القرآن الكريم - الرئيسية -الناشر -دستور المنتدى -صبر للدراسات -المنتديات -صبر-صبرفي اليوتيوب -سجل الزوار -من نحن - الاتصال بنا -دليل المواقع -
الحاكم والمعارضة.. قراءة في مؤشرات الأزمة الديمقراطية! صيغة PDF طباعة أرسل لصديقك
الاخبار العربية والدولية - اليمن الشقيق
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 20 أغسطس 2008 08:25
صوت الجنوب نيوز/2008-08-20
 بقلم: نزار العبادي
رغم ما بدا بأن الحزب الحاكم يجد في التسليم بمطالب معارضيه (المشترك) خياراً لا مفر منه للوصول إلى اتفاق على قانون الانتخابات، والحيلولة دون انتكاس التجربة الديمقراطية اليمنية..
غير أن المؤشرات التي أفرزتها الأزمة
السياسية- التي ما انفكت تستنسخ فصولها- كشفت لصناع القرار أن ذلك التوجه قد يكون هو بداية الانتكاسة في ظل تجاهل المنحى الخطير الذي تنزلق إليه الديمقراطية، وما يمكن أن يترتب عنه من تداعيات، إن ظلت الساحة اليمنية بعيدة عن فهم الإشكاليات الحقيقية التي تنتج أزماتها!!
• انقلاب على الديمقراطية
إن الحقيقة التي كان متوقعاً أن يتخذها المؤتمر الشعبي مرتكزاً محورياً لحواره مع أحزاب المعارضة ظلت مغيبة- لسبب مجهول- رغم أهميتها.. فالإشكالية الرئيسية في الجدل الدائر حول الانتخابات لم تكن- بتقديري- إشكالية آليات انتخابية بقدر ارتباطها بمدى إيمان الأحزاب المتنافسة بالديمقراطية كنهج وطني لممارسة العمل السياسي، وتداول السلطة سلمياً..
 فالموقف الذي ترجمته أحزاب اللقاء المشترك عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بالنزول إلى الشارع، والتحريض ضد النظام السياسي، ودعوة الجماهير إلى إسقاطه بشتى الوسائل، لا يمكن وصفه غير أنه (إنقلاب على الديمقراطية)، والتنكر لنتائجها، رغم شهادات النزاهة المحلية والدولية التي حضيت بها التجربة، ورغم أن المشترك نفسه لم يطعن، أو يعلن تحفظاً ما على نتائجها.. وهو الأمر الذي كان مفترضاً أن يقود الحزب الحاكم إلى طرح سؤال حيوي على طاولة حواره مع المشترك هو: ما هي ضمانات القبول بنتائج الديمقراطية، والتسليم بها كخيار وطني يمثل الإرادة الشعبية- سواء كان الفوز حليف المؤتمر أو المشترك!؟
لكن ما حدث هو أن تجاهل المؤتمر التفكير بجدوى أن يخوض منافسة انتخابية رئاسية، وبضمانات نزاهة جيدة نسبياً، إذا كان فوز مرشحه لا يمنع بقية الأحزاب من النزول إلى الشارع، والدعوة العلنية لإسقاط الرئيس "المنتخب"، ونعته بـ"الدكتاتور"... كما لا يمنع من مطالبة "الفائز" بتقاسم السلطات مع "الخاسر"- على غرار مطلب الاشتراكي!
فإذا كانت صناديق الاقتراع لا تمنح الصفة الشرعية الدستورية للحاكم، ولا تلبي أدنى درجات التعايش الآمن للقوى السياسية الوطنية، فإن ما يُمارس في اليمن لا يمكن أن نسميه ديمقراطية، طالما وقد فقد وظيفته الأساسية..
