عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 07-28-2008, 12:38 AM
عضو فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,935
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي

الديكتاتورية على الطريقة اليمنية
عراق الغد. 27/07/2008
عادل الجوجري

اذا كان بعض المقربين من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يروجون له في جلسات القات نظرية"الحاكم المستبد العادل "ويصورونه على أنه الرجل الوحيد الذي يمكن أن يحكم البلاد في هذه الظروف الصعبة،فهؤلاء القوم مخطئون وهم يسوقون الرئيس إلى أزمات جديدة سوف تشهدها اليمن في قادم الأيام لسببين :

الاول :هو أن المنظمات الدولية المحايدة ومن بينها منظمة كارينجي أكدت- بالوقائع – أن نظام الرئيس علي عبد الله صالح فاشل تماما في التعاطي مع أزمات صارت مثل حبل المشنقة تلتف حول عنق النظام وتكاد تخنقه،ويخطئ من يظن أن حرب صعدة انتهت، وأن الحوثيين اقتنعوا بما طرح عليهم من صفقات وحلول ،واقع الحال أن النار تحت الرماد لأن حل أزمة صعدة والحوثيين هو حل تنموي وليس حلا عسكريا ولافهلويا ،وإنما هو حل حضاري يستوعب كل ابناء الوطن في منظومة سياسية على قاعدة الكفاءة والمواطنة والتنمية المتساوية.
والأمر نفسه ينطبق على أزمة الجنوب التي تكاد أن تفجر الوحدة من الداخل ،وكاتب هذه السطور كقومي عربي يؤمن بالوحدة يدرك تماما أن ممارسات نظام صنعاء حولت الوحدة من هدف نبيل ،وحلم أخضر الى واقع بائس في الجنوب والى كابوس قد يفضي الى مالايحمد عقباه،ولانقبل ان يزايد علينا أحد في عروبتنا وقناعاتنا بالوحدة اليمنية والعربية ،لكننا نقولها بكل صراحة وشجاعة أن هذا الوضع القائم في الجنوب يفتقر الى الكثير من مقومات الوحدة الشعبية والنهضوية،فلامشاركة شعبية حقيقية من أبناء الجنوب في النظام السياسي القائم منذ 7ابريل 1994ولاتنمية حقيقية إلا إذا كان النظام يقصد تنمية الفقر والعوز ،وتنمية ثروات ضباط الحرس الجمهوري ورجالات المؤتمر الشعبي الذي هو حزب الرئيس على حساب الشعب المسكين.

أما السبب الثاني الذي يجعلنا نؤكد أن نظرية المستبد العادل لاتنفع هو أن معظم المشكلات التي يمر بها اليمن اليوم هي من إنتاج هذا النظام ولم تهبط من السماء،كما لم تنشطر الأرض فتخرج ثقلها ازمات ومشكلات ،والشاهد أن أزمة الجنوب المتمثلة في ابعاد اكثر من 120الف انسان من أعلى الكفاءات العلمية وتحويلهم إلى متقاعدين هو جريمة في حق الوطن والمواطن ليس في الجنوب وحده وانما بامتداد اليمن شمالا وجنوبا...اذ كيف لنظام سياسي يدعي الرشد أن يستبعد هذه الطاقات والكفاءات حتى وإن كانوا جميعا من معارضيه ،فالنظام السياسي العاقل الرشيد عليه أن يستفيد من كل المعطيات والخبرات والكفاءات بما يقوي الوطن حتى وإن ضعف النظام لأن الوطن أبقى من على عبد الله صالح ،ومن كل الحكام بل أن الوطن أبقى من الانبياء والرسل.

