المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معركتنا المقدسة ( بقلم عبده النقيب )


روابي الجنوب
02-14-2013, 12:03 PM
معركتنا المقدسة

بقلم:عبده النقيب

[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]

حان الوقت لخوض المعركة الكبرى والمصيرية في تاريخ الجنوب والتي ستتحدد ملامح المستقبل الجنوبي كله، فلنحمل السلاح بكل ما أوتينا من قوة كي ندافع عن مصيرنا ووجودنا ولتتشابك الايدي ولترتص الصفوف خلف مشروع الوطن المهدد في كيانه وتاريخه وقد بدأ النزال.
عند القراءة في سيرة المعارك التاريخية الكبرى ومخططاتها تتكشف لنا عدد من الحلقات والأهداف المرسومة لأي منها، فلن تكون المعركة مجرد تحشيد قوات وهجوم لهزيمة العدو بل لابد ان تكون هناك مراحل عديدة منها تكتيكية وأخرى استراتيجية. فعند غزو أي بلد من قبل جيوش أخرى لابد ان اهداف بعيدة قد وضعت بدقة تستهدف على المدى البعيد عادة كيان هذا البلد والشعب وثقافته في غالب الأحوال لضمان استمرار السيطرة، كما فعل الاحتلال الفرنسي في المغرب العربي وفعل الاحتلال الأمريكي للعراق ويعد الاحتلال القبلي اليمني للجنوب أسوأ الأنواع التي عرفها التاريخ على الإطلاق على مدى قرنين على الأقل والذي يماثل في المقاصد والأهداف الاستعمار الأوربي لموطن الهنود الحمر "أمريكا الشمالية" والاحتلال البريطاني لأستراليا وجنوب افريقيا والأمثلة كثيرة.
هذه النماذج السيئة لم تقتصر على عزو البلد واستعباد أهله ونهب ثرواته بل تتعداه إلى إبادة الشعب بمختلف الطرق عبر القتل والتشريد يصاحب ذلك محو كامل لكل ما يمكن ان يشكل أساس للمقاومة والحفاظ على الذات ممثلة بالتاريخ والوعي الوطني والتراث والكرامة وكل مقومات الهوية الوطنية المستقلة.
يحضرني هنا حديث دار بيني وبين صديق إيرلندي قبل عشر سنوات جمعتنا فعاليات ولقاءات حينها كنا ضمن حملة مناهضة الحرب على العراق التي كانت تقرع طبولها من قبل أمريكا وبريطانيا قبل 2003م وحينها نشأ في بريطانيا ضمن هذه الحملة تحالف ضم المجلس الإسلامي في بريطانيا والتحالف الاشتراكي فكان صديقي الإيرلندي من ضمن المعارضين لهذا التحالف لأنهم مؤمنين بالفصل الكامل للدين عن السياسية في دولة علمانية كبريطانيا. حاولت إقناع صديقي الإيرلندي بان المسالة تكتيكية وانه في السياسة يجوز ان تفعل هكذا طالما وأن المصالح التقت في مواجهة عدو واحد. رفض فكرتي بالطبع مع تعبيره عن احترامه لي كمسلم .. فسألته هل ترفض لأنك مسيحي! فرد بكل وضوح ان المسألة ليست دينية .. واستأذنته في سؤالي هل تؤمن بالإله. فرد بالإيجاب. واضفت له سؤال آخر: وماذا يعني الرب بالنسبة لك؟ فقال إلهي هو الإيرلندي!! فطلبت منه قليلا من التوضيح حتى لا تلتبس على الأمور. فقال: ان مقدسي في حياتي هي إيرلندا. ابحث عن الإيرلندي لاقف إلى جانبه ولو كلفني حياتي لأنه أيرلندي ...!
تنهدت عميقا عندما تذكرت كيف أدخل شعب الجنوب هذا التيه عبر بوابة نزعه وطنيته. وهي المرحلة الأخطر في غزوات الأئمة اليمنيين الذين تم دحرهم في عدد من المعارك التي هزموا فيها. هزموا عسكريا وفطنوا انهم مهزومين طالما ظل الجنوبي متمسك بهويته ووطنية.
ظلت مطامع الآئمة موجودة ومخططهم اطل علينا بكل وضوح عبر بوابة الرفاق الأمميين الذين بذلوا كل جهودهم طوال عقدين ونيف ليس من اجل تنمية البلد ورفع مستوى الوعي الوطني بل في تزوير التاريخ وإضعاف الانتماء الوطني اللذان اديا إلى نزع الغيرة الوطنية وفقدان الرؤية لدى قطاع شعبي واسع وخاصة بين المثقفين المنتمين لدائرة السلطة. أي حب للوطن واي كرامة وكبرياء لديك أيها الإيرلندي الصديق رغم أنك في بلد الديمقراطية العريقة والقانون الإنساني الراسخ. البلد التي اعطتني كل حقوقي كإنسان وكمسلم مجرد أن وطأت قدماي مطار هيثرو ورغم أني لا أخفي تعصبي لجنوبيتي ولم يسألوني ما إذا كنت أحد أقارب او أبناء الذئاب الحمر الذين لهم ثأر مع الإمبراطورية العجوز. وأي جريمة نكراء تلك التي فعلها الاشتراكي في تجريده رفاقي من الإحساس بالغيرة على الوطن والكرامة في بلد تداس فيها كل المقدسات وتنتهك فيها كل الحرمات.
