قائمة الشرف



العودة   منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار > قسم المنتديات الأخبارية و السياسية > المنتدى السياسي

القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن

عاجل



آخر المواضيع

آخر 10 مواضيع : الرئيس الزبيدي يلتقي دول مجلس الأمن الخمس في الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 11101 - الوقت: 03:28 PM - التاريخ: 11-22-2021)           »          لقاء الرئيس الزبيدي بالمبعوث الامريكي بالرياض ١٨ نوفمبر٢٠٢١م (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3884 - الوقت: 09:12 PM - التاريخ: 11-18-2021)           »          الحرب القادمة ام المعارك (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 8091 - الوقت: 04:32 AM - التاريخ: 11-05-2021)           »          اتجاة الاخوان لمواجهة النخبة الشبوانية في معسكر العلم نهاية لاتفاق الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3762 - الوقت: 05:20 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          اقترح تعيين اللواء الركن /صالح علي زنقل محافظ لمحافظة شبوة (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3603 - الوقت: 02:35 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          ندعو لتقديم الدعم النوعي للقوات الجنوبية لمواجهة قوى الإرهاب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3604 - الوقت: 08:52 AM - التاريخ: 10-31-2021)           »          التأهيل والتدريب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3566 - الوقت: 04:49 AM - التاريخ: 10-29-2021)           »          الرئيس الزبيدي يجري محادثات مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 4086 - الوقت: 12:56 PM - التاريخ: 10-27-2021)           »          تحرير ماتبقى من اراضي الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3742 - الوقت: 02:53 AM - التاريخ: 10-15-2021)           »          الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 3670 - الوقت: 12:16 AM - التاريخ: 10-15-2021)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-28-2015, 07:38 PM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي تحليل عميق لما جرى ويجري في الـ ج ع ي للاطلاع ..


تحليل عميق لما جرى ويجري في الـ ج ع ي للاطلاع ..
لا اعرف من هو كاتبه،ولكنه يستحق القراءة رغم طوله الشديد،،،
اروع واعمق واشمل تحليل منطقي للا حداث ....اقرأوه حتى آخر حرف

((علي صالح يأكل الثوم بفم الحوثي: قراءة أولية لمسار الثورة المضادة))
الثلاثاء, 20 كانون2/يناير 2015 13
بداية يجب ألاَّ تستغرقنا تفاصيل معركة محيط دار الرئاسة قبل العثور على العنوان الكبير الذي يشير إلى ما حدث..وسنبدأ من التحالف القائم بين علي عبدالله صالح وحركة الحوثي على اعتبار أنه صار من حقائق المشهد السياسي الراهن في اليمن..ولأنه تحالف مريب فإن طرفيه يتجنبان الإقرار به، وفي الوقت نفسه يتعذر عليهما النفي والإنكار..لذلك لزما الصمت.

تحالفات علي صالح:

في لحظة من لحظات الزهو خرج علي صالح علينا ذات يوم ليقول: "من أجل تحقيق أهدافي سأتحالف حتى مع الشيطان"..والحقيقة أن أخطر تحالفات هذا الرجل كانت كلها مع الشيطان..فقبل رحيله كشف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في مذكراته خلفية تأسيس التجمع اليمني للإصلاح في سبتمبر 1990 قائلا ما معناه: "بعد تحقيق الوحدة دعانا الرئيس صالح أنا والزنداني وآخرين وقال لنا إنه وقع على اتفاقية الوحدة مع الحزب الاشتراكي وإن الاتفاقية تحتوي على بنود هو نفسه غير مقتنع بها، لكنه كطرف موقع على الاتفاقية لا يستطيع أن يعارض أياً من بنودها..لذلك طلب منا الخروج من المؤتمر الشعبي العام وإعلان أنفسنا حزبا سياسيا مستقلا غير ملزم باتفاقية الوحدة ومن حقه أن يعارض بنودها التي لا تروق لنا وله..وقال إنه سوف يقدم للحزب الذي سنؤسسه كامل الدعم مثله مثل المؤتمر الشعبي العام".

واضح أن هذا التحالف لم يكن محكوما لا بقيم ولا بأخلاقيات ولا بمبادئ نبيلة ولا هو تحالف من أجل الوطن..وهو بهذا المعنى تحالف مع الشيطان..والشعب اليمني يعاني إلى اليوم من ضياع الفرصة التاريخية التي أهدرها ذلك التحالف الشيطاني.

وآخر تحالفات صالح مع الشيطان هو تحالفه الراهن مع عبد الملك الحوثي..قال "للسيد" الكلام نفسه الذي قاله ل"الشيخ" :" أنا طرف موقع على المبادرة الخليجية أما أنت فلست طرفا فيها ولا أنت ملزم بها..وعليك أن تسقط هذه المبادرة وأنا من وراء الستار سأقدم لك الدعم الذي يمكنك من بسط النفوذ والسيطرة على كامل الشمال كحد أدنى"..وهذا باختصار عنوان تحالف الحوثي وعلي صالح..وتحته تقع تفاصيل كثيرة..وكل ما يصدر عن حركة الحوثي من أفعال وأقول يثبت حقيقة هذا العنوان الكبير ويدل عليه.

علاقة صالح بنشأة حركة الحوثي:

يتساءل البعض: كيف استطاع صالح أن يحقق التحالف مع حركة الحوثي رغم الحروب الستة وقتله مؤسس الحركة حسين بدر الدين الحوثي؟..لكن هذا السئوال سيفقد عنصر الدهشة التي يوحي بها إذا غاص القارئ في العمق واكتشف أن حركة الحوثي خرجت إلى الوجود بسبب انقلاب على جماعة الشباب المؤمن موَّله صالح ونفذه بدر الدين الحوثي وابنه حسين بدءً بانشقاقهما مع آخرين عن حزب الحق وتحولهما إلى المؤتمر الشعبي العام..وقد كان صالح يدعم الحركة لتحقيق أربعة أهداف: الأول إنتخابي لضمان دوائر صعدة..والثاني محاصرة حزب الإصلاح وإضعافه والحد من توسعه..والثالث توريط الفرقة الأولى مدرع في حروب تنهكها وتقتل قائدها، أو على الأقل تضعفه لصالح الحرس الجمهوري وأحمد علي..والرابع ابتزاز السعودية.

