وثيقه انقاذ اليمن:انقاذ نظام القبيله العسكري وقبر الجنوب الى الأبد طباعة
مقالات - صفحة/ علي المصفري
نشرها صبرنيوز - SBR NEWS   
الأربعاء, 16 سبتمبر 2009 10:58

 

*المهندس: علي نعمان المصفري

إسقاطات التاريخ عندما تتقاطع مع أحداث الأزمنة لفعل أراده الشعوب تصنع معجزات في كنف الأمم الحية. ومضحكه عندما يكون في زواياها الجهلة بدعوة أنهم صانعيها. لتتولد كوارث للأمة بفعل الخروج عن المألوف.
ولهذا يبقى الواهمين على استعباد الشعوب الحية, والمتخلفين عن مسار قواعد الحياة راحلين بين سرير شارون وإصرار نيرون.
ففي كإرثه اليمن والجنوب تتجلى معالم تلك الظواهر لتشذ عن المألوف في مراحل التطور البشري, مجافيه للحقائق ومزيفه للوقائع في التاريخ.
وتظهر خصوصيات هذه العصبية في أنها لا تريد أن يذهب الماضي عنها ولا تريد أن يجي المستقبل إليها. ذلك ما ذهب إليه هيكل في تعريف اليمن الأمامي.
وما أشبه الليلة بالبارحة, حتى تتكرر في وثيقه الانقاذ, كآخر محاولات انقاد النظام اليمني للخروج من مثلث أزماته المحيطه به اليوم في حروب صعده والجنوب والأزمه الاقتصاديه والسياسيه. لتأتي هذه المحاولة عبر لجنه الإنقاذ بقياده حميد الأحمر. والذي يعد منظم رئس لنظام القبيلة, بعد رحيل أبيه, على اللقاء المشترك. جاعلا من المشترك آليه لإنقاذ النظام اليمني كلما عصفت به ألازمات. في ضوء أجماع التقارير الدولية على أن النظام اليمني يقف اليوم على عتبة الدولة الفاشلة, نتيجة لسياساته..
ويبرز اللقاء المشترك كاحتياطي نشط لإنقاذ نظام القبيلة العسكري, كلما عصفت الأزمات به لانهياره, وهي تلك التي يصنعها أساسا لتجديده.
وفي ثلاثية الأزمات المركبة التي تحيط بنظام صالح اليوم , تصلب سياج الحصار الذي اسجنه وأوقع به, بعيدا عن كل حسابات مطبخ الرئيس.على الرغم من توزيع الأدوار بين القبيلة والمشترك.

انكشفت اللعبة عندما خرج حميد الأحمر بزيف ادعاءاته للإصلاح الوطني الشامل لإنقاذ اليمن, كما سماه, في برنامج بلا حدود, والذي من خلال طرحه تبينت ووضحت الصورة الهلامية لمشروعه الكبير ليصب في ذات مجرى النظام بعقليه ما قبل الدولة. وقزم مشروعه عند حدود ضيقه جدا ليركد في قاع قبيلته حاشد. بعدما اظهر أسلوب مألوفا لعدم مصداقية أي مشاريع. وهي ذات المشاريع التي عمد على استعراضها رأس النظام في أكثر من مناسبة. سأم المراقب تكرارها واستخدامها الغير موفق, وأضحت لدى عامه الناس مجرد فقاقيع تطلق هنا أو هناك كلما حوصر نظام القبيلة العسكري وقرب اجله. وهو ما يذكرنا بالمثل الشائع: موه ينفع ألحسوك سفال النقيل؟؟.

ومن جانب آخر,النظام اليمني يستخدم المؤتمر الشعبي جهاز لتوزيع الأدوار. فالرئيس اليمني يرفض كل ما جاء في ما يسموه بوثيقة الإنقاذ في حديثه الأخير يوم أمس للجز يره. ويواصل ذلك البركاني, في الوقت ذاته يشارك باسندوه في لجنه الحوار والإعداد لتلك الوثيقة. ويأتي بن دغر ليقر بالفيدرالية كحق مشروع.
حميد الأحمر يقود المشترك ويتبنى الوثيقة, التي أساسا غير واضحة من حيث المعالجات, بل أنها كرست في جوهرها على التفاف واضح لقبر شعب الجنوب إلى الأبد واستمرارية احتلاله.
وتعد الوثيقة تلك جزء من التحضيرات لعقد مؤتمر أكتوبر القادم. وعلى أبناء الجنوب التنبه تماما لمخاطر ذلك كون أن مثل هذا المؤتمر يمثل آخر أوراق النظام وحلفائه في المشترك لتثبيت وضعهم الأبدي والإحكام على الجنوب. بعدما برهن الحراك على قوه نفيهم ورفضهم كليه عن أي ارتباطات لهم في الجنوب. وتتزامن هذه المحاولات اليائسة بفعل نتائج حروب صعده وفشل نظام صنعاء الذر يع في حسمها, وتلقيه ضربات موجعه عبر الحروب الخمسة, والسادسة التي لا زالت تدور رحاها حتى اليوم. أقعدت وشلت حركه النظام إلى حد ليس ظهوره الفاشل بل وحتى تناثرت أركانه بدليل التخلص من العديد من قيادات الحرب في الميدان وإشراف رئيس النظام على القيادة, لعدم ثقته بأركانه.

