عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05-31-2006, 01:31 AM
الصورة الرمزية أنا هو
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 1,472
افتراضي


قصة واحد من النماذج الذين نزحوا وهو عبد الفتاح اسما عيل علي الجوفي الذي كانوا يرددون بأنه من مواليد كريتر عدن وهو من الجوف من اليمن وبقدرة قادر من صبي في منزل إلى رئيس دولة الجنوب ترويها شقيقته!!


شقيقة فتاح في حوار مع الاشتراكي.نت !
تعتقد بأنه لازال حياً!
شقيقة عبدالفتاح إسماعيل تروي عن طفولة فتاح وخفايا حياة أسرة الزعيم الحزبي المبهم النهاية!

الاشتراكي.نت/ خاص:علي سالم المعبقي22/05/2006 م - 23:05:22 قالت سعادة إسماعيل الجوفي، شقيقة مؤسس الحزب الاشتراكي اليمني عبدالفتاح إسماعيل، إنها لا تشعر بالفخر لاستشهاد شقيقها إذا كان قد قتل فعلاً على حد قولها. وقالت سعادة التي تكبر شقيقها عبدالفتاح بنحو ثمان سنوات، أنها تعتقد بأن شقيقها، الذي قتل في أحداث 13 يناير 1986م، ما يزال على قيد الحياة: "أعتقد أنه على قيد الحياة.. أتخيله دائما". وتمنت سعادة (76 عاماً) لو أن شقيقها فتاح لم يشتغل في الشأن السياسي طالما ذلك يودي بحياته.

وروت سعادة، التي لا تقرأ ولا تكتب، ذكريات عن أسرة الجوفي الأب معلم القرآن المتزوج من خمس نساء، وعن شقيقها الأصغر عبد الفتاح الذي يوصف بأنه مؤسس أول حزب ماركسي تمكن، أثناء حكمه لجنوب اليمن، من فرض تعليم المرأة ومنع تعدد الزوجات.
وروت سعادة ذكريات عن طفولة شقيقها فتاح وذكرت أنه كان يحمل تنكات الماء على كتفه في قرية الأشعب -حيفان- تعز.

وامتنعت سعادة عن اتهام فرد أو فصيل في مقتل شقيقها. لكنها كشفت جوانب من حياتها وحياة أسرة الجوفي في حيفان وعدن وصنعاء وتعز. وهي ذكرت أن الجنود البريطانيين الذين كانوا يدهمون منزلهم في "الشيخ عثمان" بحثاً عن المطلوب الرقم واحد للسلطات البريطانية حينها، لم يكونوا يعتدون على أفراد الأسرة، بيد أنها أثناء إقامتها في تعز وصنعاء، شعرت، على حد قولها، بالخوف باعتبارها شقيقة العدو الأول للنظام الحاكم في صنعاء آنذاك.

زواج الطفلة

لئن شاع في تلك الفترة (أواخر الثلاثينيات ومطلع الأربعينيات من القرن العشرين) زواج صغيرات السن. وهو مستمر حتى وقتنا الحاضر إلا إن ما تعرضت له سعادة يعد جريمة بكل المقاييس. كانت سعادة في حوالي التاسعة حين زفت من قرية "الأشعب" حيفان إلى دار ابن عمها في "الأعبوس". تقول: "كنت مجرد طفلة تلعب على عتبة الدار".. وفي ما يشبه عرف العطايا وُهبت سعادة إلى ابن عمها. لم يكن فارق العمر أو كونه تزوج قبلها ثلاث نساء هو ما جعل ذلك الزواج -إن جازت التسمية- كابوساً ما انفك ينكأ ويطارد ذاكرة سعادة. بل أيضاً لأن الزوج لم ينتظر عروسه الطفلة حتى تكبر بل دخل عليها قبل البلوغ. "لن أسامحه أبداً...شمّت بي شمات.. بقيت أبكي ثلاثة أيام".
فظاعة الحادثة دفعت الطفلة إلى هروب متكرر من بيت الزوج. كانت تقطع مسافات جبلية لتصل إلى بيت الأب. وكان أيضاً أن أدى الزواج المبكر إلى عدم تمكن سعادة مواصلة تلقي القرآن على يد والدها. وتصف سعادة عمها وابن عمها (الزوج) بالظالمين.."عاملوني معاملة سيئة، تزوجت وعمري تسع سنوات". و ترى سعادة أن قريتهم "الأشعب" كما كانت في طفولتها تختلف عن منطقة الزوج الأعبوس. "بلادنا ثاني وبلادهم ثاني.. في بلادهم النساء يعملن في حمل الحطب والماء والوجيم".