كان حرياً الوقوف أمام هذا الخطأ الفادح بما يستحقه من التفاتة واعية من جميع أطراف العملية السياسية- حاكم ومعارضة- ليتصدر أجندة الحوار، ومشروع التعديلات القانونية، من أجل إيجاد الصيغ المناسبة التي تمنح مخرجات الممارسة الديمقراطية صفتها الشرعية، وتحمي الديمقراطية من الانزلاق إلى ذات المأزق الذي هوت إليه منظمتي "حماس" و"فتح" عندما تنكرت الأخيرة للاستحقاق الديمقراطي الذي حضيت به "حماس" عقب فوزها بالانتخابات!؟


• مأزق صنعته مخاوف المؤتمر
إن القلق "المبالغ فيه" الذي أبداه الحزب الحاكم على إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها (أبريل/ 2009م)، جعله هدفاً سهلاً للعبة "ذكية" من قبل أحزاب المعارضة. إذ أنها سرعان ما عمدت إلى اختلاق الذرائع التي تتنصل بها من الحوار، ومن تعديلات القانون، ثم من تسليم البرلمان قائمة المرشحين لعضوية اللجنة العليا للانتخابات، وتم تنفيذ سلسلة انسحابات من مجلس النواب، لم يكن القصد منها أكثر من التسويف بالوقت، وجر الحزب الحاكم إلى زاوية زمنية ضيقة للغاية، تضطره فيها إلى الامتثال لمطالبها، مهما كان حجمها أو صعوبتها- وهو الأمر الذي اعترف به القائم بأعمال الأمين العام للمؤتمر عبد الرحمن الأكوع حين قال أن حزبه يتعرض "للابتزاز" من قبل المشترك!
ولعل نجاح المشترك في استثمار قلق الحزب الحاكم حول موعد الانتخابات، وجر المؤتمر إلى الزمن الذي اختاره لتنفيذ لعبته السياسية، فتح شهيته مرة أخرى لتوسيع سقف مطالبه السياسية، لتتعدى المسألة الانتخابية والتعديلات المقترحة إلى التفاوض على ملفات أخرى على درجة عالية من الحساسية، كقضية المعتقلين على خلفية أحداث التخريب في الجنوب، والدعوة للانفصال، والتحريض على العنف..!
ورغم ما كان متوقعاً بأن المؤتمر سيرفض هذا اللون من الربط بين الانتخابات وبقية القضايا موضع الجدل، إلاّ أنه انساق في الركب أيضاً، وصدر تصريح على لسان محافظ الضالع اللواء علي قاسم طالب يؤكد أن رئيس الجمهورية سيوجه بإطلاق سراح المعتقلين، بمن فيهم حسن باعوم- الذي اعترف أمام القضاء بأنه لا يعترف بالنظام الحاكم، ولا بالوحدة اليمنية..!
وبهذا تكون الأحزاب- الحاكم والمعارضة- قد رهنت القانون بالتسويات، وجعلت نفاذ النص التشريعي قريناً للموقف الحزبي، ومتى ما تعكر صفو ذلك الموقف سقطت شرعية القانون.. وتلك سابقة خطيرة في الحياة السياسية والديمقراطية اليمنية، ليس فقط للسبب الآنف الذكر بل أيضاً لأنها تؤسس لثقافة ابتزازية تمنح الأحزاب وضعاً "سيادياً" فوق كل القضايا الوطنية..


• لماذا تراجع الرئيس..!؟
في الحقيقة كان هناك رأيان حول نبأ موافقة الحزب الحاكم على ربط قضية الانتخابات بقضية المعتقلين، فقد ذهب الأول إلى تفسير ذلك على أنه "تنازل مرحلي" مراعاة للظروف الأمنية التي يمر بها البلد، ولتتفادى السلطة أي تصعيد محتمل من قبل المعارضة قد يشغلها عن مهمتها الأساسية في مواجهة نفوذ القاعدة والتنظيمات الإرهابية المتغلغلة في أوساط المجتمع، والتي نفذت بضع عمليات نوعية أثرت كثيراً على سمعة اليمن الخارجية ونشاطها السياحي والاقتصادي..
إلاّ أن هذا الرأي قابله رأي آخر لا يجد ذلك التفسير سليماً ودقيقاً إذا ما تم الأخذ بنظر الاعتبار أن من سيُطلق سراحهم لا يقلون خطراً عن أي تهديد أمني آخر لليمن كونهم يحملون مشروعاً تشطيرياً، ويتبنون تهج العمل المسلح، ويرتبطون بمشاريع خارجية بقوة- أي أن الرأي الثاني يعارض قرار إطلاق السراح، ولأسباب أمنية أيضاً.
