المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدينة كــــــــــــــــريتر (منقول)


southerner
11-04-2006, 10:42 PM
مدينة كريتر عدن





( Crater) تعني فوهة البركان وأطلق عليها هذا الاسم بعد الاحتلال الإنجليزي ، وهذه المدينة عبارة عن شبة جزيرة تبلغ مساحتها حوالي (200 كم 2 ) تمتد كرأس صخري في مياه خليج عدن ، وهي بمثابة بركان خامد مساحة امتداده في مياه خليج عدن حوالي ( 8.5 كم ) ، ويربطها بالبر برزخ رملي يعرف ببرزخ ( خور مكسر) ، وتحيط بوفهة البركان سلسلة جبلية بركانية تكونت خلال الزمن الجيولوجي الثالث مع تكون أخدود البحر الأحمر ، وقد ساهمت في تشكيل تضاريس مدينة عدن وخليجها تلك السلسلة الجبلية المحيطة بها من جهة الشمال والغرب والجنوب الغربي تتفرع من جبل العر عمودها الفقري ، وساعد موقع مدينة كريتر الجغرافي وما وهبتها الطبيعة من مميزات على أن جعل ميناءها أشهر وأهم الموانئ اليمنية منذ القدم ، وهذا الميناء هو الميناء الوحيد الذي تميز بعمقه ، وتحيط به الجبال الأمر الذي سهل للبواخر والمراكب من الرسو بأمان وحجبها من الرياح .

ومن أهمية هذا الميناء أنه كشريان حركة للتجارة العالمية عبر العصور تشكل تاريخ مدينة عدن ، وظلت باستمرار مخطط أطماع الغزاة منذ فجر التاريخ ، وقبل فترة الاحتلال الإنجليزي كانت مدينة عدن القديمة عبارة عن قرية تاريخية متوسطة تحتوي على معالم أثرية ذات بعد هندسي وقيمة اقتصادية وجوانب روحية كالصهاريج والمساجد القديمة والقلاع والأسوار والتحصينات والأنفاق وبقايا المنشآت السكنية العتيقة ، وكل تلك المعالم بصورها المتعددة هي التجسيد الحي للتواصل بين حلقات الحضارة الإنسانية ، وأثناء الاحتلال الإنجليزي عملت السلطات البريطانية على صيانة الأسوار والتحصينات القديمة للمدينة لحمايتها ثم بدأت بتنفيذ تخطيط مدينة كريتر عام 1854م ، وغيرت أغلب الأحياء القديمة استبدلتها بأحياء منظمة جديدة ، ورسفت الشوارع المستقيمة الحديثة والتي تبعد كثيراً عما يجب أن تكون عليه مدينة إسلامية .

وأصبحت كافة شوارع كريتر وأحيائها تندرج ضمن مخطط عام لها يجمع بين الخدمات المتنوعة السكنية والتجارية والصحية والتعليمية والأمنية ، وتطورت عبر المراحل التاريخية حتى صارت على ما هي عليه اليوم.





أهم المواقع التاريخية والأثرية والسياحية في عدن :

1- صهاريج الطويلة ( عَدَن):

تقع صهاريج الطويلة بوادي الطويلة في امتداد خط مائل من الجهة الشمالية الغربية لمدينة عَدَن ( كريتر ) ، وهي واقعة أسفل مصبات هضبة عَدَن المرتفعة حوالي ( 800 قدم ) ، وتأخذ الهضبة شكلاً شبه دائري ويقع المصب عند رأس وادي الطويلة .

وتصل الصهاريج بعضها ببعض بشكل سلسلة ، وهي مشيدة في مضيق يبلغ طوله سبعمائة وخمسون قدماً تقريباً ، ويحيط بها جبل شمسان بشكل دائري باستثناء منفذ يؤدي ويتصل بمدينة كريتر ، تقوم الصهاريج بحجز المياه المنحدرة من الهضبة من خلال شبكات المصارف والسدود والقنوات التي استحدثت بهدف تنقية المياه من الشوائب والأحجار .

