المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجنوب الحضرمي المنهاج الوسطي


أبو محمد
06-02-2012, 05:29 PM
في 2012/6/2 15:40:07 (19 القراء) المكلا أونلاين - خاص [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] ([فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات])
الجنوب الحضرمي المنهاج الوسطي وضرورة التواجد الإعلامي السياسي المرئي والمسموع والمقروء
بقلم : أحمد سالم بلفقيه

تعتبر حضرموت المحافظة وحضرموت الجنوب بمحافظاته الست مضافا لها حضرموت المنهاج المدرسي والثقافة والتاريخ العابرة للحدود بموروثها الحضاري المشع العابر للقارات الذي يتفاعل معه أكثر من نصف مليار مسلم منتسب ومنتمي في جنوب الجزيرة العربية وشرق وجنوب أفريقيا وكذا في جنوب وشرق آسيا مضافا لهم المتواجدين ببقاع العالم المتعددة المنتمين لطريقة مدرسة حضرموت الشافعية وهي الطريقة المتميزة والمختلفة عن بقية شوافع المناطق الأخرى المنتمين لطرق مختلفة ففي اليمن يتبع الشوافع كل من الطرق الصوفية كالبنعلوانية والشاذلية والقادرية والأحمدية وغيرها .
أما مدرسة حضرموت الشافعية فهي مدرسة أتسمت بالتوسط والاعتدال وقبول الآخر والرأي الآخر وكان الفقهاء يقدمون للسائل الجواب على كل المذاهب مرجحين طريقة حضرموت وهو لازال معتمد ليومنا هذا بدار الفتوى بتريم في ردودهم المكتوبة لمؤسساتهم المعتمدة وهو دليلا على القبول بالآخرين من منتسبي مذاهب أهل السنة .
1- لقد تعرضت المدرسة الحضرمية والمنهاج الديني الحضرمي المعتدل لضربات متلاحقة منذ بداية الاستقلال للجنوب وفي مركز إشعاعه ففي العام 1967م أقفلت المدارس الدينية وكل مخرجات التعليم المرتبط بالدين وفي عام الوحدة أسست بالجنوب الحضرمي المعاهد العلمية المدعومة من قبل الدولة اليمنية وضخت ميزانية كبيرة من المال العام حتى صار بكل مدن حضرموت مدارس عديدة من التعليم الابتدائي حتى الثانوي تسمى معاهد علمية دينية منافسة ومتخذة الطابع الديني للمدارس الحكومية ذات المنهج المدرسي الرسمي ومن ثم وبعد عام الحرب على الجنوب وهزيمة الجنوب الحضرمي أسست كليات القرآن في كل من المكلا وسيئون وهي فروع لجامعة الأيمان التابعة للشيخ الزنداني وتوسعت المدارس العلمية وكثر عددها ومن الغريب أن يكون بمحافظة حضرموت كليتين للقرآن تابعة لجامعة الأيمان واحدة بالوادي وأخرى بالساحل الحضرمي وقد كان التركيز على حضرموت المحافظة لشعور اليمني بضرورة أضعاف مدرسة حضرموت الدينية وضخ الدعاة المرتبطين بالنهج الحنبلي(الوهابي)حتى تم لهم الغلبة وتم الاكتساح على حساب المدرسة الحضرمية التي سمح لها بفتح مدارسها التقليدية لتعليم منهاجها الوسطي الذي به ساد الحضارم في مهاجرهم لانتمائهم لهذه المدرسة الدينية(فالدين المعاملة)وقد ساد الحضارم وقبلوهم نخبة وعوام في المهجر لمعاملتهم المرتبطة بثقافتهم وموروثهم الحضاري الذي يتجسد من خلال تعليمهم الديني المنتسب لمدرسة(قفلة أدب خير من بهار علم) حتى صار الحضارم عمالا مطلوبين وقادة ثقات يتقدمون الصفوف في مراحل البناء والثورة بمناطق مهاجرهم فلم يعلن بالصحف كمطلوبين للعمل النوعي والعام إلا للحضارم كونهم اشتهروا بالأمانة .