البعد الشخصي لحرب صعدة الأولى:

نشبت حرب صعدة الأولى على خلفية خلاف شخصي بين صالح وحسين بدأ بمكالمة تلفونية سمع فيها الثاني من الأول ما لا يحب أن يسمع من ألفاظ إعتاد صالح أن يُسمعها لكثيرين ممن قرَّبهم إليه ومنحهم بعض امتيازات السلطة والوجاهة..لكن صالح أساء التقدير عندما ظن أن حسين من هذا النوع..فالرجل ذاد عن كرامته ورد الصاع بصاعين ثم أقفل سماعة الهاتف في وجه "صاحب الفخامة"..وعندما عاد إلى هدوئه أدرك أنه أصبح في دائرة الخطر فطلب من مجاهد أبو شوارب والشيخ عبدالله بن حسين أن يتدخلا لدى الرئيس من أجل عودة المياه إلى مجاريها وعليه السمع والطاعة في الحدود التي تحفظ له كرامته.

لم يقبل علي صالح وساطة الشيخين وردهما بغطرسة مفرطة قائلا إنه سيأتي بحسين من صعدة إلى صنعاء مسحوبا من أذنيه..وفي ذلك الوقت كان حسين قد أصبح زعيما روحيا لجماعة تربت على الأعراف القبلية والسلفية الزيدية التي تقدس حاملها الاجتماعي..وإلى هذا الحامل ينتمي حسين الحوثي..وهذا مقام يدفع صاحبه دفعا إلى مقاومة أي تصرف يمكن أن يخدش وجاهته وهيبته أمام مريديه..لذلك رفض حسين الحوثي المثول أمام محافظ صعدة حينها عندما استدعاه إليه فقرر هذا الأخير أن يأتي به غصبا من حيدان صعدة إلى صنعاء..وعندما جاءت الأطقم العسكرية لسحبه من أذنيه إستقوى حسين بجغرافية المكان وأوعز إلى مريديه أن يتعاملوا مع القوة بالقوة دون أن يكشف لهم عن خلفية المشكلة وطابعها الشخصي..وهم حتى هذه اللحظة يعتقدون أنهم واجهوا في ذلك اليوم أول عدوان غير مبرر على المذهب وعلى الخصوصية الثقافية للمنطقة المستهدفة من السلفية الوهابية..وفي ظل هذا الاعتقاد نما شعار الدفاع عن النفس ضد محاولات إستئصال الزيدية كمذهب وكحامل اجتماعي.

الحقيقة التي أخفاها شعار الدفاع عن النظام الجمهوري:

مثلما أخفى حسين الحوثي الحقيقة عن مريديه أخفاها علي صالح عن الشعب اليمني..لم يقل للناس إن حسين الحوثي دافع عن كرامته الشخصية كإنسان ضد رئيس دولة تعود أن يضع نفسه فوق الدستور وفوق القوانين ولا يحترم أبسط أخلاقيات التخاطب مع من يقربهم إليه..فكل من يتحسس لكرامته هو في نظر صالح شخص غير مرغوب فيه، وبمقدار ونوع التحسس الذي يبديه يجب التعامل معه..وحسين الحوثي أفرط في التحسس، وإذا تعذرت إهانته وإذلاله فيجب قتله..ولكن لا يجب أن يقتل بسبب الدفاع عن كرامتة وإنما كهاشمي متآمر على النظام الجمهوري ومتطلع إلى الإمامة..ومن هنا بدأ مسلسل حروب صعدة المحاطة بعشرات الألغاز حتى قيل إن صالح كان يشعلها بالتلفون ويوقفها بالتلفون..والحقيقة أن غاية ما أراده صالح من تلك الحروب هو الثأر الشخصي من حسين الحوثي مع الإبقاء على حركته في حالة جاهزية قتالية لإنهاك الفرقة الأولى مدرع التي خاضت ستة حروب متتالية تورطت السعودية في إحداها..ولو قدر للجنرال علي محسن أن يُقتل في الحرب الأولى أو الثانية لتغير السيناريو في صعدة وسار في منحنى مختلف.

عداء حركة الحوثي لعلي محسن:

نشأت حركة الحوثي كرديف مذهبي غير معلن للمؤتمر الشعبي العام على قاعدة اتفاق مع علي صالح..وهي من هذه الزاوية ماتزال إلى اليوم تحمل جينات نشأتها الانقلابية على الشباب المؤمن..وهذا يفسر عداءها لعلي محسن دون صالح الذي لم يكن علي محسن سوى منفذ متحمس لأوامره..والثمن الذي دفعه الجنرال محسن في 21 سبتمبر 2014 لم يكن بسبب عسكريته ولا بسبب فساده وإنما بسبب عقائديته التي جعلت الحوثي يصنفه في مربع الانشقاق المعلن على الزيدية الهادوية لصالح تحالفات من خارجها..وقل مثل هذا عن مشيخة العصيمات التي لم تدفع ثمن فسادها وإنما ثمن "خيانتها" للزيدية الهادوية.