وفي غمار هذا الجدل، وبعد ساعات من تداول الإعلام للخبر، تبين أن السلطة تراجعت عن قرار الإفراج عن المعتقلين، وكان ذلك بمثابة ردة فعل سريعة- و"موفقة" إلى حد كبير- على الطريقة التي روجت بها وسائل الإعلام (خاصة المرتبطة بالجنوب) للخبر، على أنه "انتصاراً" وهللت للمعتقلين، وكشفت عن تحضيرات لمراسيم استقبال مهيبة.. الأمر الذي لفت انتباه السلطة إلى خطورة ما هي مقدمة عليه!!
فالإشكالية التي تعاني منها الساحة الشعبية اليمنية "المعارضة" تتلخص في افتقارها للرموز السياسية القيادية البديلة التي يمكن الوثوق بها، والالتفاف حولها.. وإذا ما تم إطلاق سراح حسن باعوم وغيره فإن حفاوة الاستقبال، والتسويق الإعلامي الذكي للحدث على أنه انتصار "ساحق" على السلطة يحسب لصالح باعوم ورفاقه ثم المشترك، قد يحول باعوم إلى "رمز" قيادي، و"بطل قومي" لم يتردد لحظة عن الجهر بموقفه الانفصالي أمام القضاء، وإعلان عدم اعترافه بشرعية النظام..! وبالتالي سيتهيأ للساحة الشعبية الأنموذج "الرمز" الذي يستهوي الجماهير، ويذيب خلافات تياراتها السياسية المختلفة- الأمر الذي متاح له أن يتطور، ويجر اليمن إلى أكبر أزماتها منذ حرب الانفصال 1994م.
ولم يكن "غباء" تلك الوسائل الإعلامية، وجهلها لآليات الإعلام السياسي وحده الذي قلب الموقف، بل أن قيادات رفيعة في المؤتمر الشعبي العام أبدت إستياءً من النبأ حال بثه.. وسلطت أضوائها على نقطة مهمة وهي: إذا كان المؤتمر متشبث بإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، ومضطر للرضوخ لمطلب إطلاق سراح المعتقلين كنوع من المقايضة مقابل التصويت على قانون الانتخابات، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، فما هي ضمانات المؤتمر من أن المشترك لن يتراجع بموقفه، ولن يبتكر سبباً جديداً للتلويح بقرار مقاطعته للانتخابات، ومواصلة ابتزازه للسلطة؟
إن هذا التساؤل "المنطقي" الذي أثارته قيادات مؤتمرية نهار تسريب خبر إطلاق سراح المعتقلين، ما لبث أن وجد ما يفسره مساء نفس اليوم خلال لقاء الرئيس علي عبد الله صالح مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك- والتي حملت إليه مطالباً مختلفة بينها موضوع المعتقلين السياسيين، وأبدى الرئيس موافقته على ذلك، وطلب من سلطان العتواني- أمين عام الوحدوي الناصري- تقديم كشفاً بمن يراد إطلاق سراحهم، شريطة ألاّ يكون بينهم معتقلين بقضايا جنائية.. وهو الأمر الذي أحرج المشترك، نظراً لوجود اعترافات علنية لعدد من المعتقلين، سبق أن بثتها وسائل إعلام مختلفة.
لكن المفاجأة الأكبر، والسر الذي ظل خافياً حتى اللحظة، هو أن قيادات المشترك قبل القدوم إلى الرئيس تواصلوا مع عبد الرحمن الأكوع- القائم بأعمال أمين عام المؤتمر- وطلبوا منه التوسط لدى رئيس الجمهورية بان لا يتعامل معهم "بسلاح الدستور والقوانين"- على حد تعبيرهم- "بل نتعامل بتفاهم سياسي سري".. وهو التعبير الذي فسره الرئيس حال وروده مسامعه من الأكوع بأن المشترك لديه مطالب تنتهك الثوابت الوطنية، وأنه قد ضاق ذرعاً من الأطر القانونية!!
