المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يطفئون شعلة مصافي عدن .. على طريق بيعها


أبو محمد
07-05-2012, 11:33 AM
يطفئون شعلة مصافي عدن .. على طريق بيعها
=====

عدن - مشعل الخبجي

انطفأت شعلة مصافي عدن، الشعلة التي لم تتوقف لثوان منذ تأسيسها في عهد الاحتلال البريطاني من قبل شركة الزيت البريطانية المحدودة (bp) في الأعوام 1952م - 1954م وبدأت بتشغيلها ...في يوليو 1954 بطاقة تكريرية تصل إلى 150 ألف برميل في اليوم ثم آلت ملكية هذه المصفاة بجميع منافعها وملحقاتها للدولة اليمنية في مايو 1977، توقفت ولم يلفت توقفها اهتمام أحد. على أن استمرار توقفها بضعة أشهر دون أن تعود للعمل حتى اللحظه أمر ليس بالهيِّن.
وتأتي أهمية الشعلة الضخمة الناتجة والأدخنة المتصاعدة عن أعمال تكرير النفط المستمرة والتي تشاهد بالعين من مناطق مختلفة في عدن، من كونها عصبا حيويا للحياة فضلا عن كونها رمزية وطنية بالغة الأهمية، وكما يحب كثيرون تسميتها "شعلة الحياة" لأهميتها البالغة كإحدى ركائز اقتصاد البلد في حال ظلت مشتعلة.
بينما يعني توقفها كارثة وشيكة تطال بدايتها 4000 موظف وعامل يعمل معظمهم في المصافي منذ عقود، وصولا لضرب ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد التي تقوم عليها حياة العباد والبلاد عموما.
شعلة المصافي لها قيمتها، فانطفاؤها يعني توقف المصافي العريقة عن العمل تماما وبداية شلل تام لنواحي الحياة والاقتصاد لولا المكرمة السعودية في تزويد البلد بالنفط؛ لكن حتى تلك المكرمة ربما لن تجد لها حتى وعاء لتخزينها وإدارتها وإعادة تنظيم توزيعها كمورد أساسي ومهم لتسيير الحياة في البلد.
فضلا عن بداية أزمة حقيقية تحيط بأربعة آلاف موظف وموظفة وأسرهم جراء شلل تام يحدق بالمصفاة حتى في حال استمرار المكرمة السعودية لحكومة الوفاق وإيجاد وسائل بديلة لتوفير الوقود بمختلف أنواعه والذي يغذي جميع نواحي الحياة.
خلال اليومين الماضيين برزت دعوات حثيثة لعودة الإضراب احتجاجا على انطفاء الشعلة الشهيرة والمهمة للغاية رافقها نقاشات كثيرة ومهمة بين أوساط عمال وموظفي المصافي.
ورغم أن عملهم بات يقتصر على تسيير الأمور والمعاملات الإدارية بعد توقف المصفاة عن العمل منذ بضعة أشهر إلا أن كثيرا منهم (موظفي المصفاة) وأعضاء وقيادات في النقابة العمالية بالمصفاة شعروا بخطورة المنحى الذي يتم التخطيط له ويراد للمصفاة ان تذهب فيه.
وكانت مصادر مطلعة كشفت لـ"الشارع"، أمس، أن المصفاة العريقة في طريقها للتوقف التام خلال الأيام أو الاسابيع القادمة أو "يراد لها أن تتوقف بشكل نهائي"، حسب ما أفادت به المصادر.
وأشارت تلك المصادر إلى وجود أياد خفية وراء توقف المصفاة وتوقف عمليه تكرير النفط الخام بذريعة عدم توفر الامكانيات لعملية التكرير بهدف تعطيل المصفاة والدفع بالأمور نحو خصخصتها أو تقاسمها، حسب توضيح المصدر.
وعملية تكرير النفط هي تحويل النفط الخام الى بترول وديزل وغيرها من المشتقات النفطية، ويمر النفط الخام بعدد من المراحل والطرق لتنقيته وكل مرحله تنتج أحد أنواع المشتقات النفطية ابتداء بالبترول ومرورا بالديزل والزيت المستخدم في المحركات المختلفة وصولا لمادة أسفلت، الأمر الذي توقف تماما ولم تعد مصفاة عدن تقوم بأعمال تكرير النفط الخام بكل اشكالها.