أنصار صالح وليسوا أنصار الله:

إذا قمنا بعملية رصد بسيطة لسلوك "أنصار الله" بعد 21 سبتمبر 2014 سنعثر على عشرات الوقائع التي تؤكد أن الله هو الغائب الأكبر في هذا السلوك، بينما علي صالح هو صاحب الحضور الملفت..فتوكل كرمان ليست من مراكز القوى ولا من أساطين الفساد ولا هي من أهل السلاح حتى يقتحم الحوثيون منزلها في صنعاء، لكنها دفعت ثمن شعارها الثوري: "كلما زدنا شهيد إهتز عرشك يا علي"..وقل مثل ذلك عن محمد قحطان الذي هدد بسحب علي صالح من غرفة نومه، وعن صخر الوجيه الذي تحدث عن ليااااااااااااااالي طرابلسية في اليمن مقابل ليلى طرابلسي واحدة في تونس..حتى الفقيد فرج بن غانم لم يسلم منزله من الاقتحام لأنه قال لعلي صالح: "أنت رئيس عصابات وليس رئيس دولة" وقدم استقالته من رئاسة الحكومة..وإذا استعدنا تفاصيل مسلسل اقتحام البيوت في صنعاء سنجد أنفسنا إزاء أنصار صالح، أما الله القادر المقتدر الذي لا حدود لقدرته فلا يحتاج إلى أنصار يثأرون له.

المبادرة الخليجية والحصانة:

كانت ثورة فبراير 2011 ثورة يمنية بكل المقاييس الجغرافية والمجتمعية..وكان الشباب الأعزل ضميرها ورافدها الأساس..غير أن روافد ثانوية مسلحة التحقت بها بسبب انقسام قوى النفوذ والسيطرة على نفسها..وفي مشهد كهذا بدا أن إرادة الثورة السلمية في الساحات أقوى من أن تكسرها الآلة العسكرية والأمنية للرئيس صالح..غير أن فاتورة إنتصارها ستكون كبيرة جدا، مع احتمالات انزلاق البلاد إلى حرب أهلية بسبب انقسام الجيش وتشبث صالح بالسلطة وبمشروعه العائلي..ولهذا جاءت المبادرة الخليجية لتجنب اليمنيين فاتورة الثورة مع ضمان التغيير على قاعدة التوافق الوطني..ونصت على نقل السلطة من الرئيس إلى نائبه مقابل منح الحصانة للرئيس الذي كان هو نفسه قد سعى إلى هذه المبادرة واطمأن على مستقبله الشخصي ومستقبل أبنائه..والحقيقة أن أصحاب المبادرة كانوا أوفياء مع صالح في لحظات سقوطه المهين الذي لم يتوقعه لا هو ولا هم، رغم أنه ظل لسنوات طوال يراكم عوامل هذا السقوط بفساده الذي طال كل شيء في اليمن، بما في ذلك منظومة قيم المجتمع.

بعض مظاهر الانتقائية في مواقف الحوثي:

اتسم موقف الحوثي من المبادرة الخليجية بالإنتقائية..فهو ضد المبادرة لكنه ليس ضد الحصانة التي هي جزء لا يتجزأ من المبادرة..وهذه الانتقائية ملحوظة بشكل ملفت في موقفه من "الفاسدين"، حيث لم يعثر الحوثي على فاسد واحد في معسكر علي صالح.

هادي وعلي صالح:

شاءت نتائج حرب 1994 أن يكون نائب الرئيس جنوبيا لإضفاء طابع الشراكة مع الجنوب على نظام إستباحه وأقصاه بواسطة الحرب..لذلك كان النائب بغير صلاحيات فعلية..ومع ذلك إستطاع من موقعه الشكلي هذا أن يتعرف على نظام علي صالح وطريقة إدارته وخارطة توزيع القوة فيه..والمرجح أنه لم يكن يتصور أن نهاية نظام العائلة ممكنة على المدى المنظور..وعندما رأى الشباب يندفعون إلى الساحات كأسراب الجراد رافعين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" لزم الصمت..وهنا إرتاب الرئيس صاح من نائبه وهمَّ أن يقيله وأن يأتي بعلي مجور بدلا عنه، غير أن الوقت والحيلة لم يسعفاه وسط الإرباك الذي سببته له الثورة..لذلك قرر صالح أن يسلم العَلَم لهادي وأن يتظاهر بدعمه نهاراً ليتآمر عليه ليلاً.

هادي والجنرال علي محسن:

وفي المعسكر المضاد لصالح كان الجنرال علي محسن يرى في هادي فرس رهان لكسب المعركة مع صالح والبقاء كرئيس فعلي يدير البلاد من الظل..لكن الجنرال لم يحتج إلى وقت طويل كي يكتشف أن حساباته كانت خاطئة فانقلب من مراهن على هادي إلى كاره له كرها شديدا..وملف هذه الكراهية لم يخرج إلى دائرة الضوء بعد..والأرجح أنه في حال خروجه سيكشف عن قضايا في منتهى الخطورة من الناحية الأمنية..وروائح هذه الكراهية تتسرب حتى اليوم عبر الصحافة المحسوبة على الجنرال وعلى حلفائه الذين يحاولون إقناعنا بأن هادي متحالف مع الحوثي وأنه يهرول نحو إيران لمجرد أنه أصدر قرارات تعيين لأشخاص محسوبين على الحوثي..وللتذكير: كانت هذه الصحافة نفسها تعتبر حرب هادي الشرسة ضد القاعدة في أبين حربا إنتقائية لمجرد أن هادي لم يحارب الحوثي!!!