وذكرت سعادة أن أسرة زوجها كانت تفرض عليها القيام بأعمال المنزل وجلب الماء والحطب "كنت أبقى في بيت زوجي شهراً ثم أعود إلى بيتنا لأبقى هناك حوالي سبعة أشهر". وطبقاً لرواية سعادة لا يبدو أن الوالد كان معارضاً تماماً لذلك الزواج. وعلى حد قولها فإن والدها أخبرها بأنه زوَجها لتبقى في بيت الزوج. لكنه -الوالد - وحالما عرف بما تعانيه، رفض إرجاعها. أما التصدي الفعلي لهذا الزواج فتم بعد وفاة الأب. إذ أنبرى الأخ الأكبر عبدالوالي لمشارعة (مقاضاة) الزوج أمام المحكمة. بعدما علم أن أخته كانت تعاد إلى بيت زوجها صباحاً فتهرب منه مساءً. وقالت سعادة أن زوج الطفلة التي كانتها، كان يعمل في عدن ولديه مال كثير.
ولهذا السبب، حسب اعتقادها، مضى الزوج قدما في محاولة ردها إلى بيت الطاعة. إلا أن إصرار عبدالوالي ومراسه في (المشارعة)، كان من القوة الأمر الذي شكل حاجزاً أمام مرامي الزوج الذي كان يطالب -على حد قول سعادة- بإحضار زوجته مقيدة. "كان عبدالوالي يرد عليه القيد للرجال وليس للنساء.. هذه رجلي فمد رجلك لنتقيد". وذكرت سعادة أن شقيقها عبدالوالي أمضى حوالي سنة في (مشارعة) ابن عمها، حتى حُكم بطلاقها مقابل أن تترك للزوج كل ما حملته من عفش إلى بيت الزوجية. "كنت أكرهه من كل قلبي". تقول سعادة التي بدت آلام ذلك الزواج بادية على حديثها.

الدِّيك المنتقم

تعود أسرة إسماعيل علي الجوفي إلى قبيلة "ذو حسين" في محافظة الجوف. ويعتقد إن الجوفي، الجد، قدم إلى حيفان ليشغل وظيفة قاضٍ ثم تزوج من المنطقة واستقر فيها. وذكرت سعادة أن الأسرة كانت تضم عدداً كبيراً من الأولاد والبنات لخمس زوجات آخرهن أم سعادة وعبد الفتاح، عاشوا جميعاً في بيت الأب إسماعيل الذي كان يعمل معلماً للقرآن. وقالت سعادة أن أهالي القرية كانوا ينادونها "ابنة الفقيه" وأنه كان هناك سمسرة للجمال تقع بجانب المنزل. وأن نحو 50 صبياً وصبية كانوا يتلقون القرآن تحت شجرة "الإثابة"، حيث كان الوالد إسماعيل الجوفي يعلم القرآن لأطفال القرية. وفي أواخر حياته يُصاب بمرض يعتقد أنه الباسور. وتصف سعادة كيف تورمت رجلاه وظهرت عليهما الجراح وكيف أن امرأة كانت تأتي لتسم والدها بالنار. قبل وفاة إسماعيل الجوفي حدث أن الدار تهدمت، فانتقلت الأسرة آنذاك إلى منزل مكون من حجرة واحدة "ديمة" بناها الأب قرب المسجد. ولم يكن هناك من يقوم بتعليم القرآن في قرية الأشعب سوى والد سعادة وشقيقه. وتتذكر سعادة بأن والدها، على عكس عمها، لم يكن يطالب تلامذته بجلب البيض والسمن والدجاج كما لم يكن يضرب أياً من أبنائه وبناته إلا عندما يتقاعسون عن حفظ القرآن أو أداء الصلاة لكنه "كان يضرب ضرباً خفيفاً". وقالت سعادة أن والدها كان يطلب بعض السمن فقط عندما يطلب منه أهالي الموتى قراءة القرآن على قبر الميت". كان يستخدم السمن لإشعال القناديل". وتتذكر سعادة أن والدها كان يحمل الجنبية (الخنجر اليمني) عندما يكون ذاهبا إلى "مقر الحكومة" أو لعقد قران. ولا تتذكر سعادة أن أهالي القرية كانوا يعتبرون أفراد أسرة الجوفي أغراباً. وحكت سعادة ما يشبه الخرافات، ومن ذلك أن والدها كان يخبرهم بأنه أثناء أداءه الصلاة في المسجد بمفرده كان يسمع صوتاً يردد بعده "آمين" وحين يلتفت لا يجد أحداً.. ومن الحكايات الغريبة أيضاً أنه وبعد موت عمها كان ثمة ديك يقف على قبر العم ثم يشرع بالصياح. ظل الديك على حال الصياح هذه إلى أن أعتقت ابنة المتوفى أباها برد ما كان يأخذه من بيض ودجاج إلى أهالي تلامذته الصبيان.