هنا أدركت لماذا تم العمل المكثف في معركة طويلة دامت أربعة عقود لإقصاء الوطنيين الجنوبيين ومحو الثقافة الوطنية عبر التزوير والتشويه بشتى السبل وهو ما قاد دون أدني شك إلى هذه الوهدة السحيقة. فالاحتلال العسكري يمكن دحره بيسر وسهولة عندما تتوفر الغيرة الوطنية والانتماء الوطني اللذان يؤسسان لوحدة الصف الوطني المسلح بالعقيدة الوطنية. ويصعب تحقيق أي من هذا عندما يصبح المجتمع ممزق بوحدته ومشوه في وعيه يبدأ في تقبل الذل رويدا رويدا حت تستوطن وعيه وجوارحه ثقافة الاستعباد فيتسلح بكرامة العبيد الذين يستبسلون في الموت من اجل أسيادهم فقط.
بدأت معركة مقاومة الاحتلال عبر الانتفاضة الشعبية العارمة العفوية كرد فعل على الممارسات الإنسانية المتوحشة لجحافل الاحتلال اليمني ضد كل ما هو جنوبي مما أيقض الوعي الوطني الجنوبي الكامن او المتجمد الذي تطلب كل هذا العنف والتمييز والاضطهاد والنار حتى يثار ويشتعل. وفي خضم كل هذا نجد ان هناك من تم مسخه وفعلت به العقود الأربعة من التزوير والمسخ شيئا ربما لم يعد قابل للترميم والترقيع وهو ما نراه في مجموعة المتمسكين بشيء اسمه جنوب اليمن دون حجج تاريخية او منطق يدعم نضالهم من اجل استقلال الجنوب.
مازالت المعركة على أشدها ولكني وبكل ثقة أرى أن الكفة قد رجحت بشكل حاسم لصالح أنصار الهوية التاريخية والوطنية للجنوب العربي وهم شعب الجنوب ما عدى القلة. فقد تراجع الكثيرين من ممسوخي الهوية وحاملي الوعي المزيف أمام ضربات الأبطال من فرسان الجنوب العربي الذين يصولون ويجولون ودورهم يكبر ويزداد تعاظما مقابل اندحار المواليين لمشروع يمننة الجنوب الذي يعمل البعض من اجله دون وعي. حينما كان مجرد أن ينطق شخص ما بكلمة الجنوب العربي حتى يرمى بأقذع التهم. وتأتي حيثيات الجريمة بان ذلك مرتبط بمشروع استعماري قد دفن وأن المشروع يستهدف المقدسات التاريخية للوحدة اليمنية التي لم نجن منها سوى الويل والثبور
ومازالت المعركة مستمرة ولم يستسلم مشروع مسخ الهوية الجنوبية وتذويب شعب الجنوب الذي مازال يسير ويتلون تارة عبر خلط الأوراق في اثارة نزعات ضيقة تلبس الباطل بالحق يقف خلفها حزب الإصلاح والاحتلال اليمني عبر استحضار جرائم النظام الشمولي السابق كمبرر للثأر من شعب الجنوب الذي هو نفسه ضحية لذلك للمخطط اليمني في الجنوب وتارة أخرى عبر تقديم المبررات الواهية التي تدعي باننا سنطالب بشيء كان موجود وهي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وكأننا أمام لعبة الكلمات المتقاطعة التي تتطلب نفس الأحرف حتى يتم حلها.
ذوي المشروعين ممن يخلطون الأوراق وممن يسوقون المبررات الواهية عربتان في القاطرة المتجهة لباب اليمن. المجموعة الأولى نواتها مربطة بمصالح شخصية تتبع حزب الإصلاح ومطابخ المؤسسة القبلية اليمنية تلعب بورقة النعرة الضيقة فتجر معها عدد من الذي يتعاملون برد فعل عفوي او ممن فعلا يتقاطعون مع الهوية الجنوبية المستقلة ولا يجرؤون على البوح بذلك أما الفئة الثانية وهم من بقايا النظام الشمولي المشمولين بالثقافة اللاوطنية وممن لازال حلم السلطة يداعب جفونهم وأحاسيسهم ولا نلومهم فملذات السلطة تدعو للتضحية من اجلها ولو تم افناء شعب بأكمله بل نلوم من لا يعي ذلك ولا يألو جهدا للبحث عن الاستقلال والكرامة المفقودتين في مراتع باب اليمن.
هلموا يافرسان الجنوب للكفاح المسلح والتحقوا بكتائب أنور سلطان وأحمد بلفقيه وعبدالله السياري وشعيفان الحدي ومحمد علي شائف وغيرهم فاقلامهم والله اقوى من كل انواع الصواريخ والطيران اليمني انهم يصنعون الوحدة الوطنية لشعب الجنوب. ووالله ماسمعت قط عن شعب مشكوك في هويته انتصر في معركته من اجل البقاء ولنا أسوة في الشعوب الصغيرة التي تعرضت لمحاولات المحو والتذويب من قبل الدول العظمى كشعوب البلطيق والبلقان والأكراد فكان النصر المؤزر لنضال تلك القوميات والشعوب الصغيرة حصيلة لمبدأ اعتبار الهوية الوطنية مقدس لا يقبل المساومة.
كاتب جنوبي عربي مقيم في بريطانيا
قيادي في تاج