التركة التي ورثها هادي عن صالح:

كان هادي على علم بحجم التركة الثقيلة التي سيرثها عن صالح..كان يعلم أنه لن يرث دولة وإنما ركام هائل من الفوضى: فتركيبة الجيش وطبيعة ولاءاته الرأسية والأفقية تشير إلى إقطاعيات لن تأتمر بأمره..ومؤسسات الدولة ينخرها الفساد المالي والإداري الكبير والمتوسط والصغير، ويديرها من الأعلى إلى الأدنى أهل الثقة لا أهل الكفاءة..وعلى مدى ثلاثة وثلاثين عاما تكاثر أهل الثقة كالفطر في كل مفاصل مؤسسات الدولة في المركز والمحليات وأصبحوا مثل طابور خامس جاهز نفسيا وبحكم المصلحة لإعاقة أي تغيير أو إصلاح..والمؤتمر الشعبي العام مجرد جمعية لكبار المنتفعين وليس حزبا سياسيا يعتمد عليه في إحداث أي تغيير جاد..ومؤسسات المجتمع المدني مخترقة أمنيا إلى الدرجة التي أقعدتها وشلت قدرتها على أن تكون شريكا فاعلا في التغيير والإصلاح..والأحزاب السياسية بعضها تعرض لضربات موجعة شغلته بنفسه، والبعض الآخر جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل..وكان صالح قد قضى ثلاثة وثلاثين عاما على رأس الدولة يشتري الذمم والولاءات ويفسد الضمائر ويمزق نسيج المجتمع ويدمر منظومة قيمه..وفضلا عن ذلك هناك قضية صعدة والقضية الجنوبية..وهناك القاعدة التي جعل منها صالح طابورا خامسا في الجنوب لتعلن نفسها إمارة في أبين ولها تواجد قوي في شبوة وحضرموت وتحاول التمدد في لحج ويدها تطال أهدافا في عدن..يضاف إلى كل ذلك ضعف الموارد والاعتماد على الهبات والمساعدات والقروض في ظل مستويات عالية من الفقر والبطالة التي طالت حتى الشباب وأصحاب المؤهلات في بلد معظم سكانه يعانون من الأمية الأبجدية والثقافية..وقل مثل ذلك عن خدمات الصحة والتعليم والإنارة والمياه...الخ.

وأخيرا كان هادي يدرك أن العاصمة صنعاء ليست بعد مدينة لكل اليمنيين وأنها ليست حاضنته وأن فيها من يعتبره "مَخْرَجِيْ" نفذ إلى رأس الدولة من شقوق في جدار أهل البيت..وقد رأينا فيما بعد وسمعنا عبارات المن عليه من بعض مراكز القوى التي لبست عباءة الثورة على صالح، بل أن بعضها تجرأ في المن وقال : نحن جئنا بك ونستطيع أن نخلعك..وخلاصة ذلك أن نقل السلطة إلى هادي كان محض صدفة أنتجتها الوحدة اليمنية رغم حرب 1994 التي اعتقد أمراؤها أنها قد أغلقت الأبواب أمام أي صُدف من هذا النوع..وما يريده الحوثي اليوم هو أن تكون هذه هي الصدفة الأولى والأخيرة حتى وإن اقتضى الأمر التضحية بالوحدة اليمنية.

هادي ودعم المجتمع الدولي للتسوية:

قبل هادي أن تنتقل السلطة إليه ولكن بعد أن أخذ تعهدات من المجتمع الدولي بأن يكون إلى جانبه وأن يمد له يد العون والمساعدة..ودون ذلك ما كان بمقدوره أن يغامر..وكلنا يعلم أن جمال بن عمر ذهب شخصيا إلى جنرالات العائلة في محتلف وحدات الجيش والأمن وحذرهم من مغبة التمرد على قرارات الرئيس الانتقالي التي قضت بإبعادهم..فهل من الجائز بعد هذا القول بأن هادي هو من جاء بالمجتمع الدولي الذي يسميه عبد الملك الحوثي "قوى أجنبية" أم أن "العنزة البلدي لا تستجيب إلا للتيس الغريب"؟.

الحقيقة التي تخفيها حساسية الحوثي من القوى الأجنبية:

إن دعم المجتمع الدولي لمسار التسوية في اليمن هو أهم عوامل القوة التي يتكئ عليها هادي، إن لم يكن العامل الوحيد..وهذا يفسر إرتفاع حساسية عبد الملك الحوثي من الخارج غير الإيراني وتجرأه على رأس الدولة وصاحب الشرعية بقوله على الملأ: "هادي دمية بيد القوى الأجنبية"..وهذا قول لم نسمع مثله ضد علي صالح في أوج حروب صعدة.. وإذا علمنا أن هادي ليس هو من قتل حسين بدر الدين الحوثي سيكون بمقدورنا معرفة حقيقة تحسس الحوثي من القوى الأجنبية..إنه تحسس من الرئيس "المخرَجي" الذي لا ينتمي لا إلى المنطقة ولا إلى المذهب..ومن غير الجائز أن ندفن رؤوسنا في الرمال كي لا نرى هذا القبح الذي يفترض أننا قد دفناه في 26 سبتمبر 1962.

طائفية الحوثي:

لم يكن المذهب الزيدي ضد تنمية مناطق شمال الشمال حتى تتعرض هذه المناطق لإلغاء خصوصيتها الثقافية لصالح المذهب السني الذي ارتدى عباءة السلفية الوهابية..ولم يكن أبناء هذه المناطق ضد أي حزب سياسي يخاطبهم ببرنامج وطني يحترم خصوصيتهم الثقافية..ثم أن السلفية الوهابية لم تكن تحمل أي محتوى تنموي يبرر إنتشارها الممنهج في هذه المناطق..لكن ذلك كان من مظاهر غياب المشروع الوطني عن نظام علي صالح وتحالفاته السياسية..وبسبب غياب هذا المشروع جاء مشروع الحوثي ليملأ الفراغ..وبما أنه مشروع سلفي فمن الطبيعي أن يسلك مسالك غير وطنية في تعامله مع المشروع السلفي المناظر ممثلا بالوهابية..لذلك لم يسمح الحوثي لعشرات من أبناء مختلف المحافظات اليمنية أن يتعلموا الجهل على يد الحجوري في دماج، وأخرجهم من هناك بقوة السلاح لا بقوة المشروع الوطني..ولأننا سكتنا عن استخدام السلاح في دماج هاهو الحوثي يستخدمه في العاصمة ومختلف المحافظات ليفرض جهله على الملايين من أبنائها..فالرجل اليوم لم يعد يهتم بإزالة مظالم صعدة وتطبيق ما يخصها من مخرجات الحوار الوطني بعد أن نكبها علي صالح بالحوثي والحوثية..ولا هو مهتم بتنمية مناطق شمال الشمال وتأهيل أبنائها للمنافسة الشريفة في سوق العمل..إنه مهتم بحشد القبائل للحرب ضد التكفيريين والدواعش..وكل يمني سيقف ضده هو تكفيري وداعشي بالضرورة..باختصار شديد نحن إزاء خطر حقيقي يهدد المجتمع بالإنقسام على أساس طائفي زائف..بينما المحرك الحقيقي هو محرك سياسي كما سنرى لاحقا في السياق.

