اللازم والوجوب فيما علينا فعله في مسيرة استقلال الجنوب طباعة
مقالات - صفحة /عبده النقيب
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الثلاثاء, 03 مايو 2016 20:52

 يمر الجنوب العربي ومصيره اليوم بمرحلة عصيبة  تحدد افاق ولون مستقبله جملة من القضايا الاساسية والهامة واولها واهمها قدرتنا على استيعاب ما هو ضروري وما يجب علينا فعله

كمقدمة تبنى عليه النتائج المستقبلية دون شك.

تبدو الصورة واضحة وجليه لنا جميعا مدى ترنح قوى الثورة الجنوبية ومدى صعوبة تحركها رغم انهيار دولة الاحتلال وانكسار قوتها العسكرية ليس داخل اراضي الجنوب العربي فقط بل

انها انهارت وتغوص في الوحل اكثر واكثر في معاقلها وتتلقى الضربة تلو الاخرى من كل حدب وصوب واهمها وأخطرها تهتك اوصالها بمحيطها الذي كان يمدها بالحياة لأكثر من خمسة

عقود.

 

ما الذي يجعلنا نقف في هذا المربع حائرون واقدامنا راسخة على الارض مسنودة بالنصر العسكري الكاسح وقوة الحق والتفاف الشعب الجنوبي العربي الذي أيقظته معاناته ورسخت وحدته

الوطنية لأول مرة طوال تاريخه الطويل يعزز هذه الوحدة ادراكه العميق بأهمية التمسك بهويته المستقلة  كحجر زاوية في البناء الجنوبي المستقبلي. احرقت الوحدة اوراق المشروع التاريخي

اليمني في ضم الجنوب وسقطت معها مؤامرة ما سميت بالقوى الوطنية في يمننة الجنوب وتحررنا معنويا من كل هذا,  لكن كل هذا لم  ولن يؤهلنا للحصول على الاستقلال.

لابد علينا ان نلتفت الى الخلف لنقيّم تجربة اعلان استقلالين فاشلين قادا الجنوب الى هذه الوهدة العميقة حتى نستخلص الدروس والعبر منهما ونتجاوز اخطائهما وهفواتهما.  لا يكفي ان نحلم

ولا يكفي ان نستبسل في الميدان ولايكفي ان نؤمن بهوية الجنوب العربي ولايكفي ان نكون اصحاب حق فتلك كلها عبارة عن ادوات ووسائل لازمة لحملة السير التي تمكننا من الوصول الى

الهدف,  لكن الاهم منها كلها هو أي الطرق سنسلك والتي ستوصلنا الى الاستقلال لأنه اذا انطلقنا في الاتجاه الخاطئ, حتما سنصل الى المكان الذي لا نريده.

لا اشك ولو للحظة بان ماجري في مايو 1990م هو تحصيل حاصل ونتيجة طبيعة لما تأسس عليه في 30 نوفمبر 1967م مهما تعددت الاسباب الجانبية . اقصاء القوى الوطنية

الجنوبية والانفراد بالسلطة الملغّمة بالتيار اليمني واعلان الجنوب العربي شطرا جنوبيا لليمن هو البداية التي قادت الى الاستسلام لقبائل اليمن الأعلى المشفوعة بحلم شوافع اليمن الاسفل بأن

يتحرروا من الهيمنة التاريخية لقبائل حاشد وبكيل  والتقرب من آلهتها  بتقديم الجنوب قربانا لها.

وفي 21 مايو 1994م جرت محاولة عقيمة ومتخبطة لإعلان الدولة الجنوبية لم يكتب لها النجاح, فبرغم كل ما رافقتها من نواقص - يصعب حينها تجاوزها لعدم نضوج الظرف - مثل

عدم اعلان دستور جديد وعدم اعلان هوية الجنوب المستقلة وعدم تعيين حدود دولية واضحة والتمسك بوثيقة العهد والاتفاق فقد مثلت ايضا حلما جنوبيا صعب المنال وكانت النتيجة التي

نعرفها.