وحول طفولة شقيقها الأصغر عبدالفتاح تتذكر سعادة رعيهما معا لقطيع الماشية الخاص بالأسرة. وقالت أن فتاح كان يجلب الماء على كتفيه في تنكات. واصفة إياه بالذكي، وقالت انه خلال فترة مابعد الظهيرة كان يلعب كرة مصنوعة من الخرق تخيطها له والدته التي كانت واحدة من ثلاث نساء في القرية يعملن بالخياطة باستخدام إبرة اليد. وتشير سعادة إلى أن قطع القماش كانت تشترى من باعة يعبرون القرية. وتتذكر سعادة ألعاباً شعبية مارستها في طفولتها مثل "الكسيبة"، "القار"، "البتارة"، و"الشعوريور". وهي قالت أن والدها ووالدتها كانا يتناولان القات يوم الخميس فقط. يجلبه الوالد من سوق القرية. وكغالبية سكان الريف خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كانت أسرة الجوفي لا تذبح دجاجة إلا في المناسبات. أما الخرفان فتذبح فقط في عيد الأضحى. ولفتت سعادة إلى أن أفراد الأسرة كانوا يحفظون ثياب عيد الفطر إلى عيد الأضحى. وفي الأيام العادية كانت الوجبات الرئيسية متشابهة تقريباً:عند الفطور يقدم "المُقَلَبْ"، و"اللحوح" أو الشعافة (خبز الطاوة) مع قهوة بدون سكر.
وللغداء عصيدة بالحقين، و العشاء "شعافة" أو الدجر (فول الصويا). ويتم تحضير "المُقَلَبْ" بمزج كمية من الطحين بالحقين ثم توضع العجينة على الملحة (طاوة من فخار).وحسب سعادة فإن الوالد لم يكن يتناول الحليب صباحاً. إذ كانت الأم تدبش الحليب (ترجُّه) لتحضير الحقين ليحفظ للغداء.

في الشيخ عثمان
بعد مضي ثلاث سنوات على وفاة الوالد،عانت الأسرة أوضاعاً صعبة: "لم نكن نحصل سوى على ريالين". ثم جاء الأخ الأكبر محمد ليأخذ سعادة وعبدالفتاح وإدريس ولطيفة ليستقروا معه في عدن، فيما ذهبت الأم إلى منزل والدها في الأعبوس، وبقي عبدالوالي -الأخ الأكبر غير الشقيق- في القرية. وفيما بعد ستعود لطيفة، كبرى أشقاء وشقيقات سعادة، لتتزوج وتستقر في القرية، كان ذلك قبل أن تتزوج زوجها الحالي فضل محسن رفيق فتاح والقيادي السابق في الحزب الاشتراكي. كانت أسرة محمد تسكن "الشيخ عثمان" و كان محمد يعمل طباخاً في "كريستن هوتيل" على ما قالت سعادة،. وعدا محمد كان هناك عبدالجليل وأحمد، وهما أيضاً شقيقان لسعادة وعبدالفتاح. وتقول سعادة أن عبدالفتاح بقي في التواهي حيث التحق بمدرسة هناك. وفي تلك الفترة لم يكن يزور منزل الأسرة في "الشيخ عثمان". أما عبدالجليل فكان يعمل مقاولاً، ما أتاح لإدريس وعبدالفتاح العمل معه إلى جانب مواصلة الدراسة.

