعلها إحدى مستعمراتها المهمة.. ورغم المزايا الفريدة التي تتمتع بها هذه المدينة الجميلة وتجعل منها ام المناطق التجارية بالمنطقة ان لم تكن بالعالم فقد وصلت إليها الأيدي العابثة وأفشلت حلم اليمنيين الذي تغنو به طويلا في أن يكون هناك منطقة حرة تستوعب الكثير منهم وتوظف كوادرهم ويجدون فيها متنفسهم على العالم لكن " على بوابة الجنة حاسد كما يقال "..

ومع هذه الأيدي الخبيثة اضطر مجلس الوزراء التوقيع على إنهاء اتفاقية تشغيل محطة الحاويات والمنطقتين الصناعية والتخزينية مع الشركة المتعهدة بذلك وتعويضها 200 مليون دولار من خزينة الدولة.. إضافة إلى ذلك فإن الرصيد المدين الذي تكبدته اليمن جراء الاتفاقية الكارثة " كما وصفها تقرير سري تم نشره في احد المواقع الالكترونية المعارضة " بلغ 600 مليون دولار وهو مؤشر خطير " حسب المصادر الاقتصادية المتخصصة " حيث ستبلغ الزيادة المتوقعة في الفوائد المتراكمة خلال العشرين سنة القادمة 3.5 مليار دولار وهو مبلغ يزيد عن حجم الميزانية السنوية لليمن بمقدار مليار دولار تقريباً..

اصل الحكاية أن هذه الأيدي قد بدأت في الهبر وتمرير العشوائية ومراعاة المصالح الشخصية فوق مصالح الوطن من أول خطوة في إنشاء المنطقة الحرة بعدن حيث ان الشركة التي تم توقيع الاتفاقية معها لإدارة المنطقة الحرة والتي تم تعويضها مؤخرا والتي أنشئت في جزيرة فيرجن البريطانية في يناير 96م وتمت الاتفاقية معها على تطوير المنطقة الحرة في مارس من نفس العام أي قبل مرور أقل من ثلاثة أشهر على إنشائها ورغم موقفها المالي الضعيف جدا والذي لا يؤهلها للاستمرار في تنفيذ بقية مكونات المشروع إذ أن رأس مالها الذي أنشئت به 50 مليون دولار فقط وحجم المبالغ المطلوبة لتمويل تنفيذ المشروع المتعاقد معها على تنفيذه تزيد تكاليفه عن 500 مليون دولار " حسب تقرير البنك الدولي حينذاك والذي حذر من فشل المشروع - كما يؤكد التقرير- ورفض الدخول في المساعدة لتغطية جزء من التمويل المطلوب له بسبب اعتراضه على الشروط المالية في الاتفاقية وذلك في مذكرة بعث بها إلى الحكومة بتاريخ 5 مارس 1997 ".. بالإضافة إلى أنها لم تكن ضمن الشركات التي تقدمت بعروض لنيل حق الامتياز في تطوير كل من ميناء الحاويات والمنطقة الصناعية والتخزينية " لأنها لم تكن موجودة وتم إنزال المناقصات الخاصة بالمنطقة الحرة قبل إنشائها " لكنها حصلت على الامتياز بموجب تنازل إحدى الشركات اليمنية التي ادعت أنها جزء من الشركة المذكورة وكله عند العرب صابون كما يقال..

ومع كل المبررات التي يسوقها إعلام الحزب الحاكم عن فشل هذا المشروع الضخم وتحميل أطراف معينة في المعارضة مسئولية ذلك فان هذا لا يعفي الحكومة من تحمل مسئوليتها والضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه العبث بمقدرات الأمة سواء كان في الحكم أو المعارضة.. وهي الأسباب التي تدين الحزب الحاكم وحكومته الرشيدة التي لم تستطع إرساء الأمن وتطبيق النظام والقانون ضد هذه الفئة التي تحدثت عنها وحملتها تبعات فشل المنطقة الحرة.. ورغم المغالطات الكبيرة التي يوردها إعلام الحزب الحاكم في أن القيادة السياسية والحكومة قد توصلتا مع شركاء الاستثمار في المنطقة الحرة لشراء جميع الأصول والامتيازات والحقوق لصالح الدولة وبقيمة حقيقية لجميع المكونات الرأسمالية للمشروع وبدون أي نسب أو تكاليف تخص التقديرات التي وضعها المستثمرون لرأس مالهم فإنها تبقى وصمة عار في جبين حكومة الأستاذ عبد القادر باجمال الذي وقع الاتفاقية عندما كان وزيرا للتخطيط ورئيسا للمنطقة الحرة وأنهاها رئيسا للوزراء وبين هذي وتلك حصلت أشياء كثيرة لابد من مراجعتها والوقوف عليها وتصحيحها وإلا صححها الزمن وتصحيحه صعب جدا والتاريخ لا يرحم أحدا .. والذكي من اخذ العبرة من غيره واتعظ به ..