هذا هو حقيقة ما جرى خلف الكواليس، وغاب عن علم ساحة الرأي العام، والذي يتم كشفه لأول مرة!! فالرئيس صالح رفض بشدة أي تعامل خارج أطر القانون والدستور، في نفس الوقت الذي تعهد لقيادات المشترك بأنه مستعد لتلبية أي مطلب في إطار القانون "فوراً".. وهو الموقف الذي أثار استياء المشترك، ودفعه للعب بورقة قانون ولجنة الانتخابات والتغيب عن الجلسة البرلمانية أملاً في تشكيل ضغط على الرئيس صالح بما يمكن أن يسفر عن تراجع في رفضه اللعب خارج أطر القانون والدستور!!


• مؤشرات المقاطعة الانتخابية
من المؤكد أن أي عمل سياسي يفتقر للمناهج المؤسسية والقانونية لا يمكن أن يكفل أي ضمانات لأي اتفاقات حزبية، لكونه محكوم بأمزجة، وتسويات سرية، ومصالح فئوية بعيدة عن المصالح الوطنية..
فقد أفرزت الأحداث مؤشرات عديدة تؤكد أن المشترك سيقاطع الانتخابات حتى لو سلم له الحزب الحاكم مفاتيح البنك المركزي..! فأحزاب اللقاء المشترك تحتفظ بحسابات دقيقة لمشاركتها، وتجد أنها لو سلكت المسار الديمقراطي السليم لن تكون أمامها فرصاً وفيرة للفوز بأغلبية برلمانية نتيجة لحالة الشتات التي يعيشها كل حزب منها منفرداً، وأزمة الثقة التي تعيشها مجتمعة..
فالتجمع اليمني للإصلاح يجد نفسه قد خسر كثيراً من الدوائر الانتخابية في المحافظات الجنوبية التي بنى نفوذه فيها شاغلاً الفراغ الذي خلفه الحزب الاشتراكي عقب هزيمته في حرب 1994م، وكذلك أبان مقاطعته للانتخابات عام 1997م.. إلاّ أن الاشتراكي نجح مجدداً في العودة بقوة إلى ساحة الجنوب على وجه الخصوص، حاملاً في جعبته الكثير من المشاريع التي تنضوي تحت شعارات بعضها تدعو للانفصال، وأخرى للفيدرالية، وثالثة تطالب بتقاسم السلطات، إنطلاقاً من رصيد شراكته في الوحدة التي ترجح كفته كثيراً على الإصلاح وتمنحه شيئاً كبيراً من الأفضلية..
لذلك فإن قيادة الإصلاح تجد حزبها محاصر بقوة بين نفوذ اشتراكي جنوباً، ونفوذ مؤتمري– ولو نسبي- شمالاً، وفي الوسط، مما يجعلها تخشى كثيراً تراجع رصيد حقائبها البرلمانية إلى مستوى مخجل..!
أما الحزب الاشتراكي اليمني فهو لا يطمئن إطلاقاً لعلاقته بالتجمع اليمني للإصلاح- حتى وإن تظاهر بخلاف ذلك..! فالاشتراكي بشكل عام مؤمن بوجود علاقة إستراتيجية تربط الإصلاح بالنظام الحاكم، وأن الكيانات التقليدية القبلية تحتل ثقلاً كبيراً داخله، وهي غالباً ما تميل إلى ترجمة سلوك متعصب مع السلطة التي تجدها الأجدر بضمان مصالحها، ونفوذها الاجتماعي..!
وفي نفس الوقت، فإن التكتلات أو التيارات الاشتراكية المنضوية تحت مظلة "القضية الجنوبية" والتي برزت مؤخراً، تتباين في مواقفها تجاه حزب الإصلاح- بين من ينظر إليه بمنطق مناطقي تشطيري، وبين من يأخذه بجريرة مواقفه القديمة، وفتاوى التكفير التي أصدرتها بعض قياداته، وشراكته مع المؤتمر في حرب 1994م، بل هناك من يأخذه بجريرة دوره في التصدي لما كان يسمى بـ"الجبهة الوطنية الديمقراطية" أوائل الثمانينات بقيادة الشيخ سعيد القباطي.. رغم أن هناك شبه إجماع لدى الاشتراكيين عموماً بأنه حليف استراتيجي للنظام.