بعدئذ انتقل فتاح إلى مدرسة في الشيخ عثمان ثم إلى البريقة. وتتذكر سعادة انه وخلال إقامة فتاح في عدن -تقريبا في الفترة التي بدأ فيها نشاطه الوطني ضد السلطات البريطانية- كان هناك ثمة من يقول له ساخراً: "أنت يابو معجر ستطرد البريطانيين؟" أبو معجر حسب سعادة كانت تطلق آنذاك على القادمين من مناطق الشمال "الجبالية". و طبقاً لشقيقة فتاح فان السخرية مردها أن فتاح كان نحيلاً. وهي قالت أن فتاح كان نادراً ما يسافر إلى القرية. ولازالت سعادة تتذكر أحداث المواجهات مع السلطات البريطانية في عدن وقيام الشرطة بتوزيع صور شقيقها كمطلوب. آنذاك، أيضاً، وأثناء بحث السلطات البريطانية عنه كان عبدالفتاح يزور الأسرة خلسة، كما تقول سعادة، التي ذكرت أنه كان يروي لهم بأنه كان يبقى ما يقارب العشرة أيام بدون أكل. وقالت سعادة أن فتاح في إحدى المرات اختفى لمدة طويلة، ما أثار قلقهم عليه.

اعتقالات تعز

بقيت سعادة في عدن 3سنوات تقريبا وفي تلك الفترة خُطبت ثم رحل خطيبها إلى السعودية قبل أن يعود ليتزوجها. وبكت سعادة جراء تذكرها لحظات أليمة عرفتها حياتها كما بكت لفقدها شقيقها" الحنون". ومن تلك الذكريات أنها وأثناء سكنها "الشيخ عثمان". حدث أن شقيقها محمد ضربها. كان ذلك بُعيد إنجابها لمولودها البكر الذي كان يعاني نوبات إغماء. وقالت انه وخلال إحدى الليالي أغمي على الرضيع فأخذت تصرخ مما أدى إلى إيقاظ شقيقها الذي أخذ بضربها. وعلى حد قول سعادة فإن عبدالفتاح وقف إلى جانبها. وتتذكر انه قال لشقيقه أنت كبير ولا يجوز أن تضرب أختي.

وأشارت سعادة إلى إنها أنجبت أولادها: جابر، شوقي، توفيق في عدن، ثم رحلت وزوجها، بعد عام 1967م تقريباً، إلى القرية حيث امضوا هناك حوالي السنة ونصف السنة. وقالت سعادة أن زوجها كان يملك سيارة يؤجرها من القرية إلى تعز وعندما حصل على عمل عند الأمريكيين انتقلنا معاً للإقامة في مدينة تعز. ثم انتقل مقر السفارة الأمريكية من تعز إلى صنعاء، مما اضطر زوج سعادة الذي كان يعمل طباخاً إلى أخذ أسرته معه.

