عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-27-2016, 12:06 AM
الصورة الرمزية ماريا
مــشــرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2016
الدولة: لبنان
المشاركات: 2,523
افتراضي في آعماق التُفاح




أعتقد أن للتفاح طموحاً يتجاوز مدة اكتشافه منذ 300 سنة قبل الميلاد.

وذلك بداية مع تفاحة آدم ...

مرورا بتفاحة الجاذبية ووصولاً لتفاحة الطبيب. تجيد تلك الفاكهة اختيار

خطواتها بيننا بدقة، وتخطط لكيفية مجاراة الموقف بأسلوبها الخاص،

فتراها تارة حمراء وتارة خضراء أو حتى صفراء. يا لعبقرية التفاح !

وفي مجتمع التفاح؛ وفي صندوق النخبة ذاك الذي يتصدر رفوف المتاجر،

يحدث أن تتسلل في العمق تفاحة فاسدة. وبعد أن يصاب البقية بالذعر

وتكتب عنها صحف المزارع العضوية، تتناقل أكياس الباعة الثرثارة السؤال العمليّ :

ما الخطوة التالية؟ وهنا كان تباين المجتمع في طرق احتوائه الموقف.

ففضلت بعض العقول التسلل من خلف المعضلة أو من أمامها، لنكتشف

نحن بعد المواجهة أنها لا تحفظ من تجارب التاريخ سوى جملة « دسّه في التراب »

لكنها تناست أن للرياح أحاديث، وأن للمتطفلين آذاناً مصغية

بينما اختارت مجموعة أخرى فكرة أقل عمقاً، فاقترحوا إعادة طلائها

والتظاهر بأنها بخير ووضعها في مكانها السابق بنفس الخلفيات والأمنيات

والمتاهات. يتغير المظهر بيد أن التفاحة عندما تصادف تصادف مرآة تلوح لها صاحبتها القديمة منها.

ويميل البعض لاستشارة العقاقير الطبية، فيبحث عن أقواها تأثيراً جانبياً وإن كان أبعدها ملاءمة للعلاج

الناجع. ويطالبون بأن يغمر رأس التفاحة في دلو الكيمياء الصامت لتصمت

هي بدورها بعد ذلك. لكن الأعنف تفكيراً ينتقي أسلوباً مختلفاً، فيأتي

اقتراحه بتقسشير التفاحة وإزالة بذورها، ثم رشها بالمواد الحافظة.

ولا يتبقى لاحقاً سوي إعادة تركيبها في مجتمعها بطريقة لربما جاءت

مشوهة، فلا يعرفها من كان يعرفها، ولا يألفها من سيقابلها.

قد يبدو لك الأمر بعيداً بعض الشيء، إن كنت تمسك بالصندوق من الأعلى

وتتفحص المشهد عبر عدسة مكبرة. لكنك لست هناك

أنت هنا في منتصفه تماماً. وماذا لو كنت تعرف تلك التفاحة ؟

أو كنت تعرف شخصاً يعرفها ؟ ماذا لو صادفتها في غرفة انتظار

أو في مناسبة اجتماعية ؟ أيمسك مجتمع التفاح بيد من كانت فرداً منهم يوماً

أم يدير ظهره لها ويدعي بأنها برتقالة مثلاً ؟
__________________















ربما ذات ربيع
بين شدو الطيور
ونثر الزهور
قد يُخلق لنا لقاء
رد مع اقتباس