ما جرى في 1994م لا يمكن فصلة عما حصل في نوفمبر 1967م والمرحلة التي تلتها فتلك هي مرحلة واحدة عنوانها سيطرة العنصر اليمني والفكر اللاوطني على عقول النخبة

الجنوبية الحاكمة ومفاصل السلطة فلم تنفع القوة العسكرية ولا العضوية الكاملة في الامم المتحدة ولا القدرات المادية والدولة الحديدية فكل ذلك اسقط بأيدينا وسلمنا الدولة لقبائل اليمن المتخلفة

التي لا تعرف معنى للدولة الوطنية ولا للوحدة ولا للعروبة شيئا غير اللهث والجري وراء الفريسة كقطعان الذئاب التي تدفعها غريزة الجوع فقط.

تخبط الجنوبيون ومازالوا .. لم نر ولم نستخلص الدروس من تجربة مايو 1994م فقد كان لدينا حينها قرار سياسي مستقل  وجيش وطيران وبحرية وقوى صاروخية وجنوب محرر

واسناد سياسي خليجي وعربي تجسد في قرارات دورة مجلس التعاون التي عقدت في ابها وبيان الجامعة العربية الايجابي وكان حينها الجنوب مازال نقيا لم يتلوث بالنجاسة والفساد اليمني

ولكن كل هذا لم يشفع لنا ولم يمكننا من تحقيق الحلم,  فاين العقدة فيما نحن فيه؟!!

تبدو للعيان ان الوحدة الوطنية الجنوبية هي العمود الفقري لكل هذا.. ففي 1967م تم اقصاء كل القوى الوطنية الجنوبية لصالح العنصر اليمني وفي 1994م فشلنا في الحوار مع ابناء

الجنوب ممن تشردوا نتيجة الصراع على السلطة في 1986م ومثل هذا الفشل نكبة للحلم الجنوبي لجميع الاطراف الجنوبية دون استثناء حتى للصياد الذي يعيش في البحر وربما لم يسمع

في يوما ما حتى عن اسم دولته بالضبط ومن هو رئيسها.

اليوم تجاوزنا الكثير من هذا وبقيت اشياء لابد من تجاوزها وهي :

تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية اولا ثم ثانيا واخيرا وذلك لن يتحقق الا عبر تمكين القوى الجنوبية التي لا ترتبط بالماضي لان رموز الماضي مازالت مكبلة بجراحه ومآسيه وصراعاته وثقافته

واثبتت العشر السنوات الماضية عدم قدرتها على تجاوز صراعاتها  بل وانها لعبت دورا اساس في جر الحراك الجنوبي الى التشظي والتعثر. لسنا في مرحلة سلطة وتقاسم حتى نتصارع

ونتنافس  بل اننا مازلنا في مرحلة نضال ومن مصلحة الجميع - بما فيها رموز الماضي انفسهم فهم جزء منا - الابتعاد عن كل ما يضعف وحدتنا ويستحضر احقاد وخلافات الماضي بغض

النظر عن أي شيء.

الاستيلاء على الثروات الجنوبية وضرب مصالح الاحتلال الاقتصادية باي ثمن وقطع شريان الحياة الذي يمد القوى اليمنية الطامعة في الجنوب فإذا لم نفعل هذ ونسع بشكل حثيث فإن

الانتصار العسكري سيجهض لامحالة ومن يعيقنا عن ذلك أي كانوا هم اخطر من الوية ضبعان والحليلي ومليشيات حزب الاصلاح الارهابي ولاشك انهم سيعيدون لنا الاحتلال في الوقت

المناسب لهم.