شتات الأسرة

صورة شبه ملتبسة وغير حنون تعطيها سعادة لزوجة شقيقها محمد، دون أن تشير إلى اسمها، تقول سعادة أن زوجة الأخ كانت قاسية في تعاملها معها ومع شقيقها عبدالفتاح. وتصفها بالشخصية "الموسوسة". وبحسب سعادة فإن زوجة الأخ كانت تعارض زواج عبدالفتاح. ونعلم من حديث سعادة أن فتاح تزوج من قريبة له من جهة الأم. وقالت سعادة أن عبدالفتاح تزوج في حفل أقيم في منزل حماه في قرية "الأعبوس"، وبعد حفل الزفاف غادر فتاح وعروسه إلى عدن.
لا تذكر سعادة معلومات كثيرة عن شخصية الأم سوى أنها بعد وفاة زوجها إسماعيل الجوفي، ذهبت إلى "الأعبوس" لتبقى في بيت أهلها. ويبدو أن أم سعادة كانت آنذاك لا تزال في سن الشباب وهي كانت كما نعلم آخر الزوجات الخمس لمعلم القرآن إسماعيل الجوفي الذي لم يكن يميز بين أبناء زوجة وأخرى بحسب ما قالت سعادة التي تتذكر أيضاً أن والدتها كانت تتصف بالرقة ولا تعرف عنها أنها ضربت أطفالها. وعلى ضوء ما روته سعادة فإن الأسرة عانت ما يشبه الشتات. حيث ظلت الأم في القرية فيما رحل الأبناء والبنات إلى عدن.
لم تمكث سعادة في عدن سوى حوالي 3 سنوات لتغادرها إلى تعز ثم إلى صنعاء. وخلال فترة قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي تبوأ فيها عبدالفتاح إسماعيل مناصب عدة، بقيت الأم في القرية وكانت ترفض دعوة ابنها فتاح المجيء إلى عدن للعيش معه. وعندما ماتت الأم في القرية لم يحضر أي من عبدالفتاح أو لطيفة أو سعادة مراسم الدفن، وقالت سعادة أن شقيقها فتاح كان وعد والدته قبل وفاتها، بأن يبني لها بيتاً من غرفة واحدة "ديمة". لكنه لم يفعل. فماتت الأم من دون أن تتحقق رغبتها.
وطبقاً لما قالته سعادة فإن الأم لم تتلق مالاً من ولدها فتاح سوى مرات قليلة ومبالغ ضيئلة. سعادة ذكرت زيارات قليلة قامت بها الأم إلى عدن لرؤية ولدها فتاح لاسيما بعد عودته من منفاه في الاتحاد السوفيتي. وطبقاً لما روته سعادة فإن الأسرة لم تحز أملاكاً بعدما أوصى الأب إسماعيل بأن يؤول كل ما بحوزته من أراضٍ إلى الوقف.