ومن هنا تتبلور رغبة الاشتراكي في الانعتاق من "وصاية" الإصلاح، الذي بات متهماً  باستثمار قضية الجنوب لمصالحه الخاصة.. كما أن مؤشرات تلك الرغبة تتجه نحو خيار "التثوير" أكثر من "التوافق" مع الحزب الحاكم، خاصة أن مشروع إطلاق سراح رموز ما يسمى بـ"الحراك السياسي الجنوبي" يؤمن مناخاً سياسياً ساخناً في المحافظات الجنوبية.. وبلا شك أن الإصلاح والاشتراكي سيسعيان لاستثماره، كلاً بطريقته الخاصة..


• سيناريو قانون ولجنة الانتخابات
ما شهده البرلمان صبيحة يوم الاثنين 18 أغسطس يمكن اعتباره "نصراً غير مسبوق" للمؤتمر، وضع أحزاب المشترك أمام حالة من الذهول لدرجة لم تسعفها بإصدار أي بيان يفسر لقواعدها، أو الرأي العام حقيقة ما حدث، بغض النظر عن التصريحات الفردية المقتضبة للغاية..!
فكتلة المؤتمر في الجلسة السابقة (يوم الأحد) أعلنت الانسحاب من الجلسة احتجاجاً على عدم تسليم المشترك لقائمة مرشحيه لعضوية اللجنة العليا للانتخابات، إلاّ أن الاتفاق بين رئيس الجمهورية والشيخ سلطان البركاني كان التصويت على القانون وحسم موضوع اللجنة سواء بوجود قائمة المشترك أو بدونها، طالما تجاوز الأمر سقفها القانوني.. غير أن احراجات رئيس البرلمان يحيى الراعي، و"يمين" عبد الرحمن بافضل رئيس كتلة الإصلاح، دفعت للتسليم بالحد الأدنى للموقف- الانسحاب!
أما غياب عبد الرحمن بافضل عن جلسة يوم الاثنين فلم يكن "صدفة" بقدر ما كان مخططاً له، إذ أن الإصلاح وجد نفسه بين خيارين: "جنة الحاكم، ونار الاشتراكي"- أي بين كسب رضا المؤتمر والتوافق معه على حساب حلفه مع الاشتراكي الذي كان معارضاً للتعديلات، ويطالب بقائمة نسبية، ويشترط إطلاق سراح المعتقلين؛ وبين الحفاظ على عقد التحالف المشترك دونما انفراط، واستبدال الرهان بالفرص المرتقبة بعد إشعال حراك الساحة الشعبية "الجنوبية"، أو على ما قد يسفر من تأجيل للانتخابات البرلمانية..!!
ويبدو أن المعارضة لم تكن تتوقع أن يقوم الحزب الحاكم بالتصويت للقانون النافذ، وتشكيل اللجنة بتجاهل للمشترك، لكنها في كل الأحوال لم تخسر أيضاً.. فيكفيها أنها زجت المؤتمر واليمن كلها في أزمة سياسية، وتوتر طوال أشهر، وعطلت الكثير مما يمكن أن يقوم به الحزب الحاكم- وهذا بحسابات المشترك المعروفة يعد "مكسب"! كما ان هذه النهاية أخرجت الإصلاح بماء الوجه أمام حليفه الاشتراكي وبقية القوى التي كانت مستاءة من لهاث الإصلاح وراء تعديلات قانون الانتخابات، الذي ترى أنه لا يلبي الحد الأدنى من مطالبها.



