المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على العقل أن يتقدم العاطفة قبل أن نندم


tsunami algnoub
09-10-2007, 11:38 AM
على العقل أن يتقدم العاطفة قبل أن نندم ( بقلم المهندس:علي نعمان المصفري )



لندن " عدن برس " :8 – 9 – 2007
كبقية تلاميذ ألمدرسه وفي ألسنه الأولى من عمر التنوير والمعرفة سمعت مذياع صنعاء يردد بصوت جهوري بيان ألثوره الأول وسألت أبي حينه أيش الخبر؟؟ ظل يشرح لي عن كل شنئ فهمت إن هناك في دوله الجوار شنئ جميل يحدث ...وتعاقبت السنين وأصبحت يوما منفيا في مدينه تعز وأنا لازلت بين حكاية والدي وما شاهدته على الأرض ووقفت لأكثر من مره أسأل نفسي بعدما غادرت تعز وقبل انقلاب 5 نوفمبر 1967 وقبل استقلال الجنوب.

كيف المصير؟
إحداث تلاحقت وتداخلت بين انقلاب5 نوفمبرو30 نوفمبر1967 وحرب أهليه سبقته بين رفاق السلاح في الجبهة ألقوميه وجبهة التحرير سرعان تستولي الجبهة القوميه على مقاليد الأمور وتذوب بقيه فصائل العمل الوطني وتتزاحم الإحداث بين بعثه الأمم المتحدة ولجنه تصفيه الاستعمار ومؤتمر جنيف وتتوالى الإحداث ولم نقف فيها عند حد.
ثوره أكتوبر صاغت عناوين لم يفلح منها إلا الجوار أما الجنوب ظل هدف لمشروع وحشي, أي خلاصه عصير الجنوب الكفاحية تشربت في أجندات الجوار ، وظل أبناء الجنوب يلاحقون وهما لا لهم علاقة أو صله به سوى انجرارهم على نحو مرير ، كانوا أول الضحايا وظل هذا الوهم يلازمهم بصورة سراب نرجسي تلذذت به عناصر الجوار وامتصت من أمعاء أبناء الجنوب مكنوناته ، غذيت فكريا وعقائديا أبناء الجوار وثمل الجنوبيون وغرقوا في وحل بحيرة دموع عواطفهم التي أضحت إنما بحيرة ماسية.
من السجايا الحميدة التي تميز الجنوبيون أنهم يتعاملوا مع كل قادم إلى الجنوب مواطن درجه أولى ، وعيب الحديث عن تلك الظواهر لان محدثها ضد القضية الوطنية برمتها ، وابن القادم جنوبا هو الذي يعاني ويربط حزامه وسط بطنه تارة من معاناة الوطن وأخرى كي يكون رافدا لما بقى من الأهل تحت مسميات التضحية من اجل العمق الاستراتيجي حسب مفهوم قدسية القضية الوطنية ، وظل هذا الوهم سيد الموقف وموجه
رأسا نحو ما رفع من شعار( لنناضل من اجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية ، ) أما ابن الجنوب القادم إليهم لا يمنح حتى بطاقة ، وان كان محظوظا كتب عليها "جنوبي مقيم" .
سجن الجنوب في قانون صيانة الوطن وجمدت التنمية في الجنوب وظل الهاجس نحو العمق وصارت الدودة الشريطية تأكل وتكبر على حساب ما اختزنه حصان طروادة.
وصار الجنوبي إما مهاجر ومسجون أو شهيد بل وتوزعت التسميات بين يمين رجعي ويساري متطرف ، وكثرت التسميات وذيلت في أخرها بين مشاقر الزمرة وشوارب الطغمة ، وأخيرا انفصالي وكلها تفصيلات صنعها الغير ونفذت ويا للمأساة جنوبيا بأدوات واليات لا تمت بحقيقة هوية الجنوب ولا بصدق روح أهله.
عندما نجح مشروعهم بفعل جهل العواطف لنخب الارجوازات المعلقه على جداريه الفكر المجهول الذي لم يكن إلا من صنائع طابور خامس لا يزال هو الثوري الوحدوي والضحية انفصاليين.
هم من سكب الدم على صارية الوحدة والجنوبيون من صار مرتدا بما فيهم من يسمونهم في الجنوب رهائن لدى نظام صنعاء.