حمى السياسة

لم تكن الأسر العادية لوحدها من عانت جراء حمى التشطير. أسر عدة ظلت قبل 1990م مقسمة بين شمال وجنوب اليمن لا تتوفر لها فرص الزيارة سوى في أوقات قليلة وفي ظروف تتسم بالتعقيد. بيد أن أسرة الشخصية الأبرز داخل النظام السياسي الذي كان يحكم آنذاك الشطر الجنوبي، عانت بدورها ذات المعاناة وأشد تقريباً. وتورد سعادة أحداثاً مجزأة وتفاصيل قليلة عن مراحل وأحداث هامة شهدتها علاقة الشطرين، وكل شطر على حدة. وتتذكر سعادة سنوات يُعتقد أنها تنتمي لعقد الستينات من القرن الماضي، إثر تشكل الجبهة القومية ولحظة تواجد القوات العسكرية المصرية في شمال اليمن. وقالت سعادة أن عبدالفتاح كان يأتي إلى تعز، حيث كان يلتقيها خفية وعن طريق أشخاص من خارج الأسرة. كما كانت، اللقاءات، تعقد في منزل شخص غير قريب. وتتذكر سعادة التي كانت تسكن وزوجها حارة "السواني" في تعز حادثة اعتقال عبدالفتاح في تعز ونقله إلى صنعاء، ثم إلى معتقل في العاصمة المصرية القاهرة. كان ذلك خلال فترة السيطرة المصرية في اليمن الشمالي إثر اشتداد الخلاف بين الجبهة القومية وجمال عبدالناصر. بعد إعلان دولة الاستقلال في جنوب اليمن 1967م. بقيت سعادة حوالي 18 عاماً لا تلتقي شقيقها عبدالفتاح. وهي قالت إنها لم تتمكن من زيارة عدن إلا بعد أن "فُتحت الحدود" بين الشطرين. كان ذلك إثر "عودته من الاتحاد السوفيتي" المنفى الاختياري لفتاح . بعدئذ زارته في منزله الواقع على جبل "هيل" مديرية التواهي" عدن، وقالت إنها بكت أثناء اللقاء. ونعلم من حديث سعادة أنها مكثت هناك حوالي أسبوعين وأنها في كل المرات التي كانت تذهب فيها إلى عدن كانت تسافر بمفردها وان أقارب ومعارف الأسرة كانوا ينصحونها بأخذ الحيطة والحذر. سعادة لفتت إلى أنها كانت تسافر بوثيقة هوية تحمل اسم سعادة إسماعيل الجوفي، وقالت أن فتاح عرض عليها أن تستقر وزوجها في عدن إلا أن زوجها الذي لم يسافر إلى عدن منذ زواجهما، رفض ذلك. وقالت سعادة أنها وخلال رحلاتها إلى عدن كانت تشعر بالخوف لكونها شقيقة الزعيم الأبرز في الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب. لكنها أشارت إلى أنه لم يسبق وأن اعترضتها السلطات الأمنية الشمالية في النقاط الحدودية سوى مرة واحدة في مطار صنعاء إثر عودتها من عدن. حيث طلب منها عدم مغادرة المطار إلا بعد حضور زوجها. سعادة أرجعت ذلك إلى أن وجهة التصريح الذي كانت الجهات الأمنية تمنحه للمسافرين، لم تكن صنعاء. وخلال حديثها تطرقت سعادة إلى أحوال منزل شقيقها على ضوء زيارتها له وهي ذكرت بعض عادات شقيقها، و قالت أن عبدالفتاح خلال وجوده في المنزل كان يبقى هادئاً في الغالب وأحياناً يتعاطى القات. ويفهم من حديثها أنه كان يستفسر عن أحوال أفراد الأسرة في الشمال. فيما كانت سعادة تروي له ذكريات الطفولة. وتصف سعادة أثاث منزل شقيقها بأنه كان بسيطاً جداً رغم المكانة الكبيرة التي كان يشغلها صاحبه داخل السلطة الحاكمة في الجنوب. وقالت سعادة: "عندما كنت أنزل عندهم كنت اشعر بالأسى، إذ لم يكن معاهم مخدة (وسادة) لو جاء ضيف عندهم". وتتذكر سعادة أن المنزل كان يحتوي على حوالي ثلاثة أو أربعة كراسي في الصالة، وكانت هناك غرفة نوم قديمة "مِدْرِي من حق متى". وهي قالت أن أسرة شقيقها كانت تطبخ "دستا" (قدرا) من الفاصوليا، وأحياناً تشتري لحمة أو سمكاً. مشيرة إلى أن فتاح كان يحبذ تناول عصيدة الذرة الحمراء. وتتذكر سعادة أن فتاح، عند زيارتها له بعد عودته من الاتحاد السوفيتي، أعطاها تذكرة طيران ومبلغ 800 شلن. ولفتت سعادة إلى أن زوجة شقيقها كانت تفسر شحة ما يعطيه فتاح لأفراد أسرته لكون فتاح "ليس مغترباً ولا يشتغل". وقالت سعادة أن منزل بنات أخ عبدالفتاح اللاتي كن في عدن، خلا (كان خالياً) من جهاز تلفزيون و آلة الطبخ بالغاز". ولا تعتقد سعادة أن ذلك كان بخلاً من شقيقها "هو حنون شندي (سيعطي) عيونه.. لكن اما أنه كان مايفتكش (لا يجرؤ) أو أن عليه مسؤولية.. يخاف من أن يقول له الله ليش هكذا فعلت".

وقالت سعادة أن أوضاع أسرة عبدالفتاح لم تتحسن حتى عندما كان شقيقها على رأس هرم السلطة. وذكرت سعادة أن عبدالفتاح عندما كان يقال له لماذا لا تعطي خواتك. كان يرد "من فين أجيب لهم (أعطيهم)... من حق الشعب؟".