2- أن هذه المدرسة المحدودة الإمكانيات المالية النابتة من جوف الصحراء الفقيرة فصار لا كبير في نظر منتسبيها عظيمة الإمكانيات العلمية واللا محدودة والتي لا تخضع للدعم الحكومي فلم يسمح لها إلا لتكون ضمن المماحكات السياسية لمرحلة اليمننة وبعد اكتساح عسكر المحتل اليمني لجنوبنا أعطيت هامشا محدودا(مسموح به)وقد أقبل على هذه المدرسة طلاب العلم الديني من بقاع العالم للدراسة والاغتراف من منهل دين التوسط والاعتدال حتى صارت قبلة لكثير من المسلمين من شرق وجنوب آسيا وكذا من جنوب وسواحل إفريقيا الشرقية وصارت قبلة للمسيحيين الذين يدخلون الإسلام ويفضلون أن ينتسبوا لمدارس وطرق الصوفية حيث أن علم اللاهوت المسيحي وتسامحه يكون في أقرب صوره للطرق الدينية السنية ومنها طريقة حضرموت المتميزة عن بقية المدارس ومن أئمة هذه المدرسة الحضرمية الأمام عبدالله الحداد التريمي الحضرمي ويتصف بأنه الصوفي الذي لا يؤخذ عليه شيء(المقصود من البدع)وهو المشهور بصاحب الأذكار وله من الأذكار المسمى(راتب الحداد وهو يقرونه العامة والخاصة بين المغرب والعشاء)وقد ترجمت كتبه إلي كثير من اللغات الأجنبية وقد توفى قبل ثلاثمائة تقريبا.
3- أن عالمية مدرسة حضرموت الجنوبية لها من السمعة والتأثير الشيء الكبير ولكن لم يكن له وضرورة الواقع المعاش والظرف الراهن الذي يعيشه الجنوب الحضرمي من اختلال لتوازنه فهو يعيش حالة احتلال من قبل حكومة المحتل اليمني بصنعاء وبالتالي فقد انعكست ظروف الاحتلال على الواقع المعاش للمنهج المدرسي الذي يعيشه الجنوب فمثل هذه الصروح العلمية والمدرسية وفروعها المتعددة بجنوبنا المحتل(الرباط أو دار المصطفى)تارة يمنع وتغلق أذاعتها المحلية التي تغطي جزء من مدينة تريم فأمثال تلك المنارات العلمية تبدع وتقدم الكثير في ظل الظروف المتوازنة والهامش المفتوح ولن يكون ذلك لها في ظل محتل متخلف يدين بمذهب مختلف ويخاف صراعه المنهجي والمدرسي مع حضرموت الثقافة والحضارة التي إلي اليوم لم تطور مدارسه إلي أكاديميات علمية حديثة ولتحقيق ذلك لن يتم إلا بمساعدة رسمية وطنية .
4- أن الصراع الثقافي والحضاري مع المحتل اليمني متعدد الأوجه ومن ضمنه الصراع المدرسي والمنهج للجنوب الحضرمي فمن يمنع إذاعة تغطى جزء من مدينة صغيرة فمن باب أولى سيمنع عنهم لو أرادوا قناة أو قنوات تلفزيونية تغطي بقاع العالم ومن يمنع صحف جنوبية محدودة الانتشار فمن الطبيعي أن يمنع صحف منهجية تعيش حالة من الصراع الثقافي والحضاري مع اليمني المحتل .
5- لقد آن الأوان للجنوب ولشعب الجنوب أن تكون له قناته التلفزيونية الخاصة به والمناصرة لقضاياه العارضة لنوعيات الصراع الثقافي والحضاري مع المحتل اليمني شاملا كل مناحي الصراع ومن ضمنه الصراع المدرسي والمنهجي الذي يفتخر به كل الجنوب وشعبه فبه تم قبولنا لدى شعوب المعمورة وبه سدنا ومن لا ينتمي لهذا الموروث لا يحق له الافتخار(فمن لم يكن جزء وأمتدادا ومتفاعلا مع هذا الموروث)الذي به ومن خلال تهذيبه نواكب العالم وبتطويره نحقق القفزات النوعية لنستبق العصر مستمدين قوتنا من ماضينا ومستلهمين من موروثنا المشع .
