[العبد لله بو صالح]

وقفة أمام الخطاب الأخير لعبدالملك الحوثي


أحمد عمر بن فريد

يمكنني ان أقول ان حالة السيد / الحوثي تشبه تماما تلك الحالة التي كان يعيشها الزعيم الألماني النازي اودولف هتلر خلال الحرب العالمية الثانية خاصة في الجانب النفسي منها والذي ينتج كل هذا الغرور والغطرسة و " الجوع " نحو قضم الأراضي وبسط السيطرة عليها بالقوة . إذ بدا واضحا من خلال خطابه الأخير الذي أجبرنا على سماعه لمدة تزيد على الساعة الكاملة , ان " غطرسة القوة " باتت هي المحدد الرئيسي لنهج هذا الرجل وجماعته , ففي الوقت الذي يتحدث فيه بإسهاب ممل عن " الشراكة الوطنية " نراه بعدها يملي شروطه الأربعة التي يدعو فيها الرئيس هادي المحاصر إلى تنفيذ " أوامره " بسرعة قصوى وإلا .. !! فهو يريد من عبدربه ان يطبق بنفسه عملية الانقلاب على نفسه ثم يخرج سالما من قصره الرئاسي في مطلب انقلابي لم يحدث في التاريخ !! لغرض ان يكون " انقلاب شرعي " نفذه المنقلب عليه على نفسه وبمحض إرادته !! .. وهنا أدعو الأخ العزيز عبدربه منصور هادي ان يقدم استقالته فورا وبدون تردد ليحافظ عل القليل مما تبقى له من ماء الوجه .. أخي العزيز عبدربه منصور هادي أهلا وسهلا بك في عدن .

والعجيب أيضا ان الحوثي الذي يتحدث فيه عن " المؤامرات والتدخلات الخارجية " في خطابه الطويل نسى سيادته انه هو وجماعته ومشروعه السياسي بالكامل ليسوا سوى " صناعة إيرانية " بامتياز ..!

وفي الحقيقة لم يغضبني السيد الحوثي ولم تغضبني غطرسته ولم تفاجآني خطواته التصعيدية المتوقعة , بقدر ما أغضبني حالة " الجنوبيين " في مختلف المواقع وعلى مختلف الأصعدة من حيث " عدم جهوزيتهم " لمواجهة المستجدات الطارئة غير المتوقعة حتى بالنسبة لهم . إذ يبدو ان حالة " التخبط " هي المعنية برسم توجهاتهم وتكتيكاتهم السياسية ! .. لكننا لا نريد في هذه المرحلة الحاسمة الدقيقة ان نبكي على اللبن المسكوب , ولابد ان نحاول جاهدين ان نتضامن معا في هذه المرحلة العصيبة مهما كانت الجراح غائرة , وان نتحرك ونحدد موقفنا من منطلق قيم التسامح والتصالح الجنوبي التي تعتبر الأرضية الصلبة التي يمكن ان يقف عليها كل جنوبي ينشد الكرامة والحرية والاستقلال لوطنه , وهنا يمكن ان نتحدث بدقة عمايلي :

أولا : لابد ان يدرك كل جنوبي ان مشروع " الحوثي – صالح " القادم هو مشروع سياسي تم تصميمه وهندسته في طهران , وان يوم 21 سيبتمر الماضي هو يوم تدشين هذا المشروع ووضع حجر الأساس له في صنعاء , كما ان هذا المشروع يرتكز على أهمية وضرورة الاحتفاظ بالجنوب كموقع استراتيجي " خادم " للسياسة وللمشروع الإيراني في المنطقة , وان إي دور " محتمل " لأي جنوبي كان لن يتجاوز حدود دور ميشيل عون في لبنان في أحسن الأحوال . ما يعني أيضا ان " قضية الجنوب " في إطار هذا المشروع ليست سوى قضية حقوقية بحته , خاصة وقد كان السيد الحوثي في خطابه واضحا في هذا الاتجاه والحمد لله انه قد قطع الطريق على الذين شقوا صفنا بمشروع الفيدرالية من إقليمين .وما حدث خلال اليومين الماضيين يأتي في إطار إستراتيجية إيران في حربها الإقليمية وردا على انخفاض أسعار النفط .

