عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 08-12-2014, 05:01 AM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

17

إذا لم يكن الإيمان بالله اطمئنانا في النفس على زلازلها وكوارثها، لم يكن إيمانا، بل هو دعوى بالفكر أو اللسان لا يعدوهما، كدعوى الجبان أنه بطل، حتى إذا فجأه الروع أحدث في ثيابه من الخوف. ومن ثم كان قتل المؤمن نفسه لبلاء أو مرض أو غيرهما كفرا بالله وتكذيبا لإيمانه، وكان عمله هذا صورة أخرى من طيش الجبان الذي أحدث في ثيابه!

والإيمان الصحيح هو بشاشة الروح، وإعطاء الله الرضى من القلب, ثقة بوعده ورجاة لما عنده، ومن هذين يكون الاطمئنان، وبالبشاشة والرضى والثقة والرجاء، يصبح الإيمان عقلا ثانيا مع العقل، فإذا ابتلي المؤمن بما يذهب معه الصبر ويطيش له العقل، وصار من أمره في مثل الجنون, برز في هذه الحالة عقله الروحاني وتولى سياسة جسمه حتى يفيق العقل الأول. ويجيء الخوف من عذاب الله ونقمته في الآخرة، فيغمر به خوف النفس من الفقر أو المرض أوغيرهما فيقتل أقواهما الأضعف، ويخرج الأعز منهما الأذل.



فالاطمئنان بالإيمان هو قتل الخوف الدنيوي بالتسليم والرضى، أو تحويله عن معناه بجعل البلاء ثوابا وحسنات، أو تجريده من أوهامه باعتبار الحياة سائرة بكل ما فيها إلى الموت؛ وهو بهذا عقل روحاني له شأن عظيم في تصريف الدنيا، يترك النفس راضية مرضية، تقول لمصائبها وهي مطمئنة: نعم. وتقول لشهواتها وهي مطمئنة: لا.


وما الإنسان في هذا الكون؟ وما خيره وشره؟ وما سخطه ورضاه؟ إن كل ذلك إلا كما ترى قبضة من التراب تتكبر وقد نسيت أنه سيأتي من يكنسها!

__________________






رد مع اقتباس