• أكبر خطايا الحزب الحاكم
المؤتمر الشعبي العام، ومنذ تأسيسه في أغسطس 1982م رفع شعار: (لا حرية بلا ديمقراطية، ولا ديمقراطية بلا حماية، ولا حماية بدون سيادة القانون)، غير أنه رغم إقراره المبكر بأن "القانون" هو الحماية الحقيقية للديمقراطية اليمنية إلاّ أنه ظل يفرط بالقانون، ويسمح بانتهاكه على نحو سافر، إلى الدرجة التي فتحت شهية بقية الأحزاب لوضع نفسها فوق القانون، والقضاء، وكل شرعٍ منزل في اليمن، بل وإخضاعه للمساومة الحزبية شأنه في ذلك شأن كل ما يمكن أن تساوم عليه- كما جرى عليه حال قانون الانتخابات!!
لقد كان أسلوب تعاطي الحزب الحاكم مع قضية القانون مشرعاً للانتهاكات القانونية- وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة.. فشجع ذلك على ظهور كيانات بصفة منظمات مجتمع مدني تخرق الثوابت الوطنية في وضح النهار، وبدون ترخيص عمل قانوني.. وشجع على خروج مظاهرات ومسيرات وتنفيذ اعتصامات تجهر برفضها أخذ الترخيص المسبق من الجهات المعنية، وتعلن عدم اعترافها بأي نص دستوري يفرض عليها الاستئذان!! بل أن أبواق الفتنة ظلت تجوب القاعات، والشوارع، وواجهات الصحف والمواقع، وحتى فصول الدراسة- تارة بقناع المذهبية، وتارة أخرى بقناع المناطقية، والقبلية، والتوصيفات العنصرية المختلفة، وصارت تدعو جهاراً نهاراً للعنف، والتخريب، وتحرض حتى على ضرب المنشآت النفطية والاقتصادية من غير أن تجد قانوناً يغل أيديها، ويلجم أفواهها.. أو حزباً حاكماً يقاوم تحريضها بنشاط مناوئ يدعو لتقوى الله، وكفّ الأذى واحترام القانون..!
لا شك إن التهاون يتعارض تماماً مع مفهوم حماية الديمقراطية الذي حمله شعار المؤتمر الشعبي العام، لذلك لم يكن مستبعداً أن يطرح المشترك مشروع مقايضة متهمين في ساحة القضاء مقابل المشاركة الانتخابية، أو مطالبة الرئيس بعدم التعامل معه "بسلاح القانون" بل "بتفاهم سياسي سري".. وهو بكل تأكيد سيشجع هذه الأحزاب على السعي بكل الوسائل لتثوير الساحة في أقرب فرصة ممكنة، وقبل أن يطول الحزب الحاكم شيئاً من أمنياته الانتخابية المرتقبة- إن ظلت الإشكالية القانونية قائمة..!!


• وقفــة تأمل أخيرة:
أعتقد أن موضوع تشكيل اللجنة العليا للانتخابات هي ليست نهاية كل شيء، فالأيام القادمة حُبلى بالأحداث "الصاخبة".. لأن أحزاب المعارضة لن تستسلم بهذه السهولة التي يمكن أن يتخيلها الحزب الحاكم، طالما بيدها ورقة "الشارع"..
وبكل تأكيد أن رهان المعارضة على الشارع ما كان ليحتل هذه القوة في حساباتها لولا غياب الحزب الحاكم عن الشارع.. فعلى مدار ما يقارب العامين من الحراك السياسي الساخن لم يكن للمؤتمر وقواعده وإعلامه أي وجود يذكر- على الإطلاق- في أوساط الجماهير، خاصة في المحافظات الجنوبية.. وهنا يكمن سر السرعة المذهلة التي تفشت بها ثقافة الكراهية، والخطاب المناطقي والمذهبي والفئوي، وحملة التشويه الواسعة التي طالت حتى حقائق التاريخ الثابتة!
وهنا ينبغي على قيادة المؤتمر التساؤل: أين توارت الأغلبية الشعبية التي يحصدها المؤتمر في كل تجربة انتخابية خلال فترة حراك المعارضة؟ وما هي ضمانات خروج تلك الأغلبية من صمتها المطبق في الموسم الانتخابي القادم؟  
هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته


نبأ نيوز-

آخر تحديث الأربعاء, 20 أغسطس 2008 08:25