عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 12-30-2014, 08:48 PM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

قراءة في مسيرة الحراك الجنوبي والحاجة إلى طور جديد (تقرير)
2014/12/30م الساعة 23:04 (عادل المعزبي السعدي )

هناك أمور كثيرة تجعلنا على يقين – بإذن الله تعالى- بأن شعب الجنوب سينتصر في نهاية المطاف.
أولها: من الناحية الزمانية ففي الوقت الراهن زمن الثورات الشعبية التي أطاحت بأعتى الأنظمة العسكرية والدكتاتورية العربية بدأ الجنوبيون ثورتهم السلمية ضد نظام فاسد يحتمي بمنظومة عسكرية تقاسمت السلطة والثروة والنفوذ.
وثانيها: من الناحية المكانية، حيث غطت ثورة شعب الجنوب معظم المحافظات والمديريات والأحياء مما أبعد احتمال الإدعاء بأنها محصورة في رقعة محدودة.
ثالثها: من الناحية الإنسانية، حيث كان الجمهور الأكبر من أبناء الثورة من الشباب ونخبة المجتمع وأوسطها من حيث الثقافة والأعمار والمستويات، فانخرط فيها إضافة لذلك نخبة المجتمع من سياسيين وأكاديميين ومهنيين وعسكريين ورجال دين ومشايخ وتجار ومغتربين وأعيان المجتمع، حتى لا يقال ثورة الجوعى والطامعين في الثراء.
ورابعها: وهو الأهم أن هذه الثورة جاءت على غير تدبير مسبق من أحد، فهي ليست من صنع شخص بعينه ولا هيئة أو مكون سياسي ولا جماعة بعينها، إنما جاءت تدريجياً ابتداءً من المتقاعدين العسكرين ثم امتد ليشمل مختلف شرائح المجتمع الجنوبي الذي يشعر بالغيظ من السلطة الحاكمة في صنعاء التي تنظر إليه بملحق الفرع إلى الأصل، وأن لمعت وأظهرت بعض الوجوه الجنوبية بمواقع قرار وهي مجرد دمى وهمية لا تملك القرار - حتى قرار نفسها- لمجرد إضفاء الشرعية على من لا يعلم حقيقة الأمر. فجاءت هذه الثورة تعبير عن تحرك الشعب بمجموعة لأخذ حقه واستعادة سيادته على أرضه وأخذ حقوقه السياسية والمتمثل باستعادة الدولة.
فقد مرت ثورة شعب الجنوب على مدى سبع سنوات بمراحل عدة واطوار بارزة.
الطول الأول: الشرارة بدأت الثورة باحتجاج بعض أفراد الجيش والأمن الجنوبي المتقاعدين أو بالأصح بالمسرحين الذين كانت وما زالت تدفع لهم الرواتب مقابل جلوسهم في بيوتهم دون المشاركة والحضور لمواقع العمل، فأصبحت تلك الرواتب أشبه بالصدقات ينفقها الممسكون بقبضة الأمور، ومع تدهور الوضع الاقتصادي اليمني والجرعات تلو الجرعات واستشراء الفساد والنهب للمال العام وإهدار الثروة لتكون مال بيد القوى ومن يسانده من العسكر الشماليين الموالين وبعض المرتزقة الجنوبيين الذين بجنون مبالغ طائلة ورتب عسكرية عالية مقابل المساندة والسكوت، بينما زملائهم وقادتهم العسكريين – في الماضي – المسرحين في وضع مزري محرومين من كل ذلك، فكانت بداية لانطلاق ثورة شعبية لأن وضع كافة فئات المجتمع الجنوبي مشابه تماماً لوضع العسكريين بل أشد في بعض القطاعات من حيث الإقصاء والتهميش، حتى بلغ الأمر ببعض الدوائر وكأن الشخص يعمل لدى عائلة أو قبيلة أما يرضى بالدون وإلا قامت عليه الحرب، لذلك كان الشعب يتحين الفرصة لبدء مثل هذه الثورة .
الطور الثاني: القلم والشارع، بدأت بعض الأقلام الجنوبية تكتب عبر الانترنت وبعض الصحف المحلية مثل صحيفة الأيام التي أدت دور إعلامي محوري في نشر كل تحرك جنوبي ومساندة أي حدث فأصبحت منبر الجنوب الأول والنافذة المفتوحة لكل الكتاب الجنوبيين للتعبير عن عدم الرضا بوضع الجنوب.. ثم بدأت المظاهرات السلمية في بعض المناطق مثل الحبيلين وكانت تقمع تلك المظاهرات بأشد أنواع القوة العسكرية وغيرها، وما هو إلا وقت يسير حتى أتسعت تلك الاحتجاجات فشملت عدن وما جاورها من مدن وأرياف، فاشتدت الاحتجاجات السلمية والعالم وإعلامه في صمت مما يجري سوى ما كان يكتب في الأيام وأخواتها من الصحف الجنوبية والتغطية لبعض المظاهرات ببعض القنوات الفضائية في ذلك الحين وما ينشر في الانترنت فقط وفي تلك الفترة لم تكن تعترف السلطة بوجود أزمة في الجنوب بل كانت تكابر وتعتبرها مجاميع صغيرة خارجة عن القانون وتعد بالعشرات فقط، وهي في نفس الوقت تنفق الملايين على الموالين لها بشراء الذمم وبوضع العراقيل والمشاكل والاتهامات وحيك الدسائس لإجهاض وقتل هذا الصوت في المهد.