فاق الجنوب عن بكرة أبيه ولم يجد إلا أعداءه يتقاسمونه على مائدة مستديرة ، فالقبيلة ظلت بافتراس تنتظر هذه اللحظات ، واعتبرت كل ودائع الحركة الوطنية فيدا وسرعان أن تم الاصطفاف والهجوم المضاد الشرس على الثورة ، وبدل إن تكون هذه الثورة تغيير أصبحت تجير لكل ما له علاقة بالحرية والديمقراطية والتحرر والوحدة ، وكل ما هو جديد في العالم صار ثوابت في جوف وهم لسراب يبعدهم كل يوم عن الشعب ويجعلهم يغادرون يوميا نحو السقوط..
عند هذا المنعطف كان لابد من أن تبدأ حوارات الضمير لتترجل عن نمور الورق ولتعش واقع الفعل والزمن الحقيقي الذي يجب أن يكون بعد إن طمست الكرامة ونهبت خزائن الحرية والكرامة ليصعد ابن الجنوب وهو يدري ويعي الآن أكثر من ذي قبل إن المؤمن لا يلدغ من جحره مرتين.


من 30 نوفمبر 1967 وحتى سبتمبر 2007 صار تفاعل حقيقي بين كيمياء الضمير والكرامة والعزة والحرية حتى خلص إلى نتيجة إن الأوطان لم ولن تكن أوطان إلا برجالها ، ولكون الجنوب شعب حي والعبرة في هزائم كل العصور التي ألحقها بالمحتلين وأخرها هزيمة إمبراطوريه التاج البريطاني , تظل على الدوام صمام أمان وعقيدة تتجلى معالمها في كل منعطف يتطلب إن يكون الكل في قلب الحدث ، ولذا فان تقديم العقل عن العاطفة كان سبب رئيس في إن يصل شعبنا في الجنوب هذه الأيام إلى نضج نموذجي ندر في تاريخه الحديث أن يشهده.


وما أشبه الليلة بالبارحة عندما يسجن شعب الجنوب بوهم قانون صيانة الوطن الذي صار اليوم قانون حماية الثوابت وفي التاريخ عبر ودروس.
وبقت كل نضالات الحركة الوطنية في الجنوب لدى القوى المتنفذه عبارة عن سحابه صيف تنقشع ، وأصبحت الوحدة مصدر قوه للقبيلة ومرتع غزير بما تحتويه الأرض من كنوز عززت القبيلة فيه نفوذها وشكلت اصطفافها المذهبي والسلطوي وفقا لطبيعة مصالحها وعملت على تطوير تكنولوجيا خاصة للقبيلة في اليمن ندر إن وصلت إليه القبيلة حتى في بلدان سبقت اليمن بهذا المضمار مئات السنين ، مما يعطي بعدا حقيقيا لعصبيه بن خلدون على إن ألعقليه التي منها تشكلت سلوكيات القبيلة صار سيد الفعل السلطوي الذي لم تدركه النخب إثناء إعلان اتفاق التوحد مما شكل بداية المأساة التي كلفت الدولتين حمامات دم وأنهكت البلاد والعباد وغيرت مجرى إحداث النهوض التاريخي نحو مجهول تغادر فيه البلاد من سيء إلى أسوأ ، وكأننا عدنا إلى المربع الأول ، مما أهدر الطاقات وعطل وشل قدره المجتمع وحيويته .
لكن من اعتقد ذلك, عليه إن يحتضر ليعرف إن القادم أجمل لان ابن البحر لا يقبل عله وتاق نحو الحياة فعلى الحكماء استيعاب من أن الشعوب لا يمكن سجنها وقمع حركه المجتمع المدني السلمية فيها, وان الحياة دبيب ضميرها لهذا اقل الخسائر تربحنا وقتا ودما لشعوبنا لكوننا أبناء عقيدة دينيه واحده, ولذلك علينا التعاطي مع مطالب الشعوب لنيل حقها في تقرير مصائرها بما يريدون دون المكابرة التي حرمها الدين والسلوك الإنساني ومن لا يستطع ركب وقائع الحال يندم غدا عندما يقع الفأس في الرأس والله وحده هو العلي القدير وهو الشاهد على ما نقول؟؟


* كاتب وباحث أكاديمي مقيم في لندن