وتختلف المصادر التاريخية حول تاريخ بناء الصهاريج ، ولم يجد الدارسون الأثريون أي سند أو نقش يتعلق بتاريخ بنائها ، وأغلب الظن أن بناءها مر بمراحل تاريخية متعددة .



ولعل ما يلفت النظر وجود لوحة مثبتة على جدار بالقرب من صهريج ( كوجلان ) مكتوب عليها ( هذه الخزانات في وادي الطويلة مجهول تاريخها ) .

ويعلق الأستاذ عبد الله أحمد محيرز على ذلك بالقول : " ليس من الضروري البحث عن تاريخ لمثل هذه الصهاريج فوجودها ضروري في أي

زمان ومكان خاصة في مدينة كعَدَن شحت آبارها ، وتعرض أهلها بحكم موقعها لخطر الموت عطشاً إن هي حوصرت لزمن طويل بل لابد أن وجودها لخزن المياه - وتقوم الصهاريج بتلقف المياه وحفظها وخزنها ثم تصريفها لاكتمالها - ؛ وبذلك تكون آلية عمل الصهاريج وفقاً لهذا المفهوم المتعارف عليه كمصطلح بحسب ورودها في كتب المؤرخين ، وكما وصفها الرحالة العرب في مشاهداتهم المدونة في كتبهم والتي صنفت فيما بعد بما يسمى أدب الرحلات وسوف نلقى مزيداً من التفصيل عن ذلك فيما يلي :

- الصهاريج في النقوش القديمة : ورد ذكر الصهاريج في نقش قديم محفوظ بمتحف اللوفر في باريس بالرمز، ( 1H 50-1) 4 ينص على التالي ( قيلزد قد قدمت مسنداً للإله ذات بعدان تكفيراً عن خطيئة ابنتها بتدنيسها صهريج عَدَن) ، لم يحدد في النقش أيا من العدنات اليمنية المقصود ، كما أن الفترة الزمنية التي يتحدث عنها النقش غير مشار إليها في المرجع ـ الكتاب الذي ذكر فيه النقش ـ ، كما يمكن أن يكون تفسير لفظة صهريج لاتحمل الدلالة ذاتها ولا تطابق ما هو وارد أصلاً في لغة النقش القديمة ، حيث هناك تفسير آخر يورد جملة ( بتدنيسها بحر عَدَن) وذلك وفقاً لما ورد في كتاب ( عَدَن بوابة القرن الحادي والعشرين )

(( الصهاريج في كتابات المؤرخين والرحالة الإسلامية قديماً : ))

- عند الهمداني : لم يشر إليها صراحة بلفظة صهاريج حيث ورد في صفة جزيرة العرب ص94 عند الحديث عن عَدَن( بها ذاتها بؤور ) و بؤور تعرف قاموسياً بأنها الحفرة لخزن الشئ .

- عند الرحالة والجغرافي العربي الإسلامي المقدسي صاحب ( أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ) في القرن الرابع الهجري / العاشر ميلادي / والمعاصر للهمداني عند حديثه عن عَدَن يقول في ص 85 ولهم آبار مالحة وحياض عدة ) مما يفسر وجود أحواض تستخدم ، بدائياً كان أو متطوراً قد عاصر البشرية منذ استيطانها المدينة ) .

وبذلك يشترك مع معاصره الهمداني في عدم الإشارة لها صراحة وربما يعود ذلك إلى أن لفظة صهاريج لم تكن متداولة وشائعة في تلك الفترة .

- عند ابن المجاور صاحب كتاب تاريخ المستبصر في بداية القرن السابع الهجري / الثالث عشر ميلادي ، زار ابن المجاور عَدَن ودون في كتابه المشار إليه ص 132 و بقوله : آبار ماؤها بحر عَدَن(... والصهريج عمارة الفرس عند بئر زعفران ، والثاني عمارة بني زريع على طريق الزعفران أيمن الدرب في لحف الجبل الأحمر ... ) .

نستدل مما سبق أن كلمة صهريج - صريحة - وردت أول ما وردت في الكتب والمصادر التاريخية عند ابن المجاور حيث لم ترد صراحة عند من سبقوه بحوالي ثلاثة قرون ( الهمداني والمقدسي ) .