حرب هادي ضد القاعدة:

الحرب ضد القاعدة ليست مثل أي حرب يمكن إدارتها فوق أرض معلومة وضد أهداف مرئية..وحرب كهذه لا يمكن الانتصار فيها إعتمادا على الإجراءات الأمنية وحدها..كما لا يمكن أن تديرها الدولة بنجاح دون إسناد مجتمعي منظم..ومع كل ذلك لم تشهد القاعدة مواجهة حقيقية وفعالة معها إلا في عهد هادي الذي أسقط إمارتها في أبين وملأ الفراغ الذي تركته باللجان الشعبية التي استفز حضورها ثورة صالح المضادة فاستحقت أن يصفها الحوثي بالفساد الممارس من قبل وزارة الدفاع حسب قوله!!..ولو أن تحقيقا جادا وشفافا جرى حول تلك الحرب ونقاط الضعف التي رافقت مسارها لعرف اليمنيون أن قرار تشكيل اللجان الشعبية كان قرارا وطنيا بامتياز ويجب أن تستمر مادام صالح محتفظا بكثير من الولاءات الشخصه داخل الجيش.

حرب الحوثي المزعومة ضد القاعدة:

إن تشكيك الحوثي باللجان الشعبية واعتبارها من مظاهر فساد وزارة الدفاع يكشف عن حقيقة حرب الحوثي المزعومة ضد القاعدة..فالحوثي لا يحارب القاعدة وإنما يتمدد ويمارس الفتوحات لفرض الأمر الواقع على محافظات الشمال..والقاعدة هي التي تحاربه وليس العكس..فتمدده فتح شهيتها ومنحها تعاطفا شعبيا في بعض المناطق التي ترى فيه تمددا رافضيا يجب مقاومته..واليمني الذي يراه الحوثي تكفيريا وداعشيا هو نفسه يرى الحوثي رافضيا ويسترخص الموت في قتاله..والنتيجة أننا إزاء حروب تهدد البلاد بالإنقسام الطائفي ليس إلا..وفي هذا السياق يجب أن نقرأ إصرار الحوثي على اجتياح مأرب لخنق اليمن وإملاء شروطه الطائفية على كل اليمنيين..وإذا ما سقطت مأرب بيد الحوثي فستسقط تعز أيضا..وحينها على كل الشمال أن يقول بصوت واحد: " وداعا للوحدة اليمنية".

التهيئة للثورة المضادة:

"الشعب يريد إسقاط النظام"..هذا شعار ثورة فبراير 2011..ولكن أين هو النظام الذي أراد الشعب إسقاطه؟..والصحيح أن الشعب أراد إسقاط الفوضى التي تسمي نفسها نظاما..فعلى مدى ثلاثة وثلاثين عاما شيَّد علي صالح ركاما هائلا من الفوضى وأبقاه تحت السيطرة بواسطة المال العام والوظيفة العامة والقوة القهرية..ومن الطبيعي أن سقوط علي صالح بواسطة الثورة سيؤدي تلقائيا إلى إنفلات هذا الركام..وهذا ما قصده هو نفسه عندما حذر من عواقب الثورة عليه وقال إن الحرب ستدور من طاقة إلى طاقة..ولكي لا تقع هذه الحرب جاءت التسوية بواسطة المبادرة الخليجية.

إنتزعت التسوية صاعق القوة القهرية من يد علي صالح وجاءت بحكومة وفاق وطني كي تستخلص النظام من بين ركام الفوضى..ولكن الحكومة لا تستطيع أن تفعل هذا إلا إذا كان النظام المراد استخلاصه موجودا في وعيها أولا..أي أن تكون حكومة إستثنائية لمواجهة ظرف استثنائي..والواقع أنها كانت حكومة نمطية لا تختلف عن حكومة علي مجور حتى في برنامجها الإنشائي الذي سلقته في ظرف أسبوع..وهي بهذا المعنى حكومة حملت بذور فشلها منذ اليوم الأول..فعلي صالح إحتفظ بنصف قوامها..ومعظم النصف الآخر مع رئيس الحكومة كان مرتهنا لمراكز القوى التي التحقت بقطار الثورة..ولهذا لم تكن حكومة وفاق وطني إلا من حيث التسمية فقط..أما عمليا فكانت حكومة محاصصة واقتسام غنائم..لذلك بقي ركام الفوضى قائما وفي حالة سيلان يومي..ولأن علي صالح هو من شيد هذا الركام فقد كان على علم بكل أسراره، الأمر الذي مكنه من تشغيل ماكنة الإعاقة من وراء الستار..وساعده على ذلك أن نقل السلطة إلى هادي لم يكن كاملا..فالمؤتمر الشعبي صاحب الأغلبية البرلمانية "الكاسحة" ظل بيد صالح..وإلى هذا الحزب ينتمي كل محافظي المحافظات تقريبا و90% من المجالس المحلية ومعظم مستويات الكادر القيادي في مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية.