علما بأن الأطوار السابقة قبل بدء ثورات الربيع العربي.
الطور الثالث: البروز طور بداية ترتيب الصفوف وبدأ العمل أكثر تنظيم من ذي قبل، وفيه بدأت السلطات السابقة في صنعاء تتناحر فيما بينها فانشغلت بنفسها، وفي الجنوب ظهرت المكونات السياسية الجنوبية والهيئة الشرعية الجنوبية التي سحبت البساط من تحت أقدام علماء الشمال وفندت كل الشبهات والفروق بين الوحدة الإسلامية والوحدة السياسية، وبدأت الساحات تمتد حتى شملت جميع المحافظات وبدأ دور المنبر بالبروز فأقيمت الجمع في الساحات والميادين العامة، وبدأت بعد ذلك الدعوة للمليونيات التي أبهرت العالم الصامت وألجمت واحرجت رموز النظام، فدخل في الثورة في هذا الطور إن لم أقل ثلثي الجنوبيين فهو أكثر من مختلف الشرائح الاجتماعية والانتماءات السياسية، والجميع نزل إلى الساحات والمشاركة في العمل الثوري السلمي ولكن النزول إلى الميادين على أهميته إلا أنه كان غير مرتب ومدروس ولا محسوب أيضاً، ولم تكن هناك خطوات عملية لما بعد المليونية، غير أن الجميع يقف جانبا حتى موعد المليونية القادمة فاستمر الوضع على ما هو عليه غير أنه كان يفعَّل أحياناً العصيان المدني الذي للأسف لم يفهم الكثير من القائمين عليه نوع الرسالة التي يوديها فكانت بعض الأحداث التي وقعت أتت بنتائج عكسية من حيث تعاطف الشارع مع مطالب الحراك الجنوبي وذلك بسبب الفهم الخاطئ والتطبيق غير السليم لهذا العمل النضالي، ومعرفة المقياس لصواب العمل وخطائه وتقدير نتائجه وخصوصاً أن ثورتنا سلمية وجميع الأفعال الثورية الناتجة عنه سلمية.
الطور الرابع: الاعتصام المفتوح والبقاء في الساحات والميادين حتى تقرير المصير مع استمرار العمل الثوري والدعوة للمليونيات ومحاولة لم القيادة المبعثرة والدعوة أيضاً لتوحيد المكونات الذي بدأ بالفعل واختيار ناطق باسم الثورة، وفتح قنوات لجمع التبرعات النقدية والعينية علناً، وكذلك فتح أكثر من قناة جنوبية وعدد من الصحف المحلية والمواقع على الشبكة العنكبوتية تهتم بالشأن الجنوبي بشكل خاص، وبدأت القضية الجنوبية تطرح بشكل علني في المجامع والمجالس العربية والعالمية فثورة شعب الجنوب لم تعد خافية على أحد على مستوى العالم.
الطور الخامس (المطلوب) العمل المؤسسي والحراك السياسي:
لقد كان الترتيب الصحيح، أن تبدأ جميع مكونات الحراك الجنوبي بالتوافق على رؤية سياسية واحدة واضحة وعمل مؤسسي، والقيام بدور سياسي موازي للفعل الثوري في الساحات، وليس معنى ذلك أن نقلل من شأن العمل الثوري بل المقصود استثماره سياسيا على المستوى العام، لأن الدور السياسي الحالي لم يرتق إلى المستوى الأدنى بحيث يطلق عليه بأنه حراك سياسي.
ولعل في المؤتمر الجامع القادم بإذن الله تعالى ستفك بعض هذه العقد التي لم تتعافى منها الثورة خلال أكثر من سبع سنوات مضت، وقد بات من الضروري جداً في هذا الوضع الخطير قيام مثل هذا المؤتمر للخروج بالثورة الجنوبية من نفق الخلاف وعدم الثقة والقبول بالآخر وترتيب الأولويات وإبراز قيادة سياسية وميدانية تمثل شعب الجنوب ككل وليس فصيل أو فئة معينة، وحامل سياسي للقضية الجنوبية وكل ذلك وفق عمل مؤسسي منظم ومدروس . والحذر أشد الحذر من تحول الجامع إلى مكون إضافي مثل سابقيه وتكرار الأخطاء السابقة، ومزيدا من التشرذم والخلاف، لذا وجب على المنظمين وضع لوائح وأسس واضحة لحضور المؤتمر وكذلك لابد أن يكون الحاضرين على مستوى المسؤولية المناطة بهم وتغليب مصلحة الوطن والمواطن على مصالح الأشخاص والمكونات، لأنه بنجاحه سيكون هو الأساس الصلب التي ستبنى عليه قواعد الدولة القادمة وبفشله سنعود إلى المرحلة الأولى.

صحيفة الامناء
__________________






رد مع اقتباس