لم يدر القائمون على هذه المشاريع من عدم جدواها ولا تمت لشعب الجنوب بصلة. كونها تتعارض أساسا مع أراده شعب الجنوب المجسدة في قراره الوطني المتمثل في رفضه لأي ترقيعات خارجه عن استقلاله وبناء دولته من جديد. بعد أن جرب عبر 16سنه هذا النظام, ووصل به الحال لأن يضحي اليوم في أدغال التاريخ بعدما نصبو له الفخ وتركوه عنوه في موت سريري.

يعتقد هولاء إن الضحك على الدقون سيستمر إلى ما لا نهاية. لهذا عليهم إدراك حقيقة واحده لاغير:
إن أراده الشعوب لا يمكن لأي قوه على الأرض كسرها وتدميرها مهما تملكت من قوه, ولنا عبر في التاريخ, عليهم الاعتراف بها. لهذا عليهم إن يتركوا الجنوب وشعبه يقرر مصيره بمحض أرادته دون وصيه احد والخروج من هذه الكارثة.
فمهما حاولوا أضاعة الوقت راكضين خلف أوهام استباقيه. في إن الجولة في حربهم في صعده وحسمها, سيكون الجنوب المحطة الاخيره في الحسم النهائي وإبقاء معادله الأحداث تحت سيطرة النظام اليمني. متخذا ذات الأوراق التي استخدمها لسنوات خلت, لتبقى بذات الفعالية في الحسم للخروج من محنه. غير أبه هذا النظام من إن الظروف لم تعد هي نفسها, تلك في حرب صيف 1994. واختلاف ميزان القوى والتحالفات, وطبيعة الأحداث وتطوراتها خلال الستة عشر سنه المنصرمة. والمتغيرات إلأقليميه والدوليه.

الزخم والعزيمة والنابعة من عمق معاناة شعب الجنوب تجسّدت في وجدان الشعب الجنوبي العربي على قاعدة الهوية بعوده الوعي المفقود. مما يصعب اجتثاث هذه العقيدة أو طمسها كما كان الحال في مشاريع يمننه الجنوب منذو إن سطا عليه. معتبرينه منطقه فيد ونهب وسلب للثروة الجنوبية, بمفاهيم متخلفة جدا, قائمه على ثقافة الإكراه والضم والإلحاق وطمس الهوية والتاريخ وتدمير الدولة.

الوثيقة المزعومة يريد بها نظام القبيلة العسكري ذر الرماد في عيون أبناء الجنوب. لقبر الجنوب إلى الأبد واستمرارية الحكم والتوريث على حساب شعبي اليمن والجنوب. وهو صعب المنال.

قطار الجنوب لم ولن يستقر إلا في محطته النهائية, فمهما تفنن القائمون على مشاريع يمننه الجنوب فاشلون حتما.
لقد صارت اللعبه مكشوفة ومنتهيه. ولا يمكن تمريرها مره اخرى. فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

شعب الجنوب أثبت بحيويته وغزاره الفكر الإنساني المتأصل فيه. أنه رافد ضمانه وحصانه تطوره ولا خوف عليه مهما حلّت المحن عليه. لينهض ويخرج من تحت ركام الموت الى الحياه.
فالتاريخ لا يرحم من يبقى في الحفر مسجونا بقيود الأنظمة. والجنوب حتما سيعود إلى أهله اليوم أو غدا. وسيزول الاحتلال. والأوطان لا تنتهي بالتقادم.
وعلى من يعتقد إن حل مأساة الجنوب يمكن اختزالها عبر الحسابات الجبرية في معادلات الربح والخساره عند باب اليمن, سيضيع نفسه في وهم المشاريع التي وجدت نهايتها في وحل التخلف والجهل والموت حتما.
فكم من جيوش غازيه وملوك ورؤساء وقاده عسكريون مروا عبر التاريخ من باب عدن. كلهم ذهبوا إلى غير رجعه. وبقت عدن منار سرمدي لهويه الجنوب في تضاجع ابدي مع البحر العربي, ويظل الجنوب الحارس الأمين للأمة العربية على بوابتها الجنوبية.

والله من وراء القصد.

*كاتب وباحث أكاديمي
لندن في سبتمبر 2009
آخر تحديث الاثنين, 01 سبتمبر 2014 13:01