ثانيا : بناء على مضمون الفقرة السابقة , و في رأيي الشخصي – وفي رأي كل عاقل جنوبي – وفي رأي منطق الكرامة والاعتزاز بالنفس , ننادي بالصوت العالي وعبر الضمير الصاحي والعقل السياسي المستيقظ " كل الجنوبيين " المتواجدين على مختلف " مستويات المسئولية " في صنعاء أو في منظومة الاحتلال بشكل عام إلى إعلان حالة الطوارئ , والقطيعة التامة المعلنة مع حالة " الوهم " التي كانوا يعيشون فيها فيما يتعلق بالوحدة اليمنية , والانتقال إلى حالة ومرحلة " الصحوة " التي اعتقد ان رصاص ومدافع الحوثي قد أحدثتها في عقلياتهم بالأمس ,إذ عليهم ان يدركوا ان التمسك بهذا الوهم هو التمسك بالمذلة والعار وانه بات مقرون ب " مرمطة الكرامة " في وحل صنعاء . وان الحالة التي وصل لها الرئيس عبدربه منصور هادي هي خير دليل على مانقول , بل أنها الاستثناء الوحيد عبر التاريخ لذي جعل منا نحن الجنوبيين تلك الفئة التي أرادت بمحض إرادتها ان تلدغ من الجحر مرتين . وهنا عليكم ان " جنوبيي السلطة " ان تختاروا بين أمرين لا ثالث لهما اما ان تضعوا أيديكم في " يد الكرامة " وهي يد إخوانكم الجنوبيين المرابطين في ساحات النضال على ارض الجنوب وحينها ستجدون منا كل معاني الوفاء والإخوة , أو ان تبقى أيديكم ممدودة ل " يد المذلة " وهي يد كل أركان منظومة الاحتلال وعليكم ان تتحملوا تبعات ذلك والتي بدأت فعليا تحدث اليوم وأمام مرأى العالم.

ثانيا : ان إي تحرك جنوبي قادم على إي مستوى كان لابد وان يكون تحرك " جماعي " يعكس للعالم ان الجنوبيين نسيج " اجتماعي – سياسي " واحد , كما ان هذا التحرك لابد وان يصبغ بصبغة " إستراتيجية " تتعلق بخطوات واضحة نحو القطيعة التامة مع وحدة الذل والمهانة والاتجاه معا نحو " فرض الاستقلال " وبناء الدولة الجنوبية الحرة التي تتسع لجميع أبناءها والقائمة على أسس ومواصفات الدولة المدنية الحديثة . ونحذر من إتباع الخطوات " التكتيكية " وما يمكن ان ينتج عنها , والتي تتعلق فقط بردود الفعل الغاضبة لغرض التخفيف عن الرئيس هادي في صنعاء فقط , لأنها خطوات لن يكتب لها النجاح في بيئتها الجنوبية التي لن تتعاطف معها طالما وهدفها تكتيكي وليس استراتيجي يرتبط مع هدفنا الوطني العظيم المتمثل في التحرير والاستقلال . ومن هنا ندعو إلى وضع خطة حرفية ذات طابع عسكري امني دقيق لنشر مايمكن تسميته ب " لجان الدفاع الشعبي " تتمثل فيها كل شرائح الجنوب وكل في منطقته بعد ان يتم هيكلتهم بما يتفق ورؤية وطنية سياسية بعيدة المدى . كما نحذر إخواننا في صنعاء من المراهنة على التمسك بحبال الشرعية الدولية التي وضح أمس ارتباطها المنطقي مع الأقوى على الأرض .

ثالثا : على قوى التحرير والاستقلال ان تدعوا جماهير شعب الجنوب البطل الباسل إلى مسيرة جماهيرية كبرى في عاصمتنا عدن لغرض توجيه رسالة واضحة إلى عدة أطراف سياسية داخلية وخارجية يأتي في مقدمتها سيد صعده الحوثي لتخبره بصريح العبارة ان هدفنا هو التحرير والاستقلال وان الجنوب الحر ليس ضمن مشروعك السياسي وان حيلك وألاعيبك التي تمكنت سابقا من تمريرها على بعض القيادات الجنوبية قد كشفتها أنت بنفسك في خطاب الأمس , كما يجب ان نوصل رسالة للمحيط الإقليمي والدولي نقول فيها إننا موجودين بقوة وثبات على أرضنا وان إي قوة في العالم لن تستطيع ان تقهر إرادتنا ولن تثنينا عن مواصلة النضال نحو هدفنا الوطني المشروع من اجل التحرير والاستقلال . كما يجب ان توجه رسالة واضحة لجميع الجنوبيين في كل مكان للالتحاق بمصيرهم ومستقبلهم الوطني الذي رسمته وحددت معالمه دماء الشهداء وليس مواثيق صنعاء التي ينقلب عليها أسياد صنعاء كل يوم وكما فعلوا عبر التاريخ القريب والبعيد .