وفي ظل سيلان ركام الفوضى تعرضت خطوط نقل الطاقة الكهربائية وأنابيب النفط لاعتداءات متواصلة حولت نهارات اليمن إلى عذاب ولياليه إلى ظلام دامس..ولأول مرة في تاريخ اليمن تقريبا رأينا طوابير طويلة للسيارات ترابط أمام محطات البنزين على مدار الساعة..أما الحالة الأمنية فقد كانت مقلقة على نحو إستثنائي في كل أنحاء البلاد..وتعطلت معظم مصالح الناس وأصاب الهلع مئات الآلاف من عمال اليومية في المدن وفي المناطق الزراعية..وعلى صعيد مؤسسات الدولة ظل الفساد كما هو، بل وأكثر شراسة..وفي ظل هذه الأجواء تعرض المواطنون لتدفق إعلامي هائل من كل الاتجاهات المتضاربة، بما في ذلك إعلام علي صالح الذي أنشأ قناة تلفزيونية تعمل 24 ساعة على تكريس حضوره في المشهد السياسي بلقب "زعيم" وتبشر اليمنيين بالويل والثبور وعظائم الأمور لأن ربان السفينة "الملهم" لم يعد هو القبطان، والغرق آت لا ريب فيه..والإعلام الرسمي الذي تربى على التطبيل والتزمير لعلي صالح لم يستطع أن يتحول إلى إعلام مواكب ومسئول فاختار أضعف الإيمان وهو الوقوف على الحياد وترك الرأي العام لتجاذبات إعلام مراكز القوى المتصارعة ألتي أحبطت الناس وأوصلتهم إلى حالة من اليأس أصبح معها لسان حالهم يقول: اليوم أسوأ من أمس وغدا سيكون أسوأ من اليوم..بل وظهر من يقول:سلام الله على عفاش..وتكاثر باعة صور أحمد علي في الجولات، لتتحول إلى ملصقات معلقة على بعض سيارات الجيش بكل تحد ودون أدنى حياء.

وفي هذا المناخ الكئيب جاء من يقترح على هادي أن يرفع سعر البنزين والديزل حتى لا تتعرض خزينة الدولة للإفلاس وتعجز الحكومة عن دفع مرتبات الموظفين..ولتنفيذ هذا المقترح اختارت الحكومة توقيتا نزع ما تبقى لها من احترام عند الشعب..وما أن دخل حيز التنفيذ حتى انقشعت أزمة الوقود خلال دقائق فبدا الأمر كما لو كان مؤامرة دبرتها الحكومة في ليل..وبذلك تهيأ جزء من الرأي العام لتقبل الثور المضادة وتهيأ الجزء الآخر للإنقسام بين متشفٍ ومتفرج .

الثورة المضادة:

بدأت الثورة المضادة بالإنقلاب على مشيخة العصيمات وتدمير قصورها وتشريدها من معقلها التاريخي..وفي الوقت نفسه توحيد حاشد بقيادة "السيد" الذي أعاد الاعتبار للسربلة وألغى الضم ليثبت أن القبيلة دائما على مذهب المتغلب..لكن ما كان بمقدور "السيد" أن يشرد الشيخ لولا المظالم الكبيرة التي راكمها هذا الأخير، والتحالف مع القبيلي علي صالح الذي حركته نزعات الثأر والانتقام من مشيخته..والسئوال: هل كانت الثورة المضادة مفاجئة؟.والجواب كانت متوقعة..ولأنها متوقعة جاءت حكاية إقليم أزال لمحاصرتها داخله.

لماذا الفدرالية؟

بصرف النظر عن التحسس الذي يبديه بعض أصحاب النوايا الطيبة من الفدرالية إلا أن بناء دولة مدنية حديثة في اليمن من مدخل الدولة البسيطة صار مستحيلا على المدى المنظور لأسباب كثيرة نذكر منها ما يلي:

1 - إنحراف الدولة البسيطة في اليمن عن مسارات العقد الاجتماعي الوطني الذي تأسست عليه، وذلك بسبب الاستعصاءات المحلية – في المنطقة المعروفة حاليا بإقليم أزال - وعدم القدرة على تحييد مؤثراتها السلبية على مختلف مناطق البلاد..ولذلك إنزلقت البلاد بسرعة قياسية نحو الحرب بعد تحقيق الوحدة اليمنية وفقد الشعب اليمني فرصة تاريخية ثمينة من أجل التنمية والحياة الكريمة.

2 - تكتظ الخارطة الاجتماعية في اليمن بوجود قوى محلية مؤثرة ترفض على المدى المنظور نقل ولاءاتها الأولية إلى ولاء وطني للدولة..وقد فشلت الدولة البسيطة في تحييد المؤثرات السلبية لهذه القوى على مستوى الدولة..وبسبب ذلك تحولت الدولة بوضعها الراهن إلى أداة قهر مركزي في إطار اندماج وطني شكلي ومشوه.

3 - بسبب المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية تحولت ثورة فبراير 2011 إلى تسوية سياسية منحت الحصانة لقوى النظام التي لم تقم الثورة إلا للتخلص منها..وإذا كانت الحصانة مقبولة لتجنيب البلاد حربا أهلية متوقعة فإنها من منظور العدالة ظلم بواح مالم تفضِ التسوية إلى دولة تحول دون إلتفاف مراكز القوى على الثورة وكسب معركة السلطة من جديد بما راكمته من مال وقوة ونفوذ، فضلا عن العصبيات والمليشيات المسلحة.

لكل ذلك وغيره كان لابد من إعادة بناء الدولة على أساس إتحادي باعتبار ذلك هو الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به الجنوب للبقاء في ظل الوحدة بعدما دفع ثمن ذهابه الطوعي إليها وأقصي جبرا وقسرا من مكانه الطبيعي في معادلة الشراكة الوطنية..ولكن لماذا ستة أقاليم وليس إثنين مادام الأمر متعلق بالمآل المأساوي الذي صار إليه الجنوب؟.