أحداث 13 يناير

لا تملك سعادة تفاصيل دقيقة حول ما جرى يوم 13 يناير 1986م من اقتتال تفجر أثناء اجتماع لقيادات "الحزب والدولة". سعادة التي زارت عدن بعد الأحداث استخدمت صيغة "قالوا" لرواية ما جرى. وتروي سعادة بأن شخصاً لا تذكر اسمه كان، كما قيل لها، بجانب عبدالفتاح، وأنه على اثر إطلاق الرصاص على أعضاء المكتب السياسي الذين كانوا في صالة الاجتماعات نزع - الشخص- ستارة ليستخدمها في تضميد جراح عبدالفتاح وأنه قال للمصاب "ألم أخبرك بذلك ولم تصدقني". وفيما بات شبه مؤكد أن عبدالفتاح قضى في انفجار دبابة كانت تحاول إنقاذه، إلا أن سعادة لا زالت تشعر على حد قولها بأن شقيقها لازال حياً، .مستدلة على ذلك بعدم العثور على أي أثر لجثمانه كبقية الذين قضوا في تلك الأحداث. وحين سئلت أين تتوقع أن يكون إذا ما كان حياً؟. ردت سعادة "لا يعلم ذلك إلا الله". وعن المسئول عن مقتل شقيقها عبد الفتاح أجابت سعادة: "لا أعلم! ماقدرش (لا أستطيع) أن أظلم أحداً... الذي ظلمه مصيره معه".
ولفتت إلى أن "كلام الناس كثير". ولا تعلم سعادة سبب الاقتتال الذي نشب بين فرقاء في الحزب الحاكم آنذاك، وأسفر عن قتل أعداد كبيرة. وذكرت سعادة أنها وحين زيارتها أسرة عبدالفتاح وجدت أفراد الأسرة في حالة يرثى لها، حيث انتقلت أسرة فتاح بعد الأحداث من "التواهي" إلى "خور مكسر". وقالت سعادة أن الأسرة روت لها كيف أنهم خرجوا حافيين ليختبئوا أثناء القتال في إحدى العمارات ولم يعثر على أفراد الأسرة إلا بعد أسبوع حيث تم نقلهم إلى "خور مكسر".

زوج سعادة

لا تذكر سعادة تفاصيل كثيرة عن زوجها سعيد سوى أنه لا يكترث بالسياسة "من أهل الله... من شغله إلى بيته". وتصف سعادة زوجها سعيد ب"المسالم" وقالت انه لم يسبق وأن اعتدى عليها، وهو كما نعلم منها من أب من "الأعروق" وأم من "الأغابرة". ونفت سعادة أن يكون لزوجها صلات سياسية مع فتاح أو غيره أو أن تكون هي قد عملت ما يشبه ذلك. وحتى وفاته كانت سعادة أنجبت لسعيد خمسة أولاد وبنتاً واحدة. وفي بيت الأسرة حيث جرى اللقاء مع سعادة كانت هناك لوحة معلقة في الغرفة تجمع سعادة وزوجها في سن الشيخوخة، وفي اللوحة التي رسمها زوج ابنتها التشكيلي ورسام الكاريكاتور عبدالله المجاهد، نقلاً عن صورة فوتوغرافية، بدت سعادة بقامة أطول من زوجها لكنها الآن تعاني من أمراض القلب والسكر.

شاهدوا أن صحيفة الحزب الاشتراكي اليمني ترفض بنشر أي موضوع يخص ارض وشعب ودوله وكرامه أهل الجنوب وممارسات الاستعمار اليمني الأجنبي وتنشر في الخط العريض قصة شقيقة مؤسس الحزب وهو نموذج من بوادر الغزو البشري في الخمسينات وكان رئيس اللوبي من العسس اليمنيين في الجنوب العربي ولذي منحه الرئيس علي عبد الله صالح بعد الوحدة مباشره وسام 26سبتمبر الوحيد من رؤساء الجنوب لأغيره.

مع تحياتي للجميع أخوكم: أنا هو.

التعديل الأخير تم بواسطة أنا هو ; 06-01-2006 الساعة 02:57 AM
رد مع اقتباس