إن أزمة الحوثيين هي دليل قاطع على الفوضى السائدة في البلاد بسبب تراجع شعبية النظام وعدم قدرته على الاستجابة مع مطالب المواطنين،وفتح الباب بالتالي إلى تدخلات إيرانية أو ليبية أو سعودية،مايعني أن النظام فشل في تحقيق السيادة الوطنية والحيلولة دون حدوث اختراقات اقليمية وأجنبية، وكل ذلك يأتي في ظل معطيات جديدة اكدت عجز السلطة عن الاصلاح السياسي والاقتصادي وفق الشواهد التالية:

1-ركود اقتصادي يتجلي في تحكم العائلة الحاكمة في معظم مؤسسات القطاع الخاص ،ماادى الى هروب الاستثمارات الخارجية بسبب تدخل العائلة الحاكمة في كافة المجالات الاستثمارية،وهيمنتها على الشركات بالقوة الجبرية،وهو ماانعكس على ارتفاع نسبة البطالة والفقر حيث وصلت نسبة المواطنين تحت خط الفقر 45% ،معة ارتفاع معدلات التضخم حتى وصلت الى 12% بينما انخفضت معدلات الاستثمار وباتت البلاد تعيش على المعونات والمساعدات الخارجية بفضل نظام افتقر الى القدرة على تنمية موارد البلاد وسد حاجات المواطنين الاساسية.

2-انتشار الفساد في مؤسسات الدولة ومرافقها الى حد ان صار الفساد سياسة رسمية ومنهجا في ادارة شؤون المؤسسات،ورغم أن الرئيس شكل هيئة رسمية لمكافحة الفساد الا أن النتيجة كانت هزيلة للغاية وحسب تقارير دولية فانه من بين 160شكوى أحيلت الى الهيئة لم يتم التحقيق إلا في 6حالات فقط الأمر الذي أكد عدم جدية النظام في مكافحة الفساد الاقتصادي الذي اكل الاخضر واليابس.

3- أن المواطنين لايعرفون شيئا عن المستقبل في بلادهم فالنظام أو رأسه لم يتغير منذ عام1978 وسوف تنتهي المدة الرئاسية الحالية في 2013لكن لاتوجد اي مؤشرات تفيد عدم نية الرئيس في الاستمرار في الحكم أو عدم توريث السلطة الى إبنه أحمد،كما لاتوجد في الافق اي مؤشرات عن رغبات حقيقية لدى النظام في الاصلاح ،ورغم أن الرئيس هو صاحب عبارة أنه ينبغي على الحكام العرب أن يحلقوا لانفسهم قبل أن يحلق لهم غيرهم إلا أنه لاتتوفر معطيات جادة تثبت رغبة الرئيس في التغيير،وبالعكس هناك مؤشرات ضوئية عن أن الرئيس قال أن حرب صعدة توقفت خوفا من أن تطاله اتهامات بالابادة الجماعية كتلك التي طالت الرئيس السوداني من قبل،ولو كان الرئيس جادا في الاصلاح لأمر بإصلاح كشوف الناخبين قبل الانتخابات التشريعية المزمع اجراؤها في العام القادم،وهي الكشوف المعيبة والتي لاتمت الى النظم الديمقراطية بصلة ولابد من تغييرها،وهو أمر بسيط لكنه لن يتحقق لأن النظام لايريد التغيير في أي شئ ولاحتى جداول الناخبين،فما بالنا بتغيير الهيمنة الحكومية على القضاء وهيمنة الأمن على البرلمان ،واستمرار منهج الرئيس في رشوة معارضيه خاصة شيوخ القبائل والسياسيين و المثقفين الذين يمتلكون قدرة على النقد،وتحرض المواطنين وهو أسلوب يرتبط بالعصور الوسطى ولايرتبط ابدا بالدولة الحديثة،لذلك فكل مايقوله الرئيس عن الديمقراطية والاصلاح والتغيير هو خطاب يؤكد الديكتاتورية ويعمق منهج القمع الذي تم تطبيقه ولازال في أحداث صعدة وانتفاضة الجنوب الباسلة.

رئيس تحرير مجلة الغد العربي , ينتمي للتيار الناصري
القاهرة


[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]

التعديل الأخير تم بواسطة Ganoob67 ; 07-28-2008 الساعة 12:45 AM
رد مع اقتباس