إذ تكتفي الدولة حاليا بالاستفادة من المصفاة ومنشآتها لتخزين كميات البترول الجاهزة التي يتم استقدامها من المملكة العربية السعودية ثم إعادة توزيعها لمحطات الوقود في الأسواق والمنشآت والمصانع العامة أو الخاصة.
وكشفت مصادر لـ"الشارع" أن المصفاة المتوقفة عن العمل منذ بضعة أشهر جراء تخريب متعمد يتعرض له أنبوب للنفط يمتد من مدينة الشيخ عثمان الى مدينة البريقة حيث تقع المصفاة لأكثر من خمس مرات خلال الخمسة الاشهر الاخيرة.
وأكد المصدر أن أعمال التخريب لها صلة بمخطط قوى وجهات نافذة مرتبطة بالحكومة الحالية تهدف لتعطيل المصفاة تماما ضمن سيناريو ينتهي بخصخصة المصفاة لصالح قوى وجهات قال المصدر إنه سيتم الكشف عنها قريبا وفي الوقت المناسب.
وأشارت المصادر إلى أن التخريب الذي يتعرض له الانبوب ينفذ في المكان الواقع أمام مدينة النماء السكنية الواقعة ضمن مديرية المنصورة.
ولا تتوقف المخاوف من وجود مخطط مستقبلي قريب لتعطيل المصفاة فقط.
ففي الوقت الحالي وحسب مصادر عاملة في المصفاة فإن التوقف يهدد بتدمير آلة المصفاة جراء توقفها التام عن العمل منذ ما يقارب 7 أشهر، وهو نفس الأمر الذي يحصل في حال عودة العمل إذ أن تشغيلها بعد توقف طويل قد يؤدي إلى أعطاب كبيرة وخروجها عن الجاهزية.
واستغربت مصادر إدارية في المصفاة عدم قيام وزير النفط بزيارة المنشأة رغم تواجده رفقة رئيس الحكومة (باسندوة) في عدن قبل أيام ورغم علم الوزير أن المصفاة العريقة تحتضر، ومن المتوقع أن يصيبها شلل تام خلال ايام قادمة.
في الوقت الذي يتهم فيه موظفون وعمال إدارة المصفاة بالإهمال في أداء المسؤوليات المناطة بها فضلا عن شكاوى عدة من النقابات العمالية بالمصفاة تتهم إدارة المصفاة بأعمال فساد واسعة حسب ما أوضحوه لـ"الشارع".
وكان عمال وموظفون في المصفاة نفذوا سلسلة من الاحتجاجات والإضراب عن العمل خلال الاشهر والاسابيع الماضية للمطالبة بحقوق وظيفية يقولون إن إدارة المصفاة والوزارة تتعمد إهمالها تجاه موظفي النفط في عدن دون سواها.
ولفت مصدر موثوق إلى قضايا فساد مالي برزت مؤخرا في المصفاة وخلال فترة الإدارة الحالية.
وأوضح المصدر أن من بين قضايا الفساد الأخيرة التي برزت في المصفاة هناك قضايا تنظر فيها محكمة الأموال العامة ومتهم فيها كبار موظفي ومحاسبي المصفاة وتتعلق بشراء مساحات كبيرة من الاراضي باسم المصفاة تحت حجج بناء مشاريع سكنية لموظفي وعمال المصفاة.
وكشف المصدر أن الأرض التي تبلغ مساحتها نحو 300 فدان في منطقة "بير فضل" تم شراؤها بعملية مشبوهة من أحد المشايخ رغم عدم وجود أي اوراق ثبوتية تؤكد ملكية البائع للأرض التي تم شراؤها من قبل المصفاة بما يزيد عن عشرين مليونا، حسب الأرقام التي تم كشفها حتى الآن فقط، هذا من غير أرقام أخرى متوقع ظهورها مستقبلا.
يذكر أن عملية شراء الارض من قبل إدارة المصفاة تأتي في وقت توجد فيه مساحات شاسعة من الاراضي مملوكة لشركة المصافي منذ سنوات طويلة وتم اعتمادها رسميا كأراض مخصصة لبناء وحدات سكنية خاصة بعمال وموظفي المصفاة وهو المشروع الذي يعرف باسم "مدينة الصالح" والواقع في مدينة البريقة.
وتعاني مصفاة عدن العريقة التي تأسست قبل عقود طويلة واستمرت في العمل دون أن تتوقف للحظة إلى ما قبل سنوات كانت تتوقف لجوانب فنية وتعاود العمل خلال فترات وجيزة لا تتجاوز الساعات من تراجع كبير في عملها من كافة النواحي لدرجة يكاد أن يطيح تماما بالمصفاة التاريخية وأهميتها الكبيرة، يقول موظفون وقيادات نقابية ومسؤولون مطلعون إنه تراجع متعمد ضمن مخطط كبير يستهدف المصفاة للاستيلاء عليها، أو في إطار الاستحواذ على مكاسب قد تنتج عن تقويض شركة المصافي لصالح جهات وشخصيات نافذة في إطار تقاسم مخطط له حسب مصادر مطلعة.
بدورهم قام الموظفون الذين أفنوا جل حياتهم في العمل بالمصفاة يتحدثون بنفس الاتجاه.
ويضيف أحد قدامى الموظفين الإداريين السابقين بالمصفاة بالقول: "الحديث عن وجود مخطط تآمري يحاك ضد المصفاة يعود لأسباب كثيرة وواضحة للجميع يأتي على رأسها تعمد إحلال قيادات فاسدة لا توجد لديها كفاءات أو خبرات كافية على الرغم من وجود أكبر الخبرات كانت لدى المصفاة".
وقد ذكر على سبيل المثال احمد حسين الجفري، الذي قال إنه تولى إدارة الشركة لسنوات طويلة ويمتلك خبرات واسعة اكتسبها في العمل منذ عقود طويلة في المصفاة، فضلا عن نزاهته التي يشهد لها جميع من عاصره حسب حديث الموظف، الذي قال إن الجفري كغيره من الكفاءات الكثيرة تم الاستغناء عنه قبل ما يناهز عشر سنوات عمدا لصالح قوى النهب، حسب قوله. وأشار إلى أنه يعمل اليوم خبير لدى إحدى كبريات شركات البترول في دولة الكويت.
وأضاف أن الإطاحة برئيس الشركة السابق (فتحي سالم) قبل تولي نجيب العوج إدارة المصفاة حاليا كان نتيجة لمحاولة فتحي سالم التصدي لبعض كبار النافذين الذين يسخرون موارد البلد لصالح أعمالهم التجارية الخاصة وكانوا يسعون لخصخصة المصفاة، مشيرا خلال حديثه لمعلومات كشفت "الشارع" عنها خلال فترات سابقة ضمن سلسلة من التحقيقات حول فساد ضخم يستهلك موارد شركة المصافي ويرتبط بمسؤولين حكوميين كبار ورجال أعمال نافذين، موضحا أن إدارة فتحي سالم رفعت تقريرا كشفت فيه عن الجهات والشخصيات النافذة التي تمارس أكبر أنواع النهب وتسخر موارد وثروات البلد لصالح أعمال تجارية خاصة بينهم وزراء وقيادات عسكرية كبيرة ورجال أعمال نافذون

يمتلكون قوافل سفن خاصة ويمارسون نفس الاعمال حتى يومنا هذا حسب توضيحه.
ويقول موظفون وعمال ينفذون أعمال احتجاج منذ أشهر عدة وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى إن تراجع المصفاة وتوقفها التام تقف وراءه أياد خفية تنهب ثروات البلد وموارده وتخطط اليوم للاستيلاء على الشركة العريقة بشكل أو آخر.
الجدير ذكره أن ما يقارب 50 شركة ومؤسسة ناجحة كانت قائمة في الجنوب تم تدميرها بشكل نهائي بعد حرب صيف 94م ما بين الاستيلاء المباشر عليها وأصولها من قبل مسؤولين نافذين وقيادات عسكرية وقبلية أو من عن طريق خصخصة وهمية كغطاء للاستحواذ عليها.

المصدر –صحيفة الشارع