6- لقد شنت علينا حربا ظالمة منهجية وثقافية كانت بداياتها تشكيل الجبهات التحررية بالجنوب بعد العام 1963م ومن ثم توالت النكسات أولها بعد الاستقلال الممنوح في 1967م في العام 1969م ومن ثم الضربة الثانية في 1978م وتلاه الضربة الثالثة في يناير 1986م ومن ثم كمين الوحدة في العام 1990م الذي دخلناه قبل أن نتأهل كمجتمع مؤسسي خرجنا من نهج اشتراكي يقوم على التخطيط المركزي والملكية العامة إلي مجتمع متوازن له قاعدته المكتملة من كل القطاعات سواء كانت مهنية خاضعة لعوامل السوق فلم تكن لدينا من القطاعات التجارية كالمستوردين والجملة والمفرق وكذا قطاعات المقاولات والإنشاءات وكذا قطاعات الصناعة وغيرها لذا فمنذ بداية الوحدة تم اكتساحنا وصرنا سوقا لهم وضربت قطاعاتنا وأهمها القطاع البشري وتم تحويلنا إلي قطاع بشري هامشي .
7- لقد تم لليمني النصر المؤزر بمساعدة كوادرنا الجاهلة بعوامل وقواعد السوق المفتوح وفق قياسات العرض والطلب حيث لم يعطى لشعب الجنوب الوقت الكافي والحماية اللازمة ليستطيع الوقوف على قدميه حتى لا يضيع لعدم قدرته على المنافسة ثم توجت بحرب لاكتساح الجنوب في العام 1994م وهزيمته النكراء وكانت بالنسبة لشعب الجنوب الحضرمي فترة طويلة تعرض لها من الضربات والنكسات المتوالية من اليمني أثرت على سرعة استعادة توازنه فقد ظل وقتا طويلا حتى بدأ يستعيد نضاله وكفاحه لاستعادة ذاته ونفسه مع انعدام وفقدان أدوات صراعه الحضارية منذ الستينات لمساعدة للانتصار لذاته الحضرمية والجنوبية ومنها الأجهزة الإعلامية المطبوعة والمسموعة والمرئية .
8- أن عدم وجود أدوات أدارة الصراع المنهجي كان من العوائق الأساسية في مثل هذا الصراع خاصة وأننا في نهاية القرن العشرين أو في بداية القرن الواحد والعشرين ومنها صحافتنا وإذاعاتنا وتلفزتنا وبدونها سنعاني الكثير ففي دول تواجد مهاجرينا صرنا نحقق المنجزات والقفزات وداخل أرضنا نعيش حالة من الصراع مع المحتل فكيف لو كان القلب النابض لمنهاجنا ومشروعنا الثقافي والحضاري منجز ويعيش الحالة الطبيعية فحتما لحقق الجنوب الحضرمي بالخارج قفزات نوعية ملبية للحاجة العالمية لمشروعنا الحضاري الحامل لرسالة حضرموت العالمية الكابحة للتطرف والملجمة للإرهاب المحلي والإقليمي والدولي فعندما تستعيد حضرموت المنهج المدرسي عافيتها ودورها العالمي سينعكس ذلك على الصومال وكل أفريقيا والعالم .
9- على النخبة الحضرمية ومنها السياسية بكافة ألوان طيفها الحاملة لثقافتنا ونهجنا الحضاري العالمي النابع من عالمية الرسالة الحضرمية أن يكونوا قدر المسئولية في تعدد أوجه الضغط لخلق قناة حضرمية نابعة وحاملة لمشروع دولتنا الحضرمية الجنوبية لتكون امتداد لموروثنا العابر للقارات والمتعدد الأوجه والصيغ ومن ضمنها نهجنا الديني والمدرسي الوسطي المقبول لدى العالم والمطلوب مجبرين عليه كأفضل بديل سيء لشعوب العالم الغير منتمي لديننا الإسلامي ومنها العالم المسيحي .
ومن الله التوفيق .
بقلم :
أحمد سالم بلفقيه