خيار الإقليمين:

الحقيقة أن الحزب الاشتراكي اليمني هو من طرح خيار الإقليمين داخل مؤتمر الحوار الوطني في الوقت الذي كان فيه علي صالح يحرك أدواته لتقسيم الجنوب إلى إقليمين أحدهما الإقليم الشرقي..وهذا في إطار خطة محكمة لتمزيق الجنوب لاحقا إلى ما هو أكثر من ذلك وفك ارتباطه بالوحدة مع الشمال..وللتغطية على هذا المخطط جرى التشكيك بخيار الإقليمين واعتباره خطوة على طريق الانفصال..تم هذا في الوقت الذي كان فيه الاشتراكي يطالب بطرح رؤيته للنقاش داخل مؤتمر الحوار الوطني ويعلن جهارا نهارا أنه سيحترم الخيار الذي سيخرج به الحوار.

هل فعلا الاشتراكي مع إقليمين؟

الحقيقة أن ما يهم الحزب الاشتراكي على المدى المنظور هو أن يبقى الجنوب موحدا في إقليم واحد لأسباب بيَّنها بدقة ووضوح ولا مانع عنده أن يكون الشمال إقليمين أو أكثر، لكن يبدو أنه تجنب الإشارة إلى ذلك حتى لا يأتي من يزايد عليه..أما ما يتعلق بالجنوب فالأمر مختلف بالنسبة لهذا الحزب للأسباب التالية:

1 – توحد الجنوب عام 1967 على أنقاض 23 سلطنة ومشيخة وإمارة أسقطتها مجتمعة ثورة 14 أكتوبر بقيادة الجبهة القومية.. ومعنى هذا أن وحدة الجنوب ماتزال غضة طرية، وماضي السلطنات والمشيخات والإمارات مايزال يتربص.

2 – عمل المنتصر في حرب 1994 على بعث القوى التقليدية في الجنوب وحرضها ودعمها لتصفية حسابات مع الحزب الاشتراكي، وهذا فتح شهيتها للعودة بالجنوب إلى ما قبل 1967 ..وليس من قبيل المصادفة أن يظهر من يجاهر بإنكار يمنية الجنوب ويعتبرها صناعة اخترعتها الجبهة القومية وواصلها الحزب الاشتراكي الذي يحملونه مسئولية توحيد الجنوب مع الشمال وتقديمه فريسة لقوى حرب 1994.

3 – أظهر مسار التسوية السياسية بعد ثورة فبراير 2011 أن مراكز القوى والنفوذ في الشمال مستعدة للتضحية بالوحدة لضمان هيمنتها على كامل الشمال كحد أدنى مادامت الوحدة تهدد هيمنتها في كل اليمن..وسلوك الثورة المضادة بعد 21 سبتمبر 2014 يدل على ذلك..والأنكأ من كل هذا أن مراكز القوى والنفوذ لا تريد أن ترى الجنوب موحدا في حال نجحت في فض عرى الوحدة اليمنية بالتفاهم مع قوى تقليدية في الجنوب.

وللأسباب المذكورة يرى الحزب الاشتراكي نفسه صاحب مسئولية تاريخية وسياسية وأخلاقية تجاه الجنوب وهو معني بالدفاع عن وحدته في ظل الوحدة مع الشمال أو بدونها إذا تعذر استمرارها.

حكاية الأقاليم الستة:

خيار الستة أقاليم هو خيار تكتيكي رمى به علي صالح لتمرير خيار الإقليمين على الجنوب ثم بعد ذلك الانقلاب على هذا الخيار في الشمال..وهذا ما تفعله الثورة المضادة الآن من خلال التمدد بالسلاح تحت شعار الحرب ضد التكفيريين..وهي أيضا تعلن صراحة أنها لن تسمح لخيار الستة أقاليم أن يمر..وعلى القارئ اللبيب أن يعلم أن ما تقصده فعلا هو عدم السماح لخيار الأربعة أقاليم أن يمر على الشمال..أما الجنوب فليذهب إلى الجحيم إذا كان التمسك به سيؤدي إلى تحرير الشمال من هيمنتها عليه.

إقليم أزال لمحاصرة قوى التعطيل:

لم يكن علي صالح يتوقع أن يمر خيار الستة أقاليم بالبساطة التي مر بها..فالرجل رمى برقم دون أن يقدم أية حيثيات موضوعية تؤيد هذا المقترح..واللاعب الكبير الذي ترك هذا الخيار يمر كان يعلم أن علي صالح يلعب، ولا بأس من اللعب معه..كان اللاعب الكبير يدرك طبيعة القوى المعطلة لمسار التسوية وموقعها في جغرافية اليمن..ولهذا أفرد لها إقليما خاصا هو إقليم أزال..وإلى هذا الإقليم ينتمي علي صالح وعلي محسن ومشيخة العصيمات والزنداني والحوثي..لقد سرى على هؤلاء جميعا قوله تعالى: " وإذا الوحوش حشرت ".

إقليم أزال وحكاية تآمر هادي على القشيبي:

إقليم أزال هو مربع الاستعصاءات المحلية التي أعاقت بناء الدولة الوطنية البسيطة منذ ثورة سبتمبر 1962 إلى اليوم، وتعيق الآن بناء الدولة على أساس إتحادي..وإلى هذا الإقليم ينتمي حوالي 80% من قوام الجيش..ومن أجل بناء الدولة الاتحادية كان لابد من محاصرة هذه الاستعصاءات داخل مربعها الجغرافي وتحييد مؤثراتها السلبية على مختلف مناطق البلاد.

لقد جرى حشر كل مراكز القوى المتصارعة داخل هذا الإقليم – بما في ذلك القشيبي - وترك لها المجال أن تعود إلى رشدها أو أن تمارس الجنون كما يحلو لها، لكن داخل إقليم أزال وليس خارجه..وبدلا من العودة إلى الرشد إختارت الجنون ومارسته في حاشد وهمدان وأرحب وعمران..أما سنحان وبلاد الروس وبني بهلول وخولان فيبدو أن علي صالح أقنع الحوثي بعدم الاقتراب منها على اعتبار أن معظمها جيوب مضمونة له..لكن عندما كان الجنون يمتد إلى الجوف كانت الدولة تتدخل لأن الجوف ينتمي إلى إقليم سبأ الذي يضم أيضا مأرب والبيضاء..والحوثي يريد أن يهشم عظام هذا الإقليم..وهذا يفسر حروبه في البيضاء والجوف وتحفزه لاجتياح مأرب.