وكلمة ( صهريج ) لفظة مستعربة من اللغة الفارسية كما ورد في معجم ( المنجد في اللغة والأعلام وتعني : حوض الماء ) .

- عند ابن بطوطة : زار عَدَن في حوالي ( 730هـ / 1329م ) ، وأكد وجود الصهاريج حيث أشار في كتابه ( تحفة النظار ) ص 168L وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر ... ) .

5- عند ابن الديبع المؤرخ لعهد الرسوليين والطاهريين ، حيث يورد في كتابه ( الفضل المزيد على بغية المستفيد في أخبار زبيد ) في ص 232:( وامتلأت الصهاريج كلها حتى تفجرت وزاد الماء زيادة عظيمة حتى سال إلى البحر ) وذلك في إشارة إلى حوادث عام ( 916هـ / 1510م ) عندما نزل مطر عظيم شديد في عَدَن.

كما ترد كلمة صهاريج في نفس المصدر ص 290 عند حديثه عن منجزات السلطان عامر بن عبد الوهاب أعظم سلاطين الطاهريين حيث يقول ( مسجد بداخل مدينة عدن وآخر بالمباه بظاهر باب البر منها ، وصهريج عظيم بها لم يسبق إلى مثله ) ، وهذا الصهريج الموجود في المياه والذي يقع خارج نطاق صهاريج الطويلة وقد أشار إليه بليفير الإنجليزي .

ومنذ القرن العاشر هجري لم ترد إلا لماما في كتابات بعض الكتاب الغربيين من برتغاليين وإنجليز .

- ومع احتلال الإنجليزي لعَدَن عام 1839م ، ولغرض تأمين المياه تم إعادة ترميم الصهاريج ، وذلك ابتداء من عام 1856م .

وتعد صهاريج الطويلة مأثرة معمارية هندسية تدل على عظمة ابتكار الإنسان اليمني لاحتياجاته قديماً ، فكما بنى السدود وزرع المدرجات الجبلية بنى – أيضاً - الصهاريج كنظام مائي متطور لبى احتياجات عصره واستمرت حتى اليوم شاهداً حضارياً يستمد منه شعبنا اليمني في العصر الحديث درساً وعبراً للمستقبل .

لنظام صهاريج الطويلة أهداف متعددة مختلفة عن الصهاريج الأخرى الموجودة بالمدينة والتي اقتصر دورها على اعتبارها خزانات لجمع الماء وحفظه حيث يرى الأستاذ عبد الله أحمد محيرز أبرز من كتب عن صهاريج عَدَن ( أما نظام الطويلة فلم يكن به هذا الهدف الجامد )

وهو ( توفير الماء في متناول المستهلك ) ولكنه يعكس : نظام دينمائي وتكنولوجيا بارعة ووجه حضاري فريد وهو وسيلة لتلقف الماء عبر جدران حاجزة ، إما منحوتة بصخور الجبل أو مبنية بالحجارة والقضاض تقوم بثلاث مهمات تلقف الماء ، وحجز الحجارة والطمي الساقط مع الشلالات ، وتوجيه الماء عبر سلسلة من هذه الجدران لتصريفه إلى حيث تكون الحاجة إليه إلى صهاريج المدينة ) .

وقد وصفها الرحالة والأديب اللبناني المعاصر أمين الريحاني قائلاً ( وهذه الخزانات من أجمل الأعمال الهندسية في العالم ) .

ويمكن الحديث عن الصهاريج بعد ترميم الإنجليز في فترة احتلالهم لعَدَن- والذين كانوا يتوقعون نتائج مرضية على المدى البعيد تعيد الصهاريج كما كانت عليه ولكن التغييرات التضاريسية التي طرأت على هضبة عَدَن بفعل عوامل التعرية و بناء حواجز على الهضبة من قبل المهندسين الإنجليز لغرض تصفية الماء من الحجارة والطمى ، فكانت النتيجة أن الماء لم يعد ينهمر إلى وادي الطويلة وفاض في الهضبة التي تعلو الطويلة .





ويرى بعض الدارسين أن صهاريج الطويلة كانت معلقة وأن تراكمات الحجارة والطمى جعل بعضها يندثر تحت الركام بحيث لم يعد يَرى ، والبعض الآخر أجزاء منها باتت مطمورة .

