عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 11-11-2007, 09:56 PM
عضو برونزي
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 535
افتراضي

فى الوطن الضعيف، تدب على الأرض أجساد بلا هوية فارقة بين البشر والجماد وتتكأكأ فى الأجساد أرواح بغير انتماء، تستطيل المسافات فارقة بين نصوص القوانين وبين روح العدالة، فى مثل هذا الوطن، يعيش الناس حياة تفح بالوضاعة، ويتكالب القهر على الرؤوس دافعا الجميع لإدمان للرقص جنونا على حافة الانتحار.

فى الوطن الضعيف، تبدو على السطح صور لحكومة تبدو كأنها حكومة، ينظمها عقود وظيفية مهلهلة هشة فلا تقوى إداراتها على خدمة المواطنين، بين ظهرانى مثل هذه الحكومة يسعى المواطن زحفا بين الإدارات العلنية قاصدا لملمة حقوقه المهدرة، يصعر خده لموظفين حكوميين تدب فيهم حياة كالحة، يمارسون الرشوة ويغتصبون حق الضعيف ويتملقون سلطة القوى، فى مثل هذا الوطن الضعيف، تسعى أداء الحكومة العلنية لتكريس وجود الحكم المتسلط، تحول خططها المعلنة لخدمة المواطن إلى تلال من التعليمات والتصريحات المبهمة، تتضخم هيئة موظفيها وتتعاظم قدراتهم لتحل هيئتهم بالقداسة فى وجدان الضعفاء.

فى الوطن الضعيف، يلد ظلام التهرؤ عشرات من الحكومات السرية، حكومات يديرها موظفون لحسابهم الخاص، ينشرون الفساد ويقتلون حقوق المواطنة بين الضعفاء، يملكون بفسادهم قدرة إنجاز غير شرعية لكثير من خدمات المواطنين، هكذا يسعى المواطن صاغرا فى الوطن يدبدب الأرض قلة حيلة ويقدم فروض الرشوة والولاء لأصحاب السلطة السرية، قاصدا أن يتحول تحت سطوة الفساد من عبد مهان لا تقضى حاجاته فى ظلمة الحكومة العلنية إلى سيد مهيب يشترى حقوق الآخرين فى نور الحكومات السرية.

الحكومات السرية فى الوطن الضعيف، يتنازع وجودها أسباب نفسية وإعلامية وإدارية، السبب النفسى يرجع الى اضطهاد الحكومة العلنية للمواطنين، اضطهاد يدفع الجميع لأن يحتموا خلف ميراثهم من الجبن والصمت، ويمارسون لعبة الهروب بغير ثورة تاركين أوثانهم بعيدا عن مواجهة الفساد، والسبب الإعلامى، يرجع إلى تكريس فكرة وجود بطل خرافى يحقق طموحاته بالخروج على كل منطقى وإنسانى، ويضغط بمعجزاته المصطنعة على وجدان الضعفاء من الناس، أما السبب الإدارى، يرجع الى ضعف نظام المعلومات، فيخلط المواطنون بين مهام السلطات الأساسية فى المجتمع من تشريعية وتنفيذية وقضائية، ويفسد الخلط عليهم طرق تلبية حاجاتهم المشروعة.
الحكومات العلنية فى الوطن القوى، يكرس وجودها قهر الفساد بعيدا عن مواطنيها، حكومات تعمل فى بيئة من حرية الفكر وديمقراطية المعرفة، تدحر أسباب وجود الحكومات السرية، فحرية الفكر، بما تعنيه من رفع القداسة عن كل فاسد، تكفل للمواطن أن يفسر أسباب قهر الوطن، وديمقراطية المعرفة، بما تعنيه من التعامل الموضوعى مع كل فاسد، تكفل أن يرفع القهر عن المواطن ويبتعد الجميع عن اغتيال الوطن.