رحم الله أيام التشطير في زمن خرق المحرمات طباعة
حقوق وحريات - جرائم
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الاثنين, 21 مايو 2007 08:17
صوت الجنوب/الدكتور فارس سالم الشقاع/2007-05-2
الاعلان الرسمي لقيام الوحدة في 22 مايو 1990م, بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية
والجمهورية العربية اليمنية, هذا اليوم هو اليوم الذي خدعنا فيه, بسبب جهل وسذاجة
القيادة الجنوبية, وسلمنا أو بعنا أرضنا وشعبنا ودولتنا وتاريخ مجدنا بالنصب, الى نظام


وحدوي غير مجيد, توج بكمين تاريخي للجنوب بأعلان الحرب في 27 أبريل 1994م, ولم يبق منه
سوى القشرة والتطريز البروتوكولي, بعد أن تم محو المحتويات والمضامين حتى آخر قطرة,
بالضم والالحاق للجنوب, للأم (الحنون) الشمال.. ليصبح هذا اليوم مجرد عادة للأحتفالات
والاستعراضات للأنجاز الوحدوي لاحتلال الجنوب, يصغي المواطنيين الجنوبيين الى خطاب
الانتقام السنوي, المصفى من شوائب العدل والحرية والكرامة لابناء الجنوب.

وعلى مدى (17) عاماً, ها نحن اليوم نقول رحم الله حقبة التشطير وتغمدها بواسع رحمته,
وأدخلها فسيح جناته, آمين يارب العالمين.. ولعل خير ما نستطيع أن نقوله اليوم ونحن أمام
هذه الذكرى, في محاولة أن نستعيد هذا الحدث, لنرى حقاً أن كنا نستطيع توصيف ظروفنا
وأحوالنا, بأنه يكفي أن نوصف كجنوبي أنفصالي حتى تنتزع عنه صفة الانسان, فمنذ 7/7/1994م
وأجهزة النظام الامنية والعسكرية الشمالية تحاول أن تعودنا على الاذلال والاحتقار على
غرار ما يعمل به على الضفة الاخرى, في هذا الزمن وهو زمن خرق المحرمات والمقدسات والزحف
على البطون وقلة النبل والمبادئ.. أن أعلان الوحدة في 22مايو 1990م, مالبث الامر أن
أعلن الحرب وأشتعال فتيلها.. حرب جسدت أكبر عملية سطو عرفها التاريخ اليمني
الشمالي والعربي في القرن العشرين, لايوازي ذلك السطو سوى السطو على أرض فلسطين, لان
هذه الحرب لم تكتف بسرق الارض وتسريح الجيش الجنوبي من الخدمة العسكرية العاملة, ومن ثم
تسريح عمال وموظفي دولة الجنوب فحسب, بل أنها أبعد من ذلك, فقد زورت حقائق الجغرافيا
والتاريخ القريب والبعيد, لتصبح القوة هي المقياس بعدد الفيد والغنائم المنهوبة من أرض
الجنوب, وقياس العدل بمدى منسوب التعسف والقمع والقتل والجرائم الذي يفيض على الفائض.
وفوق هذا وذاك, يطلب منا فخامة الرئيس المشير علي عبدالله صالح, الالتزام بالوحدة
(المباركة) بحد السيف, والا السلاح جاهز وهو تصنيفنا بالردة والانفصال, رغم أن ذخيرة
هذا السلاح رائحتها نتنة, أشد من رائحة طعام (باجعران), الذي يكسب رزقه بتدرجه بمؤخرته
الى مستودعه الخاص لمجابهة صروف الزمن
,
فخامة الرئيس يطلب منا, أن نقدم كرامتنا قرباناً لكي يقتنع ويصفح عنا وبنيتنا السليمة
والسلمية, كي يقبل وجودنا على أرضنا مقابل عدم تخويننا, وربما يتقي الله فينا ويتكرم
علينا ببعض العطاءات المشهور بها, على أن نلقي بعمائمنا وكوافينا, ونحمل البخور العدني
والفل اللحجي وبضعة بنادق (للتهجير) من أبين وشبوة ونرقص أمامه, وذلك لرد الاعتبار
للشيخ عبدالله بن حسين الاحمر, عندما القى ( بشاله ) أمام الاخ علي سالم البيض كوسيط,
وقال له يومها (البيض) لفلف سامانك.. ولم بقبل.. وتكون واحدة بواحدة والبادئ هو الرابح.
وفي الوقت نفسه, علينا أن نستمر بالرقص يومياً كي يمنحنا من بركاته وصدقاته شهادات حسن
السيرة والسلوك في وطننا, الان البلد تحولت الى ملكية خاصة به.