لماذا دولة الإمارات:

قبيل نقل السلطة إلى هادي كانت دولة الإمارات قد تهيأت لتكون السلة التي سينقل إليها علي صالح معظم ثرواته التي نهبها من مقدرات الشعب اليمني خلال ثلاثة وثلاثين عاما..وليس مصادفة أن يعين أحمد علي سفيرا هناك..وهناك أيضا شيَّد صالح مدينة إستثمارية كبيرة في نخلة..دولة الإمارات إذن هي البنك الذي استُدرج علي صالح إليه حتى يسهل تأديبه عندما يلعب بذيله.

مخطط اجتياح صنعاء والعقوبات الدولية:

بما أن صنعاء هي عاصمة الدولة الاتحادية فيجب أن تقف على مسافة واحدة من كل أقاليم الدولة..وهي لا تستطيع أن تكون كذلك إلا إذا خلت من هيمنة مراكز القوى المتصارعة داخل إقليم أزال..وقد تكفل صالح لدولة الإمارات بإخلائها وإفراغها من الأذرع العسكرية للإخوان المسلمين وأهمها علي محسن وفرقته المدرعة..تعهد أن الحوثي سيقوم بهذه المهمة وسيعود أدراجه من حيث أتى..ومع الحوثي عزف على موَّال مختلف ووفر له عوامل كسب المعركة وبدأ مخطط اجتياح صنعاء..ولتبرير المخطط رفع شعار: " إعادة أسعار المحروقات إلى ماكانت عليه وإقالة حكومة الفساد وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني"..وهذا كلمة حق أريد بها باطل لأن مخرجات الحوار الوطني سُمٌ قاتل لقوى الإعاقة والتعطيل، وهي في جملتها مرفوضة من الحوثي وصالح مثلما هي مرفوضة من الزنداني ومحسن وحميد.

بدأت عملية تطويق العاصمة بالقبائل المسلحة..واكتظت المخيمات بالمتضررين من تطبيق نظام البصمة وأصحاب الأسماء الوهمية في الجيش والأمن..وكان واضحا أن علي صالح يأكل الثوم بفم الحوثي..وأن ما يجري أكبر من طاقة مليشيات الحوثي على القيام به..وفعلا تمت عملية الاجتياح وسقطت قيادة الفرقة ونجا علي محسن الأحمر بجلده واختفى الزنداني مستفيدا من تحالف غير معلن مع علي صالح الذي كان يحركه للتحريض ضد مؤتمر الحوار الوطني.

جرت الأمور على نحو مغاير لما توقعه علي صالح..فحزب الإصلاح تصرف وكأنه لا وجود له..وهادي حايد ولم يطلق رصاصة واحدة ولم يغادر العاصمة ولم يعط أحدا فرصة للطعن في شرعيته..وصنعاء لم تتحول إلى ساحة حرب طويلة ودامية ومدمرة حتى يدخلها علي صالح منقذا ومرحبا به من برلمان يحي الراعي..باختصار فشل إنقلاب علي صالح وانكشف أمره لرعاة التسوية وتعرض لعقوبات قابلة لأن تكون أكثر قساوة وربما تمتد إلى آخرين في عائلته..أما الحوثي فليس أكثر من زوبعة في فنجان..لكن هذا الفنجان يحتوي على فراغات كبيرة تتحرك داخلها مليشياته وبدعم متواصل من علي صالح..ونقطة ضعف هادي أنه لا يرى هذه الفراغات ولا ينتبه إلا عندما يسمع أصوات الرصاص.

الحوثي واتفاق السلم والشراكة:

الحوثي في اتفاق السلم والشراكة طرف واحد إلى جانب كل الأطراف الموقعة..لكنه يتصرف كما لو كان هو الكل في الكل..فالرجل لا يحترم تعهداته والتزاماته ولا هو في وارد احترامها مادام يحلم أن يصبح "خميني" آخر في اليمن..والفارق أن خميني إيران كان يمثل معظم الشعب الإيراني بينما صاحبنا لا حضور له خارج إقليم أزال، ويريد أن يهيمن على اليمن بميليشيات جهوية تعتقد أن الرجل سيحكم الجزيرة العربية وسيحرر القدس وسيعيد خلافة الإمام علي، ولا تعلم أنه يشق المجتمع يهدد الوحدة اليمنية في مقتل..ولهذا لا نعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار سيصمد طويلا..فالثورة المضادة سقفها مرتفع جدا، وعلى هادي أن يعيد حساباته وأن يتأمل بجدية قائمة أخطائه..وأول هذه الأخطاء مراهنته كليا على دعم المجتمع الدولي وعزفه عن البحث عن نقاط القوة في الداخل اليمني، وما أكثرها..ونقاط القوة هذه هي وحدها الكفيلة بفضح وكشف حقيقة "الشرعية الثورية" التي يتنطع بها الحوثي.
__________________






رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-28-2015, 07:41 PM
الصورة الرمزية العبد لله بو صالح
المـشـرف الـعـام
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: الجنوب العربي - حضرموت
المشاركات: 13,714
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

ليس بالضرورة ان نؤمن بكل مايكتب هنا وهناك ولكن لابد ان نعرف كيف يفكر الاخرين وكيف تحليلهم .. سوى كان الصديق او العدو . وجة نظر .. لنهم يتابعون مانكتب وكيف نفكر وعلى ضؤ ذلك تحدث التامرات وحياكاتها من خلال البحث عن نقطة الاختراق او الضعف فينا .

لكم التحية
__________________






رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:35 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م

ما ينشر يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة