المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القضاء على الارهاب في اليمن من خلال تجفيف منابعه :بقلم الناشطه نضال مقبل


aboharb
09-09-2012, 06:42 AM
القضاء على الارهاب في اليمن من خلال تجفيف منابعه
بقلم الناشطه - نضال مقبل
yaatc- نييورك خاص


في لقاء حديث أجرته معه قناة البي بي إس حول فيلمه الوثائقي الأخير "القاعدة في اليمن" أكد الصحفي و المنتج الاسكتلندي جيمي دوران أنه "ليس بمقدور الولايات المتحدة الأمريكية ولا الجيش اليمني القضاء على القاعدة." لا شك في أن وجهة نظر دوران لم تصدم الكثيرين ممن يوافقونه الرأي بغض النظرعن إختلاف أسباب ومبررات هذا الرأي. ففي حين أن دوران يشدد على ضرورة إشراك القبائل في الحرب على القاعدة كشرط للإنتصار‘ يرى آخرون و منهم أنا أنه لا يمكن تحقيق أي إنتصارعلى تنظيم القاعدة في اليمن بدون القضاء على المحركان الأيديولوجي والمادي له. فإلى يومنا هذا تعتمد خطط محاربة القاعدة على الجانب العسكري فقط متجاهلة تماما جذور المشكلة والمتمثلة في الجهات التي تقف وراء ظهور و تنامي ما يسمى بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

لقد ترعرعت القاعدة في شمال اليمن بالتحديد ووجدت هناك أرضية ايديولوجية خصبة وفرها رجال دين متطرفين يطلق عليهم "علماء" و مدارس و معاهد دينية تحث مناهجها على الجهاد والعنف وتحريض الشباب للذهاب الى افغانستان من اجل الجهاد بدعم من نظام الجمهورية العربية اليمنية ودول اقليمية اخرى . وعند انتهاء المهمة في افغانستان بسقوط النظام الموالي لموسكو استمر نظام صنعاء يقدم الدعم لهذه الجماعات لمواجهة نظام جمهورية اليمن الديمقراطية من خلال التحريض والتكفير وقتل كل ما له صله بالجنوب حيث أن عبارة (اذا اتيتموني بلينين سأواجهكم بمحمد ) هي عبارة شهيرة قالها الرئيس المخلوع لوفد من اعضاء الجبهه الوطنية الموالي للجنوب حينها وهو ما يوضح جلياً ان نظام الجمهورية العربية اليمنية وعلماء المال هم من دعم ويدعم الافكار الجهادية المتطرفة. أضف إلى ذلك أن المدارس الدينية هي نفسها كما كانت في الثمانينات مازالت تحظى بنفس الدعم والرعاية من النظام الذي مازال موجوداً حتى الان وان تغيرت الوجوه. حيث زاد الدعم لهذه الجماعات الارهابية بعد مشاركتهم بقوة في حرب احتلال الجنوب في 94 حيث تم فتح جامعة الايمان الذي تولى رئاستها عبدالمجيد الزنداني والمطلوب على قائمة الإرهابيين لدى الولايات المتحدة منذ 2004. و رغم علاقاته المؤكدة بإرهابيي القاعدة فقد حظي الزنداني مسبقا بحماية نظام الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح و ها هو الآن يحظى بنفس الدعم و الحماية من نظام صنعاء الجديد الذي صرفت وزارة ماليته في الشهر الماضي ملايين الدولارات كدعم لجامعته و التي شبهها كثيرون بمصنع لتفريخ الإرهابيين. الى جانب جامعة الايمان كان هناك معهد دماج السلفي الذي شكل نقطة إنطلاق للمدارس السلفية المتأثرة بالفكر الوهابي المتطرف كمعهد (معبر) مول هذه المؤسسات الوهابية اللواء علي محسن الأحمر و شريكه الشيخ الزنداني وجمعيات خيرية ورجال اعمال وساسة من دول الخليج شمل نشاط هده الجماعات خروج الدعاة السلفيين الى مختلف مناطق اليمن لنشر الفكر السلفي. ومن خلال استعراض اسماء الارهابيين ابتداء من بن لادن حتى اصغر انتحاري نكتشف انهم كلهم خريجي المدرسة الوهابية السلفية. وفي عام 2008 وبعد تصاعد الاجتجات الجنوبية تم تأسيس معهد الفيوش بالقرب من العاصمة عدن لتنفيذ المخطط المرسوم في امداد تنظيم القاعدة بدماء جنوبية لتنفيذ ما رأيناه في ابين وشبوه خلال العامين المنصرمين.
إجتمع الفكر و المال و العتاد في هذه المعادلة القاعدية التي صارت حديث العالم أجمع. إن الحديث عن إستخدام صالح لورقة القاعدة في التعامل مع أزماته السياسية لا يعكس إلا نصف الحقيقة لإن نصفها الآخر يكشف عن الشخصيات الأخرى التي كانت محاطة به و متحالفة معه في لعبته لكنها الآن تقف موقف المعادي له. جميعهم لعبوا نفس اللعبة فزرعوا هذه الجماعة الإرهابية في الجنوب لتحقيق مآربهم السياسية و الإقتصادية المتمثلة في إحكام القبضة السياسية و الجغرافية على الجنوب وعلى ثرواته الهائلة و إجهاض أي محاولة جنوبية لفك الإرتباط عن الشمال. و من المؤكد أن الجنوب كان و لا يزال نقطة الإلتقاء الوحيدة التي تجمع هذه الجهات المتصارعة في نظام صنعاء لذلك فإن كل جهة منها تقدم دعما ماديا للقاعدة و تلعب اللعبة نفسها و لكن بطريقتها الخاصة حتى تكسب معركة السلطة و تضمن نصيبها من الكعكة الجنوبية.
ولإن مكة أدرى بشعابها فإن اللاعبين بورقة الإرهاب نشروا غسيل بعضهم البعض بعدما صار أصدقاء الأمس أعداء اليوم. ففي 17 إبريل على سبيل المثال, صدر مقال على المو قع الإخباري للمؤتمر الشعبي العام تحت عنوان "قاعدة علي عبدالله صالح في جامعة الإيمان والفرقة الأولى مدرع." و إتهم المقال صراحة الشيخ الزنداني و قائد الفرقة الأولى مدرع اللواء علي محسن الأحمر بتبني و دعم القاعدة. جاء ذلك ردا على إتهامات مشابهة طالت الرئيس المخلوع على خلفية تصاعد نشاطات القاعدة في محافظة أبين. ومن جهة أخرى و في نفس اليوم الذي وقع فيه التفجير الإنتحاري في ميدان السبعين الشهر الماضي, أطل علينا موقع يمن برس المحسوب على اللواء الأحمر بمقال فوري كان عنوانه "إعلام صالح كان مستعدا لتصوير الحادث الإرهابي في ميدان السبعين." حيث إستغرب المقال وجود إعلام صالح في موقع الحادث و كيف أنه صور المشهد "من عدة زوايا وبوضوح عالي" مما يؤكد "وجود علم مسبق لدى وسائل الإعلام تلك حول حدوث شيء ما في بروفات اليوم." و مثل هذه الإتهامات كانت من نصيب و سائل إعلام اللواء الأحمر نفسها بعد التفجير الإنتحاري الذي إستهدف حياة قائد المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء سالم قطن الأسبوع الماضي. حيث علق موقع سهيل برس التابع لصالح على حادث الإغتيال بمقال صدر في 20 يونيو تحت عنوان "إعلام المنشق . . . تنظيم القاعدة و ضرب الودع" إتهم فيه الموقع "المنشق" علي محسن و حلفائه الإصلاحيين من أولاد الأحمر بالوقوف وراء العملية. و أشار المقال إلى أن موقع "أنصار الثورة" المحسوب على اللواء الأحمر تنبأ حديثا بحدوث جريمة إرهابية بهذا الحجم مؤكدا أن إعلام "المنشق" و "الاخوان" حافل بحالات "ضرب ودع" كهذه لإن "هذه الواقعة لم تكن الأولى من نوعها حيث سبق و تنبأت مواقع تابعة للتجمع اليمني للإصلاح (الذراع السياسي للاخوان المسلمين) بجريمة تفجير مسجد الرئاسة و عملية ميدان السبعين التي تحدث عنها صحفي مقرب من المنشق الأحمر في صفحته على إحدى شبكات التواصل الإجتماعي قبل وقوعها بساعات فقط" في إشارة على ما يبدو من كاتب المقال إلى الصحفي منير الماوري.
.
ومع ذلك فمن المريب أن يتجاهل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته كل هذه الإتهامات المتبادلة و الخطيرة بين الأقطاب المتصارعة في صنعاء و كأن الشيء لا يعنيهما. و أمام قوة و نفوذ هذه الأطراف يبدو أن الرئيس هادي قد قرر أن يخفي ضعفه خلف ستار محاربة الإرهاب و أن يستعرض عضلاته في مواجهات عسكرية مع مليشيات القاعدة تنتهي بالإعلان عن إنتصارات مزعومة حققها الرئيس هادي و جيشه. فهل إنتهت القاعدة بمقتل بعض من أفرادها؟ هل يقاس الإنتصار على القاعدة بالإعلان عن مقتل العشرات أو حتى المئات من أعضائها؟ مع أن كثيرين لا زالوا يشككون في الأعداد و الأسماء المعلنة (و الغير معلنة أحيانا) لقتلى القاعدة من قبل الإعلام الحكومي. لذلك يجب على الرئيس هادي أن يتخلى عن هوس المعركة العسكرية مع القاعدة و يبدأ معركة حقيقية داخل دهاليز نظامه السياسي و هذه المعركة تحتم عليه الدخول في مواجهة شجاعة مع أطراف عدة تسقط على إثرها كل الأقنعة و يظهر للجميع المحرك الحقيقي لدمى القاعدة في اليمن.
إن العمليات العسكرية التي يقودها الجيش اليمني ضد القاعدة في الجنوب هي في حقيقة الأمر حرب وقودها الإنسان الجنوبي. و قد نجحت فعلا الأقطاب المتصارعة في الشمال في نقل المعركة من صنعاء إلى الجنوب تحت ذريعة القاعدة. فما يحترق هناك من هول المعارك هي الأرض و الموارد الجنوبية ومن يُقتل هناك هم الآلاف من أبناء الجنوب المدنيين و العسكريين وحتى سلسلة الإغتيالات التي ينفذها تنظيم القاعدة دائما ما تستهدف قيادات عسكرية و أمنية جنوبية كان آخرها القائد الجنوبي اللواء سالم قطن الذي أغتيل قبل بضعة أيام . إذن فخلف الأبواب المغلقة هناك صالح و من معه وهناك على الجانب الآخر علي محسن و حميد و الزنداني و من معهم. و على الأرض نجد عصابات إرهابية تأتمر بأمر الطرفين المتناحرين. و بين حابل هذا و نابل ذاك تبقى القاعدة في اليمن كالشجرة التي لا يمكن التخلص منها بمجرد قطع أغصانها من الأعلى بل الأمر يتطلب حتما إقتلاعها من جذورها وهذا هو بيت القصيد.
بقلم نضال مقبل
ناشطه جنوبية
نييويورك