أن 22 مايو 1990م, هو تاريخ الاستهتار والاستعمار للجنوب وضياعه وضياع أبنائه.. وهو
بالتالي المأزق الوجداني الانساني في زمنا هذا, الذي دخله الجنوب بعد حرب صيف 1994م,
ولم تترك الاجهزة العسكرية والامنية الشمالية عيناً الا وأدمعتها, ولا قلباً الا
وكسرته..

فالشماليون هم الوحدويون, ونحن الخونة الانفصاليي..., وهم الاسلاميون ونحن الخوارج...
وهم العروبة ونحن من حارة (حافة) حسين المشهورة بالصومال والهنود.

اليوم في ظل الثورة الاعلامية الرقمية, لازال السطو على وعينا وذاكرتنا الجمعية.. لازال
النظام يواصل أعمال تزييف الحقائق ونحن نشاهد ذلك صباحاً ومساءً.. يزور حقيقة عدوانيته
على الحنوب وأهله, في حين يصورنا نحن بالمارقين.. نحن نعرف أن بعض الدول الاوربية
والعربية تدعم النظام ورئيسه, وتزين له الامور, تارة بالانتخابات وتارة بالديمقراطية في
صحراء الديكتاتورية.. بينما نحن نقول لو حدثت الف أنتخابات رئاسية وتشريعية, لم ولن
تقدم ولا تأخر في الامر شئ, فهي أنتخابات الشمال ولا تعنينا لا من قريب أو بعيد, كما أن
أصرار الرئيس ونظامه بوصف نظام صنعاء بواحة الديمقراطية في اليمن.. نقول مرحباً نحن
موافقين بهذا الوصف, فقط لنا مطلب وحيد وهو الموافقة على تشكيل لجنة لتقصي
الحقائق من الامم المتحدة والجامعة العربية, لزيارة الجنوب ولتقصي الحقائق هناك, على
شرط واحد وهو عدم لقاء هذه اللجنة مع رموز النظام أو مع المستوطنين الجدد (الشمالين),
وأنما يتم ذلك مع المواطنين الجنوبيين الاصليين ( أصحاب الارض ) لسماع أفكارهم وأرائهم
حول الوحدة, هل بقبل الرئيس؟ أذا لم يقبل اليوم سيأتي الوقت اللازم الذي يقبل فيه بذلك.

النظام يفرك أحذيته على رقابنا وأجسادنا, ومن ثم ينبش قبور الشهداء ويعامل الجنوبي في
وطنه, وكأنه (أجرب) من أجل أن تطأطى رؤوسنا له.. أنه مسخرة لا بعدها ولن يقراء في تاريخ
الشعوب العربية عن سرقة الارض والتاريخ الا في فلسطين والجنوب العربي.. بئس وحدة بشكلها
الراهن, وبئس واقعها.. نحن ندرك من هي الاطراف المحلية التي فتحت الابواب وهيأت
للشماليين سرقة الارض والتاريخ, أنهم الطابور الخامس ومن تحالف معهم من الجنوبيين.

وفي هذه الذكرى السابعة عشر, يبرز عامل على درجة كبيرة من الاهمية, هذا العامل تكوّن
وتشكل في وهج الاحقاد والكراهية, التي يكنها النظام لنا, ويمارسها عسكره على الارض, هذا
العامل الجديد هو العمل على عدم التفريط في الحقوق الوطنية والتاريخية للجنوب, من خلال
تكريس اللقاءات لتعزيز الذاكرة والرؤية وعدم تصديق السردية الشمالية الخرافية عن الوحدة
في 22 مايو 1990م, هذه أنتهت بحرب صيف 1994م, ليصبح الاعلان عن الوحدة مجرد عادة سنوية
في أطار الاحتفالات لتبرير جريمة تسهيل عملية السطو.

قضية الجنوب أنسانية عادلة, وستبقى كذلك!! والقيادات الجنوبية التي فشلت في دراسة
التاريخ, وفشلت في قيادة البلد, تنازلت عن قضية الجنوب, في سبيل مصالحها الشخصية
وأمتيازاتها.. لن تلغي حقيقة كون الجنوب مظلوم وضحية.. وأبناء الجنوب لن يعدموا, قابضين
على الجمر.. رجال صناديد, لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم, حتى يأتي أمر الله, وهم
سيظلون صامدون.. نعم أبناء الجنوب لن يعدموا أوفياء لعهد الله والوطن والشعب والذاكرة
واللوعي والتاريخ والحقيقة.

حقيقة أن الجنوب أرض محتلة بأسم الوحدة حتى يكتب الله الفرج, فالامور سوف تأخذ وقتها
وكل من له نبي يصلي عليه.


الدكتور فارس سالم الشقاع
أبوظبي/ الامارات
آخر تحديث الاثنين, 21 مايو 2007 08:17