التعاطي مع المستجدات الاقليمية بشكل موضوعي وواقعي .  التقت مصالح شعبنا في الجنوب العربي مع مصالح مجلس التعاون لدول الخليج العربي في هذه اللحظة وهذا ماكنا نناشدهم فيه

دون جدوى منذ انطلاقة الثورة والمقاومة الجنوبية للاحتلال اليمني منذ ابريل 1994م, لكن من الخطأ الاعتقاد انها ستاتي لنا بالاستقلال. نلتقي معها كدول جوار وشعوب منطقة تربطنا بها

مصالح وروابط قوية لكن مثلما لعمان والامارات والسعودية وقطر مصالح وطنية وخلافات مع بعضها فلنا ايضا مصالحنا الوطنية, وربما لن تلتق مصالح بعضهم مع استقلال الجنوب , وهذا

لا يعني مطلقا ان نضع كل من لا تلق مصالحه مع استقلال الجنوب في مربع الاعداء فهذا حساب خاطئ سيؤدي الى نتائج سلبية تماما.

هنا نأتي الى مربط الفرس فلابد ان نبدأ مشوار الكفاح السياسي من اجل استقلال الجنوب وهذه مهمة ابناء الجنوب وحدهم وبمساندة من يعبرون وبشكل ملموس عن دعمهم لاستقلال الجنوب

سواء كانت قوى اقليمية ام دولية.

لاشك ان الاستقلال الجنوبي هو قرار سياسي دولي ولن يتحقق الا اذا سعينا للحصول عليه ونحن قادرون على ذلك بعد ان فرضنا وجودنا على الارض نعزز ذلك بتوحيد صفوفنا والتفاوض

مع المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها الدول دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي حول مصالحها وعلاقاتنا بها.  يوجد لدينا ما يمكن قوله في هذه المسألة واهمها موقع بلدنا الاستراتيجي

الدولي وشراكتنا في الحرب على الارهاب واسواق الاستثمار الواعدة في الجنوب وثروات الجنوب الهائلة ولنا في كوبا اسوة حسنة حيث جعلت امريكا تلهث للفوز بعلاقة طيبة معها بعد ان

لعبث كوبا على ورقة الصين وروسيا. اذا لم نتحرك فإن الجنوب سيصبح مجرد ورقة للمساومة على قضايا اخرى ومنها ترتيب البيت اليمني في صنعاء وحينها ستصبح كل هذه المقومات

وبالا علينا, فبثرواتنا سيحاربوننا ويشقون صفوفنا وبثرواتنا سيشترون القرار الدولي وبموقعنا سيرهبون دول الجوار كما فعلوا تماما خلال العشرين السنة الماضية.

اقولها وبملء الفم ان أي تقصير في العمل السياسي الخارجي وعدم السعي للوصول الى مراكز صنع القرار سيجهض الحلم الجنوبي لامحالة, فقد يتم التهيئة لقوى جنوبية اخرى غير تلك

التي انخرطت  في مسيرة الثورة الذي يمتد عمرها لعقدين وربع وسيشكل  ذلك بذرة لحرب اهلية جنوبية وهي النهاية القاصمة للوطن وكارثة للمنطقة باسرها يجب ان تعلمها دول الجوار. لابد

من التحرك قبل ان يقع الفأس في الرأس والتوافق على هذا من قبل كل الجنوبيين الذين يرون المصلحة في استقلال الجنوب مهما كانت التباينات فهذه اولوية قصوى, فالاستماع للصوت

الجنوبي الموحد  لدى المؤسسات الدولية اليوم بات ممكنا اكثر من أي وقت مضى وعلينا ان نفعل قبل ان يرتب اعداءنا اوراقهم.

وحتى لا اكون جاحدا فإني أتساءل اين هي الجهود التي بذلت من قبل من لديهم المال ويسعون للزعامة واصمونا في القنوات الفضائية والبيانات التي تخدر البسطاء والشارع الجنوبي, فنحن

نتحرك في الميدان السياسي الخارجي وندرك جيدا حجم هذا الخلل الجنوبي القاتل ووجب علينا القول بذلك.

عبده النقيب

سكرتير العلاقات الخارجية للتجمع الديمقراطي الجنوبي "تاج"

رئيس البعثة الجنوبية لدى الاتحاد الاوربي