ويرى محيرز أن الدراسة التي قام بها الكابتن بليفير ( PLAYFAIR ) تميزت بالجدية ، وكانت في منتصف القرن التاسع عشر ميلادي ، وقد كان يشغل في تلك الفترة مساعد السياسي المقيم وقد تميز بحسب وصف محيرز عن غيره بثقافة وبعد نظر .

وقد صنف بليفير جدولين هما ( B , A ) وقام بحصر نحو (50 صهريجاً ) في مدينة عَدَن ( وسط مدينة كريتر وأوديتها الطويلة والعيدروس والخساف ، ويبلغ عدد صهاريج الطويلة منها ( 18 صهريجاً ) بحسب ما أورده بليفير بداية من الصهريج رقم (1) في أعلى الوادي والمسمى صهريج ( أبو سلسلة ) وانتهاء بالصهريج الدائري الضخم المسمى تمييزاً صهريج بليفير ( سعته 4 ملايين جالون ) أما كوجلان ( COGHLAN ) السياسي المقيم البريطاني ، فقد ورد في التقرير الذي رفعه إليه كبير المهندسين المشرفين على الترميم بأن عددها في الطويلة وحدها ( 35 صهريجاً ) ، وتضمن التقرير صهريجاً لم يرد عند بليفير ، وأطلق عليه اسم صهريج كوجلان ( الصهريج المربع ) .

- بينما يشير تقرير نورس (NORRIS ) وبنهي ( PENHEY ) بأن عددها في وادي الطويلة ( 17 صهريجاً ) وهما اللذان قاما بوضع خارطة تحدد مواقع الصهاريج بدقة وفقاً لوضعها الموجود إلى الأن ( ونورس وبنهي هما موظفان بريطانيان يتبعان هيئة الأشغال في الخمسينات من القرن العشرين ، وقد قاما بمسح آثاري للصهاريج ) .

وتبلغ السعة الإجمالية للصهاريج حوالي ( 20 مليون جالون ) ، أكبر الصهاريج ســـعة هو صهريج بليفير ( الدائري ) حوالي ( 4 ملايين جالون ) ، وأصغرها سعته حوالي (10 آلاف جالون ) ، ويقع بالقرب من سائلة وادي العيدروس .

أما بالنسبة للصهاريج التي رممت فيبلغ عددها ( 14 صهريجاً ) ، وهناك ( 36 صهريجاً ) لم ترمم وبعضها بات مخرباً ) ناهيك عن الصهاريج المطمورة والتي لم يتم اكتشافها بعد .

وأكبر الصهاريج وأشهرها : صهريج بليفير الدائري ، ويقع خارج وادي الطويلة ، وتصب فيه الصهاريج من (1-10) .

- صهريج كوجلان ( المربع ) ويقع في وسط الوادي ، يملأ الفراغ بين جبلين .

- صهريج أبي قبة ، ولعل القبة أَضيفت خلال فترة حكم العثمانيين .

- صهريج أبي سلسلة رقم (1) ، ويقع في أعلى وادي الطويلة .

- بالقرب من حديقة تسمى حديقة الصهاريج بني متحف عام 1930م ، وهو اليوم مركز للوثائق والصور التاريخية الخاصة بمدينة عَدَن.


لم تعد بطبيعة الحال للصهاريج قيمة نفعية عملية في الوقت الراهن حيث تم توفير مصادر أخرى للمياه بمدينة عَدَن ابتداءً من أواخر القرن الماضي التاسع عشر ميلادي و بداية القرن العشرين حيث باتت عَدَن تصل مياهها من مصادر عدة مثل بئر أحمد وبئر فضل والحسوة والمحطة الكهرو حرارية إضافة إلى الآبار المتفرقة داخل المدينة نفسها ، وبالتالي أصبحت للصهاريج قيمة جمالية أثرية جاذبة للسياح والوافدين والزوار ، ولازالت معظم منشآتها قائمة وبحالة جيدة مبنية بالحجارة السوداء ( البازلت ) ومليسة بالقضاض .